السبت 27-07-2024 11:43:12 ص : 21 - محرم - 1446 هـ
آخر الاخبار

بنوك تواجه خطر الإفلاس.. كيف تعمل مليشيا الحوثي على تدمير القطاع المصرفي في اليمن؟

السبت 18 مايو 2024 الساعة 07 مساءً / الإصلاح نت-خاص

 

منذ انقلاب مليشيا الحوثي على الدولة في 21 سبتمبر 2014، تشهد اليمن واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم، وفقا للأمم المتحدة، بفعل السياسات المدمّرة التي تتبعها مليشيا الحوثي الانقلابية، والتي أدّت إلى انهيار كثير من القطاعات بما فيها القطاع المصرفي الذي يعد العصب الأساسي للاقتصاد الوطني الذي شارف على الانهيار.

تمارس مليشيا الحوثي سياسة الإفقار الممنهجة، بهدف تعزيز سيطرتها على الاقتصاد الوطني بمختلف قطاعاته وجوانبه، عبر كثير من الاجراءات والأساليب بما فيها تدمير المؤسسات المالية والمصرفية، وفرض إجراءات واتاوات مالية أثرت سلبا على حياة المواطنين، وعلى الاقتصاد الوطني بشكل عام.

أسهمت تلك الممارسات الحوثية الممهنجة بحق القطاع المصرفي في البلاد بمفاقمة الأزمة الإنسانية، ولم ينعكس هذا الأمر على الأفراد فحسب؛ بل انعكس أيضا على المؤسسات الاقتصادية في البلد وعلى رأسها القطاع المصرفي، ويأتي على قمة هذا القطاع "البنوك" التي تواجه خطر الإفلاس والإغلاق.

سنحاول من خلال هذا التقرير، رصد أبرز السياسات والممارسات الحوثية التي أسهمت في تفاقم الأزمة الإنسانية في البلاد، إضافة إلى معرفة تأثير هذه الأبعاد على المؤسسات الاقتصادية في البلاد وفي مقدمتها البنوك، إضافة إلى تسليط الضوء على الخطوات الممنهجة التي قامت بها المليشيا الحوثية عبر بنكها المركزي غير المعترف به في تدمير القطاع المصرفي في اليمن.

-الأساليب الحوثية في تدمير الاقتصاد الوطني

مارست مليشيا الحوثي كثيرا من الأساليب والممارسات التي أدت إلى انهيار كثير من قطاعات الدولة، ومنها القطاع المصرفي الذي يعاني مخاطر إفلاس البنوك، وانعكاسات سلبية كبيرة سواء على المواطنين أو المودعين أو المستثمرين بشكل عام، أبرز هذه الأساليب "نهب الاحتياطيات النقدية".

حيث قامت مليشيا الحوثي بالسيطرة على البنك المركزي في صنعاء ونهب احتياطياته النقدية، مما أدى إلى عجز الحكومة عن دفع الرواتب وتمويل الخدمات الأساسية، فضلا عن فرض الضرائب والإتاوات، على المواطنين والشركات، ما أدى إلى زيادة الأعباء المالية على الشعب اليمني وتدمير الكثير من الأعمال التجارية الصغيرة والمتوسطة.

كما عملت مليشيا الحوثي على تهريب الأموال والنقد الأجنبي، مما أدى إلى انخفاض قيمة العملة المحلية وارتفاع معدلات التضخم، وبالتالي زيادة تكلفة المعيشة وتفاقم الفقر، إضافة إلى تدمير البنية التحتية المصرفية في المناطق التي تسيطر عليها، ما أعاق عمل البنوك وأدى إلى تجميد الحسابات المصرفية للمواطنين والشركات.

إضافة إلى ذلك، قامت مليشيا الحوثي باحتكار استيراد الوقود والمشتقات النفطية، وبيعها بأسعار مرتفعة في السوق السوداء، مما أدى إلى شل حركة النقل وزيادة كلفة المنتجات والخدمات، ناهيك عن قطع الطرق والمنافذ الحيوية بين المدن والمحافظات وخلق مناطق جمركية جديدة وإضافة أعباء مالية جديدة، مما أعاق حركة البضائع والمواد الغذائية والأدوية، وزاد من معاناة المواطنين في الحصول على الاحتياجات الأساسية.

-واجهة مشبوهة لتدمير القطاع المصرفي

وفي موازاة هذه الممارسات والأساليب التي تقوم بها مليشيا الحوثي لتدمير الاقتصاد الوطني في البلاد، أصدر البنك المركزي في مقره الرئيس بعدن، بيانًا توضيحيًا كشف فيه الممارسات المشبوهة التي تقوم بها مليشيا الحوثي مستخدمة البنك في صنعاء غير المعترف به دوليا لتوضيح ما قامت به المليشيا من ممارسات ساهمت في تدمير القطاع المصرفي في البلاد.

وحسب بيان البنك المركزي في عدن، فإن مليشيا الحوثي وعبر بنكها في صنعاء، عقدت بيئة عمل البنوك والمؤسسات المصرفية والمالية، ووضعت القيود أمام الأنشطة المالية والمصرفية والتحويلات والمعاملات النقدية بين مناطق البلد الواحد، وسعيّها الحثيث لتقسيم الاقتصاد بمنع تداول الطبعات الجديدة من فئات العملة الوطنية القانونية.

وأشار البنك المركزي بعدن إلى الاقتحامات المتكررة لمقرات البنوك والمؤسسات المالية والشركات التجارية ونهب ومصادرة الطبعات الجديدة من العملة الوطنية، وتدمير آلية وقواعد السوق القائمة على العرض والطلب، وإلزام المؤسسات المالية بتوفير مبالغ النقد الأجنبي بسعر صرف منخفض للجهات والكيانات التابعة للمليشيات، واستخدامها في الكسب والاثراء غير المشروع.

ولفت بيان البنك المركزي إلى قيام مليشيا الحوثي بمصادرة أموال المسافرين من الطبعات الجديدة للعملة عبر نقاط التفتيش ومصارفتها بعملات أجنبية في المحافظات المحررة، واستغلال لجنة المدفوعات المنتهية الصلاحية وفرع البنك المركزي في صنعاء للاستحواذ على موارد النقد الأجنبي للمؤسسات المالية.

كما نوه البنك بقيام مليشيا الحوثي بالاستيلاء بطريقة احتيالية على مبالغ بالمليارات من حساب الأشخاص المستفيدين من الحوالات الخارجية عبر إجبارهم على استلام تلك الحوالات بالريال اليمني بسعر صرف منخفض وغير عادل، وتعريض القطاع المصرفي اليمني لمخاطر عالية بما فيها العقوبات الدولية، من خلال السعي لاستخدام بعض المؤسسات المالية في فتح حسابات لجهات وكيانات وهمية كواجهة لغسل الأموال المنهوبة وادخالها في النظام المالي وتمويل أنشطتها غير القانونية.

إضافة إلى ما سبق، قامت المليشيا بتخويل جهات قضائية غير قانونية، بتجميد أرصدة حسابات عدد كبير من العملاء والشركات التابعة لأشخاص غير موالين للمليشيا، ومصادرة ونهب بعض من تلك الأرصدة، بذرائع الخيانة والعمالة، ومفاقمة أزمة السيولة النقدية لدى البنوك وتعميق عدم الثقة بالقطاع المصرفي وخروج الدورة النقدية من البنوك. والتأثير على استقرار سعر صرف العملة الوطنية.

-الاستيلاء على أموال المودعين

وتطرق البنك المركزي اليمني ومقره الرئيس بعدن إلى الممارسات الإضافية التي اتخذتها مليشيا الحوثي لتدمير الاقتصاد الوطني وفي مقدمتها البنوك، ومنها "الاستيلاء على إدارات فروع البنوك الحكومية والمختلطة وتكليف شخصيات موالية كمدراء تنفيذيين، وأعضاء مجالس إدارة بصورة غير قانونية للاستحواذ على أموال وموارد تلك البنوك. وتسهيل عمليات مالية لخدمة أنشطة المليشيا".

ونوه إلى قيام مليشيا الحوثي بإصدار ما أسمته قانون المعاملات الربوية كخطوة احتيالية للاستيلاء على أموال المودعين، وعوائدها المستحقة، والقضاء على ثقة المواطنين بالقطاع المصرفي. والحافز على الادخار والاستثمار، وممارسة الضغوط على البنوك لمنعها من الاستثمار في الأدوات المالية الصادرة من المركز الرئيسي للبنك المركز، واجبارها على تمويل مشروعات دون أرباح بحجة تغيير النظام المصرفي القائم الى نظام إسلامي.

وأشار إلى ممارسة الترهيب والتهديد، والاعتقال بحق عدد من قيادات وموظفي البنوك في صنعاء، لمنعها من تقديم تقاريرها وبياناتها المطلوبة للمركز الرئيسي للبنك المركزي لإعاقته عن القيام بوظائفه ومهامه القانونية، اضافة إلى سيطرة المليشيا على كيان جمعية البنوك اليمنية وتحويلها الى متحدث بما يملى عليها من قرارات لتبرير السيطرة على موارد البنوك وتوظيف ذلك لمساندة أنشطتها وممارساتها غير القانونية.

وأضاف، كما قامت المليشيا بالضغط على عدد من البنوك الخاصة لتعيين أشخاص من الموالين لها في عدد من مواقعها الإدارية، والتوجه نحو استخدام أداة الإصدار النقدي غير القانوني وغير الدستوري، كوسيلة لتمويل مليشيا الحوثي، بمورد مالي غير مقيد بسقف محدود ولا يخضع لأي رقابة داخلية أو خارجية، وغير خاضع للمساءلة.

إضافة إلى ما سبق، قامت المليشيا الحوثية بإصدار تعليمات، وقواعد غير قانونية لإجبار المؤسسات المالية على تقديم خدمات الدفع الإلكتروني عبر الهاتف المحمول بهدف إصدار نقود الكترونية بلا رقابة وتوظيفها في خدمة مشاريع وانشطة المليشيا، وتحويل جزء كبير من النقد الأجنبي الناتج من ودائع المواطنين بالعملة الأجنبية إلى عملة محلية، ما أدى إلى ظهور عجز حاد في مراكز عملات البنوك، وتحقيقها خسائر كبيرة وتآكل رؤوس أموالها، وعدم قدرتها على الوفاء بطلبات المودعين.

-بنوك صنعاء على حافة الإفلاس

وإزاء هذه الممارسات الحوثية بات الخطر يداهم البنوك في صنعاء، حيث تواجه خطر الإفلاس، بعد استيلاء المليشيا الحوثية على أموالها، وإصدارها قرارا بمنع الأرباح في التعاملات البنكية، بحجة مكافحة الربا، الأمر الذي أدى إلى عجز البنوك عن دفع أموال المودعين أو جزء منها لعدم توفر السيولة لديها، وفقا لصحيفة الشرق الأوسط.

ومع قرب انتهاء المهلة التي منحها البنك المركزي اليمني في عدن لكل البنوك، لنقل مراكزها الرئيسية إلى العاصمة عدن، ذكر شهود في صنعاء أن مئات من المودعين وعائلاتهم تظاهروا في أحد البنوك التجارية الشهيرة، احتجاجاً على وقف صرف مبلغ أقل من 50 دولاراً شهرياً من ودائعهم.

ووفق مصادر مصرفية، فإن كثيراً من البنوك التجارية أصبحت شبه مفلسة، بعد أن قام الحوثيون بمصادرة الدين الداخلي وعائدات أذون الخزانة التي كانت البنوك تستثمر فيها أموال المودعين، وزاد من الأزمة قيام المليشيا بإصدار ما سمَّته قانوناً يجرم التعامل بالأرباح، تحت ستار مكافحة الربا، وتصفير أرباح كل الودائع.

وفي هذا الصدد، يؤكد مراقبون، أن القطاع المصرفي في مناطق سيطرة الحوثيين أصبح في شلل تام، بسبب التنفيذ القسري لقانون منع التعاملات الربوية، والذي قضى على مصداقية وثقة البنوك تجاه المودعين والمقترضين، كما أنه ألغى العوائد المتراكمة لودائع المدخرين لدى البنوك، وعلى الفوائد المتراكمة لدى المقترضين من البنوك.

مؤكدين، أن شطب الفوائد المتراكمة على أذون الخزانة وعلى السندات الحكومية، والتي كانت تمثل التزامات لدى البنك المركزي للجهات المستثمرة (البنوك، وصناديق التقاعد، وغيرها) في تلك الأوراق والأدوات، أدى إلى تفاقم مشكلة ندرة السيولة في القطاع المصرفي، مشيرين إلى أن أذون الخزانة والسندات الحكومية تقدر بأكثر من 5 تريليونات ريال يمني (نحو 9 مليارات دولار) وهي قيمة الأذون والسندات والفوائد المتراكمة عليها لأكثر من 20 سنة.

وحسب مصادر مصرفية، فإن المودعين أصبحوا عاجزين عن استرداد أصل ودائعهم ذات العائد من البنوك، والتي بلغت نحو 2.2 تريليون ريال يمني (نحو 3.7 مليار دولار في 2014) مؤكدين أن البنوك غير قادرة على استرداد قروضها لدى المستثمرين، والتي تقدر بنحو تريليوني ريال يمني، والتي كانت تحصل على عوائد منها بما يقارب مليار دولار، والتي تبخرت بسبب قانون منع التعاملات الربوية.

وإزاء هذه المخاطر التي تواجه القطاع المصرفي في مناطق سيطرة مليشيا الحوثي، يبقي أمام البنك المركزي في عدن مسؤولية جسيمة بقدرته على معالجة الأخطاء الكارثية التي سببتها سلطة الحوثيين على القطاع المصرفي، ومعالجة مشكلة ندرة السيولة التي تعاني منها البنوك، بسبب تجميد أو تبخر أرصدتها لدى فرع البنك المركزي في صنعاء، وفقا للخبير الاقتصادي مطهر العباسي.

كلمات دالّة

#اليمن