فيس بوك
جوجل بلاس
الهجري: انتفاضة 2 ديسمبر إضافة لمعركة الخلاص الوطني نحو استعادة الدولة
المهرة.. إصلاح سيحوت والمسيلة يحتفلان بذكرى الاستقلال ويشيدان بتضحيات اليمنيين في معركة التحرير
التكتل الوطني: جريمة قصف سوق مقبنة وقتل المدنيين يكشف قبح وبشاعة مليشيا الحوثي
رئيس الهيئة العليا للإصلاح يهنئ رئيس وشعب الإمارات باليوم الوطني
الإصلاح بوادي حضرموت ينظم ندوة بذكرى الاستقلال ويؤكد على توحيد القوى الوطنية نحو استعادة الدولة
التجمع اليمني للإصلاح.. مواقف مبدئية ثابتة ونضال مستمر (1) محافظة إب
الإصلاح بعدن يهنئ بعيد الاستقلال ويدعو لتوحيد الصف لمواجهة الأخطار واستعادة الدولة ومؤسساتها
30 نوفمبر.. دور الاصطفاف الوطني في مقاومة الاحتلال البريطاني حتى الجلاء
توحيد الصفوف.. دور الإصلاح في حشد القوى الوطنية لمواجهة الانقلاب واستعادة الدولة
إصلاح المهرة يحتفي بالذكرى الـ57 للاستقلال ويدعو إلى تعزيز وحدة الصف لاستعادة الدولة
ما الذي مارسه النظام السابق ثم سار على منواله سلطة الأمر الواقع المتمثلة في جماعة الحوثيين المسلحة؟
كما سيلي بعد ذلك ملف التهجير القسري في القانون الدولي, وهنا سنتعرف أيضاً على أنماط التهجير القسري التي اعتمده الحوثيون في حربهم – المشؤومة - ضد اليمنيين منذ قرابة أربع سنوات, الى جانب التعرف على خريطة الإدانات الدولية في هذه القضية بالذات.
الاخفاء القسري
يعرف القانون الدولي الإخفاء القسري بأنه "اختطاف شخص ما أو سجنه سراً على يد دولة أو منظمة سياسية أو طرف ثالث, لديه تفويض أو دعم أو إقرار من دولة أو منظمة سياسية، مع رفض الجهة المختطفة الاعتراف بمصير الشخص, ومكان وجوده، وذلك بغرض وضع الضحية خارج حماية القانون".(1) وبالنظر الى هذا التعريف الإجرائي سنجد أن النظام السابق ومعه نظام مليشيات الحوثيين في هذه الأثناء يمارسون ذات الجريمة مع اختلاف في الأساليب!!
ينطوي الاخفاء القسري أولاً: على جريمة الإخفاء خارج القانون, يستصحب ذلك عملية تعذيب وقتل، تعتقل الضحية بشكل غير قانوني في بداية الأمر، وغالبًا ما يعذب أثناء استجوابه، ثم يُقتل وتُخفى جثته, وأخيراً يحرم أقاربه من الوصول الى أي معلومة عنه اثناء حياته وبعد وفاته!
كما أن القوانين الدولية ونظام روما يعتبر الاختفاء القسري - جريمة ضد الانسانية – كما تنشط هذه الممارسات في ظل سياسة الافلات التام من العقاب, وقد يُمارس هذا العمل الإجرامي, إما نظام سياسي أو جماعة أو فردت, وغالباً ما تحدث في الدول التي يتوسع فيها دائرة النزاعات أو سلطات القمع والاستبداد.
الاخفاء القسري اثناء فترة حكم صالح
أثناء حكم النظام الرئيس المخلوع السابق علي عبدالله صالح (21 مارس/ اذار 1947 - 4 ديسمبر/ كانون أول 2017), سجلت عدد من حوادث الاخفاء القسري, لعدد من القيادات السياسية والاجتماعية والقبلية بل والشبابية أيضاً, وهو الملف الذي يظل في دائرة المسكوت عنه حتى هذه اللحظة, باستثناءات قليلة.
وخلال عام 2012م -2013م نشطت في اليمن مبادرات شبابية عبر رسوم على عدد من الجدران في الشوارع(2), تعرف بعدد من الشخصيات السياسية, التي تم اخفاؤها قسراً ابان حكم صالح منذ صعوده للسلطة منذ 1978م , من المعارضين ومن السياسيين على امتداد بقائه في السلطة لقرابة ثلاثة عقود ونيف, وكان أول قرار اتخذه بعد صعوده الى السلطة في 10 أغسطس/ آب 1978 كان إعدام ثلاثين شخصا متهمين بالانقلاب على حكمه, ولم يعرف عن مصيرهم شيء حتى هذه اللحظة, فلا يزالون ضمن المخفيين قسراً.(3)
وقد اتسم عهد صالح بمروره بمراحل عدة فيما يخص هذا الملف الإنساني, فالإخفاء القسري كان مركزاً الى حدود معينة, ويطال شخصيات بين الحين والآخر, وغالبيتها معارضة للنظام أو كان يخشى منها!, وغالبيته تلك الاخفاءات لم يكشف عنها حتى الآن! وهو ما دفع الامم المتحدة 2006م الى مخاطبة وزارة حقوق الانسان اليمنية, للكشف عن ملف المختفيين قسرا في اليمن, وقامت الاخيرة بتشكيل فريقا للبحث في قضايا الاختفاء القسري, حيث تم النزول في زيارات ميدانية لعدد من المحافظات منها العاصمة صنعاء, للوقوف على تلك الحالات التي رفعت منذ عقود. ونقلت جريدة "الشرق الاوسط" حينها عن محمد أحمد سعيد الطويل رئيس فريق الاختفاء القسري في وزارة حقوق الإنسان "إن الفريق التقى بأسر العديد من هذه الحالات بغرض معرفة أي معلومات إضافية، تخص ذويهم من المفقودين. وهذه الأسر معظمها أبلغتنا بتمسكها ببلاغاتها السابقة بشأن اختفاء ذويها، ما لم تقم الدولة بواجباتها بالكشف عن مصيرهم وتقديم التعويضات المناسبة لهذه الأسر, وفي ذلك التقرير تحدثت الامم المتحدة عن 96 شخصا تم اخفائهم خلال عهد صالح, وتضاعف الرقم ثلاث مرات اثناء احداث ثورة 11 فبراير 2011م.
وانتهت لجنة 2006م دون أن تحدث أي تقدم في هذا الملف, وبقيت تلك القضية في دائرة الممنوع الاقتراب منها أو التعرف على تفاصيلها, ورغم أن البعض تفاءل برحيل صالح وأنه ذلك يمكن أن يساهم في الاقتراب والعودة الى هذا الملف من جديد إلا أن وضع البلاد لم يزحزح أية خطوة في هذا الملف الإنساني الذي طال انتظاره.
الاخفاء القسري في عهد الحوثيين
بالعودة الى كل من نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، والذي دخل حيز التنفيذ في الأول من يوليو/ تموز 2002م، والاتفاقية الدولية لحماية الأشخاص من الاختفاء القسري، التي اعتمدتها الجمعية العامة في 20 ديسمبر/ كانون أول 2006م، على إنه عندما يرتكب أو يضطلع في ارتكاب أي هجوم واسع النطاق أو منهجي موجه ضد أي مجموعة من السكان المدنيين، وحالات "الاخفاء القسري" فإنه يوصف كجريمة ضد الإنسانية، بالتالي لا يخضع القانون للتقادم.(4)
على هذا النحو سار الحوثيون على طريقة سلفهم الرئيس المخلوع علي عبدالله صالح, وتحدثت عدد من المنظمات ومراكز التوثيق المحلية عن مئات من الاشخاص الذين لا تعلم أسرهم عنهم شيء, وتم اختطافهم بطريقة ممنهجة, وجميعهم من المناوئين للحوثيين سياسياً وعقائدياً, والرافضين للعمل المليشياوي الذي استهدف العاصمة صنعاء وعدد من المحافظات اليمنية الاخرى منذ سبتمبر/ ايلول 2014م . كما أن عدد الذين قتلوا داخل سجون التعذيب على يد الحوثيين ارتفع حتى بداية يناير/ كانون الثاني 2018م بشكل ملحوظ, رغم أن المسح لم يطال كل محافظات الجمهورية وانما اعتمد على المناطق التي تم الوصول إليها, أو تلك الاسر التي تم تقيد البلاغات التي تقدمت به عن هذه الحالات من قبل.
منظمة "رايتس رادار" الدولية ومقرها في هولندا, سبق أن كشفت عن وفاة 113 مختطفاً تحت التعذيب في سجون الحوثيين منذ 21 سبتمبر/أيلول 2014م, وحتى نهاية يناير/ كانون الثاني 2018م, فيما اشارت إلى أن بعض الحالات ترقى إلى درجة "جرائم حرب" ضد الإنسانية.(3)
الاختطافات والنزوح القسري
واحدة من أهم القضايا التي لم تنتبه لها المنظمات الحقوقية, ومراكز الرصد الرسمية, حول تزايد مستوى النزوح لأسر المختطفين - لدى مليشيا الحوثيين - في العاصمة صنعاء وعدد من المناطق الاخرى التي يفرضون سيطرة تامة عليها, ففي صعدة وحجة وعمران وهي مناطق متقاربة وتحت نفوذ الحوثين المباشر, هُجرت عدد من الأسر بعد أن تم اختطاف بعض ابنائها واقاربهم, ونشأن عن تلك الأعمال عدم القدرة على الوصول أو التواصل بين الاسر واقاربهم المفقودين والمختطفين. وذات الأمر تكرر بنسب متفاوتة في العاصمة صنعاء وفي مناطق اخرى, بل في كل المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون ومنها مدينة الحديدة وتعز وإب ايضاً.
يروي محمد غالب وهو شقيق لأحد المختطفين في سجون الحوثيين بمحافظة بحجة أن الاسرة اضطرت الى مغادرة القرية والذهاب نحو مدينة مأرب شرق البلاد, وان الحوثيون كانوا يستهدفون اختطاف ثلاثة من أبناء الاسرة, وهنا سيكونون بلا عائل فيما لو تم ذلك, ما اضطر الاسرة الى النزوح والاستقرار في مدينة مأرب, تحت ظروف معيشية صعبة. ويشرح لموقع " اليمني الجديد" أنهم لم يستطيعوا التواصل مع شقيقهم منذ عام ونصف العام, وأن التهمة الابرز الموجهة إليه هو مشاركته في ثورة 11 فبراير, الى جانب دعمه للمقاومة والجيش الوطني, ورفضه المشاركة في القتال الى جانب الحوثيين, الى جانب تهم العمالة والارتزاق للأسرة بالكامل, تلك الاسطوانة المشروخة التي يقابل بها كل الوطنيون من ابناء البلد حسب إفادته.
هذا النوع من النزوع بدافع إلحاق الضرر والتهديد بالقتل والاختطاف, يتكرر ايضاً في صنعاء وفي صعدة وغيرهما, فهناك أسر لديهم مختطفين لدى الحوثيين غير أن الاسرة اضطرت الى النزوح والهروب الى مناطق بعيدة عن نفوذهم, وهو ما يضاعف من حجم المعاناة ويضاعف من الخسائر لدى هذه الاسر بشكل كبير, فيما الاسر التي بقيت قريبة من عوائلهم المختطفين, ويبقى النساء والاطفال فقط وغادرها الشباب وكبار السن من الذين يمكن أن يكونوا اهدافا محتملة للاختطافات لدى الحوثيين.
الإدانات الدولية
اتسمت اغلب البيانات التي تصدر عن عدد من المنظمات الدولية بالضبابية, وأنها في الغالب تمسك العصى من الوسط, كما تم الكشف عن عدد من الشخصيات في الامم المتحدة ومنظمات دولية كبيرة كانوا على تواصل مباشر مع جماعة الحوثيين المسلحة, وانعكست تلك العلاقة على التقارير التي ترفع حول اليمن ومعاناة النازحين بشكل خاص.
يمكن القول هنا ايضاً: أن الإدانات الدولية لم ترقى الى المستوى المطلوب بحجم الجريمة التي مورست بحق السكان في اليمن بشكل عام ومدينة تعز بشكل خاص, فهذه المدينة واحدة من أكبر المناطق التي شهدت نزوحاً قسرياً مارسه الحوثيون لكل المناطق التي وصلوا إليها بلا استثناء, ولم يتوقف الأمر على ذلك فقد تحولت عدد من القرى الى مناطق اشباح, فالتهديد بالموت هو الحاضر بقوة, وعدم المقدرة على العودة الى المساكن حتى بعد انهاء الحرب والمواجهات, بسبب كمية الألغام التي تزرع على مداخل القرى وفي ازقتها, وقد وصلت التهجير الى مستويات قياسية كشفت عنها تقارير رسمية تابعة للجنة الوطنية للتحقيق في ادعاءات انتهاكات حقوق الإنسان, فقد توصلت الى ارقام بما لم يحصل من قبل في اليمن عموماً وهذه المدينة بشكل خاص.!
في الـ 10 نوفمبر/ تشرين الثاني 2017م كان وزير الإدارة المحلية رئيس اللجنة العليا للإغاثة قد اطلق نداء يطالب الأمم المتحدة والمنظمات الدولية, إدانة عمليات النزوح القسرية للسكان الذي يمارسه الحوثيون في محافظة تعز, ودعا الوزير في بيان بثته وكالة الأنباء اليمنية، المنسق المقيم للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في اليمن "جيمي ماكغو لدريك" إلى إدانة تصرفات المليشيات الانقلابية وانتهاكاتها اليومية بحق أبناء محافظة تعز وغيرها من محافظات الجمهورية. غير أن تلك الدعوى لم تلقى أي قبول فيما بقيت الإدانات خجولة اضعف بكثير من حجم الكارثة.!
بين الحين والاخر كان المبعوث الأممي اسماعيل ولد الشيخ يطلق تصريحات لعدد من وسائل الإعلام المحلية الدولية, يقدم إدانات حو مجريات الحرب وما تخلفه من مآسي ولكنه كان يتحشى تحميل أي طرف بشكل مباشر, الامر الذي ضاعف من المعاناة, وبل وكانت تلك المواقف سبب في تنامي مثل هذه الاعمال من قبل الحوثيين.
في الـ 4 ديسمبر/ كانون أول 2017م أعلن مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، زيد رعد الحسين، عن أسماء الأعضاء في فريق الخبراء المعني بالتحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان باليمن, والذي يتآلف من كمال الجندوبي (تونسي) رئيساً، وعضوين هما تشارلز غاراوي (المملكة المتحدة)، وميليسا باركي (أستراليا).
جاء تشكيل تلك اللجنة حسب الامم المتحدة بسبب تفاقم العنف بشدة في الأيام الأخيرة في العاصمة اليمنية صنعاء أكد مرة جديدة على التأثير المروع الذي تخلِّفه الحرب الوحشية التي تشهدها البلاد على المدنيين. ومن المنتظر أن يقدم فريق الخبراء البارزين تقريراً خطياً شاملاً إلى المفوض السامي بحلول سبتمبر/ أيلول 2018، وفقاً للبيان, سيكون موضوع النزوح القسري واحداً من تلك القضايا التي ينتظر ما سيكشف عه البيان.
..................
هوامش:
1- نص المادة على الرابط التالي " https://books.google.com.sa/books?id=9ny1Dv3VNPYC&pg=PA342&redir_esc=y&hl=ar#v=onepage&q&f=false
2- نظم الرسامان اليمنيان "مراد سبيع " و "ذويزن العلوي"، معرض رسومات على جدران نقابة الصحفيين اليمنيين بصنعاء، للتعبير عن تضامنهم مع حرية الرأي والتعبير في التي نشطت في 2013م واستمرت حتى الانقلاب على العاصمة صنعاء في سبتمبر/ ايلول 2014م.
3- انقلاب 1978م ( الإنقلاب الناصري ) هو انقلاب عسكري حدث بتاريخ 15 أكتوبر 1978م بعد أقل من ثلاثة أشهر من تولي علي عبد الله صالح رئاسة البلاد ، ووقف وراء الإنقلاب قيادات عسكرية ومدنية من التنظيم الناصري والتي تم تصفية كثير من قياداتها ولا تزال مخفية حتى الآن.
4- رابط موقع الأمم المتحدة .. الاختفاء القسري .. " http://humanrights-monitor.org/Posts/ViewLocale/15262#.WnsxXee8bIU
5- رابط التقرير من موقع المنظمة .
http://rightsradar.org/ar/latest/yemen-113-detainees-killed-under-torture-in-houthi-prisons/