الثلاثاء 12-11-2024 05:03:00 ص : 11 - جمادي الأول - 1446 هـ
آخر الاخبار

مسارات ثورة 14 اكتوبر

نضالات الحركة الطلابية والنسائية قبل وبعد الثورة (الحلقة الثالثة)

الإثنين 09 أكتوبر-تشرين الأول 2017 الساعة 10 مساءً / الإصلاح نت - خاص/ فهد سلطان

   

في مؤتمر الطلاب اليمنيين الذي عقد بتاريخ 23 يوليو/ تموز 1956م داخل قاعة رابطة الطلاب الفلسطينيين كان مفهوم اليمن كهوية وتاريخ وأرض وجغرافيا حاضراً وبقوة, بل هي السمة البارزة لدى المشاركين, وكان ذلك انعكاساً حقيقياً لرغبة الناس في الداخل وتطلعاتهم نحو الحرية والانعتاق من الحكم الإمامي الكهنوتي في شمال البلاد والاحتلال البريطاني في جنوبه.

في الديباجة التي وضعها الطلاب في مؤتمرهم ورد ما نصه: "لقد ناقش الطلاب الأوضاع السائدة والاتجاهات السياسية في وطنهم، واضعين نصب أعينهم مستقبل الشعب اليمني الواحد وحقه في الوحدة والتحرر واتخذوا القرارات والتي لم يشذ عنها سوى ثلاثة من المؤتمرين فقط". (1)

في البند الأول من القرارات ذاتها جاء النص على النحو التالي: "يؤكد المؤتمرون ويتمسكون بأن اليمن الطبيعية كل واحد لا يتجزأ وقضيتها قضية واحدة وذات كفاح واحد في سبل التحرر الوطني والوحدة الوطنية الشامل".

موقف الطلاب في الخارج أتيح له التعبير السياسي بكل حرية وقد ساهم إلى حد كبير في إيصال الصوت اليمني الى الخارج, فيما شارك الطلاب في الداخل ضمن الحركة النضالية عبر الكفاح المسلح وكان لهذه الشريحة الفاعلة دور لا يستهان به, فكثير من الطلاب في المدارس انخرطوا بشكل مباشر في يوميات النضال ولم تكن تحضر الانتماءات إلا في فراغات السياسية فقط.

في الحلقات السابقة سبق أن تناولنا الظروف والملابسات الى جانب المحطات التي مرت بها ثورة 14 أكتوبر ابتداءً من ثلاثينيات القرن الماضي وحتى قيام الثورة, وكيف أن الهم الوطني وتعزيز الهوية بين اليمنيين كان حاضراً وكان له إسهام مباشر في توحيد الجهود تحديداً بعد نجاح وقيام ثورة سبتمبر في الشمال حيث تحولت محافظة تعز وصنعاء الى ورش عمل للأحرار والقوى الوطنية وهو ما انعكس سرياً على التعجيل بقيام الثورة بعدها بعام واحد فقط.

 

المرأة اليمنية وثورة 14 اكتوبر

ففي العام 1958 بدأت الحركة النسائية اليمنية في النضال بشكل متطور نسبياً، ومن اجل احتواء نضالها سمح الاستعمار بإنشاء مؤسسة نقابية للمرأة لأول مرة في تاريخ البلاد، وبذلك تأسست «جمعية المرأة العدنية» برئاسة ام صلاح محمد علي لقمان لتنظيم المرأة في المدينة (عدن)، واقتصر نشاطها على تقديم بعض الاعمال الخيرية والنشاطات الاجتماعية.

 

ومع نمو الوعي السياسي في صفوف المرأة في مدينة عدن اتضح لها عجز قيادات جمعية المرأة العدنية فتكونت «جمعية المرأة العربية» بقيادة رضية احسان الله، وليلى الجبلي، الا انها لم تختلف من حيث تكوينها عن جمعية المرأة العدنية.

 

لقد قاومت الحركة النسائية اليمنية السلطة الاستعمارية في عدن وقادت النساء مظاهرات حاشدة عام 1959م احتجاجاً على اساليب السلطة الوحشية في قمع الجماهير.( 2)

نظراً للوضع الذي كان يسود اليمن تعليمياً واقتصادياً وسياسياً فقد كانت المرأة اليمنية هي الحلقة الأضعف في هذا الجانب، وهو ما انعكس على أدائها السياسي ونشاطها في الشأن العام، وبقدر ما انحصر نشاط الرجال في المجال السياسي خارجياً فقد شاركت المرأة وكان لها حضور قد يكون محدوداً بسبب البيئة ولكنه كان فاعلاً كما سيتضح بعد قليل.

لم تجد المرأة اليمنية من نافذة سياسية تطل عليها وتشارك في المشهد السياسي وتعبر عن تطلعات الى جانب أخيها الرجل في مقارعة الاستعمار والإمامة سوى الدخول ضمن الأحزاب السياسية والتي كانت محدودة الى حد كبير.

كما نالت امرأتان شرف الاعتقال على أيدي سلطات الاحتلال، حيث اقتيدت المناضلة الفقيدة نجوى مكاوي والمناضلة فوزية محمد جعفر اللتين كانتا في سيارة تقودها الأولى الى معتقل بشرطة خور مكسر بعد ان ضبطا وهما يقومان بتوزيع منشورات للجبهة القومية في المناطق تدعو الجماهير الى مسيرة جماهيرية لتشييع جثمان الشهيد الفدائي عبود.(3)

صحيح أن الاحزاب السياسية لم تتنفس وتظهر إلا في وقت متأخر إلا أن نجاح ثورة سبتمبر انعكس بشكل مباشر على وضع البلاد، حيث تأسست عدد من الأحزاب في جنوب البلاد الأمر الذي سمح للمرأة للمرة الأولى أن تشارك في حراك السياسية والوعي وتحديداً أواخر عام 1961م, ثم توالت الانشطة النسائية الى تأسيس عدد من الجمعيات والنوادي النسائية كالجمعية العدنية النسائية.

لقد كان للجناح المتشدد داخل تركيبة القوى الوطنية لفترة ما بعد الاستقلال وخروج المستعمر البريطاني الأثر الكبير في عودة الخلافات واستفادة الاحتلال منها وتجذيرها رغم أنه لم يعد له يعني للاحتلال وجود على الأرض, فيما استمرت تلك الخلافات حول الاستفادة من أجهزة الدولة التي ورثتها من الاحتلال حتى توسعت تلك الخلافات للوصول الى أحداث 86 الدامية.

يهمنا في هذه الدراسة والتي هي عبارة عن ظلال للأحداث وتسليط ضوء أولي أن تركز على مسارات الثورة للسير نحو توحيد شطري البلاد شماله وجنوبه وكيف أن المزاج العام في الداخل اليمني ظل متماسكاً موحداً في مصيره وتطلعاته نحو الاندماج في كيان واحد من خلال التخلص من إرث الاحتلال والكهنوت في نفس الوقت ثم التطلع نحو الدولة الكيان الذي سيعبر عنه ويلبي كل طموحاته.

 بعد نجاح الثورتين سبتمبر وأكتوبر أعلنت عدد من القوى الوطنية عن رؤيتهم لبناء الدولة، وبدأ خطاب فكري سياسي جديد يتشكل ويتوسع مداه في أرجاء اليمن محاولاً التخلص من فكر الإمامة الكهنوتي الذي جعل المناطق الشمالية خارج التاريخ والفعل الدولية فيما المناطق الخاضعة تحت سيطرة الاحتلال معزولة ومشتتة عبر السلطنات مع مصادرة كاملة للمصالح والثروات, هذا الخطاب الجديد والذي كان من ضمنه الصوت الإسلامي والذي توسع بشكل كبير. (3)

في هذا الفراغ الذي خلفه الاستعمار والخلافات التي تنامت بين عدد من القوى والخوف وحالة من الشك والريبة ساهمت في إذكائها وتوسيعها عدد من الدول والتي كانت تراقب المشهد جعلها تقتحم الوضع وتدخل مباشرة ومنها الاتحاد السوفيتي وهو ما سيقلب المعادلة وسيؤثر على مجرياتها بشكل كبير.

.......................

هوامش ومراجع

(1)   كتاب التحديث في اليمن صـ 78 وتم إعادة نشر نص بيان المؤتمر ومخرجاته في مجلة الحكمة العدد 34 ديسمبر/ كانون الثاني 1974م.

(2)   دور المرأة اليمنية في النضال الوطني والكفاح المسلح " شفيقة مرشد.

(3)   المصدر السابق

(4)   (2) احمد قائد الصائدي حركة المعارضة اليمنية "بيروت دار الآداب 1983م, وذكر كثيراً من التفاصيل سعيد الجناحي في كتابه البدايات الاولى لثورة 14 اكتوبر " صنعاء مركز الدراسات والبحوث" 1997م

(5)   د. فتحي عبدالفتاح تجربة الثورة في اليمن الديمقراطية دار ابن خلدون بيروت 1974م.

(6)   نبيل هادي 17 ساعة حرب عند باب المندب دار الفاربي بيروت 1978م. 

(7)   اليمن خصوصية الحكم والوحدة " دراسة تحليلية"

(8)   الاحزاب السياسية والتحول الديمقراطي