الثلاثاء 19-03-2024 06:18:30 ص : 9 - رمضان - 1445 هـ
آخر الاخبار
إرهاب الحوثي.. الإرث والمُكتسب
بقلم/ عبدالله المنيفي
نشر منذ: سنة و 4 أشهر و 19 يوماً
السبت 29 أكتوبر-تشرين الأول 2022 05:07 م

أتذكر أن أول مطالبة رسمية يمنية للمجتمع الدولي، بتصنيف مليشيا الحوثي كجماعة إرهابية، كان إبان حرب صعدة الأولى للمليشيا وتمردها ضد الحكومة اليمنية في خريف 2004، ثم توالت المطالبات التي صم المجتمع الدولي آذانه عنها، رغم ما شاهده من بطش المليشيا وتنكيل بدأت مخالبه تنهش سكان محافظة صعدة قتلاً وتنكيلاً وتهجيراً، قبل أن تمتد إلى أنحاء اليمن.

وبدون ربط تاريخي فإن هذا الإرهاب المليشياوي العنصري يكاد يكمل العقد الثاني، ولا يزال الموقف الإقليمي والدولي يراوح، بين التدليل للمليشيات التي يرى أنها ليست إرهابية ما دامت لا تمسه ولا تضر بمصالحه، إن لم تكن منسجمة مع أهداف وأجندة القوى الكبرى، وبين تهديد على استحياء بإدراج الجماعة الموغلة في الإرهاب، ضمن قوائم الإرهاب، كما فعلت الإدارة الامريكية.

ومما يؤخذ على الحكومات اليمنية المتعاقبة، هو أنها لم تتخذ هذا الإجراء كخيار إجباري ألجأتها إليها المليشيات طوال سنوات من ممارسة العنف ضد الشعب اليمني بكل فئاته وقواه وحكوماته ومؤسساتها، حتى تفتح الخط للمجتمع الدولي ليتخذ نفس الإجراء.
وقد جاء قرار مجلس الدفاع الوطني في الآونة الأخيرة بتصنيف مليشيا الحوثي جماعة إرهابية ودعوة العالم لتصنيفها كذلك، وما يتبع ذلك من إجراءات تعزز قرار التصنيف، غير أن الشعب اليمني ينتظر خطوات عملية لإعطاء هذا القرار قيمته.

الأمر يتطلب تحركاً حكومياً تعززه قرارات حاسمة لمجلس القيادة الرئاسي، لمواجهة الإرهاب بكل الطرق والوسائل، على أن هذه المواجهة يجب أن تكون شاملة وتنتظم خطواتها من المواجهة العسكرية لدحره، مروراً بالمواجهة الثقافية والفكرية وصولاً إلى المواجهة الاقتصادية والمالية بتجفيف موارده وقطع الشرايين التي يتغذى منها، إذ أن الإرهاب الحوثي باتت تغذيه موارد مهولة داخلية وخارجية، وبعضها كان يفترض أن تكون موارد اقتصادية للحكومة الشرعية، لكنها فرطت فيها طوال سنوات وتركتها بيد المليشيات الحوثية، لتغذي حربها وارهابها لليمنيين.

وفي مواجهة الإرهاب أياً كان، لا سيما الإرهاب الحوثي ببعده السلالي العنصري، لا بد أن يتكامل الجهد الرسمي مع الجهد الشعبي، وفق خطط حقيقية وتنسيقات فاعلة، واستثمار حالة الرفض الشعبي للفكر والإرهاب الحوثي، والسخط المتزايد الذي يتصاعد مع كل تصعيد حوثي ضد فئات وقطاعات الشعب اليمني، ومحاولات الحوثية المستفزة لفرض أفكاره بالقوة واختزال اليمن في شرذمة، حتى وصلت هذه الممارسات إلى المناهج الدراسية الأمر الذي ينذر بخطر ماحق.
كما لا يمكن إغفال أهمية أن يكون للدول العربية وفي مقدمتهم دول مجلس التعاون الخليجي دورهم في دعم الحكومة والشعب اليمني لمواجهة هذا الإرهاب الذي يتجاوز تهديده اليمن، إلى الجوار والإقليم، والعمل وفق الاتفاقية العربية لمكافحة الإرهاب، والاتفاقيات والمعاهدات الدولية والاقليمية المصادق عليها من قبل اليمن.

ما سبق الحديث عنه، إذا ما افترضنا جدلاً أن الإرهاب الحوثي (الإمامي) في اليمن حديث عهد، منذ نهاية الألفية الماضية ومطلع الألفية الحالية، أما باستقراء تاريخي، فإن الحديث عن الإرهاب الامامي يطول ويصل إلى ألف عام، وثق صوراً منه مؤرخون وكتاب، ولو لم يكن إلا ما وثقه الإماميون أنفسهم من صور الإرهاب التي مارسها أسلافهم، لكنا أمام إرث سلالي من الإرهاب المتوارث الذي أكل وشرب من أجساد اليمنيين طول قرون.
وتتفوق سطوة الإرهاب الحوثي عن قرنائه من التنظيمات الإرهابية، أن جمع السلالية العنصرية والطائفية، فبات إرثاً عقائدياً تفوح منه روائح الدم منذ أن عرفت اليمن ما يسمى بـ"الهادي" الرسي الذي استخدم كل وسائل البطش والإرهاب والقمع بالمخالفين لإقامة دولة إمامية لا تعبر عن اليمنيين، وهو ما أكده المؤرخ محمد بن علي الأكوع الحوالي الذي أكد أن الهادي لجأ إلى الخراب والدمار وقطع الأشجار والزروع، وحرق الفواكه والثمار، والتمثيل بالأسرى وصلبهم وتنكيس رؤوسهم.

ومثل الهادي فعل بنوه، ومن بعهدهم أسماء كثيرة كانوا رموز إرهاب سلالي ممنهج، من أمثال العياني وعبدالله بن حمزة وإبراهيم الجزار وغيرهم كثير، وصولاً إلى إرهاب بيت حميد الدين، ومن بعدهم الحوثي ومشرفيه من ذات السلالية.
هذا الإرث تراكم عبر قرون، وجاء الحوثي ليجمع الإرهاب من أطرافه، ويضيف إليه إرهاباً مكتسباً، بدأ مع ما أطلق عليه "تصدير الثورة الإيرانية، وطموح ملالي إيران في المنطقة العربية، وهو المشروع الذي بدأه الخميني وحرسه الثوري الذي أصبحت له مخالب كمليشيا الحوثي، وحزب الله والحشد الشعبي.

ومواجهة الإرهاب الحوثي، سواء كإرث سلالي أو كذراع إيراني، يتطلب مواجهة شاملة، تبدأ من اتخاذ كل التدابير والإجراءات والخطوات التي تجعل من القرار واقعاً يلمس ثماره اليمنيون، لا أن يصبح فارغاً من محتواه، وأن يتعاضد فيه الرسمي والشعبي، يوازيه حراك سياسي ودبلوماسي يحشد لتنفيذ القرار، والأهم من ذلك كله أن يكون وحدة القرار والهدف والموقف لمجلس القيادة الرئاسي والقوى السياسية، حتى تنتعش آمال الشعب اليمني.