السبت 27-07-2024 05:45:58 ص : 21 - محرم - 1446 هـ
آخر الاخبار

تهجير اليمنيين قسريا.. إرهاب حوثي ممنهج

الأحد 19 مايو 2024 الساعة 02 مساءً / الإصلاح نت-خاص

 

حملة جديدة من حملات التهجير التي دأبت مليشيا الحوثي الانقلابية على ممارستها بين الفينة والأخرى في مختلف مناطق سيطرتها، نفذتها المليشيا الحوثية هذه المرة في محافظة الحديدة المنكوبة، لتضاف إلى سلسلة متوالية من النكبات والأزمات التي لحقت بالمحافظة، جراء السياسة الإجرامية التي انتهجتها المليشيا في محافظة الحديدة وغيرها من المحافظات منذ بداية الانقلاب.

 

ترحيل وتجنيد

فقد أقدمت المليشيا الحوثية، في مطلع مايو الجاري، على نهب وتهجر سكان قرية "الدقاونة" التابعة لمنطقة تهامة محافظة الحديدة، وشنت حملة اختطافات بحق من يعارض تلك العملية الممنهجة، حيث اختطف عناصر المليشيا العديد ممن رفضوا الاستجابة لأوامر الإخلاء، والتي جاءت نتيجة لسعي نافذين من قيادات مليشيا الحوثي منذ سنوات لتهجير أبنائها الذين يقطنون فيها منذ زمن طويل.

ويقول الصحفي بسيم الجناني إن المليشيا "تمارس ضغوطا على أهالي القرية للخروج منها وترك أراضيهم الزراعية وفق حكم قضائي أصدره القاضي الحوثي طه العرجلي لصالح نافذي المسيرة (الحوثية) وفي مقدمتهم المدعو محمد السياني".

ويؤكد الصحفي الجناني الذي ينتمي إلى محافظة الحديدة أنه "منذ سنوات يواجه أبناء القرية حملات الحوثيين الأمنية التي قاموا من خلالها باختطاف العديد من شباب القرية ووجهائها مما اضطر العديد منهم للهروب من القرية".

ويضيف الجناني أن المليشيا "فرضت على أغلب شبابها التجنيد الإجباري بعد اعتقالهم وكثير منهم سقط في جبهات مختلفة ويتم اتهام أبناء القرية بالدواعش"، مشيراً إلى أنه "مؤخراً لم يعد سوى نساء القرية هم من يواجه الأطقم الأمنية ويتصدى للحملة التي ترافق السياني لإجبار المواطنين على إخلاء القرية وأراضيهم الزراعية".

 

عبث ديموغرافي

ووفقا لمصادر إعلامية فقد شرعت المليشيا الحوثية في حملة تغيير ديموغرافي واسعة النطاق، في المديريات الجنوبية لمحافظة الحديدة وفي مناطق أخرى.

وتقول المصادر إن مليشيا الحوثي بدأت بتهجير سكان العديد من المناطق، واستقدام مجاميع من عناصرها المنتمين لمحافظتي صعدة وحجة، لإحلالهم مكان السكان الأصليين الذين يعيشون في هذه القرى منذ مئات السنين، في حادثة تكشف عن جزء بسيط من المخططات التي تنفذها المليشيا لتغيير التركيبة الديموغرافية لسكان تلك المناطق على أساس مذهبي، كما فعلت قبل ذلك في مناطق أخرى.

ووفقا للمصادر فإن المليشيا الحوثية عملت على عزل القرى الأربع التي يسكنها الآلاف، مستخدمة القوة المفرطة، ومنعت إسعاف الضحايا، وشنت حملة اعتقالات طالت أكثر من 70 شخصاً من السكان ومسؤولي القرى، بالتزامن مع التهجير القسري لمئات من السكان، ضمن خطة لمنح هذه القرى والأراضي الزراعية لشخصيات حوثية تم استقدامها من محافظتي صعدة وحجة.

وذكرت أن قوات كبيرة من المليشيا نفذت عملية تهجير قسرية بحق سكان قرى المعاريف، والحضارية، وبني السهل، بني الصباحي، والقرى المتناثرة في عزلة القصرة، وهي المنطقة التي يوجد بها المشتل الزراعي ومركز الأبحاث الزراعية التابع لهيئة تطوير تهامة.

وأضافت أن المسلحين الحوثيين أنذروا سكان تلك القرى بإخلاء منازلهم ومزارعهم، بحجة أنها أراض وأملاك تابعة للأوقاف، موضحة أن عملية التهجير تلك تأتي بهدف إجلاء السكان واستقدام آخرين من محافظتي صعدة وحجة، بعدما أبرمت عقود انتفاع وهمية بأسماء شخصيات نافذة في الحديدة تعمل لخدمة المليشيا.

وطبقاً لمصادر محلية، فإن عشرات من العربات العسكرية المسلحة داهمت القرى، ونفذت حملة اعتقالات طالت أكثر من 70 شخصاً من سكان تلك القرى، من بينهم 12 من وجاهات هذه القرى، كما حولت جامع التقوى والمباني الملحقة به في جنوب مدينة بيت الفقيه إلى سجن للسكان المعارضين للحملة، ومنعت إسعاف المصابين ومن بينهم 18 امرأة ممن أصيبوا في تلك الحملة، بعد رفضهم أوامر التخلي عن تلك الممتلكات.

وبحسب المصادر فإن حملة التهجير يقودها القيادي الحوثي المدعو أبو ياسين الذي ينتمي لمحافظة صعدة وهو المسؤول الأمني عما يسمى المربع الجنوبي بمحافظة الحديدة، والقيادي الحوثي أبو أحمد الهادي، مسؤول لجنة الحشد للجبهات في الحديدة، بالإضافة إلى القيادي الحوثي أبو أمين، المسؤول الاستخباراتي عن المربع الجنوبي، ومعه أبو عاطف المشرف على مديرية بيت الفقيه.

وتقدر المساحة التي تسعى المليشيا الحوثية لمصادرتها بنحو 10 كيلومترات مربعة -بحسب مصادر محلية- ويعيش فيها أكثر من 5 آلاف نسمة توارثوها عن أجدادهم منذ مئات السنين.

 

مخطط خطير

حملة التهجير الأخيرة التي استهدفت قرية الدقاونة سبقتها عملية ترتيب لحملة أخرى في محافظة الحديدة، إذ كشفت مصادر محلية رسمية، في مارس الماضي، عن عمليات تهجير قسري قامت بها مليشيا الحوثي للمواطنين في منطقة رأس عيسى بمحافظة الحديدة الساحلية غربي اليمن.

ووفقا لوكيل محافظة الحديدة وليد القديمي، فإن لجنة تابعة لما يسمى جهاز الأمن والمخابرات الحوثي نزلت وسجلت عدد الأسر والمواطنين في رأس عيسى والتي تتكون من ثلاث قرى هي دير الزحيفي ودير الولي وقرية ضبرة، تمهيداً لنقلهم خارج المنطقة على غرار ما تقوم به إسرائيل في غزة.

وحذر القديمي من تهجير المواطنين في عملية جديدة استكمالا لسلسلة التهجير التي دأبت عليها المليشيا في المحافظة، موضحا أن المليشيا الحوثية تسعى إلى تحويل رأس عيسى إلى منطقة اقتصادية نفطية حسب المخطط الذي يتم العمل عليه من قبلهم ومن أجل العمل بأريحية دون وجود مواطنين في المنطقة، مؤكداً أن العمل جار تحت إشراف خبراء إيرانيين وأجانب آخرين يتواجدون بين حين وآخر.

وأضاف أن المليشيا "تقوم بشق طريق مختصر إلى رأس عيسى من منطقة المملاح على الساحل بدلاً من الطريق الرئيسي، ليسهل نقل المشتقات النفطية وما يتم تهريبه من هذا الميناء"، كاشفاً عن "سعي إيران لتحويل رأس عيسى إلى منطقة اقتصادية نفطية تعود عليهم بالمنافع عبر مليشيا الإرهاب الحوثي".

كما انتقد القديمي بعثة الأمم المتحدة لدعم اتفاق الحديدة (أونمها) التي وصفها بـ"الميتة سريريا"، وقال: "للأسف أصبح بقاؤها مشرعناً لانتهاكات مليشيا الإرهاب الحوثي في البحر الأحمر".

 

تعامل غير مسؤول

ونتيجة للجرائم المتوالية بحقهم وصمت المعنيين بحقوق الإنسان، ناشد أهالي المنطقة كافة المنظمات الحقوقية المحلية والدولية والحكومة الشرعية التدخل وإنقاذ العشرات من المختطفين في سجون المليشيا وإعادة الأطفال والنساء المهجرين إلى منازلهم ومزارعهم.

من جانبها، طالبت العديد من المنظمات الحقوقية المجتمع الدولي بالتدخل العاجل لوقف هذه الانتهاكات والجرائم التي تمارسها مليشيا الحوثي وحماية السكان المدنيين في قرية الدقاونة ومناطق أخرى تعاني من العنف والقمع الذي تمارسه المليشيا بشكل ممنهج.

كما ناشد ناشطون وصحفيون المجتمع الدولي سرعة التدخل لإنهاء الصراع في اليمن، حيث يعاني الشعب اليمني من الأزمة الإنسانية والاقتصادية الخانقة، ومحاسبة المسؤولين عن هذه الجرائم وتوفير العدالة للضحايا، وضمان حقوق السكان المدنيين في الحصول على حياة آمنة وكريمة.

من جانبه، أدان ما يُعرف بـ"الحراك التهامي السلمي"، في بيان له في وقت سابق، التهجير القسري ونهب الأراضي اللذين ترتكبهما المليشيا الحوثية بحق أبناء تهامة، والتي كان آخرها حملة التهجير والاختطاف التي نفذتها المليشيا في قرية الدقاونة شمال مدينة الحديدة.

وأرجع البيان استمرار مليشيا الحوثي في انتهاكاتها بحق أهالي تهامة إلى "حالة التراخي والتعامل غير المسؤول معها ومن ذلك اتفاقية ستوكهولم التي كانت طامة كبرى على تهامة"، وفقا لما جاء في البيان.

كما دعا البيان من وصفهم بالمخدوعين بشعارات المليشيا الحوثية التي ترفعها باسم نصرة فلسطين وغزة إلى النظر لجرائمها وانتهاكاتها بحق أهالي تهامة، حيث تمارس نفس سلوك إسرائيل.

 

إرهاب منظم

وقد أدانت الحكومة اليمنية على لسان وزير الإعلام معمر الإرياني ما تقوم به مليشيا الحوثي من إرهاب منظم بحق سكان منطقة تهامة، معتبرة أن تلك الممارسات التي تقوم بها المليشيا استغلال لاتفاق "ستوكهولم" بهدف توسيع جرائمها بحق أبناء الحديدة وتكريس سيطرتها، واستهداف الملاحة الدولية، على مرأى ومسمع من البعثة الأممية "أونمها".

ويقول وزير الإعلام إن "إقدام مليشيا الحوثي الإرهابية التابعة لإيران على تنفيذ حملة تهجير جديدة لسكان عزلة الدقاونة بمديرية باجل محافظة الحديدة، واعتقال عدد من المواطنين الذين رفضوا إخلاء منازلهم ومزارعهم، والاعتداء الهمجي على النساء والأطفال، امتداد لأعمال التهجير القسري والسلب والنهب الذي تمارسه بحق أبناء تهامة منذ انقلابها على الدولة، وجريمة تضاف لسجلها الحافل بالجرائم والانتهاكات".

وأضاف: "لقد سبق أن نهبت مليشيا الحوثي الإرهابية أراضي ومزارع المواطنين بالقوة في مديرية المراوعة، ومدينة اللحية، ومديرية باجل، ووادي سهام بمديرية برع، ومديرية زبيد، ومديرية التحيتا، ومديرية الزيدية والمغلاف، ومديرية الجراحي، وقرى المحابيب والقعابل والغوانم بمديرية بيت الفقيه، وعدد من القرى في عزلة القصرة ومنطقة الجروبة بمديرية بيت الفقيه".

وذكر الوزير الإرياني في بيانه أن أبناء تهامة في قرى ومديريات محافظة الحديدة "يدفعون ثمناً باهظاً منذ اتفاق ستوكهولم، والذي قال إن مليشيا الحوثي الإرهابية لم تلتزم بأي من بنوده، "واستغلته لتكريس سيطرتها، وتوسيع نطاق جرائمها وانتهاكاتها اليومية بحق المواطنين، وتهجيرهم قسريا، ونهب أراضيهم ومزارعهم، وتهديد السفن التجارية وناقلات النفط في خطوط الملاحة الدولية".

وتابع: "بعثة الأمم المتحدة لدعم اتفاق الحديدة "أونمها" التي يفترض بها الرقابة على تنفيذ بنود الاتفاق، تكتفي بموقف المتفرج من الجرائم اليومية التي ترتكبها مليشيا الحوثي منذ انقلابها على الدولة بحق أبناء تهامة، وتحويل أراضيهم ومزارعهم إلى استثمارات خاصة، ومواقع عسكرية، ونقطة انطلاق لتهديد التجارة العالمية والملاحة الدولية".

ودعا المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمبعوث الأممي وبعثة الأمم المتحدة لدعم اتفاق الحديدة (أونمها)، إلى اتخاذ موقف صريح وواضح إزاء هذه الجرائم النكراء، ووقف استغلال مليشيا الحوثي السافر لاتفاق ستوكهولم كغطاء لتنفيذ جرائمها، والشروع الفوري في تصنيفها منظمة إرهابية، وتجفيف منابعها المالية والسياسية والإعلامية، ودعم جهود الحكومة لتثبيت سيطرتها على كامل الأراضي اليمنية.

 

سياسة تهجير

وتمارس مليشيا الحوثي بحق أبناء الحديدة عموماً سلوكيات مناطقية باعتبار الكثير منهم فئات مسحوقة بسبب اتساع رقعة الفقر في المحافظة ذات الأهمية الإستراتيجية، والتي تضم أهم ميناء في اليمن، بالإضافة إلى أن المحافظة تشتهر بالخصوبة الزراعية، ورغم هذا تعد من المحافظات الأكثر فقراً، وتستغل للنهب من قبل نافذين من المليشيا الحوثية منذ سنوات.

وتعد سياسة التهجير واحدة من طرق الإرهاب التي تمارسها المليشيا الحوثية بحق المواطنين وأبرز وسائل القمع للمعارضين أو ممن لا ينتمون لمسيرتها التخريبية، حيث تعددت عمليات التهجير التي نفذتها مليشيا الحوثي ضد مكونات يمنية منذ ظهورها في العام 2004 وحتى اليوم، وهو ما يعطينا صورة واضحة عن شكل اليمن الذي يريده الحوثيون، حيث يسعون إلى إيجاد يمن بذات الفكر والتوجه الذي يحملونه فقط ولا مكان فيه لمن يختلفون معهم سياسياً أو ثقافياً أو دينياً وإن كانوا يمثلون الأغلبية.

 

عمليات مماثلة

وتعيد عملية تهجير أبناء منطقة تهامة بالذاكرة إلى عمليات مشابهة نفذتها مليشيا الحوثي بحق خصوم ومعارضين لسياسة المليشيا في العديد من مناطق سيطرة الحوثيين.

ففي أواخر عام 2006 هجّرت المليشيا الحوثية سبع أسر من يهود آل سالم من منازلهم في منطقتي "الحيد" و"غرير" بمديرية كتاف في محافظة صعدة، بعد تهديدهم بالقتل، مما دفع هذه الأسر المكونة من 45 فرداً، أغلبهم من النساء والأطفال، للجوء إلى مبنى المجمع الحكومي في صعدة، والانتقال بعده للسكن في محافظة صنعاء، وأُجبر يهود اليمن على ترك منازلهم ومزارعهم التي توارثوها عن أجدادهم من دون ذنب اقترفوه سوى انتماءهم الديني.

وخلال الحروب الست التي خاضتها مليشيا الحوثي المتمردة ضد الدولة، أقدمت المليشيا على تهجير المئات من الأسر التي تسكن في صعدة وحرف سفيان بسبب عدم تأييدها للتمرد الذي قادته المليشيا ضد الحكومة اليمنية.

وفي أواخر العام 2011، ومع انشغال الحكومة اليمنية بمؤتمر الحوار الوطني الذي ضم مختلف الأطراف اليمنية في صنعاء، فرضت مليشيا الحوثي حصارا مطبقا على سكان مدينة دماج التي توجد فيها أسر سلفية، حيث منعت عنهم الغذاء والماء والدواء، وأمطرتهم بالقذائف التي أحدثت دمارا كبيرا في منازل المدنيين ومساجد المنطقة، وبعد أشهر من الحصار والقصف أجبرت مليشيا الحوثي أكثر من 10 آلاف نسمة على الهجرة والنزوح.

وفي العام 2019، وثقت تقارير حقوقية المئات من جرائم التهجير التي نفذت بحق أبناء منطقة حجور في محافظة حجة، حيث ذكرت أن 892 أسرة هُجرت قسرا بإجمالي 24 ألف نسمة، في حين بلغ عدد الأسر التي نزحت إلى المديريات المجاورة 1550 أسرة.

 

تحد صارخ

وتعكس عمليات التهجير المتكررة التي دأبت عليها مليشيا الحوثي مدى استهتار المليشيا بالقوانين والأعراف الدولية التي تجرم مثل هذه الأفعال.

ويعرّف القانون الدولي التهجير القسري بأنه إخلاء غير قانوني لمجموعة من السكان والأفراد من الأرض التي يقيمون عليها، وهو ما يندرج ضمن جرائم الحرب والإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية، كونها تؤدي إلى إنهاء ارتباط الناس بالحياة والأرض التي نشؤوا فيها وعاشوا عليها وما يترتب على ذلك من مآسٍ ومعاناة ترافقهم طيلة حياتهم.

ووفق ما ورد في نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، فإن "إبعاد السكان أو النقل القسري لهم، متى ارتكب في إطار هجوم واسع النطاق أو منهجي موجه ضد أي مجموعة من السكان المدنيين يشكل جريمة ضد الإنسانية"، كما حظرت المادة 49 من اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949 النقل القسري الجماعي أو الفردي للأشخاص، أو نفيهم من مناطق سكنهم إلى أراض أخرى.

كلمات دالّة

#اليمن