الثلاثاء 15-10-2024 13:09:32 م : 12 - ربيع الثاني - 1446 هـ
آخر الاخبار
العنصرية الهاشمية.. من الكهف الى البرلمان
بقلم/ محمد المقبلي
نشر منذ: 6 سنوات و 5 أشهر و 26 يوماً
الخميس 19 إبريل-نيسان 2018 05:49 م
    

قلت لصديقي ان الاجتياح الحوثي سيفتح مخزن ميراث العنصرية الهاشمية وستشهد صنعاء الجمهورية تحولا خطيرا قد تصبح فيها العنصرية الهاشمية مسألة قانونية تحت غلاف النصوص الدينية. وقلت له ان العنصرية الجديدة قد تصل الى داخل قلب المؤسسات الجمهورية الى دار الرئاسة والبرلمان ومناهج التعليم.

 

كان ذلك ذات مساء في شارع الدائري بصنعاء 2014 ونحن نتابع مباريات كأس العالم التي تزامنت في شهر رمضان وتزامنت مع المواجهات المسلحة التي كانت تدور في عمران بين اللواء 310 مسنودا ببعض الشخصيات الاجتماعية ذات التوجه الجمهوري وبين مليشيا الحوثي، وهي ذات الليلة التي استشهد فيها القشيبي وهزمت البرازيل هزيمة كبيرة أمام المانيا ..

 

خطرت في بالي هذه الذكريات وأنا أتابع النص الذي تم وضعه امام البرلمان المسيطر عليه من قبل مليشيا الحوثي ضمن ميراث حزب المؤتمر، وبحسب برلمانيين تم إحالته للجنة المختصة..

 

سمي النص بمشروع قانون بشأن الزكاة والرعاية الاجتماعية..مادة (31): تتحدد مصارف الخمس (20%) الواردة في المادة (30) من هذا القانون في المصارف المذكورة في الآية القرآنية رقم (41) من سورة الأنفال وهي لله ولرسوله ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل، وتحدد اللائحة الأحكام التفصيلية لهذه المصارف.

 

مر هذا القانون او لم يمر في برلمان فاقد الشرعية والمشروعية، الا ان وضع هذا القانون بحد ذاته إشارة مهمة لتحول العنصرية الهاشمية من الكهف الى البرلمان، وتحويل العنصرية الى قانون، وتقنين العنصرية فصل جديد من فصول العنصرية الهاشمية في اليمن وتكرار لمسلك تقنين العنصرية في أمريكا ضد السود حينما كانت العنصرية تمارس تحت مظلة القانون.

 

وبقدر ما يشكل تقنين العنصرية من مسلك كارثي الا ان تقنينها دليل تاريخي لذاكرة الأجيال ومدخل لإسقاط الفكرة العنصرية التي تحولت الى قالب قانوني يؤكد العنصرية كوجود مليشاوي ووجود قانوني وتحول باتت توجيهات سيد الكهف تصل الى قبة البرلمان في صنعاء الذي هو الآخر تحول من ممثل الشعب الى ممثل السيد ومن معبر عن المسيرة الدستورية الديمقراطية الى معبر عن المسيرة القرآنية الهاشمية.

 

اللافت في الأمر ان العنصرية المبطنة التي اتخذت أبعادا سياسية واجتماعية واقتصادية اتخذت لأول مرة شكل قانوني تحت لافتة الزكاة وأحيلت الى اللجنة المختصة، نفذ هذا القانون او لم ينفذ الا انه قد حجز لذاته مساحة في ذاكرة اليمنيين ويمكن الاستدلال به كشاهد على العنصرية التي تجعل من النص الديني وتأويله السلالي مظلة لها.

 

عندما ناضل السود في امريكا لإسقاط العنصرية كانوا يناضلون مرتين؛ نضال ميداني ضد التمييز ونضال قانوني لإسقاط حزمة القوانين العنصرية صحيح تم تحريرهم من العبودية من حيث الحالة القانونية، الا إنهم ظلوا مواطنين من الدرجة الثانية بحكم القانون ذاته، بالذات تلك القوانين التي صيغت لغرض الفصل بين البيض والسود، في المدارس والمواصلات وكل مكان يجتمع فيه المواطنون وهذا بدوره افرز غبنا بلور مقاومة للعنصرية وولد صراع اجبر الحكومة الفيدرالية على العمل من اجل تفادي انفجار الأوضاع بشكل أوسع مما كانت عليه وخصوصاً بعد وصول جون كينيدي الذي حمل مضامين إنسانية وديمقراطية انقذ أمريكا من نتائج فخ الانقسام والصراع ، بين السود والبيض ودفع ثمن ذلك حياته التي انتهت بما يشبه النهايات الغامضة.

 

اليمن اكثر البلدان الشرقية تعاني من فخ العنصرية التي اتخذت أشكالا متعددة لكنها ظلت تحت الطاولة تلبس ثوب المقدس الديني ولم تطرح كمشروع قانون تحت قبة البرلمان الا هذا العام.

 

البرلمان الذي تحوي بوابته الطير الجمهوري يحيل القانون للجنة المختصة في ظل اجتماعات لأعضاء برلمان ينتمون لحزب المؤتمر جناح صالح.. المؤتمر الذي تزدحم ادبياته الفكرية في الميثاق الوطني بعناوين من بينها الجمهورية والعدالة والمساواة.

 

والخلاصة ان اليمنيين الجمهوريين بحاجة للاستفادة من هذه اللحظة التي وضعت فيها العنصرية الهاشمية كمشروع قانون في مجلس النواب (جناح الراحل) كونها اللحظة التي تم فيها تقنين العنصرية لأول مرة في تاريخ اليمن الجمهوري وربما في تاريخ الأئمة الذين حكموا البلاد بالفتاوى السلالية لكن لم يتم التنصيص بوجوب دفع الخمس ضمن وثائق الحكم كون الإمام كان يخزن الزكاة في بيته الذي كان يسميه بيت مال المسلمين.

 

سيقول البعض ان مصطلح العنصرية الهاشمية مصطلح فيه تعميم والواقع أن الهاشمية بالنسبة للعنصرية كالخيط بالنسبة للإبرة تمضي العنصرية أينما اتجهت الهاشمية وميراثها الفكري من الخمس الى الولاية الى عيد الغدير الى حروب الاجتياح .. فمن أين تكتسب العنصرية قداستها وباسم من تجيش المليشيا الإمامية عبر التاريخ اذا لم تكن ترفع اللافتة الهاشمية التي تم صبغتها بصبغة دينية "آل البيت".