الجمعة 26-04-2024 15:43:20 م : 17 - شوال - 1445 هـ
آخر الاخبار

مليشيات الحوثي.. بين عبثية الحرب وعبثية الدعوات للحوار

الخميس 05 سبتمبر-أيلول 2019 الساعة 09 مساءً / الاصلاح نت- خاص- أسماء محمد

 

بدت مساعي مليشيات الحوثي للحصول على مكاسب سياسية واضحة أكثر من ذي قبل، خاصة مع وجود كثير من التعقيدات التي برزت إلى المشهد اليمني بشكل لافت، بعد مرور أكثر من أربع سنوات على الحرب التي اندلعت في مارس 2015.

يحاول الحوثيون كما هو ملاحظ الاصطياد في الماء العكر من وقت لآخر، وحديثهم عن السلام والحوار برغم تعطيلهم له طوال سنوات الحرب الماضية، وعدم التزامهم بأي اتفاقات كانت تبرم معهم.

 

ركوب موجة

استغلت مليشيات الحوثي الأحداث الأخيرة في جنوب اليمن عقب انقلاب ما يعرف بـ"المجلس الانتقالي الجنوبي" على الحكومة الشرعية، وركبت الموجة وأصبحت الطرف الذي يقدم المبادرات، مع أنها هي من تسببت بهذه الحرب التي بدأتها عقب انقلابها في سبتمبر 2014.

وضعت المليشيات الحوثية مقترحا في العاشر من الشهر الماضي، للخروج من دوامة الصراع، كون الحاجة أصبحت ماسة للسلام في اليمن.

ونقلت قناة "المسيرة" التابعة للجماعة عن رئيس ما يعرف بالمجلس السياسي الأعلى مهدي المشاط، قوله إن الأحداث الحالية تدل على حاجة اليمنيين لإجراء مصالحة وطنية ترسخ الأمن الاجتماعي وتهيئ لحوار سياسي يمني جاد بعيدا عن أي وصاية أجنبية.

وتحدث المشاط كذلك بأنهم في صدد تشكيل لجنة للمصالحة الوطنية والحل السياسي، وأن المشتركات بين اليمنيين كفيلة بتجاوز المسائل الخلافية.

سبقه بساعات عضو ما يسمى بـ"المجلس السياسي" التابع للجماعة محمد البخيتي، الذي دعا حزب التجمع اليمني للإصلاح والمؤتمر الشعبي العام وما يعرف بـ"المجلس الانتقالي الجنوبي"، إلى الاجتماع لترتيب وقف إطلاق النار، وتشكيل سلطة انتقالية تتولى إدارة المرحلة حتى إجراء الانتخابات الرئاسية.

وسخر كثير من المراقبين من تلك الدعوات أصبحت هذه المليشيات تتبناها، برغم أنها ليست المرة الأولى التي تعرض فيها حلولا تتناسب معها. ففي فبراير 2018، تحدثت وكالة سبوتنيك الروسية عن توجيه محمد علي الحوثي رسالة وجهها الأمين العام للأمم المتحدة وأعضاء مجلس الأمن، تضمنت تشكيل لجنة للمصالحة والاحتكام لصندوق الانتخابات لاختيار رئيس وبرلمان يمثل كل الشعب اليمني وقواه السياسية، مع التأكيد على ضرورة إيقاف ما وصفته بـ"العدوان"، في إشارة إلى التحالف العربي.

 

ورقة التصعيد

لجأت منذ أشهر مليشيات الحوثي للتصعيد ضد المملكة العربية السعودية في إطار سعيها للحصول على مكاسب سياسية تطمح إليها، باعتبار الرياض أحد أبرز الأطراف التي لها تأثير في ملف اليمن.

أطلقت خلال الفترة الماضية مليشيات الحوثي عشرات الصواريخ باتجاه الأراضي السعودية، استهدفت مواقع حيوية مختلفة وإستراتيجية، وذلك باستخدام صواريخ باليستية بعيدة أو متوسطة المدى، وطائرات مسيرة مفخخة، فضلا عن القصف المباشر في المعارك على الحدود.

من آخر تلك العمليات التي تحدثت عنها المليشيات، إطلاق دفعة من الصواريخ الباليستية على أهداف عسكرية في مطار نجران، وهجومهم على قاعدة الملك خالد الجوية بخميس مشيط.

لكن المتحدث باسم التحالف تركي المالكي، ذكر أن قواتهم تمكنت من اعتراض وإسقاط طائرة بدون طيار، أطلقتها المليشيات الحوثية الإرهابية المدعومة من إيران من محافظة عمران باتجاه الأعيان المدنية بخميس مشيط.

 

محاولات غريفيث

بدت محاولات المبعوث الأممي الخاص إلى اليمن مارتن غريفيث مع وصول ملف اليمن إلى أفق مظلم ومنحىَ خطر، كمن يحاول النفخ في قربة مثقوبة.

يتحرك غريفيث بشكل مستمر لكن دون أن يصل إلى نتائج واضحة، وكادت تنحصر جهوده فقط على إيقاف جبهة الحديدة التي تشكل أهمية بالغة بالنسبة لمليشيات الحوثي.

وفي الثاني من الشهر الجاري، دعا غريفيث جميع الأطراف في اليمن للعودة إلى الانخراط بشكل عاجل في العملية السياسية، ووضع حد للمعاناة الإنسانية، وذلك خلال لقائه بوزيرة خارجية السويد ما مارغو في عمان بالأردن.

لكن اللافت في تلك التحركات، تسريبات تداولتها مواقع مختلفة نقلت عن موقع "تاكتيكال ريبورت" الاستخباراتي، مشروعا قدمه غريفيث، يتضمن أن تدار البلاد عبر حكومة فيدرالية، وتقسم جغرافيا البلاد إلى ثلاث مناطق: الأولى شمالية تضم 8 محافظات، والوسطى 5 محافظات، وجنوبية تتكون من 8 محافظات، على أن يتشارك الجميع في حكم اليمن بينهم الحوثيون وما يعرف بـ"المجلس الانتقالي الجنوبي".

 

مخاطر

ومؤخرا جرى الحديث عن استعداد واشنطن للتفاوض سرا مع جماعة الحوثي، وهو ما جعل المخاوف تتفاقم من خطورة إشراك الحوثيين في أي حل سياسي مستقبلا، بالنظر إلى تعامله بمنطق القوة فقط مع كل من يعارضه، وعدم التزامه بأي اتفاقيات.
ورشحت معلومات مؤخرا عن قيام الجانب الامريكي بإجراء مشاورات غير معلنة مع الحوثيين في سلطنة عمان لبحث الازمة اليمنية وبحث الدور القادم للحوثيين في مستقبل اليمن.

وبرغم الأحاديث حول وجود مفاوضات بين الحوثيين وبعض دول الخليج، لكن مراقبين يستبعدون قبول المملكة العربية السعودية بذلك وبشكل تام، كونها تعلم أن تلك المليشيات لن تلتزم بأي اتفاقيات وستظل مصدر تهديد لها، خاصة أن إيران تصرح باستهدافها للرياض عبر تلك الجماعة.

وتتفاقم المخاوف كذلك من بقاء الحوثيين كقوة في اليمن كونهم مليشيات لا تعترف إلا بمنطق السلاح والعنف، وكون ذلك يعني أن إيران ستكون قد ثبتت وجودها في المنقطة بشكل أكبر، وستظل أبرز تهديد لدول الخليج وتحديدا السعودية.

وفي صعيد متصل، رأى المحلل السياسي اليمني أحمد حميدان، في تصريحات صحفية، أن "الحوثية كفكرة مذهبية، تشكل خطراً على السعودية، خوفاً من تغذية النزعات الشيعية فيها، ومن مصلحتها اجتثاث أو إضعاف هذه البذرة الخبيثة التي زرعتها ورعتها إيران، العدو اللدود للسعودية".

واعتبر حميدان الحديث عن أي حوار بين السعودية والحوثيين بعيدا عن الشرعية، بأنه مجرد تكتيك وليس إستراتيجية، والهدف منه فهم مدى قوة وصلابة الحوثيين وقوتهم وقدرتهم على الصمود، أو مدى مستوى الانهيار الذي وصلوا إليه، أو إمكانية اختراقهم.

 

خسران المعركة

وفي تصريحات صحفية للمحلل السياسي نبيل البكيري، أكد أن "أي اتفاق تبرمه السعودية مع الحوثيين حالياً، يعني هزيمة مدوية للرياض وخسرانها المعركة على كل المستويات، وأخطرها المسألة الأمنية على المديَين الطويل والمتوسط، بمعنى التهديد الوجودي لكيان المملكة، التي ستغدو هدفاً مركزياً للكيانات الشيعية المنتصرة في اليمن، أي الحوثيين، والمترقبة في المملكة والخليج معاً".

وكان وفد من الانتقالي وصل إلى جدة، وأعلن المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث دعمه لدعوة السعودية للحكومة اليمنية وذلك المجلس، من أجل الحوار.

كلمات دالّة

#اليمن