الإثنين 20-05-2024 15:48:11 م : 12 - ذو القعدة - 1445 هـ
آخر الاخبار

السلوك الإجرامي للحوثيين.. علم الوراثة يفسر دور جينات الإجرام المتوارثة سلاليا

الأربعاء 31 أغسطس-آب 2022 الساعة 08 مساءً / الإصلاح نت - خاص | عبدالسلام الحاتمي

 


يصاب المرأ بالحيرة عند التأمل في السلوك الإجرامي والإرهابي للحوثيين، سواء المتمثل بالتنكيل بالسجناء وراء القضبان وتعذيب بعضهم حتى الموت، أو في الممارسات خارج السجون القائمة على نهب الممتلكات والسلب ونشر الخوف وفرض سلطة أمر واقع بالحديد والنار.

واللافت أن سلوك مليشيا الحوثيين الإرهابية يتشابه كثيرا مع سلوك أسلافها الأئمة السلاليين، مع اختلاف بسيط يتمثل في اختلاف وتطور أدوات القمع والإرهاب، وهو ما يستدعي تسليط الضوء على دور الجينات الوراثية وكيف تنتقل جينات الإجرام من الآباء إلى الأبناء والأحفاد، لا سيما أن الحوثيين يمثلون امتدادا لسلالة مغلقة قادمة من خارج البلاد وتدعي النسب الهاشمي، ولا تختلط مع اليمنيين من حيث المصاهرة والزواج.

ويرى علماء البيولوجيا أن الجينات الوراثية لدى المجرمين تعني أن أبناءهم يكونون على استعداد دائم لارتكاب الجرائم. ورغم بعض النقاشات التي أثارها بعض البيولوجيين حول أن الشخص المجرم هو ضحية جيناته الوراثية، لكن معظم علماء البيولوجيا يرون أن الشخص المجرم يمتلك خيار تحديد سلوكه وتعديله وسلوك طريق الخير، مع عدم إغفال أهم عامل في هذا السياق، وهو عامل التنشئة.

- علم الوراثة يدرس تنامي ظاهرة الإجرام

ظاهرة العنف والإرهاب والإجرام من الظواهر المقلقة للدول والمجتمعات، وبسبب تناميها في العقود الأخيرة، فإن ذلك دفع علماء الوراثة إلى دراسة هذه الظاهرة بعد أن تبين لهم من خلال الملاحظة أن العنف والجريمة حكر على جماعات معينة تشترك في الجينات الوراثية، وهو ما يتجسد بوضوح في سلوك مليشيا الحوثيين وغيرها من المليشيات الطائفية الموالية لإيران وتنتشر في بلدان عربية عدة، وتشترك جميعها في العنف والإرهاب وارتكاب مختلف الجرائم سواء بحق مجتمعاتها أو بحق المناهضين لها.

وقد وصل التقدم والتطور في بحوث الوراثة السلوكية وعلاقة الجينات بالعنف إلى الحد الذي يتم فيه تشخيص وتحديد الجينات بالدقة التي تجعل الأشخاص الحاملين لتلك الجينات أكثر ميولا واستعدادا للجريمة والعدوانية والعنف.

وبالرغم من أن الوراثة السلوكية لا زالت لم تلقَ الاهتمام الكافي من قِبَل أغلب الاختصاصيين بالصحة العقلية والمحامين والقضاة وغيرهم في نظام العدالة الجزائية، فإن البحوث الجادة الحديثة تشير إلى العلاقة الوثيقة بين الجينات والميول لارتكاب الجرائم باختلاف درجاتها ابتداءً من العنف البسيط وانتهاءً بالقتل بأبشع صوره.

وفي السنوات الأخيرة وما واكبها من تطور علمي كبير وسريع في الوراثة الجزيئية والهندسة الوراثية، تجلت معطيات جديدة نتجت من دراسات عميقة تعطي للعامل الوراثي الدور الأكبر والحاسم في سلوكيات العنف والإجرام والعدوان والقتل وانفصام الشخصية وغير ذلك.

هذا التقدم الكبير في مجال الهندسة الوراثية والجينات أثمر عن تفهم لوظائف الجينات ومتابعة دورها في جسم الإنسان، ومن إفرازات تلك التطورات بروز التفهم بعلاقة الجينات بالعنف والإجرام والعدوان والقتل والإرهاب وغير ذلك.

ومن أبرز الجينات التي أجريت عليها دراسات واسعة لمعرفة علاقتها بالعنف والإرهاب هو جين "ماو أ" (MAO A)، فهذا الجين هو أول الجينات التي تم الكشف عن علاقتها بالإجرام والعنف والعدوان والسلوك المرفوض اجتماعيا في عام 1993 لدى عائلة ألمانية كبيرة كانت تشتهر بالعنف والعدوانية والقتل والاغتصاب، من قِبَل الباحث Brunner.

- المادة الوراثية كأساس لتشكيل شخصية المجرم

توصلت جميع الدراسات والبحوث المتعلقة بجينات الإجرام إلى أن للمادة الوراثية دورا رئيسيا وحيويا في حياة الإنسان، وأي خلل فيها قد يؤدي إلى مشاكل غير محمودة على مستوى الخلية أو على صحة الإنسان بشكل عام، فمنذ خُلق الإنسان وهو يمتلك هذه العدة الجبارة من العوامل الوراثية التي تحميه وتجعله يقاوم الظروف ويقاوم ليبقى في الحياة، ومع ذلك فإن العوامل البيئية التي تحيط بالإنسان تلعب دورا مهما أيضا في حياته مما يتحتم عليه أن يخلق الظروف التي تجعله سليما، وهنا يأتي سلوك الفرد ناتج من التأثير العميق للعوامل الوراثية ومن التأثير الخارجي الآتي من العوامل البيئية المحيطة به.

وهكذا أثبت التطور العلمي أن للعوامل الوراثية دورا كبيرا في إظهار سلوكيات غير مرغوبة اجتماعيا مثل الإرهاب والإجرام والعنف والعدوانية والكآبة والانفعال وغير ذلك.

وعلى المستوى الكروموسومي كان للخلل في كروموسومات الجنس المتمثل بمتلازمة "كلاينفلتر" ومتلازمة "جيكوبز" تأثير في نشوء سلوكيات عنيفة للمبتلين بها، بينما التقصير في "التيلوميرات" التي تشكل أغطية حامية للكروموسومات فإنه أيضا كان له علاقة مع العديد من الأمراض النفسية والعقلية التي لها علاقة بالعنف والعدوانية. (المصدر: مجلة المركز العراقي لبحوث السرطان والوراثة الطبية، العدد 10، نوفمبر 2017).

وقد تناولت دراسات -لا حصر لها- مسألة العنف والإجرام من جوانب عديدة، في محاولة لإيجاد التفسير والحلول لظاهرة العنف والعدوان، ولم يبق علماء وباحثو الوراثة بكل فروعها مكتوفي الأيدي تجاه ذلك، فتناولوا تلك المشكلة مستخدمين مختلف التقنيات للتحري عن الأسس الوراثية للعنف والعدوان والإجرام والأمراض المتعلقة بها.

ويمكن الاستنتاج من نتائج البحوث والدراسات العديدة على العنف والتي تتحرى الأسباب والعوامل المساعدة، بأن السلوك الإجرامي والعدواني يأتي من عوامل وراثية تكمن بداخل الفرد متفاعلة مع العوامل البيئية المحيطة به، وجاءت تلك الدراسات من خلال محاور عدة من الدراسات وأهمها دراسة السلوك عند التوائم المتماثلة الذين ترعرعوا في بيئات مختلفة، وكذلك من خلال عملية التبني لأطفال لا ينتمون بيولوجيا للمربين، وأيضا من خلال هجرة الناس من بيئة إلى أخرى مختلفة، وقد تم تسجيل حالات العدوان والضرب لدى التوائم، واستنتجت تلك الدراسات أن العوامل الوراثية على المستوى الجيني تلعب الدور الحاسم في تلك السلوكيات.

- دور العامل الوراثي في العنف والجريمة

من خلال الدراسات والبحوث التي شملت جميع الجينات التي لها علاقة بالإجرام والعنف والعدوان، بشكل مباشر أو غير مباشر، يتبين أن للعامل الوراثي الدور الكبير في تحديد سلوكيات الناس. ومع أن للعامل البيئي تأثير في تفعيل عدد من تلك الجينات، إلا أن وجود عوائل محددة تنفرد بالعنف والعدوانية والإجرام تعيش ضمن بيئة واحدة مع مجتمع آخر مسالم يشير إلى أن العامل الوراثي كان هو سيد الموقف، ويؤيد ذلك الدراسات على التوائم المتماثلة وحالات التبني والمهاجرين.

ويمكن الاستنتاج من دراسة علاقة الجينات بالعنف والإجرام إلى وجود أربعة أصناف من الجينات وهي:

1- وجود جينات ولادية تسبب العنف من دون أي تأثير، لأنها جاءت مع الفرد ولاديا وتحمل تغيرا أو طفرات لسبب ما، أو أنها قد نشطت أثناء تكوين الجنين لأسباب غير معروفة في الوقت الحاضر، والأفراد الحاملون لتلك الجينات يولدون ومعهم العنف والعدوان كأي سلوك آخر ويجب الحذر منهم والتعامل معهم بعناية.

2- جينات الأدوية، حيث إن بعض الأدوية التي تُعطى لمعالجة الكآبة تؤدي دورا مهما في استفزاز جينات العنف التي قد تؤدي إلى القتل أحيانا، وهذا يضيف ثقلا لدور الجينات في العنف.

3- الجينات الغالبة المرتبطة بالعنف هي تلك التي تنشط عند تدخل عامل البيئة لتتحول إلى جينات عنف، وهنا تعمل تلك الجينات مثل الألغام فتنفجر حال الضغط عليها.

4- هناك جينات ليس لها علاقة بالعنف تؤثر على جينات العنف وتنشطها، مما يتسبب بالعنف رغم أن الجينات الأولى مسالمة. (المصدر: مواقع إلكترونية).

- مسؤولية الجينات الوراثية عن العنف والإجرام

كشفت دراسات حديثة أُجريت على 895 مجرما بالسجون الفنلندية، توصلت إلى البنية الجينية الوراثية للمسجونين ذوي الجرائم الجنائية العنيفة، حيث اكتشف الباحثون المتخصصون مجموعة من الجينات الوراثية في أصحاب الميول والسلوكيات العدوانية من المجرمين، حسبما نشر موقع صحيفة "الإندبندنت" البريطانية.

واستنتج العلماء من معهد "كارولينسكا" في السويد مجموعة من الجينات والصفات الوراثية التي توجد أكثر بين المجرمين أصحاب الجنايات العنيفة ممن ارتكبوا جرائم القتل العنيفة، حيثُ قارن العلماء بنيتهم الجينية بالمجرمين الذين ارتكبوا جرائم لا تصنف بالعنيفة مثل السرقة والاحتيال وما يشابهها، ونشر العلماء بحوثهم التي أجروها بسجون فنلندا بالمجلة العملية المرموقة Molecular Pyschiatry، التي تختص بالبحوث العلمية والاكتشافات الحديثة في المجالات العلمية الحديثة.

كما اكتشف العلماء بعد دراسة حالة 114 من المجرمين الذين ارتكبوا جرائم قتل عنيفة وجود الجين MAO A ويسمى "جين المحاربين" بكثرة بين الحالات التي تمّ إجراء الدراسة عليها، إلى جانب الجين CDH13 الذى حقق نسب مرتفعة جدا فى البنية الجينية الوراثية لمن ارتكبوا جرائم القتل والتعذيب.

ويعتقد القائمون على تلك الأبحاث أن الجين "MAO A" ينتشر بين أصحاب ردود الأفعال العنيفة والذين يتم استفزازهم بسهولة وتكون ردات فعلهم أكثر شراسة وحِدة من غيرهم، كما ينتشر الجين الثاني "CDH13" بين السجناء المجرمين غير القادرين على السيطرة على انفعالاتهم ويميلون إلى الإساءة للآخرين.

الغريب والملفت أن هذه الأبحاث أثبتت عدم وجود هذين الجينين تحديدا بين المجرمين الذين ارتكبوا جرائم عادية وبسيطة وغير عنيفة أو دامية، مما يجعلها مصاحبة لهؤلاء، ممن يمكن ارتكابهم جرائم عنيفة.

وفي 24 أبريل 2018، تناول برنامج "الدحيح" -على AJ+ كبريت- موضوع العوامل البيولوجية الموجودة لدى المجرمين التي قد تجعلهم أكثر قابلية للسلوك الإجرامي، واستعرض معطيات ودراسات حول الموضوع.

واستعرض البرنامج بعض نماذج المجرمين في البداية، مثل رمضان عبد الرحيم منصور في مصر، المشهور بالـ"طوربين"، والذي قتل واغتصب 32 طفلا على الأقل على مدار 17 سنة. وكان يستهدف الأطفال من سن 10-14، وبالأخص 12 عاما.

وكان الطوربين يغتصب الأطفال فوق القطار، ثم يرميهم نحو القطار المتجه من الاتجاه الآخر ليفرمهم. وقبض على هذا المجرم في 2006، وأعدم في 2010.

وقال إن هناك مصطلحا شائعا في الطب لهذه الفئة اسمه "السايكوباث"، وهو مصطلح بدأ يتكون في القرن التاسع عشر، عندما لاحظ الأطباء النفسيون أن مجموعة من المرضى كان لديهم لاعقلانية أخلاقية.

ويعني هذا أن هؤلاء ليس لديهم فهم وحس تجاه الأخلاق وتجاه حقوق الآخرين، وليس لديهم فهم لمعنى المعاناة والندم، وليس لديهم قدرة على التعاطف ولا يستطيعون الشعور بالندم، وهم متهورون وعنيفون وغير مخلصين.

وهؤلاء الأشخاص قد يكونون أكفاء عقليين، لكنهم لا يفهمون التعاطف، وهذا الاختلاف قد يكون نابعا من أصل بيولوجي.

واستشهد بتصريح من الدكتور ديفد إيغيل من جامعة ستانفورد، حيث يقول إن الشخص إذا كان لديه جينات معينة فإن فرصة أن:
• يرتكب جريمة تزيد أربع مرات مقارنة بمن ليس لديه هذه الجينات.
• يقبض عليه بجريمة قتل تزيد ثماني مرات.
• يسرق تزيد ثلاث مرات.
• يتعدى على أحد تزيد خمس مرات.
• يتعدى جنسيا على شخص تزيد 13 مرة.
• أغلبية السجناء لديهم هذه الجينات.

وقال برنامج الدحيح إن 98% ممن ينتظرون الإعدام لديهم هذه الجينات، وهي جينات كروموسوم Y، الموجود لدى الذكور، فالإناث لديهن زوجان من الجينات الجنسية XX، والذكور XY. وقال إن غالبية السفاحين هم ذكور، وهذا يؤكد على الجانب البيولوجي في الاستعداد للجريمة.

ويثير هذا الموضوع حوارا وجدلا بشأن مدى مسؤولية المجرم عن أفعاله، بين من يرى أن الأمر قد لا يكون تحت سيطرته وأنه ضحية جيناته، ومن يرى أن المجرم يمتلك الخيار ويتحمل مسؤولية أعماله.

ويرى معارضون لهذا الطرح أن جميع الأشخاص قد يكون لديهم جينات "سيئة"، ولكن كل شخص يمتلك الخيار للسيطرة عليها واختيار الخير.

بالمقابل فإن هذه الدراسات قد تخلق أملا بإمكانية علاج الشر لدى الأشرار، عبر تغيير جيناتهم مثلا أو بالجراحة.

- ما الحل؟

يتضح مما سبق أن جينات الإجرام تنتقل من الآباء إلى الأبناء والأحفاد، وهذا دليل لا ريب فيه حول المنبع الأساسي للسلوك الإجرامي للحوثيين، خصوصا عندما تكون السلالة مغلقة جينيا تماما ولا تختلط مع الآخرين بواسطة الزواج والمصاهرة، وهذا يعني أن خطر مليشيا الحوثيين سيظل قائما ويهدد استقرار المجتمع ويعيد دورات العنف من وقت لآخر، فما هو الحل؟

عند الرجوع إلى العلاج الجيني لعلاج الأمراض الوراثية والسرطانية، يتبين بوضوح أن إصلاح الجين المعطوب يعيد الخلية إلى وضعها الطبيعي، بعد أن كانت شبه مجنونة وتفعل ما تشاء لدرجة أنها ترتكب جريمة القتل بحق صاحبها، فالجين المعطوب أدى إلى أمراض خطيرة وأغلبها قاتلة وتم التعامل معه واستبداله وتم تقبله علميا وقانونيا، فلماذا لا يتقبل فعل أي جين آخر مثل جينات العنف والإجرام؟ وهل بالإمكان تغيير أو إجراء تعديل على جينات الإجرام لدى العناصر السلالية الحوثية في اليمن ليصبحوا مواطنين صالحين؟

إن استمرار السلوك الإجرامي لمليشيا الحوثيين، مع وجود منابع عدة تغذيه، يشكل خطرا كبيرا على المجتمع اليمني ما دامت المليشيا تفرض سيطرتها على مساحات واسعة من البلاد، ولا يمكن وضع حد لذلك الخطر إلا بتكاتف الجميع وإعلان معركة الحسم حفاظا على وحدة البلاد ونظامها الجمهوري وأمنها واستقرارها، ورفع كابوس الإرهاب الحوثي الجاثم على المواطنين والذي حول حياتهم إلى جحيم، وأصبحت المليشيا مصدر تهديد وخطر على المجتمع.

وفي حال تم القضاء على المليشيا الحوثية، فإن خطرها سيظل كامنا، ولا بد من تجفيف منابع الإجرام والعنف لديها تماما، من خلال نشر عقيدة الإسلام الوسطية، أو ما يعرف بالحرب الفكرية.

وبخصوص جينات الإجرام الوراثية، فهناك دراسات بيولوجية تفيد بأنه بالإمكان تعديل أو تغيير الجينات الوراثية للمجرم من خلال العمليات الجراحية واستئصال جيناته الوراثية الإجرامية واستبدالها بأخرى ذات سلوك مستقيم وتحمل الخير وتنبذ العنف والإرهاب.

ورغم صعوبة هذا الحل وكلفته، كونه يتطلب إجراء عمليات جراحية لأبرز قادة المليشيا الحوثية والعوائل السلالية وأكثرهم إجراما وعنفا، لكنه الحل الوحيد لضمان استقرار المجتمع وتحويل المجرمين فيه إلى أشخاص أسوياء.

كلمات دالّة

#اليمن