الخميس 05-12-2024 03:11:28 ص : 4 - جمادي الثاني - 1446 هـ
آخر الاخبار
من نقاط ضعف بعض المسؤولين
بقلم/ أحمد عبدالملك المقرمي
نشر منذ: 5 سنوات و 10 أشهر و 3 أيام
الخميس 31 يناير-كانون الثاني 2019 09:02 م
 

حين يكون تعامل مسؤول ما على قدر عال من الإنصاف، و الكفاءة و الحصافة، و احترام النفس، و احترام الآخر، و الوقوف من الناس على مسافة واحدة، مع تفان في العمل و نظافة يد، يصفه الناس بأنه رجل دولة، و هو بهذه الصفات الإيجابية يستحق باقتدار هذا التعريف و التوصيف.

يطلق البعض على مسؤول ما مسمى رجل دولة، و هو أبعد مايكون عن هذا المسمى، ذلك أن البعض يطلق هذا الوصف أو التسمية على مسؤول كل تصرفاته الخداع، و التملص، و اللف و الدوران و الكذب، و حلاوة اللسان و مراوغة الثعلب، و هي صفات و مواصفات رسختها ثقافة الفساد و الاستبداد، حتى راح البسطاء من الناس يرون أن هذا السلوك البهلواني هو السلوك الناجح، و التصرف الأمثل لرجل الدولة.

إنها صفة المجتمعات القابلة للاستبداد، و التي لا تستنكف أن تستبدال الحسنات بالسيئات، والإيجابيات بالسلبيات، و لا تتردد في أن تهتف بالروح بالدم فداء لمتكبر جبار !

مجتمع بائس، ذلك الذي يرى في المتواضع ضعفا و مسكنة، و يري في المتغطرس المتعالي قوة و اقتدارا !

وعودة إلى عنوان هذه السطور؛ فإن من نقاط الضعف أن يقوم مسؤول ما بواجب وظيفته ليس طبقا لما تتطلبه الوظيفة من مهام، و لكن سعيا لإرضاء مسؤوله الأعلى و لو على حساب روح الوظيفة و واجباتها و متطلباتها.

قد تجد مسؤولا ما يلغى شخصيته، و يسقط قدراته، و يجمد عقله و تفكيره؛ فيرتهن لرغبات آخرين أو ضغوطهم، أو لمن يعتقد أنه السبب في مجيئه إلى المنصب الذي يتبوأه، فإذا هو - و هذا حاله - يتحرك و فق مشيئة من بيده ( الريموت) الذي يحركه من بعيد، بحسب أهوائه و رغباته. هذا سلوك أخرق لمسؤول فاشل؛ لكنه فشل مع سبق الإصرار، و خيبة من صنع يديه، التي سيعضّ بنانهما بعد أن يلفي نفسه و قد أبعد من منصبه. و بدلا من أن يلوم نفسه؛ يرفع عقيرته ليحمّل هذا أو ذاك أو أولئك سبب خسارته لمنصبه !

من نقاط الضعف - في الظروف التي نعيشها اليوم - أن يأتي مسؤول إلى منصب و هو يشعر في نفسه أنه جاء من خارج صف المقاومة، فينشأ لديه وَهْمٌ أنه غير مرغوب فيه لدى المقاومة، و بدلا من أن يعيش واقعه فيتخلص من أوهامه بأعمال إيجابية يقدم بها نفسه لمجتمعه؛ بدلا من ذلك يلجأ إلى أن يقف موقفا سلبيا من كوادر المقاومة فيقرب حوله ممن هم على شاكلته، و قد لا يكون في هذا ضرر، باعتبار أنهم ما كانوامع أو ضد، لكن بعضهم يقوم باتخاذ موقف من كوادر المقاومة! أو بتعيين خصوم الثورة و المقاومة بسبب من أوهامه، و بزعم تحصين و حماية نفسه، فتنشأ عن ذلك نوازع انتقامية، و تدار المؤسسة أو المرفق بكيد و تربص و مكر، و السبب الأول الوهم الذي سكن نفسية مسؤول خائب.

من تلك النقاط أيضا أن يتعامل مسؤول ما على خلفية ما يحمل في نفسه من مواقف من هذا أو ذاك أو من أولئكم، و لا يقف على مسافة واحدة من الجميع؛ و ذلك لجهله أو لتجاهله بواجباته التي توجب عليه أن يتعامل مع الجميع بروح مسؤولة بلا استثناء .

وقد لا يكون جاهلا، و إنما تكون مصيبته في نفسية مريضة تسكنه، أو بسبب وباء من أوبئة المناطقية أو الجهوية أو السياسية أو المذهبية... فيقع تحت سيطرة هذا الوباء أو ذاك، فتكون الطامة التي تعصف به في النهاية بعد أن تكون سمعته قد تمرغت في الأوحال.

المسؤولية ليست مجرد قرار يصل إليها إنسان، و لكنها عمل في الميدان يشعر معه الناس من خلال تعاملاته اليومية و الحياتية أنهم أمام رجل دولة في الصبر و الاستيعاب و الاحتواء و التفاعل... و الشعور بالمسؤولية التي تسع الجميع و لا تبخس أحدا شيئا.

استشهد زيد بن الخطاب رضي الله عنه على يد رجل أسلم فيما بعد، ثم جاء هذا إلى عمر زمن خلافته فقال له عمر : و الله إني لا أحبك، فقال الرجل و هل هذا يبخسني حقي؟ فقال عمر: أما هذا فلا، فقال الرجل لا بأس عليّ إذن ، إنما يأسى على الحب النساء.

إن رجل الدولة كبير بأخلاقه، كبير بضبط مشاعره، كبير باستيعابه للناس ، كبير بتواضعه، كبير بعدله مع الجميع، كبير بقلب يحب الخير للجميع.

من نقاط الضعف الاعتماد الأكبر، إن لم يكن الاعتماد الكلي على مطبخ إعلامي مهمته مجرد التطبيل و التلميع، و اختلاق المواقف و البطولات على حساب الأفعال في ميدان العمل، بل يمضي البعض لاختلاق خصومات فينصرف بها بعيدا عن مهامه، و فوق ذلك يتخذ منها مبررات لإخفافاته و خيبة أدائه.

في منصبك؛ كن أنت و لا تكن غيرك، و كن بقرارك و قناعات ما يمليه واجب الوظيفة، لا بإيحاءات غيرك أو قرارات متطفل عليك من بعيد. فيكفيك أن تعمل بروح الفريق الواحد مع المخلصين حولك في المرفق أو المؤسسة التي أنت فيها.