الأحد 24-11-2024 15:16:44 م : 23 - جمادي الأول - 1446 هـ
آخر الاخبار
خزان صافر ومنهجية الرهائن
بقلم/ عبدالله المنيفي
نشر منذ: سنتين و 5 أشهر و 10 أيام
الثلاثاء 14 يونيو-حزيران 2022 09:40 م
 

بينما تستنفر المنطقة لتوقي مخاطر انفجار وشيك لسفينة النفط العائمة "صافر" في البحر الأحمر ووقوع كارثة محققة، يستمر الحوثيون في المنهجية الإمامية التي وروثها عن سلفهم، في تحويل كل ما تحت أيديهم إلى رهينة لممارسة الابتزاز وتحقيق مكاسب، دون اكتراث لأي شيء.

ومنذ سنوات ونواقيس الخطر تُقرع خوفاً من حدوث أكبر كارثة بيئية، لسفينة نفط متهالكة تحمل مليون ومئتي برميل، (هذا إذا كانت ما تزال محملة فعلاً) ستؤدي إلى إغلاق موانئ يمنية لأشهر، وتدمير البيئة البحرية، وتهديد حياة مئات الآلاف السكان، وفقدانهم لمصادر رزقهم ليكونوا رهينة للجوع، ووصول هذه الآثار الكارثية إلى الدول المطلة على البحر الأحمر، كل هذا والمليشيات الحوثية تمنع وصول الفريق الأممي إلى السفينة لتدارك الكارثة المحققة.

وبين التخبط والابتزاز المستهتر لسنوات يمضي الحوثي متحدياً المجتمع الدولي مهدداً بكارثة بيئية مركزها اليمن وتتجاوز إلى محيطه، أملاً في الحصول على مكاسب سياسية ومالية، يشجع الحوثي على ذلك تراخي المجتمع الدولي والأمم المتحدة التي تنهج أسلوب "الدلال" مع مليشيات الحوثي وغيرها من المليشيات.

في لبنان مارس حزب الله سلوكاً مشابهاً وربما أكثر دموية، بعد سنوات من خلق حالة الفوضى، وسيطرته على القرار في لبنان ورهنه لإيران، فكان انفجار مرفأ بيروت بعد أن حول مستودعاته إلى مخازن نيترات الأمونيوم لتصنيع المتفجرات.

ذات الأمر ينسحب على مليشيات الحوثي في مناطق سيطرتها (التي تتعامل معها إيران بدونية مقارنة بحزب حسن) وهو ما يعني أن سلوك الابتزاز لجني مكاسب أكبر بات منهجية للأذرع الإيرانية في المنطقة.

لا تتوقف منهجية الابتزاز الحوثية عند هذا الحد، فالحوثيون من خلال اختطاف مئات إن لم يكن آلاف من المدنيين وعلى رأسهم الصحفيين والسياسيين إنما يعززون هذا النهج، حيث يعتبرون أن هؤلاء في حكم الرهائن، يمكن أن يبتزوا بهم الحكومة والتحالف ويجنون بهم مكاسب أكبر أقلها إطلاق أضعاف هؤلاء المختطفين، من الأسرى المقاتلين التابعين للحوثي، وهو ما حدث في عديد صفقات تبادل الأسرى، الأمر الذي لم يحرك ضمير وإنسانية المنظمات الحقوقية وفي مقدمتها المنظمة الدولية، رغم أن هذا النوع من الاحتجاز يعتبر جرائم حرب بموجب النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية.

"نظام الرهائن" الذي يتبعه الحوثي هو أحد الوجوه القبيحة للنظام الإمامي الذي سقط في 26 سبتمبر 1962، والذي تحدث عنه معاصروه، حيث كان الامام يحتجز أبناء مشايخ وشخصيات مؤثرة ضماناً لعدم الثورة عليه، باعتبار ذلك وسيلة للحفاظ على الحكم، وذات الأمر يمضي فيه الحوثي، مع فارق ان الأخير يرى أن هذه المنهجية ايضاً كدجاجة يمكن أن تبيض ذهباً وتدر أموالاً.

ولعل أشهر رهينة في سجون عهود الإمامة البائد هو المناضل أحمد قاسم دماج كما خلدته رواية ابن عمه الأديب زيد مطيع دماج، وهي الرواية الأبرز في الذاكرة الوطنية وتاريخ الكفاح الوطني ضد الإمامة وسلوكها المتوحش.

وجاءت النسخة الأكثر رداءة من الإمامة المتوكلية "الحوثي" ليوسع من نشاطه القبيح، ولتصبح سفينة صافر رهينة يظن الحوثي أنها ستحميه من السقوط، وتقوي موقفه، وهو يهدف من وراءها ليس إلى ابتزاز الحكومة اليمنية، والدول المجاورة فحسب، بل ابتزاز الإقليم والمجتمع الدولي ككل، وما دام قادراً على ذلك فلا يهمه حياة الملايين في ساحل اليمن الغربي ولا الحياة البحرية.

ما يفعله الحوثي لا يشبه إلا سلوك معتوه وجد السلاح في يده، فراح يهدد كل من يقترب منه، فيلجأ بعضهم بجهل أو بتجاهل إلى مداراته ومنحه مزيداً من سلاح رهن القضية اليمنية لمليشيا تمتلك السلاح ولا تمتلك العقل والإنسانية.