فيس بوك
وقفة حاشدة بمأرب تدين حالة الاستهانة بدماء الأطفال والنساء واستباحة أرواح أهالي غزة
رئيس دائرة طلاب الإصلاح: ماضون في بناء جيل متسلح بالعلم وقيم المواطنة للحفاظ على الهوية
الاحزاب والمكونات السياسية في الحديدة تدين قصف الكيان الصهيوني للميناء ومخازن الوقود
ما وراء فتح الحوثيين المنفذ الشرقي لتعز بعد 9 سنوات من الحصار
ضرائب الحوثيين.. من إنهاك القطاع الخاص إلى الإضرار بالمواطنين
رئيس الهيئة العليا للإصلاح يهنئ رئيس حزب الرشاد بذكرى التأسيس
مقاصد الوحي وتجديد تفكير المجتمع المسلم.. الحلقة الخامسة: منهجية التوحيد المتجاوزة - آلية الآليات
الأفكار مهمّة، واختبارها في الواقع هو ما يحدّد درجة مصداقيّتها، واستقبال نتائج التجربة، وإعادة التفكير لإنتاج حلّ جديد، ورؤية جديدة إن احتاج الأمر، هو ما يحدّد درجة نضج الأفراد والمجتمعات، وهو كلام - برغم بساطته وبداهته بين البشر- لكنّه يظلّ مستغلقاً في مجتمعاتنا العربيّة، وبين شبابنا، فنحن في الغالب نفكّر بمعزل عن الواقع، بل نخاف أن ننظر إليه، ربّما لأنّه يحمل معه أخباراً لا نريد اعتبارها، أو نعجز عن التفكير في ضوئها.
الذي أثار عندي الموضوع استمرار طرح سؤال: الوحدة العربيّة والإسلاميّة، ليس لأنّه سؤال مستنكر، ولكن لأنّ استمرار طرحه يتمّ بمعزل عن كلّ الواقع المصاحب للتجربة التاريخيّة ومعطياتها، والتجربة المعاصرة ومعطياتها، فتاريخيّاً شملت الانقسامات والصراعات الصدر الأوّل والدولة الأمويّة والعباسيّة، ولَم تستقرّ الدويلات التي ولدت تحت مسمّاها، وفِي العصر الحديث لم توحّد القوميّة العربيّة الأحزاب القوميّة، ناهيك عن الدول العربيّة، ولَم تنجح الحركات الإسلاميّة في التوحيد فيما بينها، ناهيك عن توحيد الدول الاسلاميّة، ذلك كلّه حيّ مشهود، ولو كان لنا اتصال حقيقيّ، وجدل مع الواقع، فلربّما تغير السؤال برمّته! مستويات التقارب والتباعد المختلفة، يمكن تقسيمها إلى درجات؛ أعلاها الوحدة، وأدنى منها التعاون والتنسيق، وأدنى منها كفّ الأذى، وأكثرها إيلاماً التعاون مع العدو، فماذا يخبرنا الواقع عن الحال، ومستوى التقارب والتباعد اليوم؟.
تشير بعض الدراسات إلى أنّه طرحت في الوطن العربيّ أكثر من ١٠١ مشروع للوحدة، وفشلت كلّها، وهذا ليس غريباً، ولكنّ الغريب أنّها لم تخلّف أسئلة علميّة حول شروط نجاح أَيّ وحدة، بين بُنًى سياسيّة واجتماعيّة واقتصاديّة مختلفة، وفِي وجود نخب سياسيّة واقتصاديّة ومصالح مختلفة ومتباينة، والأدهى من ذلك السطحيّة التي يتمّ بها تناول الموضوع، وتغييب الواقع من أجواء السؤال، عندما يطرح.
إنّ مشروعيّة فكرة الوحدة.. قائمة، لكنّ شروط إنتاجها تبدأ من دراسة الحال القائمة، وما تعطيه من خيارات موضوعيّة، قبل القفز للحديث عن المستوى الأقصى لترجمتها، فمن خلال تقدير المسافة بين الحلم وبين الواقع، تتجلّى حال الرشد، ويمكن بعدها تصويب الفعل نحو حلّ الأشكال الراهنة، بدل التحليق مع أمر لا يدلّنا الواقع على وجود مقدّماته الموضوعيّة.
وهكذا في أسئلتنا الكبرى كلّها، لا بدّ أن نراوح بين الفكرة والواقع، فتغييب ضلع الواقع خبال، وعدم الحوار مع الواقع، من خلال معاودة التفكير في حلول جديدة، واختبارها وإعادة التجربة، عجز وتفريط بأهمّ مصدر للحكمة العمليّة، وهو الواقع.