الجمعة 26-04-2024 04:01:42 ص : 17 - شوال - 1445 هـ
آخر الاخبار

قراءة في كتاب "الشهيد الزبيري.. عملاق الحرية ورائد تزهير اليمن" لـ"فؤاد البنا"

الأحد 03 أكتوبر-تشرين الأول 2021 الساعة 08 مساءً / الإصلاح نت- خاص-عبد العزيز العسالي
 

 

الحمد لله رب العالمين القائل: "من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا".

لا ريب أن عملاق الحرية، الشهيد الزبيري وجيله، هم طليعة الصادقين في القرن العشرين مع الله ومع وطنهم لإخراج اليمن من سجن السلالية إلى ساحة النور. 

والصلاة والسلام الأتمّان الأكملان على خاتم النبيين القائل: "الناس كإبل مئة لا تجد فيها إلّا راحلة"، أو كما قال صلى الله عليه وسلم.

وبعد: أزجي شكر ي وامتناني إلى أ. د. فواد البنا لسببين: الأول، هو مبادرته، بل إنها أغلى هدية إلى القارئ اليمني وغيره، حول شخصية الشهيد الزبيري رحمه الله، الزبيري الذي وهب حياته كلها لأجل اليمن، وتلك هي أخلاقيات الرواد الأوائل الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه.

السبب الثاني، الظرف الزمني الذي يعيشه وطننا اليمني الجريح الرازح طيلة سنوات سبع من الحرب الإجرامية الطاحنة التي فجرها الانقلاب الكهنوتي السلالي الإرهابي المليشاوي الحوثي. 

ولا غرابة، فإن أ. د. فواد البنا فارس في مجال تخصصه لا ينزل عن صهوة قلمه، متتابع العطاء المتصل بالهم العام فكريا وثقافيا، تصحيحا لفكرة أو مفهوم، ترسيخا أو تأصيلا، يضع الفكرة أو المفهوم في سياقه الصحيح، سائلين الله له مزيدا من العطاء المضطرد. 

يقع الكتاب في 215 صفحة بما فيها المقدمة والفهرست والمراجع.
 
- أهمية الكتاب

تكمن أهمية الكتاب كونه جاء في سياق تاريخي يعيشه وطننا اليمني الحبيب، إنه الظرف الكئيب متمثلا في عودة الكهنوت السلالي المليشاوي الحوثي الإرهابي المنقلب على الشرعية الدستورية ومخرجات الحوار الوطني التي هي إجماع الشعب، وتفجير الحرب المهلكة للحرث والنسل ونهب وتدمير مقدرات الوطن. 

ظهر الكتاب بعد تغييب تام وإهمال ودفن متعمد للدور النضالي الذي قدمه الأبطال بدءا من عام 1938 وحتى اللحظة، مثل: محمد المطاع، النعمان، الموشكي، وغيرهم الكثير والكثير وفي مقدمتهم عملاق الحرية الشهيد الزبيري رحمهم الله جميعا.

الجدير بالذكر أن المؤلف قد ربط بذكاء ربطا قويا وهاما بين إغفال الدور الريادي لروادنا الأوائل، معللا أن ذلك التغييب كان العامل الأبرز في عودة الكهنوت المليشاوي المنقلب على الشرعية وإجماع الشعب.

- جديد الكتاب

الجديد في الكتاب يبدأ من الشق الأول من عنوانه "عملاق الحرية"، والشق الثاني من العنوان "رائد تزهير اليمن".

- تكامل هوية الكتاب

تكاملت هوية الكتاب بين العنوان الخارجي المتسق مع المضمون الداخلي فبرزت الفكرة ووصلت بوضوح إلى ذهن القارئ.

تضمن الكتاب معلومات جديدة وهامة عن وضع اليمن قبل قيام النظام الجمهوري، وعن تصرفات السلالية العنصرية وهي معلومات يجهلها الكثير، وفي نظري أن المؤلف تعمد الإتيان بالجديد الموثّق، كيف لا، ومراجع الكتاب الأساسية بلغت 32 مرجعا ومثلها مراجع إضافية.

"السلالية الزقومية"، هكذا صاغ المؤلف وصف السلالية وصفا غير مسبوق، هذا الوصف أثار عندي وصفا تكميليا متصلا بتوصيف المؤلف وهو
أن الشخصيات السلالية هي رؤوس الشياطين.

- جحيم الزقومية

إذن الزقومية هي دمار وإفساد وإهلاك للأرض الطيبة (أرض الجنتين)، إذن الشهيد الزبيري رحمه الله رائد تزهير اليمن الذي أحرقته رؤوس الشياطين.

- استخراج الدروس

الجديد الذي امتاز به الكتاب هو أن المؤلف استخرج من حياة عملاق الحرية وهذا في حدود علمي عمل جديد 100%، وعناوين المباحث جديدة ولافتة للنظر كما سنوضح لاحقا.

- تقسيم الكتاب

تضمن الكتاب مقدمة وسبعة مباحث وخاتمة، وتحت كل مبحث مفاهيم فكرية بل ومعالم تربوية وثقافية ملهمة للقارئ بأن يسرّح خياله تجاه وضع اليمن قبل قيام النظام الجمهوري وكيف انطلق الرواد لإنقاذ اليمن. 

- عناوين المباحث

المبحث الأول: محطات في حياة الزبيري، وقد تضمن النشأة الأولى للزبيري.

المبحث الثاني: مكامن النبوغ والتميز في شخصية الزبيري، وقد تضمن ستة عناوين فرعية أبرزها: 

- اتقاد مشاعر الأحساس بالمسؤولية الوطنية والاجتماعية.
- الاقتدار القيادي الأصيل.
- الشجاعة والتضحية. 

المبحث الثالث: المنهج الإصلاحي للزبيري، وقد تضمن ستة فروع أهمها: 
- الشمول الإصلاحي. 
- الحركية الراشدة والحكمة.
- ترسيخ حكم الشعب نفسه بنفسه. 

المبحث الرابع: مواقف رجولية في حياة الزبيري، وقد تضمن عشرة فروع أبرزها: 
- ارتفاع فوق المناصب من أجل الشعب.
- عدم مهادنة الطغاة بتاتا.  
- الصرامة في مواجهة الاستعمار الغربي. 
- عدم الثقة بوعود الظالمين. 
- الشجاعة والإقدام. 
- عدم الوقوع في فخ الاحتواء.
 
المبحث الخامس: أهم منجزات الزبيري، وقد تضمن عددا من المنجزات أبرزها: 
- الإسهام الثوري الفاعل ضد الكهنوت. 
- تأليف عدد من الكتب الفكرية. 
- تقويم مسار الثورة. 
- ترسيخ الأدب الوطني المنتمي إلى الجماهير.

وقد أشار المؤلف إلى شجاعة الزبيري تجاه الذات من خلال اعترافه أنه كان قد مدح ولي العهد أحمد ياجناه بعدد من القصائد على أمل الإصلاح من الداخل فلما تبين للزبيري أن أحمد كذاب وصف قصائده تلك بالوثنيات.
 
- دعاء لافت للنظر

أورد المؤلف حديثا للشهيد الزبيري أنه ظل يدعو الله ألا يميت بيت حميد الدين بمرض أو صاعقة أو زلزال، وإنما تنتهي السلالية بجهود أبناء الشعب ليتذوق الشعب اليمني لذة انتزاع الحرية.

هنا أجزم أن المؤلف قد أجاد التقاط هذا المفهوم الفكري الثقافي التربوي بل والفلسفي الرائع. 

المبحث السادس: الدروس والفوائد من حياة الزبيري، وقد تضمن 9 فروع، أهمها: 

- الموت من أجل الأوطان شهادة في سبيل الله. 
- إذكاء التحديات للطاقات. 
- خطورة الحكم المقنّع بالدين. 
- ضريبة العبودية أفدح من ضريبة الحرية. 
- ضرورة الاهتمام بالجماهير.
 
المبحث السابع: الزبيري وبستنة اليمن، وهذا المبحث أكبر مباحث الكتاب حيث أخذ حيزا بلغ 50 صفحة (ربع الكتاب تماما).

هذا المبحث في النظرة الأولى يظهر أنه مستقل عن الكتاب أو أنه تكرار والصواب أن التشابه مع المباحث السابقة نسبيا، لكن الحقيقة أنه متكامل مع المباحث وفيه تحليل رائع كون المبحث هو ورقة ندوة في تعز عام 2011.

باختصار، أسلوب المؤلف سلس وجذاب وشائق يدفع القارئ بقوة ودون ملل بين مباحث الكتاب، كما أنه زاخر بالمعلومات والمفاهيم والأفكار القائمة على التحليل الأكاديمي والفكري الهادف والذي سيسهم في بناء العقل الناقد، الأمر الذي يعني أن الكتاب جدير بالاقتناء والاطلاع الفكري وليس الحرفي، وسيسد ثغرة هامة في مكتبة القارئ. 

شكرا للمؤلف المبدع على جهوده وعطائه الفكري المتميز والزخم المعلوماتي الهام، راجين له مزيدا من العطاء المضطرد وجزيل الثواب من الله على تنوير الجماهير، شكرا للقارئ العزيز.. إلى اللقاء بعونه سبحانه.

كلمات دالّة

#اليمن