الثلاثاء 08-10-2024 13:11:50 م : 5 - ربيع الثاني - 1446 هـ
آخر الاخبار
حين تغدو النقمة عملاً..!!
بقلم/ جمال أنعم
نشر منذ: 7 سنوات و 4 أسابيع
السبت 09 سبتمبر-أيلول 2017 04:48 م
  

لو كانوا منصفين لحمدوا للإصلاح اعتياشهم على الكتابة ضده، فما زال يسخو على مناوئيه ويمنحهم فرصاً للرزق أو الارتزاق؛ بمعنى أدق: مازال مصدر دخل كبير في سوق الخسران.

الأقلام المفلسة لم تعدم فرصاً للتربح في النيل منه لصالح أطراف دهمها الكساد. عاثرو الحظ وجدوا فيه أملاً وعملاً ومشاريع تُقرَب وتُكسب. لو كان حزباً ميتاً لما بقي كل هؤلاء على قيد الحياة. أعمال كثيرة مزدهرة تقوم وتتسع في سوق الحرب ضده؛ استثمارات هائلة: صحف، مواقع، مؤسسات إعلامية، قنوات، إذاعات، مطابع، شبكات تحريش منظمة، متعهدو فتنة، مروجو أراجيف، شتامون بالإيجار، مخترعو انقلابات، ملفقون، مزورون، كتبة بالجملة ووسائل تضليل مكرسة للطعن في الإصلاح والتأليب عليه والانتقام منه.

حجم الاشتغال ضد الإصلاح يفوق التصورات؛ تجارة رابحة لا تحتاج إلى أمانة أو صدق ولا إلى كثير مهارات. ليس سوى الخفة وانعدام التورع والتشوهات النفسية العميقة والضغينة الراسخة. كم يخفف الإصلاح من بطالة القوم وكم يوفر من فرص عمل للمتبطلين والعاطلين عن كل شيء، في حين يعدون أنفاسه ويحصون عليه ما شاؤوا من امتيازات مدعاة ويتهمونه بعقد الصفقات المشبوهة وبيع البلاد والعباد وخيانة الشركاء وأداء دور "تاجر البندقية"، ولا يذكرون له على الأقل فضيلة منحهم ما يبرر وجودهم وأنه غنيمتهم ووليمتهم العامرة على الدوام.

ثمة منابر مهنية محترمة وكتاب كثر لهم موقف نقدي أصيل يكتبون بمنهجية وموضوعية وروح متجردة، محايدة، بريئة من التحيزات، تنتصر للقيمة وتحاذر التعميمات والأحكام الإطلاقية المسبقة ولا تصدر عن مواقف شخصية عدائية غاضبة. هؤلاء وحدهم يخففون عنا وطأة الشعور بالانحطاط والخجل من الوجود.

أصحاب المشروع الوطني صاروا مشاريع للمحرشين والمتهبشين بدوا أسبق الى السقوط من النظام السابق، والآن كما لو أنهم في سباق لإسقاط ما بقي من الوطن، خسروا الثقة لتكسبهم الوضاعة مواضيع دس ووقيعة. ثمة من تفرغ لرصد المشاريع الانقلابية ضد الرئيس وما يقوم به الإصلاح خاصة للنيل منه والإساءة إليه.

تنمية مخاوف رجل القصر وتوسيع دائرة الاسترابة من محيطه وضرب تحالفاته وإضعاف ثقته بالجميع عمل مفضوح لم يتردد بعضهم من إتيانه بفجور ومجاهرة عاهر.

كان على الإصلاح أن يسدد ديون الجميع ممن تعاملوا معه كمدين ومُدان مطلوب منه دفع الكفارات دونما رجاء لغفران.

الزميل الذي تعب من إيقاظ الوعي تحول إلى موقظ ثارات الجنوب ضد الإصلاح حليف 94 ومفصل الأقاليم ومقسم اليمن وخادع الاشتراكي الكبير. هذا الزميل الضائق بالإصلاح اتسع صدره مؤخراً للحوثي بدون تحفظات؛ ربما هي نزعة السيد لديه هو الآخر، السيد الذي ينكر الجميع ولا يعترف بغيره.

أصدقكم القول إن علاقتي ببعض الأصدقاء اعتراها الفتور ربما لأن الأحداث وضعتنا جميعاً على المحك، وجعلتنا نختبر جوهر علاقاتنا عموماً.

شخصياً لا أجد للصداقة معنى ما لم يكن شرطها الاعتراف بي كمُختلِف في الأساس.

ما معنى أن تكون صديقي وأنت تنكر حقي في الاعتقاد والتفكير والانتماء ولا تعترف بحريتي وحقوقي كاملة؟!

 ما معنى أن تكون صديقي وأنت تدعو لاستئصالي وتجرمني وتخونني وتنظر اليّ بتعالٍ وازدراء وتعدني ضمن القطيع المطيع؟!

هذه الحرب العدوانية الشعواء ضد الإصلاح تستبطن موقفاً عقائدياً ينكر التنوع والتعدد وحرية الفكر والاعتقاد كما ينكر حق الاختلاف وحق الانتماء.

يا هؤلاء: مغالاتكم في العداء للإصلاح تشعرني بالرعب لأنها تجاوز المنطق والعقل وتضعكم في تناقض عصي على الفهم! يا هؤلاء: لستم أبرياء لكي يدين الإصلاح نفسه.

 أنتم تدينون أنفسكم بهذا التداعي الجماعي الفاضح ضده.