الإثنين 29-04-2024 19:45:26 م : 20 - شوال - 1445 هـ
آخر الاخبار

موقف الحوثيين من العدوان الصهيوني على غزة.. خدمة إيران أولا

الثلاثاء 28 نوفمبر-تشرين الثاني 2023 الساعة 08 مساءً / الإصلاح نت - خاص

 

منذ انقلاب مليشيا الحوثيين الإرهابية على السلطة الشرعية في اليمن، في سبتمبر 2014، تكررت اعتداءات الاحتلال الصهيوني على الفلسطينيين في القدس وفي قطاع غزة مرات عدة، كان آخرها العدوان على غزة في مايو 2021، وأثناء تلك الاعتداءات لم يصدر عن مليشيا الحوثيين حتى بيان إدانة لتلك الاعتداءات، فضلا عن التهديد بالتدخل عسكريا أو الزعم بشن هجمات على جيش الاحتلال أو اختطاف سفن إسرائيلية، كما حصل بعد العدوان الصهيوني الأخير على غزة، حيث تهدد المليشيا الحوثية بقصف جيش الاحتلال الإسرائيلي، والتلويح باختطاف مزيد من السفن المملوكة لشركات إسرائيلية بعد خطف سفينة تجارية في البحر الأحمر، فما الذي حصل؟

 

- دفاعا عن إيران وليس عن غزة

بعد العدوان الصهيوني الأخير على قطاع غزة، واتهام إيران بدعم المقاومة الفلسطينية، وإرسال الولايات المتحدة تعزيزات عسكرية إلى المنطقة، خشيت إيران من أن تتعرض لهجمات أمريكية أو إسرائيلية، فأنكرت دعمها لحركة حماس، وهددت بما وصفته بـ"الرد الخماسي"، أي هي ومليشياتها الطائفية في العراق ولبنان وسوريا واليمن، في حال تعرض أراضيها لأي هجوم.

وقد وجهت إيران مليشياتها، من بينها مليشيا الحوثيين، بالتصعيد المنضبط ضد إسرائيل، كرسالة منها بأنها إذا تعرضت لهجمات أمريكية أو إسرائيلية، فإن مليشياتها مستعدة للدفاع عنها، وقد استجابت مليشيا الحوثيين لتعليمات إيران بالتصعيد المنضبط، أي شن هجمات غير مؤثرة ولا تخدم فلسطين في شيء، ولكن للضغط وتأكيد التبعية لإيران والقتال تحت لوائها إذا تعرضت لهجوم قد يدمر البنية التحتية لبرنامجها النووي.

 

- الارتزاق لدى إيران

هناك فجوة كبيرة بين تصريحات قادة مليشيا الحوثيين وبين أعمال المليشيا العدائية لإسرائيل، فمن يستمع للتصريحات العنترية للقيادات الحوثية سيظن أن مليشياتهم قادرة على شن هجمات فعالة على مواقع جيش الاحتلال الإسرائيلي وتخفيف الضغط عن قطاع غزة، لكن من الناحية العملية لا شيء من ذلك، فالمليشيا ليس لديها أسلحة يصل مداها إلى الأراضي الفلسطينية التي يحتلها الصهاينة، وخطفها سفينة تجارية من البحر، يقال إنها لرجل أعمال إسرائيلي، ليس عملا بطوليا ولن يخفف الضغط عن قطاع غزة.

وكل ما في الأمر أن تحركات الحوثيين المعادية لإسرائيل هي في الأساس خدمة لإيران، بدليل أنها تدريجية ومنضبطة كما هو حال تصعيد بقية المليشيات الموالية لإيران في المنطقة، فمثلا المليشيات الطائفية في العراق وسوريا شنت هجمات محدودة على قواعد أمريكية تتمركز في كلا البلدين، كما اكتفت مليشيا ما يسمى حزب الله اللبناني بشن هجمات محدودة على مواقع معظمها فارغة في شمالي فلسطين المحتلة، رغم أن الحزب لديه ترسانة من الصواريخ التي يصل مداها إلى عمق الأراضي الفلسطينية المحتلة، بينما مليشيا الحوثيين تزعم أنها تهاجم مواقع الاحتلال الإسرائيلي رغم بعد المسافة، وبنفس الوقت خطفت سفينة يقال إنها مملوكة لرجل أعمال إسرائيلي، وتهدد باختطاف مزيد من السفن التي تملكها شركات إسرائيلية في حال عبورها البحر الأحمر.

وهكذا وزعت إيران الأدوار بين مليشياتها للضغط على إسرائيل والولايات المتحدة حتى لا تتعرض لهجمات مدمرة قد تقضي على برنامجها النووي، كما أنها بتحريكها المتزامن لمليشياتها في العراق وسوريا ولبنان واليمن، تعمل على توظيف العدوان الصهيوني على قطاع غزة لتعزيز موقعها كفاعل إقليمي لتهديد دول الجوار، لكنها حريصة على أن يكون التصعيد ضد الاحتلال الإسرائيلي منضبطا لتجنب خوض حرب شاملة ستنهكها كثيرا وتفكك ما يسمى محور المقاومة.

 

- القضية الفلسطينية كوسيلة للمزايدة والاختراق

لم تكن القضية الفلسطينية بالنسبة لإيران ومليشياتها الطائفية في بعض الدول العربية إلا وسيلة للمزايدة والتغطية على العنف الطائفي الذي تمارسه تلك المليشيات كل منها في إطار البلد الذي توجد فيه، خدمة منها للمشروع الإيراني التخريبي في المنطقة، ووظفت إيران القضية الفلسطينية لكسر الحواجز واختراق المنطقة العربية استغلالا لقدسية تلك القضية لدى العرب والمسلمين، وظل ذلك الاختراق متمحورا حول تعزيز نفوذ إيران، في محاولة منها لتجميل وجهها القبيح والتغطية على الجرائم البشعة التي ترتكبها مليشياتها الطائفية في حق العرب السنة.

بيد أن العدوان الصهيوني الأخير على قطاع غزة كشف زيف مواقف إيران ومليشياتها من القضية الفلسطينية، وبرزت أكذوبة "محور المقاومة" وما يسمى مبدأ "وحدة الساحات"، فإيران أنكرت دعمها لحركة حماس، ولجأت لتوزيع الأدوار بين مليشياتها وأملت عليها الأدوار المنوط بكل واحدة منها في نطاق بلدها، ليس لتخفيف ضغط إسرائيل وهجماتها الوحشية على قطاع غزة، وإنما لإرسال رسائل إلى أمريكا وإسرائيل مفادها أن إيران لديها أذرع ومخالب منقادة لها وستحركها في أي لحظة إذا تعرضت لهجوم، وستأمرها بإطلاق الصواريخ والطائرات المسيرة على القواعد الأمريكية في المنطقة وعلى مواقع جيش الاحتلال الصهيوني، وأيضا تهديد السفن التجارية وخطفها والتلويح بإغلاق مضيق باب المندب أمام الملاحة الدولية.

 

- لماذا تعتمد إيران على وكلائها؟

إن تحريك إيران لأذرعها أو وكلائها في المنطقة الهدف منه حماية أراضيها خشية تعرضها لعمل عسكري، خصوصا البنية التحتية النووية، والرد في هذه الحالة سيشمل عدة جبهات في الإقليم، فإيران قد تلجأ لخيار الحرب الإقليمية عبر وكلائها، رغم تحدياته، وهي الآن تستثمر المليشيات التابعة لها، من بينها مليشيا الحوثيين، كأدوات ردع متقدم ضد خصومها وليس العكس، أي أن "وحدة الساحات" هو مبدأ تستهدف به إيران أولا ردع أعدائها، خاصة الولايات المتحدة والاحتلال الإسرائيلي، عن استهداف الأراضي الإيرانية بعمل عسكري، خاصة البنية التحتية النووية.

لكن لماذا تعتمد إيران على مليشيات وأذرع طائفية في المنطقة للدفاع عنها أو الاصطفاف إلى جانبها مهما كانت التضحيات؟ ربما يعود ذلك إلى تجربة إيران المريرة في خوض حرب نظامية مباشرة مع العراق لمدة ثماني سنوات (1980 - 1988)، فالحرب النظامية مكلفة ماديا ويشريا، وبالتالي فضلت إيران سياسة "الدفاع المتقدم" من خلال تشكيل مليشيات طائفية في دول الجوار ودعمها بالمال والسلاح لخوض الصراعات والحروب بالنيابة عنها وبعيدا عن الأراضي الإيرانية.

 

- متاعب للشعب اليمني

وتولي إيران مليشيا الحوثيين اهتماما خاصا، من حيث زيادة الدعم بالمال والسلاح والخبراء العسكريين، كون تلك المليشيا تسيطر على مساحات كبيرة في شمالي اليمن ومشاطئة للبحر الأحمر، وهو ما يمنح إيران مركز صراع متقدم ونفوذا أوسع في المنطقة لا يمكن تحجيمه إلا بالقضاء على مليشيا الحوثيين واستعادة الدولة.

ويزيد من وطأة الأمر أن مغامرات المليشيا الحوثية لأجل إيران بقرصنتها للسفن ستجلب مزيدا من المتاعب للشعب اليمني، مثل ارتفاع تكلفة التأمين البحري على السفن التجارية مما سيتسبب بزيادة الأسعار.

ومؤخرا أصبح ميناء عدن خاليا من السفن، وتوقف التجار عن الاستيراد، بسبب القرصنة الحوثية للسفن، وسينعكس ذلك سلبا على الشعب اليمني في حال استمراره، إذ سترتفع الأسعار، وستنعدم كثير من السلع المستوردة من الأسواق اليمنية جراء توقف الاستيراد.

كلمات دالّة

#اليمن