السبت 18-05-2024 23:57:26 م : 10 - ذو القعدة - 1445 هـ
آخر الاخبار

الحوثيون ونادي الخريجين.. عبث بالتعليم ونهب للأموال وانتهاك للحريات

الخميس 06 أكتوبر-تشرين الأول 2022 الساعة 06 مساءً / الإصلاح نت-خاص | صادق عبد المعين

 

"قتلوا فرحتنا"، هكذا قالها أحد الطلاب الخريجين من جامعة صنعاء معبرا عن خيبة أمله، ومعلقا على التعسفات التي يقوم بها ما يسمى بـ"نادي الخريجين" (كيان حوثي تم استحداثه مؤخرا) من خلال الإجراءات التي يفرضها على الخريجين المقبلين على حفل التخرج بفرض رسوم خيالية وتشديد الرقابة على المناسبات الاحتفالية، وإلزام الطلاب بنمط معين ومظهر محدد أثناء حفل التخرج، كنوع من الوصاية والرقابة على مختلف جوانب الحياة.

وتأتي هذه الخطوة ضمن سعي المليشيا الحوثية الحثيث لفرض سيطرتها على الحياة العامة، وإحكام قبضتها في مناطق سيطرتها، وتدخلها في مختلف جوانب حياة المواطنين بما فيها السياسية والاجتماعية والتعليمية، وإلزامهم بفرض أنماط معينة وطقوس محددة ومظاهر خاصة وفقا لرؤيتها وأفكارها، وبما يتفق مع أيديولوجيتها، خصوصا مع حرص المليشيا على محاكاة النظام الإيراني والتماهي مع السياسة الإيرانية والتقليد الأعمى للإيرانيين منذ اليوم الأول لنشأة هذه المليشيا.

 

قلق وتوجس

وقد كشف ناشطون وحقوقيون عن الدوافع الحقيقية لقيام مليشيا الحوثي الإرهابية بتلك الحملات المسعورة للتضييق على الخريجين وفرض شروط مجحفة لإقامة حفلات التخرج.
وبحسب الناشطين والحقوقيين فقد أبدت المليشيا الحوثية قلقها وتوجسها بسبب ازدياد شغف العديد من الخريجين في عدد من الجامعات والمعاهد وحبهم لثورة الـ26 من سبتمبر وغيرها من الثورات المجيدة والنظام الجمهوري بشكل عام، من خلال الأناشيد الوطنية التي تم تداولها على نطاق واسع في مواقع التواصل الاجتماعي.

وأضافوا أن هذا الألق الجمهوري والنزعة الوطنية في حفلات التخرج تسبب بانزعاج المليشيا الحوثية وامتعاضها، الأمر الذي أحدث ردة فعل من قبل المليشيا تمثلت في التضييق على هذه الحفلات من خلال تأسيس كيان يتبع عصابة الحوثي تحت مسمى "نادي الخريجين".

وأشاروا إلى أن هذا الكيان الذي تم الإعلان عنه مؤخرا بدأ بوضع شروط مجحفة ومستفزة لإقامة حفلات التخرج من ضمنها عدم استخدام الموسيقى وفرض رسوم كبيرة على الطلاب وغيرها من الشروط الهادفة إلى ابتزاز الخريجين ومنعهم من إقامة تلك الحفلات.

 

امتهان للإنسان

"أسلوب هزلي لا يقوم على أي مبدأ سوى مبادئهم النتنة فقط وكلٌّ يرى الناس بعين طبعه"، بهذه الجملة بدأت الخريجة "كريمة" (اسم مستعار) حديثها معلقة على ممارسات المليشيا الحوثية من خلال ما يسمى بـ"نادي الخريجين" والمضايقات التي يقومون بها تجاه الطلاب.

وتضيف كريمة: "ما يستفزك انتهاكهم لحرمة رمز العلم وهو المعلم.. تخيل مدى بشاعة الأمر حين يقعد أمام الدكتور الجامعي شخص يسمى رئيس نادي الخريجين، فيظل الدكتور خلف هذا الكائن ومرافقيه، وما يستفز أكثر هو قيام تلك العصابة بتسليم الشهادة للخريجين بدلا من الدكاترة.. أسلوب قمة في الحقارة والنذالة وتهميش لدور المعلم ومكانته".

وتنهي كريمة حديثها بالقول: "هذا انتهاك للحرية الشخصية، خصوصا البنات.. بالله عليك تخيل الموقف واحد منهم يجي يدق علينا ويشوف الزي تبعنا كيف نلبسه ويخلينا نتمشي قدامه ويشوف لنا من فوق إلى تحت وكمان يتحكم بزينتنا من خضاب نقش أو ما شابه، فهذا بقدر ما يمثل انتهاكا للتعليم فإنه يمثل امتهانا للإنسان".

 

مناسبة كئيبة

أما الخريج (محمد. ي. ع) فيتحدث بقلب تملؤه الحسرة مما آلت إليه الأمور في مناطق سيطرة الحوثيين، إذ لم يتبق شيء كما يقول إلا وطاله العبث والفوضى. يقول محمد: "يبدو أن الحوثيين قد قطعوا على أنفسهم عهدا أن يقتلوا الفرحة في كل زاوية وناحية، وفي كل مجال من مجالات الحياة".

ويضيف محمد: "يظل الطالب في تعب ومعاناة وجد واجتهاد طيلة 16 عاما لا يهنأ نوما ولا يعرف راحة إلا القليل من ذلك، ويبقى منتظرا لهذا اليوم بشغف وشوق شديدين، ليفرح بإنجازه، ويجني ثمرة جهده وتعبه".

ثم يستدرك "محمد" والحسرة ماثلة بين عينيه بالقول: "إلا أن تلك المناسبة لم تلبث أن تتحول إلى يوم مأساوي ومشهد أكثر قتامة، بفعل مليشيا امتهنت الإجرام بشتى صوره، فبدل أن تخلد تلك المناسبة كيوم فرائحي استثنائي وعرس بهيج، يتم تحويلها إلى يوم مأساوي أكثر كآبة".

 

الوجه الحقيقي

ووفقا لناشطين فإن النادي "تأسس في بداية الأمر كملتقى طلاب جامعي داخل جامعة صنعاء يقدم خدماته المجانية كالدورات والمنح التعليمية والوظائف بشكل مجاني ومن دون أي مقابل للطلاب الخريجين وتقديم التسهيلات لهم والحد من معاناتهم".

غير أن ذلك النادي وبحسب الناشطين "ما لبث أن تقمص فجأة دور الجهة الإشرافية على الخريجين وحفلات التخرج داخل جامعة صنعاء، وما هي إلا أشهر قليلة حتى بدأ النادي بممارسة مهام أخرى، تمثلت بإصدار قرارات خاصة بهم دون أي تخويل أو تصريح من أي جهة رسمية، عدا استقوائهم بالأمن الجامعي التابع لجامعة صنعاء كونهم تابعين للمليشيا الحوثية برئاسة القيادي في المليشيا إبراهيم الكبسي".

وأضافوا أن النادي "كشف عن وجهه الحقيقي ونواياه المبيتة وسال لعاب شهيته بعد أن رأى ازدياد عدد الحفلات، إذ وجد أنه بإمكانه أن يحقق إيرادات ويجني أموالا طائلة، على حساب الطالب، حينها بدأ بالتضييق على جميع المنسقين ومتعهدي الحفلات وأصحاب الفقرات ومقدمي الخدمات وفرضوا عليهم شروطا وعقود عمل تعسفية، ليتم السماح لهم بالعمل تحت مظلتهم، بغرض ابتزازهم وفرض مبالغ مالية عليهم".

 

شروط تعسفية

وقد باشر النادي مهامه الجديدة بممارسة كافة أساليب الجشع والاستغلال، من خلال فرض الإتاوات والمبالغ المالية على الخريجين التي تصل إلى 20 ألف ريال على كل طالب كرسوم لفتح ملف للخريج، يدفعها إلى ما يسمى "نادي الخريجين" واستخراج تصريح من النادي لا يمكن للطلاب الخرّيجين إقامة الحفل بدونه.

ويعجز الكثير من الطلاب عن دفع تلك الرسوم بسبب صعوبة الوضع الذي تمر به البلاد، إذ بالكاد يستطيع البعض تجشم عناء التجهيز للحفل وشراء الزي الخاص بالتخرج، فيضطر للاستدانة وتوفير المبلغ بسبب التهديد بحرمانه من حضور احتفال التخرج والتكريم.

وبالإضافة إلى تلك المبالغ التي أثقلت كاهل الكثير من الطلاب، فقد وضع "نادي الخريجين" الذي استحدثته الميليشيا الحوثية، شروطاً وقيوداً تعسفية جديدة للتضييق على الخريجين، وتقييد حفلات التخرج لطلبة الجامعات في مناطق سيطرتها، كاستمرار لنهج المليشيا الحوثية الذي يسعى إلى إفشال العملية التعليمية في مختلف المراحل، إذ تعد شريحة الطلاب من شرائح المجتمع التي سعت مليشيا الحوثي الإرهابية إلى التضييق عليهم ومحاصرتهم في مدارسهم وجامعاتهم، وتدخلت في كل شيء حتى حفلات التخرج في الجامعات.

 

ذرائع سخيفة

ووفقا لمصادر فإن نادي المليشيا الحوثية قد اشترط لإقامة الحفل منع الفِرق الموسيقية، ومنع الرقص، بحجة أن "الأغاني حرام"، كما قام بإلغاء جميع الفقرات الفنية والأغاني الوطنية والتحفيزية، وألعاب الخفة، والعديد من الفقرات الترفيهية المتعارف على وجودها في جميع حفلات التخرج مسبقا، بحُجة أنها فقرات من شأنها تأخير النّصر، حسب اعتقاد الحوثيين، كما اشترط أن "تكون أهداف وفعاليات الحفل ضمن إطار مواجهة العدوان والتصدي له، ومواجهة الحرب الناعمة، وتعزيز الصمود الشعبي، والارتقاء بالعملية التعليمية، وأن تكون فقرات الحفل بالشكل الذي يليق بحرم الجامعة وطلابها وقدسية العلم فلا تشمل على فقرات مثل الراب والأغاني والرقص"، وفقا لقائمة الشروط الحوثية.

ذريعة تأخير النصر تلك وفقا لأفكار الحوثيين هي الذريعة نفسها، والعصا التي أشهرتها المليشيا في وجوه العديد من المواطنين ومارست من خلالها مختلف العقوبات، لتشمل الفنانين بمنعهم من ممارساتهم لهواياتهم الفنية، وتجريم موضات معينة من العباءات النسائية، وإتلاف العديد من اللوحات واللافتات الإعلانية والدعائية والتعريفية، وتكسير مجسمات الملابس والإكسسوارات، وتفتيش المحتوى لهواتف العديد من المواطنين، وغيرها من الممارسات والأفكار التي يعتنقها الحوثيون.

 

رقابة مشددة

وقد تمادى "نادي الخريجين" في فرض شروطه التعسفية على الطلاب، إلى حد الوصول إلى التدخل في جميع شؤون الطلاب الخريجين، لتشمل الرقابة تحديد أشكال ملابس الطالبات والكشف عن وجود الأظافر، ومنع ألوان بعينها، وكذلك منع إدخال الورود إلى قاعة الاحتفال، حيث يقوم النادي بتهديد أي دفعة مخالفة بإلغاء الحفل، وإجبار الطالب على الموافقة على شروطه.

كما فرض النادي في لوائحه الرسمية على الخريجين إعداد تقارير رقابية وتقارير مالية للدفعة بعد إتمام الحفل، شاملة كافة أنشطة الدفعة ومراحل عملها منذ بدء إنشائها، وحتى بعد إتمام الحفل، بالإضافة إلى كشف بأسماء الدفعة المتخرجة، وأسماء كبار الضيوف والشخصيات، وشعار الدُّفعة وبرنامج الحفل، وتسليم النادي نسخة منها، ونسخة من المجلة الرسمية للدفعة قبل طباعتها.

ولم ينس النادي أن يشترط عدم حجز متعهّدي الاحتفالات أو المقدّمين أو فنيي الصوتيات أو التصوير أو أي من تجهيزات الحفل المختلفة إلا عبر النادي ومن خلاله، وتقديم طلب إصدار التصريح لإقامة جلسات التصوير، وتقديم طلب إصدار إفادات للجهات الداعمة أو غيرها للنادي، وغيرها من الشروط المتعلّقة بالحجوزات المنسّقة والعقود.

 

أدوار فساد متبادلة

مؤخرا، أقرت مليشيا الحوثي تعليق عمل ما يسمى بـ"نادي الخريجين" وتشكيل لجنة جديدة لممارسة نفس المهام، المتمثلة في الإشراف والرقابة على حفلات التخرج، وفق الرؤية نفسها.

وتُظهر وثيقة صادرة بتاريخ 2 أكتوبر 2022 عن ما يسمى بـ"اللجنة العليا لإدارة الرؤية الوطنية"، وهي لجنة استحدثتها المليشيا الحوثية مؤخرًا، تنص على تعليق عمل "النادي" بعد تزايد الشكاوى ضده.

ويأتي هذا القرار متزامنًا مع الإعلان الصادر عن وزير التعليم العالي في سلطات المليشيا الحوثية، بمنع حفلات التخرج الطلابية، دون التنسيق مع الوزارة، أو الاحتفال خارج الجامعة.

وقد شهدت الأيام الماضية استياء واسعا، بسبب التصرفات اللامسؤولة والشروط المجحفة لـ‘‘نادي الخريجين’’ الذي فرضته المليشيات بهدف ابتزاز الطلاب في حفلات التخرج، والسيطرة على كافة الأنشطة الخاصة بهذا الشأن وفرض رقابتها على كافة مناحي الحياة.

واعتبر مراقبون الخطوة التي اتخذتها المليشيا الحوثية، والمتمثلة بتعليق عمل النادي، مسرحية هزلية، تعكس حالة من السخرية التي تمارسها الجماعة بحق المواطنين، والعبث المتزايد بمشاعر الكثيرين منهم، إذ يعتبر تعليق عمل النادي -وفقا للمراقبين- وتشكيل لجنة أخرى للقيام بنفس المهام، استمرارا للفساد والعبث السابق الذي بدأ به، وتأكيدا للدور الذي قام به النادي من العبث والفوضى.

كلمات دالّة

#اليمن