السبت 11-05-2024 09:59:35 ص : 3 - ذو القعدة - 1445 هـ
آخر الاخبار

لاستعادة الدولة والشرعية.. لماذا يحرص الإصلاح على تطبيق اتفاق الرياض؟

السبت 12 ديسمبر-كانون الأول 2020 الساعة 04 مساءً / الاصلاح نت-تقرير خاص/ أحمد أبو ماهر

 

 

يعمل التجمع اليمني للإصلاح عبر مراحله ومحطاته المختلفة على تقريب وجهات النظر بين الفرقاء المحليين ويتخذ من سياساته المتوازنة سبيلاً وسلوكاً لرأب الصدع وتقزيم المشاكل المختلفة في الوطن الواحد حتى يتفرغ الجميع للبناء والتنمية.

فكما عمل الإصلاح منذ نشأته في التقريب بين المؤتمر الشعبي العام والحزب الاشتراكي اليمني بعد إعادة توحيد اليمن لتحجيم الأزمة بينهما كقطبي الصراع في الماضي تضميداً لجروح اليمن، هو اليوم يعيد العمل بهذا الأسلوب لجسر الهوة بين الحكومة والمجلس الانتقالي الجنوبي عبر الدفع إلى الأمام بتنفيذ اتفاق الرياض الذي وقع عليه نهاية نوفمبر من العام الماضي.

يدرك التجمع اليمني للإصلاح أن اليمن لا يحتمل المزيد من الجراح والآلام والمشاكل الجانبية كون مشكلة الوطن معقدة بالانقلاب الحوثي الذي دمر كل شيء، وأن أية مشاكل جانبية أخرى جديدة إنما تصب في مصلحة الحوثي على حساب مصالح الوطن المختلفة وتعافيه من هذا الانقلاب.

من يتابع سياسة الإصلاح منذ نشأته وحتى اليوم لا يجده إلا حيث يكون الجميع متفقاً، وحيث تكون مصلحة اليمن العليا بعيداً عن الشطحات الإعلامية لبعض القوى والمكونات أو الأشخاص الذين ينفخون في نار الأزمات فيزيدونها اشتعالاً ولا يدركون أنها على حساب الجسد اليمني الواحد وأمنه واستقراره.

حيث قدم الإصلاح تنازلات كبيرة في مشاورات الحكومة القادمة ورضي بأقل من الجميع بعدد من الوزارات الهامشية التي لا تعكس حجمه الطبيعي على الأرض ولا تضحياته الوطنية، وذلك حرصاً لدوران عجلة الاتفاق وتحجيم الاختلاف وتضميد الجروح الوطنية المختلفة والتفرغ لمواجهة المليشيا الحوثية التي تفتك بالوطن وتدمر أساسه في شتى المجالات.

فالمليشيا الحوثية تتسلل إلى الوطن وتعزز من قوتها من شروخ المكونات وخلافاتها بل وتزيد من تغذيتها لتوسيع الهوة، فتارة تشن حملاتها الإعلامية ضد هذا الطرف وتارة ضد الطرف الآخر وهكذا تغذي الصراعات المختلفة بين الفرقاء لتبقي على قوتها وتوازنها وعدم التفرغ لها.

لطالما كان اتفاق اليمنيين يشكل هاجس خوف للمليشيا الحوثية منذ زمن بعيد متخذة من سياسة آبائهم "فرق تسد" منهجاً لها وقدوة تسير عليه.

عام كامل مضى على توقيع هذا الاتفاق دون تقدم في تطبيقه أثر سلباً على الوطن والمواطنين ومشروع التحرر، حيث تهاوى الاقتصاد إلى الدرك الأسفل وكان من أهم مسبباته عدم تطبيق هذا الاتفاق الذي جعل الحكومة مقيدة وبعيدة من الميدان لمواجهة المشاكل الداخلية الاقتصادية والسياسية وانعكس بشكل سلبي في كل المجالات وأعاق تشكيل الحكومة التي تسير البلاد كجهة تنفيذية، ناهيك عن الضغوط الخارجية التي تنشأ عن عدم تطبيق هذا الاتفاق.

الشرعية من جهتها قدمت تنازلات كبيرة سعياً لتطبيق هذا الاتفاق منها إقالة الحكومة وكذلك تعيين محافظ ومدير أمن لعدن من الانتقالي قبل أن ينفذ الانتقالي التزاماته في الاتفاق وخاصة تطبيق الشق الأمني والعسكري.

رئيس التجمع اليمني للإصلاح الأستاذ محمد اليدومي دعا أكثر من مرة إلى التسريع بتطبيق اتفاق الرياض، وقال: "أكثر من عام على توقيع اتفاق الرياض، وأكثر من 3 أشهر على محاولة تجديد هذا الاتفاق، بتنفيذ ما اتفق على تأخيره وتأجيل ما اتفق على تقديمه، بحجة الحرص على تنفيذ اتفاق الرياض بمجرد استجابة الشرعية -ممثلة بالأخ الرئيس- لما طُلب منها رغم التجربة تلو التجربة".

وأضاف أن "عدم تنفيذ ما تم الاتفاق عليه من تنفيذ الشق العسكري والأمني، سيجعل ولادة الحكومة أمرا متعسرا وغير قابل لأعذار لا معنى لها ولا تصب في مصلحة أحد".

لقد كان الإصلاح دائماً وأبداً منحازاً لكل الاتفاقات اليمنية أملاً منه أن يجتمع اليمنيون على كلمة سواء لتخليص البلاد من أزماتها، ففي 1993 وقف وبارك ودعم "وثيقة العهد والاتفاق" بين الرئيس السابق صالح ونائبه علي سالم البيض

التي وقعها الطرفان في العاصمة الأردنية عمان برعاية الملك الراحل الحسين بن طلال، ثم أيد كل الاتفاقات ونتائج الحوار المختلفة مع صالح منذ عام 2007 وصولاً إلى التمديد للبرلمان والاتفاقات الناتجة عن الحوارات البينية إلى بداية 2010، ثم تأييده وتوقيعه على المبادرة الخليجية في نوفمبر 2011 برعاية الملك الراحل عبدالله بن عبدالعزيز ملك المملكة العربية السعودية، ثم اتفاق الحوار الوطني ونتائجه، وكذا اتفاق السلم والشراكة الذي وقعته كافة الأطراف اليمنية الذي غدر به الحوثي ونقضه وواصل الانقلاب على الدولة وغزو المحافظات، مروراً بمؤتمر الرياض وصولاً إلى اتفاق الرياض الأخير بين الحكومة والمجلس الانتقالي والذي حضر مراسيم توقيعه وأيده وبارك خطواته.

لم تكن غاية الإصلاح من تأييد كل تلك المحطات إلا أن يجتمع اليمنيون لإخراج اليمن من أزماتها المختلفة والتفرغ لبناء اليمن الحديث، ولم يضع الإصلاح أية عراقيل أمام كل تلك الاتفاقات ولم يتخذ سياسة الانتهازية التي تتخذها بعض القوى السياسية في مثل تلك المحطات والمنعطفات، يقدم التنازلات تلو التنازلات من أجل الوطن ولم يكسب منها سوى لملمة جراح الوطن المختلفة والتي تنتقل من طور إلى طور كلما تجاوز الوطن منعطفاً منها دخل في منعطفات أخرى جديدة أشد تعقيداً مما قبلها.

من يراجع الخطاب العام للإصلاح قيادة وقواعد ومؤسسات ويتتبع مفردات الخطاب في تلك المحطات بإنصاف وتمعن يدرك أن الإصلاح أكثر القوى السياسية مرونة وتقبلاً بالآخر وسعياً إلى وحدة الكلمة والصف الجمهوري في مواجهة المليشيا الانقلابية، ولم يقف متعنتاً يوماً عند محطة من المحطات أو جزئية من الجزئيات الصغيرة، فهو مترفع عن كل مهاترات تزيد في تعميق الشرخ بين القوى السياسية المختلفة أو بينها وبين الشرعية والدولة رغم ما يتحمله من هجمات إعلامية شرسة وممولة ومنظمة، لكنها لم تزده إلا إصراراً ومتانة في الوقوف دائماً وأبداً إلى جانب الدولة والشرعية ووحدة الكلمة لكافة اليمنيين.

وبتصفح سريع لآراء ومواقف قيادات وقواعد الإصلاح يجد المتابع أن الجميع يقف صفاً واحداً في تنفيذ اتفاق الرياض للخروج باليمن من الأزمة الحالية والركود السياسي والاقتصادي الراهن في البلاد، كون الإصلاح يدرك أكثر من غيره بحاجة البلاد للاستقرار وأن من ينفخ في نار الحروب والأزمات عبر وسائله الإعلامية هو المستفيد من حالة تأزم الموقف في البلاد.

حاول الإعلام الممول إغراق المنصات الإخبارية بتشويه موقف الإصلاح من اتفاق الرياض على الرغم أن الواقع يكذب كل زيفهم وحملاتهم المغرضة، وهو ماتسعى الجهات التي تقف خلف تلك الحملات بإفشال الاتفاق الذي توافق عليه اليمنيون جميعهم وأيدوه وعلى رأسهم الإصلاح.

حيث أكد رئيس الكتلة البرلمانية للإصلاح عبدالرزاق الهجري دعم الاصلاح الكامل للحكومة القادمة ولجهود الأشقاء في رأب الصدع وتجاوز الماضي وتوحيد الصف الوطني في مواجهة الانقلاب الحوثي والتدخل الإيراني في اليمن.

كما اكد دعم الإصلاح لتنفيذ اتفاق الرياض الذي سيفضي - كما قال- إلى تحقيق الاستقرار السياسي والاقتصادي في اليمن، من خلال آلية تسريع تنفيذ الاتفاق بدءاً بشقه العسكري والأمني تمهيدا لإعلان الحكومة وعودة كافة مؤسسات الدولة الى العاصمة المؤقتة عدن وتطبيع الأوضاع فيها، واستكمال تنفيذ الاتفاق وفي كافة المحافظات المحررة، ومعالجة الوضع الاقتصادي والأمني.

أما نائب رئيس الدائرة الإعلامية للإصلاح عدنان العديني قال في سلسلة تغريدات على تويتر تعليقا على تنفيذ اتفاق الرياض: "مرة أخرى يؤكد اليمنيون على اطارهم الوطني وقبولهم العمل من خلال دولتهم اليمنية ويتجهون نحو شراكة واسعة وتعايش سلمي".

وأضاف العديني: "سيكون من أهم نتائج الاتفاق إيقاف حالة الصراع الداخلي، ومنع انزلاق البلد نحو التمزق وتكريس سلطة الدولة الممثلة للكل المعبرة عن الجميع، مشيرا إلى أن عملية إخلاء عدن من السلاح والمسلحين تمثل الخطوة الأولى على طريق تنفيذ الاتفاق".

من جهته قال رئيس الدائرة الإعلامية بإصلاح عدن خالد حيدان إنه في الوقت الذي تدفع فيه كثير من القوى بكل طاقتها من أجل تنفيذ اتفاق الرياض ثمة من يصطنع الاكاذيب ليبرر لنفسه الانقلاب على الاتفاق أو تعطيله.

وتساءل حيدان في تغريدات له على تويتر قائلا: "ترى كم هو الوقت الذي يحتاجه البعض ليدركوا مخاطر اللجوء للسلاح في حل الخلافات وليكتشفوا أن هذا مسلك يخلف دورات العنف المتلاحقة ويمزق الروابط الاجتماعية ويحول المجتمع إلى ساحة فوضى لا استقرار فيه ولا تنمية؟".

وقال إن تنفيذ اتفاق الرياض أفضل من تعطيله، والسلام خير من الحرب والكذب لا يستر عاريًا.

 

لا بديل عن شرعية كاملة

يرى مراقبون ومحللون سياسيون أهمية أن تبسط الشرعية نفوذها وأن تتمتع الحكومة بصلاحيات كاملة دون اعتراض لسياساتها في عدن في مختلف مؤسسات الدولة، حتى لا تقع الحكومة تحت رحمة الأطراف المتحكمة بالمشهد العسكري والسياسي والاقتصادي في عدن.

ويأمل المراقبون أن تستعيد الحكومة الأموال التي سيطر عليها الانتقالي بعد استيلائه على الوضع العام في عدن وسقطرى.

 

نتائج تأخير الاتفاق

أفضت الخلافات السابقة بين الانتقالي والشرعية في تطبيق اتفاق الرياض إلى كوارث حقيقية للشعب اليمني على رأسها الوضع الاقتصادي والمعيشي للبلاد وتدهور سعر الريال اليمني مقابل العملات الأجنبية، مما ضاعف الأزمة على المواطنين انعكس في غلاء فاحش في الأسعار في ظل عدم وجود المرتبات فضلاً عن انعدام بعض السلع الأساسية خاصة في الفترة المتأخرة التي دفعت المواطنين في تعز إلى التنادي بخروج مسيرات احتجاجية ضد غلاء المعيشة وانعدام الدقيق في الأسواق.

كما تأخر صرف رواتب الجيش الوطني في مناطق الشرعية والجبهات لعام كامل مما أثر سلباً على الأوضاع العسكرية في جبهات نهم ومارب والبيضاء وشكل ضغطاً كبيراً على الشرعية وإحراجاً لها أمام الشعب اليمني، أفضى إلى تذمر شعبي من تلك السياسات، بينما تعيش أسر الأبطال في الجبهات أوضاعاً معيشية صعبة جراء تأخير هذه المرتبات.

هذا التدهور في العملة المحلية في مناطق الشرعية، وثباتها في مناطق مليشيات الحوثي، شكل أحد أكبر الضغوط الشعبية على الشرعية والانتقالي للمضي قدما على طريق اتفاق الرياض.

 

سبل نجاح الاتفاق

عملية التوافق بين المكونات السياسية والشرعية تنعكس إيجاباً على كافة المستويات السياسية والعسكرية والاقتصادية والأمنية والمعيشية للمواطنين، كون الاستقرار أكبر عوامل التنمية والبناء والتفاف الشعب حول الدولة والشرعية ورفد جبهاتها والإصرار على مقاومة الانقلاب الحوثي المدعوم من إيران.

حيث يؤدي اتفاق الطرفين إلى انتظام صرف رواتب الجيش وموظفي الدولة وإنهاء المواجهات في أبين والتفرغ لمواجهة المليشيا الحوثية، فضلاً عن تحرك الإيرادات لمؤسسات الدولة في المناطق المحررة ورفد البنك المركزي بالعملة الصعبة مما يعني تحسن الصرف في العملة المحلية مقابل العملات الأجنبية وتوفير السيولة اللازمة للاستيراد والتصدير وتحريك السوق وتحريك الأيدي العاملة، فضلا عن تحسن صورة الشرعية أمام الرأي العام المحلي.

توافق الجهات المختلفة في تطبيق الاتفاق يسمح للحكومة بالاستقرار في الداخل ويتيح لها ملامسة احتياجات المواطنين عن قرب ومعالجة مشاكلهم اليومية وتسيير مصالحهم في مختلف المجالات بعد أن شهدت تجمداً إدارياً خلال مكوث الحكومة في الرياض بعيداً عن الشعب خاصة أنها تلازمت مع أزمة كورونا العالمية التي أدت إلى تدهور كبير في كافة الاقتصادات العالمية ومنها بلادنا بطبيعة الحال.

التفاف المكونات السياسية المختلفة حول تطبيق اتفاق الرياض يعطي دفعة كبيرة للحكومة للإنجاز والتحرك وتجاوز أي معيقات في طريق الإنجاز والاستقرار داخل البلد.

وقد سارع التجمع اليمني للإصلاح فور إعلان الاتفاق على مباركة هذه الخطوة وتقديم الدعم الكامل لها كما جاء في تصريحات رئيس الكتلة البرلمانية للإصلاح عبدالرزاق الهجري.

من جانبه أكد التحالف الوطني للأحزاب والقوى السياسية تأييده ومساندته للاتفاق والبدء بتنفيذ الشق العسكري والأمني ومن ثم إعلان الحكومة. كما سارع التحالف العربي إلى دعم الوحدات الأمنية للقيام بمهامها الجوهرية في حفظ الأمن والاستقرار ومحاربة التنظيمات الإرهابية.

وأكد التحالف في بيان له على أهمية ما أعلن عنه من عودة الحكومة ومؤسساتها إلى العاصمة المؤقتة عدن، معتبراً أن هذا التقدم في هذه الخطوات البناءة سينعكس ايجابيا في تحقيق الأمن والاستقرار، وتوحيد كافة القوى الوطنية تحت قيادة الشرعية وتحسين ظروف معيشة المواطنين وقبل ذلك ومعه في ترتيب المشهد العسكري ورفع جاهزيته بما يمكنه من مواجهة التمرد الحوثي الذي تسبب بهذا الوضع المأساوي الذي تعيشه بلادنا.