الجمعة 26-04-2024 08:35:59 ص : 17 - شوال - 1445 هـ
آخر الاخبار

الفكر الإمامي.. ومعوقات التحول الديمقراطي في اليمن

الأحد 02 ديسمبر-كانون الأول 2018 الساعة 08 مساءً / الإصلاح نت - خاص / عبد السلام قائد
 

 

تزامنا مع أحلام وطموحات الشعب اليمني بتحقيق تحول ديمقراطي حقيقي، يضع حدا للصراعات الدامية على السلطة التي حدثت في مختلف حقب التاريخ اليمني، ازدادت معوقات التحول الديمقراطي بعد انقلاب تحالف جماعة الحوثيين والرئيس الراحل علي صالح على السلطة الشرعية، وانبعاث الفكر الإمامي العنصري الذي يشكل أبرز معوقات التحول الديمقراطي.

إن ما حصل في اليمن من انبعاث لعودة الفكر الإمامي السلالي العنصري يعد انتكاسة تاريخية كبرى، جاءت كنتيجة طبيعية لتجاهل النخب اليمنية للتغلغل الذي قامت به الدولة العميقة لنظام الإمامة في جسد النظام الجمهوري، والعمل الدؤوب على عودة الإمامة عندما تحين الفرصة المناسبة، ثم كان نظام الرئيس الراحل علي صالح بفساده وفشله بمثابة القشة التي قصمت ظهر النظام الجمهوري، خاصة عندما تحالف مع الإماميين الجدد للانقلاب على السلطة الشرعية وسلم لهم كل إمكانيات الدولة للانتقام من خصومه السياسيين.

 

- أحلام الديمقراطية

ازدادت المطالب الشعبية في اليمن بتحقيق تحول ديمقراطي حقيقي خلال السنوات الأخيرة، بعد أن بدا أن ظاهرة التوريث تشكل خطرا حقيقيا على البلاد ووحدتها ومستقبلها، خاصة أن هذه الظاهرة صارت أحد أبرز سمات أنظمة الحكم في الجمهوريات العربية في القرن الواحد والعشرين.

وبعد أن نجحت ثورة 11 فبراير 2011 الشعبية السلمية في وأد مشروع التوريث، الذي كان يخطط له الرئيس الراحل علي صالح، تآمرت الدولة العميقة لمشروع التوريث مع بقايا الدولة العميقة لنظام الإمامة الكهنوتي للقضاء على ثورة 11 فبراير 2011 ووأد مطالب التحول الديمقراطي التي رفعتها، وكذا القضاء على أبرز مخرجات مؤتمر الحوار الوطني المتمثلة في نظام الأقاليم الفيدرالية.

تمثل مطالب التحول الديمقراطي الحقيقي في البلاد ذروة الأهداف والطموحات التي ناضل من أجلها أحرار اليمن في مختلف حقب التاريخ اليمني، وتتنوع أساليب النضال الوطني وفقا للتحديات التي تشكل خطورة على البلاد ووحدتها وعلى حياة المواطنين وحقوقهم السياسية والمدنية.

فعندما كانت الظروف مهيأة لخوض نضال سلمي ضد مشروعي التوريث والتأبيد اللذين كان يخطط لهما الرئيس الراحل علي صالح، باعتبارهما مناقضان للديمقراطية، بالإضافة إلى الفساد المالي والإداري الذي تميز به نظام حكمه، فإن أحرار اليمن لم يسكتوا على مثل هذا الارتداد عن الجمهورية والديمقراطية، وبدأت الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني تخوض النضال السلمي كوسيلة حضارية لنيل الحقوق والحريات، وكانت ذروة هذا النضال تلك المتمثلة في اندلاع ثورة 11 فبراير 2011 الشعبية السلمية، بعد أن بدا أن النظام غير قابل للإصلاح من داخله.

استنفد أحرار اليمن كل الوسائل الحضارية لإجبار نظام علي صالح على الإصلاح من داخله والتوافق مع القوى السياسية على إجراء تحول ديمقراطي حقيقي، لكن النظام الحاكم أبى إلا أن يجر الجميع إلى همجيته المتمثلة في إشعال الحروب والقتل والدمار، كون تلك هي بضاعته التي يجيدها، فتحالف مع الحوثيين وإيران بغرض تخويف الداخل وابتزاز دول الجوار، ثم انقلب على السلطة الشرعية وأشعل الحرب الأهلية، لاعتقاده أن ذلك سيمكنه من القضاء على خصومه وعلى ثورة 11 فبراير وسيجعل دول الجوار ترضخ لابتزازه وتستسلم للأمر الواقع، لكن تقديراته خانته ثم أصبح هو بذاته أحد ضحايا أحقاده وأخطائه.

 

- عودة النضال المسلح

لم يستسلم أحرار اليمن للانقلاب ومحاولة فرض الأمر الواقع من خلال قوة السلاح، لكنهم استأنفوا النضال المسلح لأجدادهم من أجل الجمهورية والديمقراطية ضد الإمامة والتوريث، وساندهم في نضالهم دول التحالف العربي بقيادة السعودية، وسيستمر النضال رغم العوائق والتحديات التي تقف حجر عثرة أمام مطالب وطموحات التحول الديمقراطي الحقيقي.

وتمثل عودة الفكر الإمامي بعد ما يقارب 60 عاما على اندلاع ثورة 26 سبتمبر 1962 ضد الإمامة انتكاسة تاريخية كبيرة في حياة اليمنيين، ولم يكن أمامهم سوى خيارين: إما الاستسلام للذل والعبودية والجوع والفقر والمرض والعنصرية كأبرز سمات الحكم الإمامي المستبد، أو المواجهة المسلحة رغم ما يترتب عليها من قتل وسفك للدماء ودمار للبلاد من أجل الحرية والمساواة والعدالة وسيادة النظام والقانون والجمهورية والديمقراطية، وكان الخيار الثاني هو الأرجح كمطلب وطني ملح يعد استكمالا لنضالات الآباء والأجداد للأهداف العظيمة التي ناضلوا من أجلها.

 

- عوائق وتحديات

هناك عدة عوائق وتحديات أمام مطالب التحول الديمقراطي في البلاد، بسبب انبعاث الفكر الإمامي، سنسردها في ما يلي:

- يعتمد الفكر الإمامي على عقيدة مذهبية طائفية عنصرية ترى في السلطة حقا إلهيا لا يمكن التنازل عنه، وأن القتال من أجله جهاد في سبيل الله.

- تستند عقيدة الحكم في الفكر الإمامي على حصر السلطة أو ما يسمونه "الولاية" في سلالة تدعي النسب النبوي، وهذا الأمر يمثل فكرة جذابة في أوساط الحاضنة الاجتماعية والمذهبية للإماميين (الحوثيين) كونها تلاقي قبولا كبيرا في أوساط مجتمع جاهل، يتعمد الحوثيون إثارة عصبيته المذهبية والقبلية والمناطقية ضد الرافضين لفكرهم ومشاريعهم المتخلفة.

- استولى أتباع الفكر الإمامي على كل مقدرات الدولة والنفوذ السياسي والعسكري الذي راكمه الرئيس الراحل علي صالح خلال 33 عاما وسلمه لهم في لحظة واحدة، وهو ما يعني أنهم ورثوا دولة بكاملها وجهوها نحو خصومهم في الداخل والخارج.

- النزعة المذهبية والسلالية للإماميين الحوثيين والاستعلاء على الآخرين، من شأنها تمزيق البلاد وإثارة النعرات المناطقية والقبلية ومختلف الهويات الفرعية، وتعزيز مطالب الانفصال وتفتيت البلاد، باعتبار ذلك أفضل وسيلة للتخلص من شر الإماميين (الحوثيين)، أي أن زرع بذور الانقسام ستعيق وتهمش مطالب التحول الديمقراطي.

وعطفا على ماسبق، يمكن القول إن الإماميين (الحوثيين) وحاضنتهم الاجتماعية لا يؤمنون بالديمقراطية كوسيلة حضارية للحكم والتداول السلمي للسلطة، فهذا يتناقض مع عقيدتهم المذهبية والطائفية والسلالية وثقافة النهب والفيد التي اعتادوا عليها.

ويعني ذلك أنه حتى في حال انهزموا في الحرب أو رضخوا للحل السلمي للأزمة، فإنهم سيصبغون الديمقراطية بصبغة مذهبية وسلالية وجر مختلف القوى الأخرى إلى هذا المستنقع، وبالتالي حرف الديمقراطية عن مسارها، ثم إدخال البلاد في حالة من اللااستقرار والفوضى السياسية والأمنية، حتى تصل الأوضاع إلى إشعال الحرب الأهلية مرة أخرى.

وهنا سؤال يطرح نفسه: ما الحل؟ والإجابة بلا شك: القضاء على جماعة الحوثيين وعلى الفكر الإمامي من جذوره، وعدم السماح بتأسيس أحزاب سلالية تستند إلى الفكر الإمامي، ومنع كل من تورطوا في العمل مع جماعة الحوثيين من العمل السياسي مدى الحياة، وأيضا منع كل أتباع السلالة الإمامية من المناصب الحساسة في الجيش، وإضافة مادة في الدستور تجرم أي دعوة أو نزعة سلالية أو عنصرية ذات بذرة إمامية، وغير ذلك من الإجراءات التي من شأنها تحصين النظام الجمهوري والتحول الديمقراطي وحفظ أمن واستقرار اليمن والمنطقة.

كلمات دالّة

#الفكر_الإمامي