الثلاثاء 03-12-2024 21:37:00 م : 2 - جمادي الثاني - 1446 هـ
آخر الاخبار
من البلقاء إلى البلق
بقلم/ أحمد عبدالملك المقرمي
نشر منذ: 3 سنوات و 9 أشهر
الأربعاء 03 مارس - آذار 2021 10:01 م

جهز النبي صلى الله عليه وسلم جيشا بعثه نحو الشام وهو ما يعرف بغزوة مؤتة التي هي في الأردن ، ثم تحرك إلى البلقاء، وكان عدد الجيش ثلاثة آلف رجل ولأهمية المعركة عين له ثلاثة من القادة : زيد بن حارثة فإن قتل فجعفر بن أبي طالب فإن قتل فعبد الله بن رواحة.

ومعلوم أن الثلاثة القادة استشهدوا تباعا في مواجهة حامية الوطيس مع جيش من الروم و العرب.

و قد أخبر النبي الصحابة باستشهاد القادة الثلاثة، فعن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم نعى زيدا و جعفرا وابن رواحة للناس قبل أن يأتيهم خبرهم فقال: أخذ الراية زيد فأصيب ثم أخذها جعفر فأصيب ثم أخذها ابن رواحة فأصيب و عيناه تذرفان، حتى أخذ الراية سيف من سيوف الله حتى فتح الله عليهم".

ما أشبه الليلة بالبارحة، وما أشبه البلقاء في أرض الأردن، بالبلق من أرض اليمن، وما أشبه المشهد بالمشهد، و ما أشبه الآخِر بالأول " إنهم فتية آمنوا بربهم وزدناهم هدى " .. و ما أشبه الروم بالفرس، وما أشبه الزنابيل بعرب ذلك الزمن الذين ساندوا الروم ضد إخوانهم.

كما تتابع زيد وجعفر وابن رواحة استبسالا واستشهادا في قلب المعركة ؛ تتابع مثلهم شعلان، و الحوري، والصلوي؛ استبسالا واستشهادا .

- أخذ الراية عبدالغني شعلان، فواجه الأعداء بلا هوادة، و قاتل البغاة بلا تردد :

وأثبت في مستنقع الموت رجله وقال لها من تحت أخْمُصِك الحَشْرُ

فقاتل بشجاعة و إقدام، حتى لقي ربه مقبلا غير مدبر :

وما مات حتى مات مضرب سيفه من الطعن واعتلت عليه القنا السُّمْرُ

وصدق فيه قول القائل :

بين اللّظَى صقرُ المعارك قاما
قصف المدافع عنده أنغاما

هزّاتُ سيفك كالنهار مُضيئةٌ

تُجْلِي عن المتحوّث الإظلاما

فأخذ الراية نوفل الحوري، فقاتل

قتال الأبطال، و نازل نزال الفرسان، و لسان حاله يقول :

وإذا الجبان نهاك يوم كريهة خوفا عليك من ازدحام الجَحْفل

فاعصِ مقالته و لا تحفل بها و اقدم إذا حُقّ اللقا في الأول

فمضى يحصد المجرمين، و يهدّ صفوف المعتدين، حتى استشهد .. فأخذ الراية أمجد الصلوي، وخاض بها لهيب المعركة دون خوف أو تردد، و مضى يقتحم الوطيس :

يغشى الوقائع مثل طود شامخ تلقاه دوما في الوغى همّاما

بالمدفع الرشاش و هو مكبّر يُصْلِي العِدا و يحطم الإجراما

لن نستكين فشعبنا يَهْوَى الذُّرَى إن اليماني مثل ليث قاما

ومضى شاهرا بندقيته يدك بها مليشيا الكهنوت، حتى استشهد .

فأخذ الراية مَن بعدهم رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه ، و هم سُيوف من سيوف البطولة و الأمجاد، قاتلوا باستبسال غير هيّابين، و قاتلوا دون خوف أو وجل، و كأني بهم كانوا يرددون جميعا :

سبيل الموت غاية كل حُرٍّ فداعيه لأهل الأرض داعي

فلله درهم جميعا، ثبات، وصمود، و استبسال :

غُبارُ رَحَى الهيجاء في لَهَواتِهم من الشهد أحلى أو من المسك أضْوَعُ

ولله درهم يخوضون البسالة، و يقتحمون لهيب المعارك " إنهم فتية آمنوا بربهم وزدناهم هدى ".

وكان بإذن الله نصر الله والظفر .

الأبطال هم من يكتب التاريخ، و الأبطال هم من يحمون العار و الذِّمار .. فاكتب تاريخك أيها اليمني الحر الأبي بدماء التضحية، و مواقف البطولة، و عرَق البسالة، و دراهم البذل "ها أنتم هؤلاء تدعون لتنفقوا في سبيل الله فمنكم من يبخل ومن يبخل فإنما يبخل عن نفسه والله الغني وأنتم الفقراء ".

ميادين البطولة اليوم في الجبهات، و ميادين البطولة كذلك في من يقفون مساندين و داعمين للجبهات ( انفروا خفافا وثقالا وجاهدوا بأموالكم وأنفسكم في سبيل الله ).

على كل يمني حر أن يتصدى لمشروع التخريب الإيراني، و أن يسأل نفسه : ما الذي يريده ملالي إيران من اليمن؟

وليسأل ايضا :
من دمر العراق غير إيران ؟ من يدمر سوريا غير إيران ؟من يعيث فسادا بلبنان غير إيران ؟

من يحقد على العرب و العروبة غير إيران؟ و من يحقد على الإسلام والمسلمين غير إيران؟

من يخدم قوى الاستكبار و الاستعمار و الاستخبارات الدولية غير إيران؟

فيا أيها الشعب اليمني من أقصاه إلى أقصاه :

قف دون دينك في الميدان ممتشقا للبغي سيفا و قف للجهل بالقلم

إن اليمنيين يريدون السلام و يعشقونه لأنه حياة، و لكنهم يريدون السلام لا الاستسلام، و يريدون الحرية لا العبودية ، و يطالبون بالديمقراطية لا الاستبداد .

رضي الله عن شهداء البلقاء : زيد و جعفر و عبدالله بن رواحة، و تقبل الله شهداء البلق : عبد الغني شعلان و نوفل الحوري و أمجد الصلوي .. و لا نامت أعين المرتهنين للمشروع الإيراني.