السبت 27-04-2024 05:17:58 ص : 18 - شوال - 1445 هـ
آخر الاخبار

شهر الصيام.. بهجة غائبة وأبواب للعطاء أغلقها الحوثيون

الثلاثاء 19 إبريل-نيسان 2022 الساعة 10 مساءً / الإصلاح نت - خاص | صادق عبدالمعين

 

على نحو معتاد تتصاعد احتجاجات المواطنين وشكاواهم نتيجة لتصاعد الأسعار بشكل غير مسبوق، إضافة إلى ازدياد معدل الانتهاكات والمضايقات التي تحدث بحق التجار والجمعيات الخيرية والمنظمات الإنسانية من قبل مشرفي ونافذي جماعة الحوثي الإرهابية، إذ عادة ما تعمد الجماعة إلى تحويل شهر رمضان إلى موسم للجبايات وتحصيل الأموال وابتزاز التجار ومنعهم من توزيع الأموال والزكوات على الأسر الفقيرة طبقا لمستوى فقرها وأحقيتها بتلك الأموال، إذ يعمد الحوثيون إلى إلزام التجار بتسليم مبالغ كبيرة إلى نافذي ومشرفي الجماعة.

من النعيم إلى الجحيم

فمن شهر حافل بالخير والطاعات مليء بالإيمان والروحانيات، يتحول شهر رمضان المبارك في مناطق سيطرة الانقلابيين الحوثيين كل عام إلى شهر مفعم بالهموم والحسرات، مليء بالمشاكل والأزمات التي ترافق أيام هذا الشهر الفضيل، إذ لا تكاد تلك الأزمات تفارق أجواءه طيلة أيام الشهر، نتيجة السياسة الإجرامية التي اعتاد عليها الحوثيون كل عام.

ويحل شهر رمضان في اليمن هذا العام في ظل تداعيات اقتصادية ومعيشية صعبة، أبرزها ارتفاع أسعار المواد الغذائية والوقود وانعدام الغاز المنزلي، وزيادة معدلات البطالة، ومعاناة ما لا يقل عن 20 مليون نسمة من انعدام الأمن الغذائي، وفقاً لتقارير الأمم المتحدة، إذ وبحسب تقارير أممية حديثة، فإن 25.5 مليون يمني يعيشون تحت خط الفقر، وأكثر من 20 مليون شخص -أي ما يعادل ثلثي السكان- ليس لديهم ما يأكلونه تقريباً.

فقر وحرج

وقد اشتكى العديد من العاملين في المجال الخيري والإغاثي من شحة الدعم والمعونات التي ترفد الجمعيات الخيرية والتي كانت تتدفق إليها لتشكل رافدا وبابا من أبواب الخير الذي تتطلع إليه الكثير من الأسر المحرومة، حيث تمثل تلك المعونات مصدرا مهما للرزق في ظل انقطاع الرواتب وانعدام فرص العمل ومصادر الدخل، بيد أن المليشيا الحوثية تسببت بحرمان تلك الجمعيات من الأموال المخصصة لها والمساعدات الخيرية التي يتم توزيعها للأسر الفقيرة على شكل سلال غذائية.

ويقول (عبد الله. ع. م)، مدير إحدى الجمعيات الخيرية، واصفا الأزمة التي تعاني منها الجمعيات وما عكس ذلك من نتائج سلبية: "اعتادت العديد من الأسر المعدمة على تلقي المساعدات الغذائية من الجمعيات خصوصا في هذا الشهر، غير أنه وبسبب محاربة الجمعيات الخيرية والحد من نشاطها والاستيلاء على المساعدات المخصصة لها تضاعفت معاناة الناس وتفاقمت المأساة".

ويضيف عبد الله: "أصبحت أشعر بحرج شديد وأنا أمشي في الشارع خاصة حينما يعترضني الناس الذين اعتادوا على استلام السلال الغذائية الرمضانية، وتكاد الغصة تخنقني حينما يعودون بخيبة الأمل منهكين بضغط الفقر والحاجة".

شكاوى الناس

ويرى عبد الرحمن الإبي (طالب جامعي) أن رمضان اليوم لم يعد كما كان سابقا في سنوات ما قبل الانقلاب والذي كان يحمل أجواء خاصة ولونا مختلفا. يقول عبد الرحمن: "منذ عقود من الزمن اعتاد اليمنيون على تحويل شهر رمضان كل عام إلى مناسبة للإحسان والإنفاق وتوزيع الزكوات وتلمس احتياجات الناس، من خلال توزيع السلال الغذائية والتمور والمبالغ المالية التي يتم تخصيصها وإعطاؤها للأسر الفقيرة والمستحقة".

ويضيف عبد الرحمن: "غير أن سيطرة الحوثيين على المحافظات الشمالية من البلاد خلق واقعا آخر في رمضان أكثر بؤسا وأكثر حرمانا نتيجة لممارساتهم التعسفية".

أما مجاهد الحبيشي (عامل) فيسرد معاناته خلال هذا الشهر بسبب الأوضاع الاقتصادية الصعبة فيقول: "بدلا من أن نفرح بقدوم شهر رمضان بما يحمله من خيرات وبركات أصبح مجيئه همّا وعبئا كبيرا يضاف إلى هموم الناس في توفير المبالغ المالية التي يحتاجونها لشراء احتياجات شهر الصوم، إضافة إلى كسوة العيد التي أصبحت تتطلب مبالغ مالية كبيرة تعجز عن توفيرها الكثير من الأسر".

غياب المحسنين

وتقول مصادر محلية إن مظاهر الإحسان وتوزيع المساعدات الرمضانية اختفت بشكل كبير، حيث توقف العديد من التجار والموسرين عن توزيع أموال كانوا يقصدون بها الأسر الفقيرة خوفا من نهبها ومصادرتها من قبل الحوثيين، فيما استبدل البعض الآخر توزيع سلال غذائية متكاملة، وملابس للأطفال لكل أسرة، بمبالغ نقدية يتم توزيعها داخل ظروف مغلفة عبر شباب إلى المنازل، وبطريقة أكثر سرية.

وعلى الرغم من دفع التجار للأموال كزكاة تفرضها عليهم المليشيا الحوثية إلى جانب مبالغ كبيرة أخرى يتم دفعها، إلا أن عين الرقيب الحوثي لا تزال مفتوحة على تحركات التجار والموسرين، حيث أصدرت تعليمات وفرضت أوامر وحذرت من توزيع الأموال إلا عبر جهة الاختصاص المتمثلة بالمشرفين والنافذين الحوثيين، باعتبارهم الجهة المخولة بتوزيع الأموال، حد وصف الجماعة.

حملة ابتزاز

وقد أغلق الحوثيون العشرات من المحال والأسواق التجارية في محافظة إب، وذلك في سياق حملة الابتزاز والجباية التي تنفذها المليشيا منذ مطلع رمضان الجاري.

وتشير المصادر إلى أن فرقاً حوثية ميدانية تواصل منذ مطلع شهر رمضان حملات اعتداء وترهيب بحق التجار بمركز محافظة إب ومديرياتها، لإجبارهم على دفع مبالغ تحت تسميات عدة، يتصدرها "دعم القوة الصاروخية والطيران المسيّر المفخخ".

وبحسب المصادر فإن الحملة المستمرة منذ أسبوعين أسفرت حتى اللحظة عن إغلاق نحو 82 محلاً تجارياً و6 أسواق ومولات تجارية، إلى جانب استهداف المئات من الباعة المتجولين.

وقد شكا العديد من التجار من تعرضهم للتهديد من قبل قيادات حوثية بالاعتقال إذا لم يتم دفع المبالغ المالية المقررة عليهم، مهددين بإيقاف جميع أنشطتهم التجارية في حال استمرت حملات الابتزاز الحوثية بحقهم ومصادر عيشهم.

مصير الجبايات

وفي الوقت الذي تتدفق فيه أموال الجبايات والإتاوات التي تفرضها المليشيا الحوثية على التجار وأصحاب المحال التجارية فإن تلك الأموال التي يتم جمعها وتحصيلها تذهب لجيوب قيادات حوثية وحسابات شخصية، وما يتم توزيعه لا يصل إلا إلى أسر محدودة من الأسر المحسوبة على الجماعة.

ويكشف القيادي الحوثي، سلطان جحاف، عن خلافات واسعة حول توظيف أموال الزكاة لمصالح شخصية، داعياً إلى تغيير الإدارة بأخرى نزيهة لفروع الهيئة العامة للزكاة.

ويشير في تغريدات على "تويتر" إلى خطأ فادح قام به قيادات في الجماعة التي وجهت بصرف أموال لمحافظة معينة، واستبعدت باقي المحافظات.

ويضيف: "تقديم المساعدة المادية لأسر الشهداء (قتلى المليشيا) بادرة طيبة يتم شكر المنفذين لها ومن وجه من القيادة الثورية، لكن حصرها في منطقة معينة خطأ فادح".

وتعاني المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين من أوضاع اقتصادية صعبة أثقلت كاهل المواطنين خصوصا في ظل انعدام فرص العمل ومضايقة الباعة والبساطين وانقطاع الرواتب منذ أكثر من سبعة أعوام وارتفاع الأسعار بشكل جنوني، مما سبب حالة اقتصادية صعبة في أوساط المواطنين.

كلمات دالّة

#اليمن