الجمعة 17-05-2024 08:51:21 ص : 9 - ذو القعدة - 1445 هـ
آخر الاخبار

مساعي فصل المخا عن تعز.. مكائد سياسية وأطماع اقتصادية

الأحد 29 ديسمبر-كانون الأول 2019 الساعة 09 مساءً / الاصلاح نت-خاص- أسماء محمد

 

برزت منذ أيام قضية مدينة المخا التابعة لمحافظة تعز، وذلك بعد تزايد الحديث عن المستقبل الذي ينتظرها، والذي بدأت معالمه تتضح أكثر في ظل التحركات الحاصلة على الأرض والتي تثير الشك وتهدف كما يبدو حتى اليوم إلى فصلها عن المحافظة.

بدأت خطوات عزل المخا عن تعز منذ وقت مبكر عقب اندلاع الحرب عام 2015، وسبقها ذات الممارسات من قِبل اركان النظام السابق.

مساعي مشبوهة

مطلع 2017 تم تحرير مدينة المخا، لكن باقي مناطق تعز استمر فيها الوضع كما هو الآن عدا استعادة مناطق قليلة، وأدى بقاء الوضع على ما هو عليه لأشهر عقب ذلك إلى بروز مخاوف عديدة من الهدف من ذلك.

أواخر نوفمبر الماضي، كشفت مصادر مطلعة لـ"العربي الجديد" عن مساعٍ مشبوهة لفصل المخا ومناطق ذوباب وموزع وباب المندب يضاف لها رأس عمران وجزر أخرى، وتشكيلها في إقليم خاص سيسمى "إقليم المخا"، برغم أنه تم تحديد الأقاليم وشكل الدولة سابقا في مؤتمر الحوار الوطني الشامل الذي ضم مختلف المكونات في اليمن.

تُعيد تلك المصادر الهدف من ذلك إلى رغبة خارجية مشبوهة من خلال فصل هذه المناطق وتغيير جغرافيتها، إلى أن تشكّل إقليماً جنوبياً يسهّل لها مواصلة احتلال هذه المناطق والمنافذ البحرية الإستراتيجية والتحكم بإدارتها وثرواتها ومواردها.

ولا تتوقف تلك المساعي(الخارجية) في تعزيز مكانتها ونفوذها الاقتصادي في اليمن فقط بل حتى في أفريقيا، فهي ترغب في التخلص من القيود التي تفرض عليها من إيران التي تشرف إلى جانب سلطنة عمان على مضيق هرمز، وبالتالي فهي تحرص على تقسيم اليمن إلى مناطق صغيرة (كنتونات) ليسهل عليها السيطرة على السواحل اليمنية عبر قوات محلية ممولة.

ولا يستغرب الكاتب والباحث السياسي اليمني عادل دشيلة -في تصريحات صحفية- من مخطط تقسيم المخا وما جاورها، فهو يؤكد أن ذلك بات توجها مفضوحا من خلال فصل المناطق الجنوبية، وتسليم المناطق الغربية، وخصوصاً الساحل الغربي، لبقايا النظام السابق المناوئه للشرعية.

وأضاف أن التخطيط لتفكيك اليمن على أسس مناطقية وجهوية "يجري خطوة بعد خطوة، والوقائع على الأرض تؤكد ذلك، والبلد الآن مقسم الى 4 أجزاء، شمالاً بيد الحوثيين، وغرباً بيد طارق صالح الذي لا يعترف بالحكومة الشرعية، والمناطق الجنوبية يسيطر عليها ما يسمى بالمجلس الانتقالي الجنوبي الذي يدين بالولاء للإمارات، فيما المناطق الشرقية وبعض المناطق الوسطى تسيطر عليها الحكومة الشرعية".

خطوات عملية

الأهداف الخارجية المشبوهة تكشفت بوضوح وبشكل أكبر، خاصة بعدما أصبح هناك خطوات عملية على أرض الواقع اتضح من خلالها طبيعة تلك المخططات التي زادت في توتر الوضع مع الحكومة الشرعية.

البداية كانت في التوجه نحو المحافظات والمناطق الساحلية وتحريرها وإحكام القبضة عليها، وكان من بينها المخا التي تم مؤخرا صدور قرار من النائب العام الدكتور علي الأعوش، الذي تضمن تكليف وكيل نيابة المخا للنظر والتصرف في القضايا الجنائية الواقعة في نطاق اختصاص المديريات المحررة بالساحل الغربي التابعة لمحافظة الحديدة ومنحه صلاحيات رئيس نيابة في القضايا المنظورة ابتدائيا في نطاق اختصاص نيابة المخا ونيابة استئناف محافظة الحديدة.

واعتبره مجلس تنسيق النقابات ومنظمات المجتمع المدني بتعز (متين) تمهيدا لفصل مديرية المخا عن محافظة تعز، مؤكدين في بيان صدر عنهم مخالفة ذلك للقانون، وإجراءات باطلة "كونها تتماشى مع مخطط إقليمي يُنفذ بأيادٍ محلية لسلخ المخا والشريط الساحلي الممتد من باب المندب إلى المخا عن محافظة تعز وهو ما ينطبق على ساحل جنوب الحديدة".

بعدها بأيام علق محافظ تعز نبيل شمسان على ذلك في حسابه بتويتر، وقال إنه تلقى وعدا من النائب العام الأعوش بمراجعة تلك الإجراءات -التي ذكر أنها قانونية- استجابة للمخاوف التي جاءت بعد ذلك القرار.

تبع تلك الخطوة الإعلان عن الاستعداد لإنشاء جامعة حكومية بالحجرية، وهو ما ربط كثير من المراقبين بينه وقضية فصل المخا عن تعز، ما يعني فصل الحجرية كذلك وضمها إلى ذلك الإقليم الذي سيضم مديريات الساحل الغربي.

وتسلم طارق صالح المخا عام 2018، وهو معروف بولائه للإمارات التي تقوم بدعمه حاليا ودعم التشكيلات العسكرية التي تعمل تحت إمرته، كما أنه لا يعترف بالشرعية.

أهمية المخا

تقع مدينة المخا على البحر الأحمر جنوب غربي اليمن، وهي إحدى المدن التابعة لتعز، كما تبعد عن باب المندب الإستراتيجي 75 كيلومترا شمالا، وعن الحديدة 170 كيلومترا.

تعد من أهم المدن داخل اليمن بسبب إطلالتها على خطوط الملاحة الدولية، ويوجد بها كذلك ميناء المخا المفتوح من جميع الجوانب الذي تبلغ مساحته 466.350 مترا مربعا، والذي اشتهر وارتبط بالبن اليمني، الذي عرفته كثير من الدول الأوروبية وغيرها بعد تصديره من اليمن عبر ذلك الميناء، الذي ظل مشهورا وفاعلا حتى تم الاعتماد على موانئ أخرى كميناء عدن.
وبها شواطئ عديدة جميلة، ومواقع أثرية عديدة بينها مسجد الشيخ الشاذلي، الذي يُنسب للشيخ المعروف بأبي الحسن (علي بن عمر الشاذلي).

وتشكل المخا أهمية كبيرة بالنسبة لتعز، فهو منفذها البحري الذي يمنحها امتيازات في ظل شكل الدولة الجديد المتفق عليه والذي سيضم ستة أقاليم. وكان من شأن استعادة السيطرة عليه عام 2017 أن يخفف معاناة المواطنين إلا أنه تم عزله مجددا عن المحافظة.

وبالسيطرة عليها وفصلها عن تعز، فإن ذلك يعني تضييق الخناق أكثر على هذه المحافظة التي تعيش جبهاتها جمودا واضحا، وتعاني من الحصار الجزئي الذي لا زال مفروضا عليها حتى يومنا هذا ويزيد معاناة المواطنين.

دعوات للرفض

وحتى الآن تبدو المخططات تلك بالنسبة للكاتب محمد اللطيفي مجرد أطماع، ما لم تواجه برفض شعبي ولم يتم الشرعنة لها رسميا، ومن هنا يجب التنبيه إلى خطورة السكوت على مذكرة النائب العام بخصوص المخا، وخلق رفض شعبي ضاغط ضد أي محاولات رسمية أو غير رسمية تفضي إلى تجزئة تعز، وفصلها عن امتدادها بالأمن المائي الإقليمي والدولي.

وأوضح -في مقال له- أن المخطط كان يقوم على تحرير كل مناطق الساحل الغربي التابعة لتعز والحديدة، بمبرر تحرير ميناء الحديدة من مليشيات الحوثي، وعندما وصلت القوات المشتركة إلى مشارف مدينة الحديدة، تم ايقاف معركة التحرير، والإعلان عما سمي بإستراتيجية السلام في اليمن..!

وبعد هذا الإعلان، سلمت مناطق المخا وذوباب إلى قوات طارق صالح، وظلت بقية مناطق الساحل التابعة للحديدة بيد ألوية العمالقة، فيما جرى التفرغ والإعداد لمدينة عدن وإسقاطها بيد "الانتقالي"، وأضحت عمليا مناطق الساحل الغربي، خصوصا منها المخا اشبه بالمحميات، لا تستطيع الحكومة الشرعية حتى مجرد زيارتها، وفق اللطيفي.

وتجري محاولات لإحكام السيطرة على السواحل اليمنية ليس لتقوية الدولة والشرعية، وإنما لتحقيق أهداف مشبوهة لاعلاقة لها بتعزيز النفوذ الاقتصادي لليمن الذي يوفره لها موقعها الاستراتيجي.

كلمات دالّة

#اليمن