الخميس 21-11-2024 21:23:40 م : 20 - جمادي الأول - 1446 هـ
آخر الاخبار
الإصِلَاح .. حِزبٌ وفِعلٌ ومدرسةْ
بقلم/ موسى المقطري
نشر منذ: 7 سنوات و شهرين و 6 أيام
الخميس 14 سبتمبر-أيلول 2017 09:49 م
  

ثمة علامات فارقة في تاريخ الأمم والشعوب ، وما أضحت فارقة إلا لأنها صنعت أثراً ، وأحدثت فرقاً حين قُدِر لها الحدوث ، ومن هذه العلامات الفارقة في تاريخنا اليمني الحديث بزوغ شمس التجمع اليمني للإصلاح في 13 سبتمر 1990م كحزب يمني خالص استمد تراثه الثقافي من عمقنا الإسلامي والعربي .

بَنى الإصلاح فلسفته على ما يتناسب مع مرجعيات الشعب اليمني كشعب مسلم ، ومع المحيط العربي كقومية ضاربة في أعماق التاريخ الإنساني شرفها المولى تعالى حين اختارها حاملة لرسالته الخاتمة .

استمد الإصلاح من إشراقة الشمس بهاء الطلعة ، ومن شجرة البن ثبات الجذر ، ونفع الثمرة ، ومن جبال اليمن شموخ الهامة ، ومن موج البحر انسيابية القدوم ، ومقاومة العواصف .

في الإصلاح تجتمع مختلف فئات الشعب بداية بالمزارع البسيط الذي لا يجيد الا "فك الحروف" ، ووصولاً إلى برفسورات مختلف العلوم، وبينهما تجد كل التخصصات من مختلف المستويات والدرجات العلمية ، رجالاً ونساءً ، يحملون كلهم راية "الإصلاح" كحزبٍ وكفعل ، محبين وراغبين ومضحين .

مهما كنتَ متفقاً أو مختلفاً مع مواقف الإصلاح فلا مجال حين تقيِّم أداءه السياسي والتنظيمي إلا أن تؤدي له التحية ، وكأي نشاط بشري يحتمل الصواب والخطأ إلا أنه يمثل نموذجاً متميزاً لما ينبغي أن تكون عليه المنظمات المدنية ، مع كونه ينشط في بيئة سياسية متقلبة ومسمومة ، وغنية بالدسائس .

في الأداء السياسي وضع الإصلاح نفسه حيث ينبغي أن يكون ، فموقعه ثابت في صف الوطن ، معيناً للدولة بمعناها الوطني ، رافضاً اسقاطها تحت أي ظرف ، وبأي مبرر ، ساعياً للتغير دون التدمير ، يقدم دوماً احترامه للدولة كضامن مهم لتسيير مصالح الشعب ، معترضاً أن تحتكرها أسرة ، أو سلالة ، أو طائفة ، فالشعب –كل الشعب– صاحب الحق في البناء، وفي الإدارة ، وفي الثروة ، يختار بحرية من يمثله في ذلك .

خاض حزب الاصلاح مختلف أشكال العمل السياسي ، مشاركاً فاعلاً في كل الانتخابات رغم أنه يدرك أنها يشوبها ما يجعلها غير عادلة وغير منصفة ، وحين سألت أحد قادة الحزب عن هذه الإشكالية أجاب "أن الإصلاح يريد أن يرسخ فكرة الانتخابات كطريق للتغير باسلوب حضاري ، وسيناضل سلمياً لاجل أن تكون عادلة" .
ولا اخفيكم فقد أبهرني هذا التفكير .

مارس الإصلاح دوره شريكاً فاعلاً في حكومات عديدة ، ومعارضاً شريفاً لأخريات ، ومشاركاً في تكتلات مدنية ، وصاحب رؤية يبادر في طرحها في المعضلات التى تعترض اليمنيين، يقدمها قابلة للنقاش ، لا ملزمة للتنفيذ ، وظهر لامعاً في ابتكار وسائل التغيير السلمي حين انسدت أفاق التغيير عن طريق الصندوق ، وظل حاملاً لهموم الشعب في مختلف المراحل يحشد الطاقات لخدمة الوطن ، وإصلاح الخلل ، والتغيير نحو الأفضل .

وكشهادة للتاريخ فقد دفع ولازال يدفع الإصلاح في سبيل مواقفه الوطنية فاتورة كبيرة لن يتحملها أي كيان أخر، ولو كان في غير الإصلاح هذا الأذى لتحول أعضائه الى منتقمين لا يوقفهم شئ ، لكنه الإصلاح كمدرسة وطَّن أعضائه على تقديم مصلحة الوطن على مصلحة الفرد والحزب ، فلله دره ودرهم .

يعيش الإصلاحيون ذكرى تأسيس تجمعهم الرائد ، ولهم في هذه المناسبة احترامنا كشعب ، وتقديرنا كمتابعين ومقيِّمين ، وحبنا كمريدين في مدرستهم الوطنية ، وتحت الشمس الساطعة نرسل لهم التهاني والتبريكات .

سلامي للإصلاحين في ذكراهم العطرة ، ولكل من يحمل هم هذا الوطن ، وإن لم يربطه بالاصلاح شيئ ..

دمتم سالمين .