الجمعة 26-04-2024 06:39:39 ص : 17 - شوال - 1445 هـ
آخر الاخبار

التجمع اليمني للإصلاح.. دراسة في البرنامج السياسي والأدبيات (الحلقة 3: منظومة القيم الكونية)

الأربعاء 23 يونيو-حزيران 2021 الساعة 09 مساءً / الإصلاح نت-خاص/ عبد العزيز العسالي

 

تنويه:
تم تقسيم البرنامج السياسي لحزب الإصلاح إلى بابين: الأول، بناء المجتمع، وتحته فصول عدة. والثاني، بناء الدولة، وتحته فصول عدة.

الجدير ذكره أن هناك تداخلا بين فصول الكتاب، وهذا أمر طبيعي، لأن القيم الإسلامية الحضارية هي منظومة دوائر متداخلة، هذا أولا.

وثانيا، استخدم البرنامج السياسي مصطلحات قيم القرآن حرفيا وهذا الغالب، كما استخدم البرنامج مصطلحات معاصرة لبعض القيم، غير أن مفهومات تلك القيم حاضرة بقوة في نصوص القرآن وتشريعات الإسلام، والهدف هنا هو الخطاب من أفق ثقافة العصر.

وعليه، ما هي منظومة القيم الكونية؟

1- منظومة القيم الإسلامية هي منظومة القيم الكونية المتفق عليها في كل الأديان السماوية والفلسفات الوضعية.. أيضا يُطلق البعض عليها القيم الحضارية.

2- تتميز القيم الحضارية في تعاليم الإسلام أنها صادرة عن القول الثقيل، {إنا سنلقي عليك قولا ثقيلا}، ومعنى القول الثقيل:
أ- المتعالي أي المقدس.
ب- الكوني.
ج- اللامتناهي.

3- مفهوم القيم:
القيم في الاستعمال القرآني هي العقائد الراسخة دينا وهوية وحضارة، وسيتضح هذا جيدا من خلال استعراضنا لمنظومة القيم الكونية الإسلامية التي تضمنها برنامج حزب الإصلاح.

4- الدليل الحرفي للقيم:
- {قل إنني هداني ربي إلى صراط مستقيم دينا قيما ملة إبراهيم...}.
- {ذلك الدين القيم}.
- {فطرة الله التي فطر الناس عليها ذلك الدين القيم}.
- {وذلك دين القيمة}.

منظومة القيم الكونية:

1- مركزية عقيدة التوحيد.. هذه المركزية العقدية ينبثق عنها منظومة القيم الكونية.

2- كرامة الإنسان.. هذا التكريم للإنسان هو أساس كل القيم.

- حقوق الإنسان وما يتصل بها من القيم الحضارية.

3- الحرية والمساواة:
هاتان القيمتان وجهان لعملة واحدة.. فلا حرية بلا مساواة ولا مساواة بدون حرية.. هذا من جهة.. ومن جهة أخرى فالحرية والمساواة والديمقراطية تعتبر مظهرا من مظاهر التكريم الإنساني.

4- العدل.. والقيام بالقسط.. هاتان قيمتان كونيتان إحداهما متعلقة بالجهاز القضائي للدولة فقط.. لكن القيام بالقسط قيمة إنسانية تطبيقها متعلق بالمجتمع عموما تجاه بعض.

الجدير ذكره أن القيام بالقسط متداخل مع قيمة كونية كبرى وهي الرحمة.. فالمجتمع مطلوب منه القيام بالقسط من الجميع تجاه الجميع.. والفارق بين العدل والقسط أن القسط بين البر.. والحب.. والتعاون.. والعدل.. والتراحم.. والتعايش أي القبول بالآخر.. وهذه كلها يجمعها مصطلح السلم {ادخلوا في السلم كافة}.

وقال تعالى: {لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يظاهروا على إخراجكم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين}.

5- الإحسان:
قيمة الإحسان تتضمن حزمة من القيم الإنسانية الحضارية وهي: الجودة.. الإتقان.. الجمال.. الكمال.. النظام.. حب النظام.. والالتزام.

6- الوسطية:
هذا منهج الإصلاح بناء المجتمع بناء بعيدا عن الغلو والتشدد والتطرف والتزمت وضيق النظر، وبعيدا عن التفريط وإضاعة قيم المجتمع- عقيدة وثقافة وهوية وحضارة.. فلا مجال من احترام هوية المجتمع وقيمه من جهة، والدعوة بالحسنى من جهة ثانية.

7- التكافل.. يعني التعاون على البر والتقوى والتراحم.

8- المواطنة المتساوية:
هذه القيمة وردت في القرآن تحت مصطلح كان متداولا يوم نزل القرآن وهو "الديار"، حيث بلغ ما يزيد على 22 مرة لفظا وعدة مرات تحت مدلول آخر مثل "المسجد الحرام".

الجدير ذكره أن:
- القرآن اعتبر قتل الذات والخروج من الديار في نص واحد: {ولو أنا كتبنا عليهم أن اقتلوا أنفسكم أو اخرجوا من دياركم ما فعلوه إلا قليل منهم}.

أي أن الخروج من الديار (الأوطان) من أكبر المشاق على النفس البشرية كما هي مشقة الأمر بأن تقتل نفسك.

من جهة أخرى نجد أن القرآن رتب وعيدا شديدا دنيا وأخرى ضد كل من يعمل أو يشارك في إخراج المواطنين من ديارهم -أوطانهم.. بل إن القرآن أعطاه مصطلحا خطيرا بأن الإخراج هو الفتنة، وأن الفتنة أشد من القتل (انظر سورة البقرة الآية 217)، وهناك آيات كثيرة تضمنت الوعيد الشديد أيضا.

وعليه:
- المواطنة في المفهوم القرآني هي الانتماء.
- الرسول صلى الله عليه وسلم جسد المواطنة عمليا في دستور المدينة جاعلا من الرقعة الجغرافية للمدينة هي أساس حق الانتماء لجميع سكان المدينة- أنصار.. مهاجرون.. منافقون.. مشركون.. يهود.. بأن عليهم جميعا حماية المدينة وفقا للدستور.

9- حب الوطن:
نص البرنامج على هذه القيمة حرفيا في أكثر من مكان يقتضي الحديث عن الهوية والثقافة والتاريخ والآثار... إلخ.

وليس غريبا أن يفرد البرنامج السياسي هذه القيمة.. كيف لا.. وحب الوطن ذو صلة متينة بمنظومة القيم العقدية الكونية الحضارية الإنسانية المقدسة.

10- بناء الدولة:
هذه القيمة وردت في سياق بناء الفرد.. والأسرة.. والمجتمع.. ذلك أن بناء دولة الحكم الرشيد ينبثق عن المجتمع الواعي الراشد، وأن الدولة ذات التسلط الفردي هي وليد طبيعي لغياب المجتمع الراشد.

11- مكانة المرأة في المجتمع:
احتل الحديث عن المرأة في البرنامج قرابة صفحتين في لغة مركزة ومكثفة.. انطلاقا من كل القيم السابقة انطلاقا من نصوص القرآن التي جعلت المساواة بين الجنسين هي الأساس، وأنه لا يوجد دليل صحيح صريح يمنع المرأة من المشاركة الواسعة في بناء الأوطان- استثناءات تتعلق بقدرتها على القيام بالإسهام من ناحية التزامها ببناء الأسرة.. تاركا لها حق الاختيار والانطلاق حسب إمكاناتها وقدراتها... إلخ.

الخلاصة:
انطلقت رؤية البرنامج السياسي للإصلاح من فلسفة عميقة وشاملة مرتكزة على أسس ثلاثة: الله.. الكون.. الحياة.. ذلك أن الإنسان هو محور التشريع وهو المستخلف في عمارة الأرض.

كما أكّد البرنامج على ضرورة ترسيخ تلك القيم.. واحترامها.. والحفاظ عليها.. وحمايتها.. وأن حزب الإصلاح ملتزم بهذا النهج الإسلامي في رؤيته السياسية في بناء المجتمع أولا، والدولة ثانيا، وبالمنهج الوسطي السلمي المتعايش.

نلتقي بعونه سبحانه مع المبادئ في بناء الدولة.

كلمات دالّة

#اليمن