الجمعة 26-04-2024 13:44:23 م : 17 - شوال - 1445 هـ
آخر الاخبار

ازدواج المعايير.. لماذا تقدم الأمم المتحدة الدعم اللوجيستي للحوثيين؟

السبت 06 يناير-كانون الثاني 2018 الساعة 07 مساءً / الإصلاح نت - خاص/ عبدالسلام قائد

   

ما زالت منظمة الأمم المتحدة تواصل دعمها اللوجستي للحوثيين منذ ثلاث سنوات، رغم تزايد الانتقادات الموجهة لها بهذا الخصوص، حيث تواصل انحيازها لمليشيات الحوثيين سواء من خلال عملها الإنساني أو من خلال مواقفها وبياناتها الرسمية بشأن الحرب وحالة حقوق الإنسان في اليمن.

وفي نفس الوقت، تتغاضى المنظمة الأممية عن الجرائم والانتهاكات التي يرتكبها الحوثيون ضد المدنيين الأبرياء والأطفال والنساء، والتي تشمل القتل العشوائي، وقصف المدن والقرى الآهلة بالسكان، ونهب الممتلكات، واقتحام وتفجير المنازل، والاعتقال العشوائي، والإخفاء القسري، ووضع المعتقلين في أماكن مستهدفة بقصف الطائرات كدروع بشرية، وتجنيد الأطفال، والاعتداء الجسدي على أمهات المعتقلين، وغيرها من الانتهاكات.

 

- التحالف يجدد استنكاره

وقد أثار دعم الأمم المتحدة المستمر للحوثيين حفيظة التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن، حيث عبر التحالف عدة مرات عن استيائه من انحياز منظمة الأمم المتحدة للحوثيين، وكان آخر ذلك في نهاية ديسمبر الماضي، حيث عبّر التحالف العربي لدعم الشرعية عن أسفه على ما ورد في بيان منسق الشؤون الإنسانية في اليمن جيمي ماكغولدريك، ووصفه بأنه "ظهر فيه منحازًا للمليشيات الحوثية المدعومة من إيران"، داعيًا الأمم المتحدة إلى مراجعة آلية العمل الإنساني، وكفاءة موظفيها العاملين في اليمن ومراقبة أدائهم مجددًا.

وقال العقيد تركي المالكي، المتحدث باسم التحالف العربي بقيادة السعودية، إن "بيان ماكغولدريك تعمد تسمية المليشيات (سلطات الأمر الواقع)، مخالفًا في ذلك قرارات مجلس الأمن وبيانات الأمم المتحدة، في محاولة منه لإضفاء الشرعية على مليشيات الانقلاب في اليمن"، وأشار إلى استمراره في تضليل الرأي العام الدولي "من خلال ترديده ما يتداول في المواقع الإعلامية ووسائل التواصل الاجتماعي التابعة والداعمة للمليشيات الحوثية، متناسيًا وجود قناة اتصال مباشرة".

 

- تناقض واضح

ويثير الدعم اللوجستي المتزايد من قبل الأمم المتحدة للحوثيين استغراب كثير من المتابعين والمحللين السياسيين، خاصة أن مليشيات الحوثيين -أو حتى حليفتها إيران- ليس لديها أي لوبي أو جماعة ضغط في الأمم المتحدة، لكي يمكن فهم أسباب الدعم اللامحدود المقدم للمليشيات الحوثية من قبل منظمة الأمم المتحدة وغيرها.

كما أن هذا الدعم اللامحدود يتناقض مع مبدأين أساسيين من مبادئ الأمم المتحدة ذاتها وغيرها من المنظمات الحقوقية، الأول أن قيادة مليشيات الحوثيين مشمولين بعقوبات وقرارات أممية أقرها مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، باعتبارها مليشيات انقلابية على السلطة الشرعية وتهدد الأمن والسلم الدوليين، والثاني أن هذا الدعم يساعدها على ارتكاب المزيد من انتهاكات حقوق الإنسان ضد المدنيين الأبرياء والمعتقلين من السياسيين والإعلاميين وغيرهم.

- دعم بلا حدود

تتعدد أنواع الدعم المقدم من الأمم المتحدة للحوثيين، وبمقابل هذا الدعم يبدو وكأن المنظمة الأممية تتخذ سلوكًا عدائيًا ضد السلطة الشرعية والتحالف العربي، وهو ما يثير الاستغراب، كونه لا يوجد أي مبرر منطقي لهذا السلوك وازوداج المعايير، والتخلي عن المبادئ الإنسانية المتعلقة بحقوق الإنسان.

كما أن ازدواج المعايير والدعم المقدمة للحوثيين يصعب ربطه بما هو معروف عن اتخاذ منظمة الأمم المتحدة والمنظمات المتفرعة عنها، وغيرها من المنظمات الدولية العاملة في مجال حقوق الإنسان، من الحروب والنزاعات في العالم وسيلة لتحقيق الثراء لدى العاملين فيها من خلال العمل الإنساني، وتمارس في نفس الوقت ضغوطًا على بعض الدول والحكومات للحصول على تمويل، وإلا فإنها تبتزها من خلال تقاريرها المتحيزة بخصوص انتهاكات حقوق الإنسان.

 

- نماذج متعددة

وفيما يلي عدة نماذج للدعم اللوجستي الذي تقدمه منظمة الأمم المتحدة للحوثيين:

- رفض الانتقال للعمل من العاصمة المؤقتة عدن، والإصرار على مواصلة العمل من العاصمة صنعاء التي يسيطر عليها الحوثيون.

- الإصرار على العمل وإدخال المساعدات للبلاد عبر مطار صنعاء وميناء الحديدة اللذين يسيطر عليهما الحوثيون، ورفض إدخال المساعدات عبر الموانئ والمطارات التي تسيطر عليها السلطة الشرعية، وعلى رأسها مطار وميناء عدن.

- تسليم قوافل الإغاثة للحوثيين مباشرة دون الإشراف على توزيعها، رغم علم المنظمة بأن الحوثيين ينهبونها ويبيعونها في السوق السوداء، والتغاضي عن ذلك.

- قوافل الإغاثة التي تقدمها الأمم المتحدة للحوثيين في مناطق سيطرتهم أكثر بكثير من القوافل المقدمة للمحتاجين في المناطق التي تسيطر عليها السلطة الشرعية، بل وتكاد تنعدم تمامًا في بعض المناطق.

- عندما تم إدخال مواد إغاثية إلى تعز، رفضت الأمم المتحدة نقلها عبر طرق بعيدة عن سيطرة الحوثيين، وأصرت على إدخالها عبر طرق يسيطر عليها الحوثيون، مما عرض العاملين مع المنظمة للانتهاكات من قبل الحوثيين الذين نهبوا المساعدات وباعوها في السوق السوداء، ولم تصدر الأمم المتحدة حتى بيان استنكار جراء ذلك.

- ذكرت تقارير إعلامية أن الأمم المتحدة تسترت على استخدام الحوثيين لقنابل عنقودية في بعض مناطق الاشتباكات، والأدهى من ذلك أن الحوثيين صوروا الأضرار التي خلفتها هذه القنابل وقدموها للأمم المتحدة كأدلة لإدانة التحالف العربي على استخدام قنابل عنقودية ضد المدنيين، رغم أن من قاموا بالتصوير هم من العاملين مع المنظمة من الداخل وتم تعيينهم من قبل الحوثيين للعمل معها، والأمم المتحدة تعلم ذلك تمامًا.

- تتغاضى الأمم المتحدة عن الدعم المشبوه من قبل إيران للحوثيين، مثل المخدرات والأسلحة عبر شحنات المساعدات الإنسانية التي تخضع لإشراف وتفتيش الأمم المتحدة، ومن نماذج ذلك، ما كشفت عنه قناة "بلقيس" الفضائية، أواخر أكتوبر الماضي، والتي ذكرت بأنها حصلت على وثائق تفيد بإﺭﺳﺎﻝ ﺇﻳﺮﺍﻥ ﻷﻛﺜﺮ ﻣﻦ 23 ﻃﻨﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻮﺍﺩ ﺍﻟﻤﺨﺪﺭﺓ للحوثيين ضمن 77 طنًا من مساعدات طبية، ووصلت الشحنة الإيرانية مطلع مارس 2017 الماضي، وتم بيعها في السوق السوداء.

- قدمت الأمم المتحدة دعمًا ماديًا للحوثيين بمبلغ 14 مليون دولار بذريعة طباعة الكتاب المدرسي، وأثار ذلك الدعم حفيظة السعودية التي ﺃﻋﺮﺑﺖ ﻋﻦ ﺍﺳﺘﻨﻜﺎﺭﻫﺎ ﺍﻟﺸﺪﻳﺪ، في مطلع نوفمبر الماضي، ﻟﻤﺎ ﻭﺭﺩ ﻓﻲ ﺗﻘﺮﻳﺮ ﻟﺠﻨﺔ ﻣﻌﻨﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻷﻣﻢ ﺍﻟﻤﺘﺤﺪﺓ ﻋﻦ ﻗﻴﺎﻡ ﺍﻟﻤﻨﻈﻤﺔ ﺍﻟﺪﻭﻟﻴﺔ ﺑﺘﻘﺪﻳﻢ ﻣﺒﻠﻎ 14 ﻣﻠﻴﻮﻥ ﺩﻭﻻﺭ ﺇﻟﻰ ﻣﺎ ﻳﺴﻤﻰ ﺑﻮﺯﺍﺭﺓ ﺍﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ﺍﻟﻴﻤﻨﻴﺔ ﺍﻟﺘﺎﺑﻌﺔ ﻟﻤﻠﻴﺸﻴﺎﺕ ﺍﻟﺤﻮﺛﻲ، ﻣﻄﺎﻟﺒﺔ ﺑﺈﻋﺎﺩﺓ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﻘﺮﻳﺮ ﺍﻟﻤﻘﺪﻡ ﻟﻠﺠﻨﺔ ﺑﻤﺎ ﻳﻌﻜﺲ ﺍﻟﻮﻗﺎﺋﻊ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻢ ﺗﺠﺎﻫﻠﻬﺎ ﻭﺇﻟﻰ ﺍﻟﺘﺰﺍﻡ ﺟﻤﻴﻊ ﺍﻷﺟﻬﺰﺓ ﺍﻷﻣﻤﻴﺔ ﺑﻘﺮﺍﺭﺍﺕ ﻣﺠﻠﺲ ﺍﻷﻣﻦ ﺫﺍﺕ ﺍﻟﻌﻼﻗﺔ ﻭﻣﻨﻬﺎ ﺍﻟﻘﺮﺍﺭ 2216 ، ﻣﺆﻛﺪﺓ ﺃﻥ ﺩﻋﻢ ﺍﻷﻣﻢ ﺍﻟﻤﺘﺤﺪﺓ ﻟﻠﻤﻠﻴﺸﻴﺎﺕ ﺍﻻﻧﻘﻼﺑﻴﺔ ﺍﻟﺤﻮﺛﻴﺔ ﻫﻮ ﺃﻣﺮ ﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﺗﺒﺮﻳﺮﻩ ﺃﻭ ﻗﺒﻮﻟﻪ.

- قدمت الأمم المتحدة للحوثيين ملايين الدولارات، تتراوح ما بين 14 و 17 مليار دولار، وفقًا لتقارير إعلامية، بذريعة نزع الألغام في اليمن، بينما في الحقيقة فإن مليشيات الحوثيين هي من تزرع آلاف الألغام في المناطق الآهلة بالسكان التي انسحبت منها، كما زرعت آلاف الألغام في الحدود اليمنية السعودية، وقد تستخدم هذه المبالغ لزيادة صناعة وزراعة الألغام بدلًا من نزعها.

وهكذا، يتضح مما سبق أن الأمم المتحدة تقدم للحوثيين دعمًا لوجستيًا بلا حدود، ويشمل الإصرار على العمل في المناطق التي يسيطرون عليها، والتغاضي عن المساعدات التي ينهبونها ويبيعونها في السوق السوداء لصالحهم وتقدر بملايين الدولارات، وتقديم دعم مباشر بملايين الدولارات بذريعة طباعة الكتاب المدرسي ونزع الألغام.

كما أنها تتستر على تهريب الأسلحة والمخدرات لهم من قبل إيران، وتهريب قياداتهم عبر طائرات الإغاثة إلى خارج اليمن، والتغاضي عن انتهاكاتهم الجسيمة لحقوق الإنسان، وغير ذلك، ويبقى السؤال: ما سر هذا الدعم اللامحدود الذي تقدمه منظمة الأمم المتحدة لمليشيات الحوثيين؟ وما مصلحتها في الحفاظ على هذه الجماعة الانقلابية بعمقها السلالي الطائفي والتي قتلت اليمنيين ودمرت بلدهم؟!