السبت 27-04-2024 04:12:30 ص : 18 - شوال - 1445 هـ
آخر الاخبار

التجمع اليمني للإصلاح رائد بناء الدولة وحصن الجمهورية المنيع

السبت 12 سبتمبر-أيلول 2020 الساعة 03 مساءً / الإصلاح نت –خاص/ أحمد أبو ماهر
 

 

منذ اللحظة الأولى لميلاد التجمع اليمني للإصلاح في 13 سبتمبر 1990 وهو يتطلع أن تكون لليمن دولة نموذجية تلحق بركب التقدم الحضاري للإنسانية اليوم، مع ما تملكه اليمن من مقومات طبيعية لو حسن استخدامها الاستخدام الأمثل لكانت اليمن في مصاف الدول المتقدمة لما لليمن من ثقل حضاري وتأثير كبير في بناء الإنسانية منذ عهده السبئي ومختلف الحضارات التي أثرت الإنسانية في كثير من المجالات، وهو الدور الذي دونه القرآن الكريم والكتب السماوية السابقة في ذكر الدولة اليمنية.. دولة تحفظ للمواطن كرامته وحريته وعيشه الرغيد بعيداً عن الإقصاء والتهميش والاستئثار بالمال والسلطة، والتي ظل يناضل من أجلها الإصلاح في مختلف ميادين الحياة ويدفع أثماناً كبيرة في هذا النضال وصولاً إلى هذه الغاية.
حيث يعتبر التجمع اليمني للإصلاح نفسه امتداداً لحركة إصلاحية يمنية أسست منذ عهد نشوان الحميري وابن الأمير والمقبلي والشوكاني، كما في كثير من أدبياته التعريفية، وتستلهم منهم دروب الفكر والنضال والإصلاح المجتمعي ومروراً برموز الثورة السبتمبرية الذين كان لهم الدور الأبرز في تحرر اليمن من ربقة الإمامة والدولة الكهنوتية التي سيطرت على شمال اليمن لقرون مختلفة من الزمن.

عمل التجمع اليمني للإصلاح على أن تكون هناك دولة مستوعبة كافة الأطراف والشرائح اليمنية للتعايش فيما بينها دون تسلط من فئة على أخرى أو ممارسة الأبوية على بقية الأطراف وكافة أفراد الشعب، في دولة مؤسساتية يعمل كل أفراد الشعب إلى تعزيز هذا العمل المؤسسي الهادف إلى بناء الدولة وخدمة الشعب، مستنداً بذلك إلى أربعة أطر رئيسية:
- سيادة الشريعة الإسلامية أساساً لسيادة القانون، واعتبار الشورى والاختيار الشعبي الحر أصلاً وسنداً لشرعية السلطة والقبول بها.
- بناء الدولة بناءً مؤسسياً يجعل من مؤسساتها أطراً مستقلة عن أشخاص الحاكمين العاملين فيها المتداولين عليها.
- ترسيخ التعددية السياسية الملتزمة بالثوابت العقدية والوطنية وضمان مبدأ التداول السلمي للسلطة.
- محاربة فكرة الدولة الأبوية ودورها الشمولي واحتكارها لمقومات القوة ومصادر الرزق ووسائط الثقافة والمعرفة، واتخاذ كافة الوسائل الكفيلة لتقوية مؤسسات المجتمع وتوسيع وظائفه وإفساح المجال للمبادرات الخاصة -الفردية منها والجماعية- في مختلف مجالات الحياة وميادين النشاط الإنساني وقصر دور الدولة على ما يعجز الأفراد والجماعات القيام به.
مضى التجمع اليمني للإصلاح في المشاركة في بناء الدولة ترجمة لما ورد في نظامه الأساسي وما يتطلبه العمل السياسي في هذا البناء من خلال متابعة الخطوات السابقة، حيث خاض نضالاً كبيراً في إعداد الدستور الأول للجمهورية اليمنية بعد قيامها عام 1990 وذلك من خلال المواءمة بين الممارسة السياسية التطبيقية وبين ما خطه في برنامجه الأساسي خاصة في النقاط السالفة الذكر.
قاد التجمع اليمني للإصلاح في عملية الدستور لتصحيحه بحسب معتقد المجتمع اليمني المسلم حملة معارضة لبعض البنود ومنها أن تكون الشريعة الإسلامية مصدر كل التشريعات وذلك بدلاً عن بند المصدر الرئيس للتشريع، بحسب ما تطلبته المرحلة السابقة، وقاد مسيرة مليونية لأول مرة في تاريخ المسيرات السياسية السلمية للمطالبة بذلك التعديل، واستطاع انتزاع بيان من مجلس الرئاسة يلتزم فيه بالمطالب التي تقدم بها، فإن الإصلاح استطاع أن يقدم نفسه باعتباره الحزب المعارض الرئيس، والقادر على خلط الأوراق وإعادة ترتيب المعادلات السياسية القائمة ..

لكن الإصلاح في مؤتمر الحوار الوطني في 2013 عاد ليوافق على هذه النقطة حرصاً منه على لم شمل اليمنيين ومواجهة الانقسام بين فئات المجتمع والتي رأى المتحاورون أن يبقى هذا البند كما هو عليه في الدستور الجديد. وهنا فقد غلب الإصلاح فقه المرحلة، حيث كانت تمر البلاد بمنعطف خطير للغاية أدخل البلاد لاحقاً مرحلة الانقلاب الحوثي.
قبل تلك المرحلة، وحفاظاً على الدولة من السقوط، سارع التجمع اليمني للإصلاح إلى الموافقة السريعة على المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية والتوقيع عليها في الرياض حتى لا تتفكك الدولة ومؤسساتها، فقد رأى فيها المخرج الأمثل للحفاظ على الدولة من الانقسام الذي مثلته المواجهات في 2011.
وسعياً من الإصلاح لتطبيق البند الثاني من نظامه الأساسي وإسقاطه على أرض الواقع، والمتمثل في بناء الدولة بناءً مؤسسياً...إلخ، شارك التجمع اليمني للإصلاح مع بقية القوى السياسية لبناء هذه المؤسسات بفاعلية كبيرة واءم فيها بين الدفع ببنائها إلى الأمام وتصحيح الاختلالات القائمة فيها، وضرب أروع الأمثلة في المحافظة على مؤسسات الدولة دون التجيير الحزبي الذي مورس من الحزبين الحاكمين يومها المؤتمر الشعبي العام والحزب الاشتراكي اليمني، وكان مسؤولوه وأفراده على درجة عالية من المسؤولية والنزاهة والعمل الدؤوب في تقديم النماذج الحسنة وخدمة المواطنين وأداء الواجب الدستوري في أعمالهم.

في مجال التعددية السياسية كرس التجمع اليمني للإصلاح كل جهده لإنجاح هذه التعددية بمشاركاته الفاعلة في كل المحطات الانتخابية والأعمال النقابية والتكتلات الحزبية المختلفة من خلال الدورات الانتخابية البرلمانية الأولى في عام 1993، والدورة الثانية في عام 1997، والرئاسية الأولى في عام 1999، والمجالس المحلية في 2001، ثم النيابية الثالثة في عام 2003، فالانتخابات الرئاسية والمحلية شديدة التنافس في 2006، وصولاً إلى الانتخابات الرئاسية للتداول على السلطة التي جرت في فبراير 2012 والتي كان الإصلاح في كل تلك المحطات حجر الزاوية الحقيقية الرائدة فيها، كان مستهدفاً في كل تلك المحطات بالإقصاء تارة واستخدام المال العام ومؤسسات الدولة، وتارة بالترهيب بالسلاح ليسقط له بعض الشهداء والجرحى في بعض تلك المحطات، خاصة المحلية 2001.

 

ترسيخ التجربة الديمقراطية

مضى التجمع اليمني للإصلاح يؤدي واجبه تجاه الوطن والدولة بحسب كل مرحلة وما تتطلبه تلك المرحلة وظروفها المختلفة بدءاً من المشاركة في السلطة ثم المعارضة، ثم الإئتلاف ثم المعارضة، وهكذا دون أن يخل بأي من واجباته المختلفة.
حيث قضى الإصلاح ثلاث سنوات ( 90 – 93م ) في ميدان المعارضة باستثناء مشاركته الرمزية في مجلس الرئاسة بعد قيام الوحدة مباشرة، ثم دخل في مرحلة ائتلاف حكومي ثلاثي أفرزته واقعة الانتخابات النيابية عام 1993 حتى خروجه من السلطة عام 97م، وفي كلا الميدانين –السلطة والمعارضة- أثبت الإصلاح -بما لا يدع مجالاً للشك- أنه من أكثر الأحزاب اليمنية تجاوباً للنهج الديمقراطي التعددي، وأنه الحزب السياسي الوحيد الذي مارس التداول السلمي للسلطة بكل سلاسة دون مشاكل أو اعتراض، وفي هذا تعزيز من وجود الدولة وقوتها وإيماناً بمؤسساتها ونهجها الديمقراطي، إذ جاء إليها عبر صناديق الاقتراع وخرج منها عبر صناديق الاقتراع .. وأدى دوره كمشارك في السلطة بمسئولية عالية، ثم مارس دوره كمعارض برصانة من خلال المنابر المشروعة ديمقراطياً كالبرلمان والصحافة والنقابات ومختلف الفعاليات والوسائل المتاحة ..


في خلال العمل المعارض سعى التجمع اليمني للإصلاح إلى المشاركة السياسية الفاعلة في تقوية صف المعارضة لمواجهة التفرد السياسي للمؤتمر الشعبي العام وشارك مع شركائه في المعارضة تأسيس اللقاء المشترك الذي كان الواجهة السياسية الكبيرة للمعارضة، لعب هذا الائتلاف دوراً كبيراً في تصويب العمل السياسي ومواجهة التغول المنفرد كونت الانتخابات الرئاسية عام 2006 ذروة هذا العمل المعارض والمراقب في نفس الوقت، ولما لم يفلح كل ذلك العمل وزيادة التفرد والتغول السياسي للمؤتمر الشعبي العام ومضي الرئيس السابق صالح في نهج التوريث دخلت البلاد في مرحلة الثورة الشبابية الشعبية عام 2011 كان شباب التجمع اليمني للإصلاح أهم مكون فيها ضابطاً إيقاعها والحفاظ عليها من المزالق التي كانت تجر إليها.
وعلى الرغم من أن الثورات الشعبية المختلفة أو الثورات المضادة التي أتت ضد هذه الثورات تعمل على اجتثاث السلطات السابقة إلا أن الإصلاح مع شركائه في اللقاء المشترك وافقوا على المبادرة الخليجية التي مثلت مخرجاً آمناً للبلاد دون خسائر وحروب كما حصلت في سوريا وليبيا، غير أن تحالف صالح والحوثيين غدروا بهذه المبادرة وقادوا انقلاباً على الدولة والجمهورية ليجد التجمع اليمني للإصلاح نفسه مستهدفاً من كافة القوى السياسية من حوله سواء خصومه أو شركائه الذين دخلوا في مرحلة أخرى من الابتزاز السياسي وانقلاب الشراكة.

 

الإصلاح في وجه الانقلاب

مع تكالب الجميع ضد الدولة والانقلاب عليها كان كافة الانقلابيين يشعرون أن الإصلاح هو الورقة الضامنة الحقيقية والقوية لمواجهة الانقلاب، والعقبة الحقيقية أمام أحلام الجميع، ولذلك سلطت كل الأقلام عليه، وتم عمل حملة إعلامية ضده فاقت الخيال ممولة خارجية وداخلية، حتى تم استقطاب كل ناشطي التواصل الاجتماعي وشرائهم لذلك وتجنيد كل سفيه ضده بلغت حد ملايين الدولارات للجانب الإعلامي فقط، ومنحوهم صكوك صفة الإعلاميين، ولذلك وجد الإصلاح نفسه وحيداً يواجه هذا الانقلاب كواجب تجاه الدولة، وأخذ على عاتقه تكوين المقاومة الشعبية في كل المناطق التي يتواجد فيها.
لم تبق وسيلة من وسائل التحريض والقمع والتشويه والتزوير والحملات العسكرية والسياسية والاستهدافات والاغتيالات والاختطاف والإقصاءات إلا وطالت الإصلاح والإصلاحيين ومع ذلك يستمر في التضحية لأجل الوطن ولا يلتفت للمعارك الجانبية كونه كبيراً لا يخوض إلا المعارك الكبرى في الدفاع عن الوطن والأرض والعرض، ولم يحدد له من عدو إلا الحوثي على الرغم من كثرة المحاولات لإدخاله في عداوات جانبية مع كثير من الأطراف التي صُنعت صناعة لاستعدائه بعيداً عن المعركة الأم لاسترداد الوطن المسلوب.


لقد صوب الجميع سهامهم نحو الإصلاح في طريق الانقلاب الحوثي الذي وجد دعماً لا نظير له داخلياً وخارجياً للتخلص من الإصلاح واعتبر الجميع يومها أن هذا الانقلاب الحوثي إنما هو مواجهة وتصفية حسابات مع الإصلاح على الرغم من كل الخطوات الواضحة التي كانت تصرخ من نفسها أن مشروع الإمامة عائد للانقلاب على الجمهورية وليس على الإصلاح، لكن الفجور في الخصومة وتغذية هذه الخصومة خارجياً أعمت جميع الأعين عن النظر إلا من ثقب أسود وبعيون حُولٍ نحو شريك لطالما كان رافعة حقيقية لهم وللدولة ولأعمدة الجمهورية والشعب، فراح الانقلابيون يقتلون ويفجرون ويغتالون ويختطفون وينهبون كل مصالح الإصلاح وبدا مكشوفاً إلا من الثقة بالله وبنفسه وبنبل ما يحمل من أفكار وقيم ومشاريع عزة وكرامة لهذا الوطن.


يدرك التجمع اليمني للإصلاح أن الوطن بلا دولة عبارة عن مقبرة لليمنيين ووأد لليمن وحضارتها، وتخلٍ عن الكرامة والعزة لهذا الشعب الذي يعمل الإصلاح على استنهاضه من جديد ليأخذ مكانته بين الأمم وليس له من طريق إلا الدولة التي ينبغي أن تكون حاضنة الجميع التي تلم شملهم ويتكئون عليها، وعلى الرغم من كل ما سبق مازال الإصلاح يقدم التنازلات تلو التنازلات للوصول إلى الغاية الكبرى وهي التحرر من ربقة العبودية الإمامية وثالوثها المعروف؛ الجهل والفقر والمرض.

كلمات دالّة

#اليمن