الجمعة 26-04-2024 17:16:33 م : 17 - شوال - 1445 هـ
آخر الاخبار

الذكرى التاسعة لثورة 11 فبراير.. الإصلاح الوقائي في مواجهة تسليع القيم

الثلاثاء 11 فبراير-شباط 2020 الساعة 05 مساءً / الإصلاح نت – خاص / عبد العزيز العسالي
 

 


أولا- تقارير:

- معايير التغيير الديمقرطي تتمثل في:

أ- تراكم القهر.
ب- تراكم الوعي بالقهر.

- انطلق الربيع الديمقراطي العربي فجأة دون أي تخطيط.

- انكسار الربيع الديمقراطي العربي.. والحقيقة هي إعاقة الربيع الديمقراطي العربي.. لم يكن الانكسار اعتباطا.. وإنما هناك سنن حاكمة للاجتماع تم توظيفها لصالح المستبدين الطغاة فكانت الثورة المضادة.

- انكسار أو إعاقة الربيع الديمقراطي العربي لن يدوما.. وهذه طبيعة سنن الله الحاكمة؛ الأمر الذي يعني أن ربيعا ديمقراطيا قادم.. لا تقل لي متى؟ انظر لبنان.. العراق.. السودان.. بغض النظر عن ملابسات البواعث.. المهم هو أن معيار تراكم القهر ومعيار الوعي بالقهر.. إذا تحققا جاء التغيير.

الثورة المضادة للربيع الديمقراطي العربي وظفت سننا أي أنها قدمت لقوى التغيير دروسا سننية في الاجتماع السياسي.

هذه الدروس السننية يجب أن تعيها ثورات الربيع الديمقراطي أولا.. وتتجه وفق برنامج أذكى.. يقطع الطريق أمام المستبدين الطغاة وبين توظيف تلكم السنن ثانيا.

ثانيا- تسليع القيم:

وددت أني شاعر من النوع المتميز سأطلق عنان خيالي الشعري باحثا عن مفردات مكثفة، فلربما أستطيع من خلالها رسم صورة "لتسليع القيم" متعددة الأبعاد، بالتعبير والإيحاء والظلال.. إن قتلة الشعوب بحكم طول حراستهم للتخلف وإنتاجه، لديهم معلومات علم نفس اجتماع دقيقة، يقوم ببلورتها متخصصون "رخوات".. ليس لديهم أدنى درجات السلطة الأخلاقية، فعكفت مؤسساتهم على تحويل القيم الوطنية، والسياسية، والدستورية، والعسكرية والأمنية، والدينية، والاجتماعية، والثقافية، والقانونية، إلى سلعة تباع وتشترى في مزاد علني.

صور من تسليع القيم:

سأذكرها بإيجاز؛ كونها من باب التذكير..

1- مؤسستا الجيش والأمن -وفي أحلك الظروف- تتخليان عن عقيدتهما العسكرية المتمثلة في: الله.. حماية الوطن.. حماية المواطن.. احترام إرادة الأمة ممثلة في حماية الدستور.

2- المثقف.. عسكريا كان أو مدنيا.. خصوصا حامل الشهادات العليا انكشفت أيديولوجيته، حسب تعبير الفيلسوف المؤرخ د. عبد الله العِروي.

آ آ ه.. كم انخدع المجتمع بمفهوم الثقافة والمثقف؟ تلاشت مفاهيم المجتمع وتبخرت، حيث كان يحسب أن المثقف هو الذي يعلم الكثير عن حياة الشعوب سياسيا... إلخ. وأنه الذي يتحدث عن تاريخ فلان وعِلّان قبل الميلاد.. وأوروبا.. والفرس والترك... إلخ. كونه خريج من جامعة كذا وينتمي إلى حزب كذا ومنظمة كذا وله حضور في الأوساط والمحافل السياسية والثقافية والفكرية داخليا وخارجيا.. ويحمل الرتب والنياشين العسكرية.. وتولى مناصب حكومية عليا مرارا.. ويجيد لغتين على الأقل.. أو أنه العالم الذي يحفظ الكثير في جانب الشريعة أو الأدب أو اللغة أو القضاء أو التاريخ... إلخ.

وفي اللحظات الحاسمة والتي عندها يدرك المجتمع أن الثقافة مواقف.. تكشف للمجتمع أن الثقافة كانت "أدلوجة"، أي قناعا تتخفى وراءه عقلية ضيقة نزقة عابدة للذا ت ملتقطة للمال المدنس بالأقذار - خيانة الوطن.. عمالة للخارج.. قتلا للشعب..تمزيق النسيج المجتمعي.. أين القيم الوطنية والدينية والاجتماعية والحزبية والحرية والديمقراطية بل والقبلية؟ تخرقت صِماخ أذن الشعب سنينا وسنينا جراء ترديد تلك "البقبقات".

تساقطت كل تلك القيم التي تمسح بها المثقف؛ لأنها "تسلّعت" منذ نعومة الأظفار.. لم تكن قيما حقيقية وإنما عقائد للبيع.. مغطاة ببهارج زائفة.. تساقطت في لحظات قياسية.

هنا.. لوحظ عقلاء المجتمع يتلفتون وسط ذهول غريب بحثا عن صيغة سؤال.. يضع النقاط على جواب حاضر.. سؤال مفاده: من هو المثقف؟ما هي سماته؟ بم يتميز؟ لعل الكثير لم يصل بعدُ إلى الإجابة الشافية والتي مفادها: المثقف هو الذي يمتلك "السلطة الأخلاقية" المتجذرة في أعماق القيم والمُثُل العُليا.. سلطة أخلاقية راسخة في مخيلته ووجدانه.. تحدوه ليل نهار.. "أنت حامل راية أولو بقية".

3- ضرب إرادة الشعب:

خرجت ثورات الشارع تطالب بحقوق آنية.. هذه وسيلة سننية مجتمعية خلاصتها: مطالب حق أريد بها ضرب إرادة الشعب.. لا غرابة أن ينجر إليها الشعب المغلوب المقهور.. والسبب هو قصور الوعي بأساليب الطغيان القذرة.. نعم لا غرابة.. طالما والمثقف قد سقط أولا.

4- بروز بؤر مسلحة بأنواع الأسلحة.. تحمل مسميات مختلفة؛ متذرعة بإقامة الشرع الإسلامي.. يقتلون أهل الإيمان وفي ذات الوقت يحمون الاستبداد ويحصّنون الطغيان.

5- الأسوأ.. استدعاء العنصرية السلالية الملكية.. الفردية.. لحماية النظام الجمهوري.. لقد دخلت العنصرية الملكية السلالية على ظهر دبابة الجمهورية.. تبخرت كلماتي أحس أني وسط ضبابية.. حالت دون اكتمال الفكرة.

ثالثا- الإصلاح الوقائي:

الإصلاح الوقائي ليس وليد اللحظة.. نعم مفهومه وليد اللحظة.. لكن التاريخ الأوروبي حافل بعمليات الإصلاح الوقائي.. وفي ذات الوقت هناك مواقف ثورية وثورات مضادة.

بريطانيا.. عام 1640م، قامت فيها ثورة إصلاحية تمثلت في أن يكون التشريع من حق البرلمان فقط.. رفض الملك.. واندلعت حروب حتى عام 1650م قام نظام جمهوري مدة سنتين ثم عادت الملكية واستمرت الحرب حتى عام 1684م.

توقفت الحرب وعادت.. وبعد عدة عقود.. اتجه "أولو بقية" وهم 7 من تجار بريطانيا فقط.. إلى هولندا مطالبين ولي العهد -وهي بنت ملك بريطانيا والمتزوجة بولي عهد هولندا- طلبوا منها إنقاذ البلد.. فخرجت مع زوجها بأسطول بحري.. واستولت على العرش.. وفر أبوها إلى فرنسا.. وحصل الشعب على حكم متمثل في مملكة دستورية وها هو النظام مستمر حتى اللحظة.

الثورة الأمريكية كانت ضد ملك بريطانيا وكان قادة الثورة على وعي تام بمستقبل الثورة، فاجتمعوا على إقامة النظام الجمهوري ووضعوا برنامجا في أولويات البناء.

ثورة فرنسا جاءت بعد الثورة الأمريكية بسنوات ست تقريبا وكان الطلب حكما ملكيا دستوريا.. رفض الملك وحارب الشعب إلى حد أنه كان يرسل حرسه الخاص يوم اجتماع البرلمان الممثل للشعب فيطردوا أعضاء البرلمان من القاعة.

برز الثوار المتطرفون نتيجة الاستلاب الذي يمارسه الملك فشُنق الملك وزوجته.. وأعلن النظام الجمهوري.. لكن التطرف الثوري أدى إلى ثورة مضادة ودخلت الثورة في حرب 89 عاما تقريبا تحولت معها فرنسا إلى إمبراطورية جمهورية.

إسبانيا.. أُسست فيها أحزاب اشتراكية وليبرالية وتناوشتها انقلابات عسكرية اشتراكية.. وفي عام 1959م بادرت الملكة بعملية إصلاح وقائي أسقطت حكومة الانقلابيين وأرست دستورا ونظاما ملكيا دستوريا ولاقت ترحيبا شعبيا وها هي إلى اليوم تعيش استقرارا تاما واقتصادا يفوق اقتصاد الدول العربية مجتمعة، في حين أنها لا تملك نفطا ولا ثروات معدنية.

اليابان.. قام الإمبراطور بعملية إصلاح وقائي بعد هيروشيما.. واليابان جمهورية والإمبراطور فيها مقدس.. وهناك دول أوروبية كثيرة مارست الإصلاح الوقائي.

الربيع الديمقراطي والإصلاح الوقائي:

حديثي هنا عن اليمن.. فأقول: ثورة الربيع الديمقراطي اليمني قادرة على الاستمرار في الإصلاح والتغيير الديمقراطي؛ وصولا إلى الدولة المدنية التي تنضوي تحتها كل أهداف الربيع الديمقراطي اليمني.. وذلك من خلال برنامج إصلاح وقائي مدروس بعناية.. يرسم فيه وسائل إصلاحية مرتكزة على السنن الحاكمة للاجتماع أكثر هدوءا وأقوى فاعلية؛ مستلهما تجارب الشعوب.. وصولا إلى اختيار أفضل أسلوب إصلاحي وقائي.. وفي الأسطر القادمة معالم إصلاح وقائي قابلة للتعاطي.. تتمثل هذه المعالم في:

1- رسم برنامج محدد الوسائل والأولويات.

2- عدم العودة إلى ثورات الشارع تفويتا لمطامع الاستبداد الذي وظف الشارع ضد الشعب.

3- رسم برنامج تثقيفي لتدريب الشباب على البرنامج الإصلاحي الوقائي.. مرتكز البرنامج القيم ثم القيم ثم القيم.

4- تكوين المثقف المفكر الفقيه بشؤون الحياة.. الخاضع لسلطة المُثُل الأخلاقية العليا.

5- تجاوز المثقف الأيديولوجي والذي انهتك قناعه.. أو من سينكشف نفاقه ودجله من خلال المعايشة.

6- إيجاد كوكبة "أولو بقية" من كل الأطياف.. تعمل على تنفيذ البرنامج.. وتناضل من أجل تكوين أجيال تتسلم الراية.. والعمل على تمكين هذه الكوكبة من السنن الحاكمة للاجتماع داخل المجتمع والجهاز الحكومي والقطاع الخاص والوسط الثقافي... إلخ.

7- إيجاد قاعات تدريب وبحث وتأهيل تقام فيها كل أعمال البناء الفكري والثقافي.. باختصار، لا نركن على مؤسسات التعليم الرسمية فهي أولا متحيزة.. وثانيا حملة التنوير الفكري والثقافي في الجامعات وقياداتها أغلبهم متكلسون يعلوهم كسل وتحيز أيديولوجي وكبر أجوف.

8- مجتمع مدني جديد، ثقافة وقيادة، على أن تتناوب قياداته كل ثلاثة أشهر بطريقة ديمقراطية فعلا.

9- ترسيخ ثقافة التعايش والقبول بالآخر والشراكة الخادمة لمصلحة الوطن.

10- تفعيل الرقابة الدستورية قضائيا وسياسيا وشعبيا.

11- رسم سياسة ثقافية توعوية للشعب، لأن الملكية عادت من هنا وقبلها تلاشت العقيدة العسكرية.

12- إعادة بناء مؤسستي الجيش والأمن بناء وطنيا ليكون ولاؤهما لله.. واحترام إرادة الأمة.

13- تنفيذ نظام الإدارة المحلية.

14- مراعاة البعد الخارجي والعمل على تطمينه بكل الوسائل، نظريا وسلوكيا، بدون انبطاح ولا تبعية.

15- قبل ذلك وبعده.. تقليص صلاحيات الرئيس.. وتعقيد اتخاذ القرار بإشراك أكثر من جهة.

16- إدخال مادة دستورية تنص على خضوع السلطة للشورى التنفيذية في القرارات الإستراتيجية.. تسليم الصواريخ البالستية وما دونها من أسلحة لمليشيا والجيش والبرلمان يباركان.. ألا يكفي هذا أن يكون درسا بليغا؟

17- تحديد دورة واحدة لرئيس الجمهورية فقط.. خلال 5 دورات انتخابية.

كلمات دالّة

#اليمن