الجمعة 26-04-2024 07:57:23 ص : 17 - شوال - 1445 هـ
آخر الاخبار
حدثنا يا رمضان
بقلم/ أحمد عبدالملك المقرمي
نشر منذ: 4 سنوات و يومين
الخميس 23 إبريل-نيسان 2020 06:10 م
  

حدثنا يا رمضان بحديثك العذب، في زمن يحاول أن يستبدل فراتنا بالملح الأجاج، و حدّث قِدَمنا بالتجدد والتجديد، و حدث أرواحنا بأشواق الروح إلى ملكوت الرحمن، لنعبّ من فيض نوره، و بينات هداه، ما يرشدنا إلى سواء السبيل، فيسكب على نفوسنا الطمأنينة، و يمنح الأرواح الدِّفء و يمد الجوارح بالورع " لعلكم تتقون ".

حدثنا يا رمضان بأحاديث البناء ؛ بناء النفوس، و رص الصفوف " و نفس ٍ وما سواها فألهمها فجورها وتقواها*قد أفلح من زكاها وقد خاب من دساها ".

حدثنا برَواء النفوس ؛ فإنها اذا ارتوت صلحت، و إذا استنارت شبعت، و إذا استضاءت اهتدت " هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان" . فأنر دروبنا بذكرك " ألا بذكر الله تطمئن القلوب ". و اشف نفوسنا و أوجاعنا برحمتك " وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين ولا يزيد الظالمين إلا خسارا ".

حدثنا يا رمضان بأحاديث السماء ؛ لترتقي الجوارح، فتعفّ الأيدي، و تطهر الألسن، و يستقيم السلوك، وتسلم النفوس من الخيانة، فإنها بئست البطانة .

وحدّث أفكارنا بالورع والتقى " من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه و شرابه".

حدث أشواق الروح، بغذائها و تغذيتها التي توهقها وترهقها أدران الأرض، ويغسلها و ينيرها هدي السماء " قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين يهدي به الله من اتبع رضوانه سبل السلام ويخرجهم من الظلمات إلى النور بإذنه ويهديهم إلى صراط مستقيم ". و حدثنا بأحاديث السمو الروحي " كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به ". فتسمو الروح تتبّع فيض عطاء " فإنه لي وأنا أجزي به" فيغشاها من العطاء الرباني ما يغشى ؛ مما لا عين رأت و لا أذن سمعت، و لا يقوى على أن يصف تلك الحال قلم :

وأرواح تطير بلا جناح الى ملكوت رب العالمينا

حدثنا يا رمضان عن نهارك " من صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه " و حدثنا عن ليلك " من قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه ".

وحدثنا عن ساعة الإفطار، حيث " للصائم فرحتان " وحدثنا عن الخط الساخن بالابتهال و الدعاء " إن للصائم عند فطره لدعوة ما ترد " .

حدثنا يا رمضان ؛ لتتحدث أخلاقنا، و قدراتنا، و ثقافتنا، و سلوكنا، حدثنا :

فإنا نعيش بقَفْرة     زاد الهجير بها و قلّ الماء

حدثنا عن ذكرياتك يارمضان ؛ لتتحدث أفعالنا، ومهاراتنا، و فكرنا و تفكيرنا، وأداءنا و أدواتنا، و لتتحدث الرؤى و الميادين . فحدثنا يارمضان عن ذكرياتك العِذاب، فحديثك عذب ، وذكرياتك فرات، و أي زاد أفضل - لنا - من العذب الفرات !؟

حدثنا عن بدر الكبرى و " كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله " و أكد لنا : " ولقد نصركم الله ببدر وأنتم أذلة فاتقوا الله لعلكم تشكرون ".

حدثنا عن فتح مكة، ففي الحدث عن هذه و تلك، وتلكم زاد و تحديث، وتبصرة و ذكرى، حدثنا عن فتح مكة و كيف تُحَطّم الأصنام !؟

حدثنا عن عين جالوت، وكيف طوت جحافل المغول ، و قد قال قائل المنهزمين : " من حدثك بأن المغول قد هزموا فلا تصدق " !! لكن المغول - فعلا - هزموا ، بل و أكثر من ذلك، فقد حدثتهم آيات القرآن فإذا هم و قد عادوا مسلمين !

ولك يا رمضان - بعد أن نجلس بين يديك تلامذة صامتين - أن تحدثنا عن ذكريات الشموخ ، و قد رافقت فتح الأندلس، و قبلها صحبت الرسول المصطفى صلى الله عليه و سلم وجيش العسرة إلى تبوك ... حدثنا بأحاديثك و عن ذكرياتك، فمعك يحسن الحديث و يَعْذب .

حدثنا يا رمضان قولا وعملا، و حدثنا نظريا و تطبيقا ؛ حدثنا وحدثنا طوال هذا الشهر الكريم، فليس بمقدور هذه السطور إلا أن تتوسل إليك لتتحدث وتحدث ، فنكتسب من أحاديثك والتحديث " لعلكم تتقون ".

عودة إلى ساحة رأي
الأكثر قراءة منذ أسبوع
عدنان العديني
‏رجل التوحيد
عدنان العديني
الأكثر قراءة منذ 3 أيام
فهد سلطان
الزنداني رجل الأصالة والمعاصرة
فهد سلطان
الأكثر قراءة منذ 24 ساعة
نبيل البكيري
الشيخ الزنداني مالئ الدنيا وشاغل الناس
نبيل البكيري
ساحة رأي
إبراهيم الجحدبيالإجهاز على السلام
إبراهيم الجحدبي
المهندس/وحيد رشيدأهل عدن.. نكبة وتحديات
المهندس/وحيد رشيد
مشاهدة المزيد