السبت 27-04-2024 09:23:51 ص : 18 - شوال - 1445 هـ
آخر الاخبار

محافظة إب.. عقد من الفساد الحوثي والانتهاكات الجسيمة (1-2)

السبت 16 مارس - آذار 2024 الساعة 11 مساءً / الإصلاح نت - خاص

 

بعد مرور ما يقارب عقد من الزمان على انقلاب مليشيا الحوثي على الدولة والدستور والقانون، لا تزال الأوضاع المعيشية من سيئ إلى أسوأ وفي تدهور مستمر وانهيار اقتصادي خطير بفعل السياسات الخاطئة التي تنتهجها المليشيا الانقلابية والتي تصر على المضي فيها رغم تفاقم الأوضاع السيئة وازدياد الأزمات على نحو غير مسبوق.

وتشير توقعات أممية إلى مزيد من الخسائر الاقتصادية، وتحذيرات متصاعدة من تفاقم الأوضاع الاقتصادية والإنسانية في اليمن، إضافة إلى تراجع مؤشرات التنمية، وعدم جدوى المساعدات الإغاثية.

 

تدهور خطير

ويفيد تقرير للأمم المتحدة أن 80% من سكان اليمن البالغ عددهم 32 مليونا بحاجة إلى المساعدات، في الوقت الذي تعيش فيه اليمن واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم.

وتعاني مختلف الشرائح في المجتمع اليمني من تردي الأوضاع الاقتصادية التي تشهدها البلاد والتي أدت إلى ارتفاع الأسعار بشكل غير مسبوق، في الوقت الذي انعدمت فيه فرص العمل وتوقفت الرواتب منذ أكثر من ثماني سنوات، كما تضرر حتى من يعمل في القطاع الخاص حيث يعاني هو الآخر نتيجة انخفاض قيمة الراتب أمام حركة الأسعار المرتفعة من وقت لآخر فيما راتب موظف القطاع الخاص أو مستحقات العامل تظل كما هي، ما يجعل المعاناة أكبر.

ومنذ العام 2014، تاريخ الانقلاب الحوثي المشؤوم، تشهد المحافظات الواقعة تحت سيطرة مليشيا الحوثي أوضاعا صعبة وتدهورا خطيرا في كافة المجالات لا سيما الاقتصادية منها، وتعتبر محافظة إب من أكثر المحافظات تأثرا بموجة الأزمات المتعددة التي جلبتها المليشيا الحوثية، فقد تفاقمت معاناة اليمنيين أضعافاً مضاعفة، وانهار الصمود الذي بدأ في سنوات الحرب الأولى خلال السنوات الماضية من عمر الحرب التي اندلعت بسبب انقلاب مليشيا الحوثي وانفرادها بالسلطة، وباتت الأوضاع المعيشية أكثر قساوة وتكشف عن جحيم لا يطاق من المأساة التي بلغت ذروتها مؤخرا، إذ بات الغلاء والانهيار الاقتصادي أكثر فتكا باليمنيين.

 

جحيم لا يطاق

ويتحول شهر رمضان كل عام إلى أزمة حقيقية ومناسبة ترهق كاهل الكثير من أبناء المحافظة، نتيجة للوضع الذي خلقته المليشيا الحوثية، بعد أن حولت المليشيا هذه المناسبة من موسم للعبادة والقربات إلى هم كبير يعيشه أبناء محافظة إب بكل تفاصيله، إذ بات من المؤسف أن ينصرف تفكير الكثير من أبناء المحافظة وأعمالهم من الانشغال باستغلال لحظات هذا الشهر والتزود بالطاعات والقربات كشهر له مكانته في القلوب خصوصا أبناء محافظة إب، إلى الانهماك بهموم توفير متطلبات العيش الأساسية وهموم أخرى متعلقة بكسوة العيد وتبعات اقتصادية ضرورية أخرى، لا سيما في ظل ارتفاع ملحوظ للأسعار بشكل غير مسبوق.

ومنذ البداية الأولى للانقلاب الحوثي، واجتياح المليشيا الحوثية للمحافظة، تسببت المليشيا بقطع رواتب الموظفين بشكل كامل. وعلى الرغم من محاولة الكثير من المواطنين إيجاد البدائل لمقاومة الأوضاع الصعبة وتوفير متطلبات العيش، إلا أن المليشيا تسببت أيضا بانعدام فرص العمل مما تسبب بتفاقم الأزمة بشكل أكبر، فقد تغيرت حياة الناس وتعقدت أوضاعهم المعيشية والاقتصادية بفعل الانقلاب الحوثي والحرب التي جلبتها المليشيا الحوثية على محافظة إب وبقية المحافظات التي تشهد حربا دامية منذ ما يقارب عقد من الزمان، والتي لا تزال مستمرة بتبعاتها الكارثية على حياة المواطنين، حيث تراجعت الأعمال وانعدمت فرص الدخل وارتفعت الأسعار بشكل كبير، ما حول حياة الناس إلى جحيم.

 

تضييق وإرهاب

ولم تقف المليشيا الانقلابية عند هذا الحد في التضييق على أبناء محافظة إب وبقية المحافظات ومحاربتهم في أقواتهم، بل سعت إلى قطع أي معونة تصل إلى المواطنين عبر المنظمات الأممية والجمعيات الخيرية، من خلال التضييق عليها وفرض مزيد من القيود على أنشطتها ووضع شروط مجحفة لمزاولة أعمالها، ومصادرة الأموال والمؤن الغذائية، مما اضطر كثير من تلك المنظمات والجمعيات إلى وقف أنشطتها الإغاثية، وإغلاق مكاتبها ومقراتها نتيجة للسياسة الحوثية الإجرامية.

وإمعانا في الظلم والإجرام، عمدت المليشيا الحوثية أيضا إلى منع التجار ورجال الأعمال من توزيع الأموال والسلال الغذائية على الفقراء والمعدمين، حيث اعتاد كثير منهم على توزيعها على أعداد كبيرة من الفقراء والمحتاجين في مناسبات مختلفة للتخفيف من وطأة الفقر وحدة الأزمات التي تطحن غالبية الأسر في محافظة إب، حيث تشترط المليشا الحوثية تسليم تلك الأموال والمعونات لمشرفيها ونافذيها في المحافظة، في سياسة دأبت عليها منذ سيطرتها على المحافظة، كما تصدر توجيهات باقتحام محال من لم يمتثل لأوامرها ومصادرة أمواله بل واعتقال كل من يرفضون تلك التوجيهات.

 

حملات عسكرية لإثراء المليشيا

ويعاني التجار في محافظة إب من ظروف استثنائية وتضييق وقيود فرضتها المليشيا عليهم، تسببت بشلل كبير وركود عام في الأوساط التجارية، وانكماش واسع في القطاع التجاري على نحو غير مسبوق.

وقد اعتمدت مليشيا الحوثي على سياسة الاسترزاق وإثراء قياداتها من خلال فرض مبالغ مالية على التجار وجبايات باهظة بمسميات متنوعة ومناسبات متعددة أثقلت كاهل القطاع التجاري، واضطر كثير من المستثمرين وأصحاب الأموال إلى تقليص أنشطتهم التجارية، وإغلاق بعضهم لمحالهم التجارية تحت وطأة الإتاوات الجائرة التي يفرضها الحوثيون.

وقد جرت العادة لكثير من تجار المحافظة منذ زمن طويل على تعاهد الأسر الفقيرة والمعدمة وتوزيع الأموال والسلال الغذائية عليهم في مناسبات مختلفة، كنوع من أنواع التكافل الاجتماعي في ميزة عرفت واشتهرت بها محافظة إب، بيد أن المظاهر الإيجابية تلك والصورة المشرقة ما لبثت أن اختفت وتلاشت في أوساط المجتمع، بعد أن منعتها مليشيا الحوثيين واشترطت تسليم تلك الأموال حصريا إلى أيدي مشرفيها ونافذيها في المحافظة، والتي يتم تحويلها إلى حسابات قادة المليشيا وتغذية الحرب الدائرة في البلاد.

وأخيرا، فرضت مليشيا الحوثي جبايات مالية على التجار والمؤسسات الرسمية والأهلية بمختلف مديريات محافظة إب، كما بقية المحافظات الخاضعة لسيطرتها، بحجة دعم المقاومة في فلسطين.

وبحسب مصادر إعلامية مختلفة فقد أرسلت المليشيا الحوثية عناصرها المسلحة في حملات شملت العديد من التجار ومختلف المؤسسات، وفرضت عليهم جبايات مالية بالقوة، وهددت المخالفين بغرامات وعقوبات واسعة، وطالت المدارس والمستشفيات الخاصة والحكومية، وشركات بيع الأدوية، والتجار وعقال الحارات والوجهاء بمختلف مديريات المحافظة.

وتشير المصادر إلى أن المليشيا عقدت في الأيام الماضية سلسلة لقاءات مختلفة لقياداتها ونافذيها بهدف تحصيل الأموال والمبالغ المفروضة ورفعها إلى مستويات عليا، مؤكدة أن المليشيا استغلت الحرب والأوضاع الإنسانية في فلسطين واستثمرتها للاسترزاق وتحصيل الأموال، في الوقت الذي لن تتحصل المقاومة في فلسطين أي مبالغ من تلك الأموال المنهوبة.

 

ساحة للجريمة

ولم تقتصر مظاهر الفساد في محافظة إب على الجانب الاقتصادي وخلق مجاعة حقيقية في أوساط السكان فحسب، بل شهدت المحافظة ولا زالت تدهورا أمنيا كبيرا منذ وطئت أقدام المليشيا المحافظة، فقد تحولت محافظة إب، بعد تسع سنوات من سيطرة المليشيا الانقلابية عليها بقوة السلاح، إلى مدينة للفوضى والجريمة، ومساحة لمنطق الغاب والغلبة، وساحة للمواجهات المسلحة وميدان للانتهاكات اليومية من قبل عناصر المليشيا، في مشهدٍ مغاير لما كانت عليه كمحافظة سياحية عرف أبناؤها بالسلم والاحتكام لمنطق العقل والقانون.

ولا يكاد يمر يوم في إب، إلاّ وتشهد جريمة من الجرائم المتعددة والتي تتنوع بين القتل والسرقة والانتحار والمواجهات المسلحة نتيجة الفوضى الأمنية وانتشار السلاح، فضلاً عن الانتهاكات الواسعة التي ترتكبها المليشيا بحق المواطنين.

وقد نشر إعلام مليشيا الحوثي إحصائية رسمية في وقت سابق كشفت حجم نسبة الجريمة وانتشارها في مناطق سيطرة المليشيا خصوصا في محافظة إب، فقد كشف الإعلام الأمني التابع للمليشيا في العام 2022 أن المحافظة شهدت 559 جريمة خلال شهر مايو فقط من نفس العام، تنوعت بين القتل والإصابة والسرقة والاعتداء والنهب وجرائم النصب وأخرى مختلفة، وهي إحصائية كبيرة تظهر جزءا من حجم الجرائم المنتشرة، والوضع الأمني الهش للمليشيا في المحافظة.

ويوضح تقرير المليشيا أن من بين الجرائم التي جرى توثيقها مقتل وإصابة 46 شخصاً، و 65 جريمة سرقة (منازل ومحال تجارية وسيارات ودراجات نارية وغيرها)، فضلا عن تسجيل 47 جريمة نصب واحتيال وخيانة للأمانة.

وتشهد الأوساط الشعبية في محافظة إب سخطا عارما من السياسات التي تنتهجها مليشيا الحوثي في المحافظة التي حولتها إلى مقاطعة خاصة للتكسب والنهب والفيد، إلى جانب الانتهاكات الواسعة بحق المواطنين الذين يتعامل معهم قيادات ومشرفو المليشيا بنوع من الاستعباد والإذلال والامتهان.

كلمات دالّة

#اليمن