الجمعة 17-05-2024 07:46:05 ص : 9 - ذو القعدة - 1445 هـ
آخر الاخبار

الوجه الآخر للحرب والحصار.. هكذا تسبب الحوثيون في انتشار الأمراض الفتاكة في تعز

الخميس 19 ديسمبر-كانون الأول 2019 الساعة 09 مساءً / الاصلاح نت-خاص- أسماء محمد
 

  

تعيش اليمن، وتحديدا تعز، في وضع صحي كارثي، حصد أرواح العشرات من المواطنين، مع انتشار واسع وغير مسبوق للأمراض والأوبئة التي اجتاحت المدينة ومناطق من ريفها.

أدى استمرار الحرب إلى مضاعفة الآثار المترتبة على انهيار الوضع الصحي والبنية التحتية في هذا المجال، فضلا عن دور مليشيات الحوثي في مفاقمة الأزمة والعقاب الجماعي للمدنيين في تعز التي صمدت في وجهها منذ مارس 2015.

تفشي الأوبئة والأمراض

انتشرت الأمراض في تعز بشكل كبير، وتنامى الأمر مع مرور الوقت حتى باتت حياة المئات من المواطنين في خطر، خاصة مع توسع نطاق الإصابة بالكوليرا، فخلال النصف الأول من العام الجاري، بلغ عدد حالات الإصابة بالإسهالات المائية الحادة والكوليرا في تعز 22.200 حالة، توفي منها 63.

أما حمى الضنك التي تعاني منها المحافظة بشكل موسمي مع هطول الأمطار تحديدا، فإن مركز الترصد الوبائي ذكر أن إجمالي عدد حالات الاشتباه حتى 21 نوفمبر الماضي بلغت 7970 حالة، منها 3215 حالة مؤكدة بالفحص السريع تم ترقيد منها عدد 103 حالات تحت الملاحظة في المستشفيات.

وأصيب كذلك المئات من المواطنين بالحميات، وبحسب الترصد الوبائي فإن إجمالي عدد الوفيات جراءها بلغ حتى الحادي والعشرين من نوفمبر الماضي 10 حالات منذ بداية العام 2019.

أخذت المدينة كذلك حصتها من مرض الدفتيريا الذي تسببه بكتيريا الخُنَّاق الوتدية، وحمى غرب النيل، وداء الشجنجونيا، والملاريا، وأغلبها أمراض ينقلها البعوض للإنسان.

ومؤخرا كذلك بدأ الحديث عن ظهور مرض إنفلونزا الخنازير في اليمن، بينها تعز التي قال مكتب الصحة إن هناك وفيات بمديرية التربة بأعراض مشابهة لإنفلونزا الخنازير. ومن المرجح أن المصابين به كانوا قادمين من خارج البلاد.

أعباء إضافية

وشكلت الأمراض المختلفة التي عانى منها آلاف المواطنين في تعز، عبئا إضافيا على حياة الأسر التي يعيش الكثير منها تحت خط الفقر، إذ تجاوزت نسبة الفقر في اليمن أكثر من 80% وفق إحصائيات حديثة.

وأنفقت الأسر مبالغ باهظة في العلاجات والفحوصات للأمراض التي تعرضت لها، خاصة حمى الضنك الذي تكرر إصابة البعض بها عدة مرات.

وما يفاقم الكارثة أن بعض تلك الأمراض أصابت أغلب أفراد الأسرة الواحدة، فاضطر الكثير منهم لاقتراض المال من أهلهم في الداخل أو الخارج للحصول على العلاج وإجراء الفحوصات الطبية اللازمة.

لا بنية تحتية وقلة دعم

وتعد الكثافة السكانية في تعز أحد أبرز المشكلات التي تواجه القطاع الصحي، فبرغم أن عدد السكان يتجاوز ثلاثة ملايين ونصف، إلا أن المحافظة تفتقر للبنية التحتية، ما يعني أن القدرة على مواجهة أي أوبئة تكون غير كافية.

ومع الحرب توقفت أكثر المستشفيات والمرافق الطبية بتعز عن العمل، لكنها فتحت أبوابها بالتدريج أمام المواطنين. لكن الضرر الذي أصاب بعضها جعلها لا تعمل بكامل طاقتها.

كما يشكل كذلك قلة الدعم المقدم للمدينة مشكلة أخرى، إذ يقول مدير عام مكتب وزارة التخطيط والتعاون الدولي بتعز نبيل جامل، إن حجم تدخل المنظمات العاملة في المحافظة خلال العام الجاري 2019م بلغ حوالي 14 مليون دولار. لكنه شكا من عدم التزام بعض المنظمات بالاحتياجات المرفوعة بالخطة المرفوعة للعام 2019.

في الوقت ذاته يوجه ناشطون انتقادات كثيرة للقائمين على المجال الصحي بتعز، بسبب عدم استغلالهم الدعم المقدم لتعز بشكل جيد، وهو ما أدى إلى عدم تحسن الأوضاع في المحافظة بشكل كبير مقارنة بحجم احتياجاتها.

ووفقا للجنة الدولية للصليب الأحمر، فإن 75% من سكان اليمن يفتقرون للرعاية الصحية، وأقل من 50% من المرافق الصحية تقوم بعملها. وتعز واحدة من المحافظات الأكثر تضررا من استمرار الحرب وتدهور الأوضاع الصحية.

عوائق المليشيات

تسببت حرب مليشيات الحوثي بكل تلك المعاناة خاصة في المجال الصحي بتعز، لكن برغم ذلك فقد تعمدت كذلك مضاعفة تلك المأساة بممارساتها المختلفة التي نوجز بعضها في التالي:

- حصار المدينة الذي اعتبره فريق الخبراء الدوليين البارزين التابع لمجلس حقوق الإنسان جريمة حرب، شكل أبرز أسباب معاناة المواطنين في تعز في مختلف مجالات الحياة، فقد أدى استخدام المدنيين لطرق فرعية غير معبدة إلى تضرر كثير من المرضى وموت بعضهم في بعض النقاط الأمنية التابعة لمليشيات الحوثي، ولم تنتهِ معاناتهم برغم كسر الحصار جزئيا، فما زال التنقل بين مديريات المحافظة صعبا ويستغرق وقتا طويلا، فأدى ذلك إلى توقف كثير من المرضى عن العلاج وموتهم في قراهم، خاصة الذين يعانون من السرطان أو الفشل الكلوي.

- مصادرة الأدوية أو احتجازها لأيام كان هو أيضا الوجه الآخر السيئ لتلك المليشيات التي لم تكترث لمعاناة آلاف المرضى بتعز، خاصة مرضى الفشل الكلوي الذين تم سابقا احتجاز أدويتهم ومحاليل جلسات الغسيل الخاصة بهم.

- يتهم فريق الخبراء الدوليين البارزين التابع لمجلس حقوق الإنسان الحوثيين كذلك بإعاقة دخول المساعدات إلى تعز، وتحويل المساعدات عن مقاصدها والاستيلاء عليها، مما فاقم صعوبة عمل المنظمات الإنسانية التي تدير عمليات نائية في العديد من الحالات ولا تستطيع مراقبة ومتابعة التوزيعات بشكل صحيح أو رصد حالات تحويل أو سرقة إمدادات المساعدات.

- كذلك فإن المنظمات واجهت بعض الصعوبات في دخولها إلى المدينة في نقاط التفتيش التابعة لمليشيات الحوثي التي منعن شاحنات تابعة لمنظمات من أداء عملها، كما يتم منع مسؤولين أممين من تفقد المحافظة لرؤية الدمار والمعاناة التي لحقت بالمواطنين.

- استهداف المستشفيات بشكل متعمد، وتكرر ذلك مع قسم الكلى الصناعي بهيئة مستشفى الثورة العام الحكومي، ومستشفيات أخرى بينها مستشفيات تتبع القطاع الخاص.

جهود لمواجهة الكارثة

من الملاحظ أن الوضع الصحي في تعز في تدهور مستمر، فالمشكلة لا تقتصر على الجرحى فقط الذين يزيد عددهم عن 14 ألف جريح، بل تتعداها إلى آلاف الإصابات بأمراض معدية سريعة الانتشار كالكوليرا التي أدت إلى إصابة 41487 حالة، ووفاة 94 حالة منذ بداية العام 2019، وفق مكتب الصحة بتعز.

ما يفاقم الوضع الصحي بتعز وجود القمامة المنتشرة في كثير من الأحياء وأماكن مرور مياه الأمطار، وكذا طفح المجاري، وهو ما يؤدي إلى تكاثر البعوض الذي تسبب بحالات كثيرة من حمى الضنك والحميات.

وكان للمنظمات العاملة داخل تعز دور في الحد من انتشار تلك الأمراض خاصة الكوليرا، إلى جانب مكتب الصحة بالمحافظة الذي ينفذ بين الحين والآخر حملات رش ضبابي للتخلص من البعوض ولكن بشكل متقطع ما يعني عدم القضاء على أسباب انتشار الأوبئة.

وساهم المتطوعون كذلك في التوعية، إضافة إلى بعض خطباء المساجد الذين قاموا بدورهم استشعارا لمسؤوليتهم تجاه المجتمع للحد من انتشار الأوبئة في المحافظة التي تشهد كثافة سكانية كبيرة، وهي بحاجة لمزيد من الجهود لتحسين الوضع الصحي فيها.

كلمات دالّة

#اليمن