الإثنين 29-04-2024 12:50:39 م : 20 - شوال - 1445 هـ
آخر الاخبار

بالطيف: جماهير الشعب تدرك صوابية مواقف الإصلاح واسهاماته في تدعيم المشروع الوطني (حوار)

الإثنين 11 سبتمبر-أيلول 2023 الساعة 04 مساءً / الإصلاح نت – خاص

 

 

أكد أمين المكتب التنفيذي للتجمع اليمني للإصلاح، بساحل محافظة حضرموت، محمد أحمد بالطيف، إنه لا تخفى على عاقل إسهامات الإصلاح المختلفة في تدعيم ومساندة المشروع الوطني وبناء الدولة اليمنية الحديثة.

وأوضح بالطيف، في حوار مع "الإصلاح نت" إن الإصلاح دفع جراء مواقفه الوطنية الكثير وما زال يدفع حتى اللحظة.

وقال إن الإصلاح أكثر الأحزاب وضوحاً حيال جميع القضايا الوطنية دون تردد ولا تلعثم، وهو في الصفوف الأولى عندما تتطلب الأمور الوقوف إلى جانب القضايا الوطنية الرئيسية جنبا إلى جنب مع بقية القوى الوطنية اليمنية، وعلى مستوى المحافظات كان الإصلاح من أوائل المتصدرين في مواجهة المليشيات.

وتطرق أمين المكتب التنفيذي للإصلاح بحضرموت، إلى البدايات الأولى لتأسيس الحزب في 13 سبتمبر 1990، حيث جاء تأسيسه ملبيا لتطلعات وآمال الجماهير.

كما تناول في الحوار جملة من القضايا والمستجدات على الساحة الوطنية، وفي محافظة حضرموت، والعملية الانتخابية لتجديد قيادة الإصلاح.

 

نص الحوار:

 

* بداية ونحن نستقبل الذكرى الـ33 لتأسيس التجمع اليمني للإصلاح، ما الذي تحتفظ به ذاكرتك من لحظات ومواقف التأسيس وما تلاها من زخم سياسي في حضرموت ودور قيادات ورموز الإصلاح المؤسسين؟

- جاء ميلاد الإصلاح متزامنا مع إعلان قيام الوحدة اليمنية وما رافق ذلك من زخم شعبي كبير متطلع إلى بناء دولة يمنية حديثة تقوم على أساس التعددية السياسية وحرية التعبير والمشاركة الجماهيرية في الحكم، وما ضاعف ذلك هو فترة الحرمان التي عانى منها شعبنا خلال العقود السابقة إن لم نقل القرون التي سبقت. أضف إلى ذلك أن الإصلاح جاء ملبياً للعواطف الدينية الإسلامية التي طالما تعرضت للكبت الشديد طيلة حكم الحزب الاشتراكي للجنوب خلال العقود الماضية. ولعله لا يغيب عن أحد ما يتميز به المجتمع الحضرمي من خصوصية كونه مجتمعاً محافظا دينيا عانى كثيراً خلال حقبة تطبيق مبادئ الاشتراكية في الجنوب مما دفع بالكثير منهم إلى الهجرة بعد أن تعرض البعض منهم للأذى والاضطهاد وربما التصفيات الجسدية. ولا أزال أتذكر كيف كانت مهرجانات التأسيس حاشدة جداً وضمت فيها طيفا واسعا من رجال العلم ووجاهات المجتمع ومثقفيه وشبابه الطموح وعامة الناس، تزامن ذلك مع ما شهدته تلك الفترة فيما كان يعرف بالصحوة الإسلامية العارمة التي اجتاحت كثيرا من دول العالم العربي الإسلامي. لا أزال أتذكر كثيرا من الأسماء البارزة ممن كان لهم قصب السبق في التأسيس بشكل مباشر أو بصورة غير مباشرة، كالشيخ القاضي عبد الرحمن بكير، والشيخ الداعية عوض محمد بانجار، والشيخ العلامة علي سالم بكير، والعلامة عبد الله محفوظ الحداد، والأستاذ التربوي القدير عمر عوض باني، والمهندس محسن علي باصرة، وغيرهم الكثير والكثير، ممن كان لهم إسهام في التبشير بهذا المولود العظيم.

 

* يلاحظ أن محافظة حضرموت لها ميزة خاصة من خلال العلاقات المتينة بين الأحزاب والقوى السياسية، كيف تقيمون علاقتكم بهذه الأحزاب؟

- بشكل عام فإن حضرموت تمتاز عن غيرها بكثير من الخصائص ومن أبرزها التعايش فيما بين أبناء المجتمع وقبولهم ببعضهم البعض وعدم وجود أسباب الاحتقان فيما بين مكونات المجتمع المختلفة بما فيها المكونات والأحزاب السياسية، ومهما تباينت وجهات النظر حول بعض القضايا السياسية والثقافية إلا أن ذلك لا يمكن أن يجر نحو القطيعة الكاملة فضلاً عن أن يصل إلى حد الصدام أو العنف كما هو حال بعض المناطق الأخرى، فالسمت العام للمجتمع الحضرمي هو السلام والوئام، وبناء على ذلك فإن قيادات الأحزاب والمكونات السياسية بما يمتلكونه من خبرات كبيرة ورصيد متراكم يمثلون قمة النضج في تعاملاتهم البينية ويحرصون على استمرارية التواصل حتى في أحلك الظروف وأصعب اللحظات، والذاكرة التاريخية مليئة بمثل هذه المواقف، فما أن يطرأ طارئ إلا ويهب جميع الحضارم نحو بعضهم ويسجلون مواقف خالدة في التلاحم والتعاضد، ولو أردنا استجلاب بعضاً من تلك المواقف كشواهد على حقيقة ما سقته من كلام فمثلا في عام 2011م أثناء الثورة الشعبية الشبابية السلمية وما رافقتها من ظروف التمت المكونات الحضرمية السياسية والاجتماعية بجميع انتماءاتها ومشاربها لتشكيل مجلس حضرمي أهلي يضمن الحد الأدنى من توفير الأمن للمواطن ويسهم في تأمين بعض ضروريات الحياة المعيشية للمواطن ويمنع أية انهيارات في منظومة مؤسسات الدولة والمجتمع.

وفي عام 2012م خرج الحضارم بما عرف بوثيقة إجماع سميت حينها بـ"وثيقة الرؤية والمسار"، وقد حددت فيها الرؤية السياسية للحضارم، وفي عام 2013م شهدت حضرموت الهبة الحضرمية التي لم يتخلف عنها أحد إثر مقتل الشيخ سعد بن حبريش العليي. وفي نفس العام وقع غالبية الحضارم المشاركين في مؤتمر الحوار الوطني الشامل، إن لم يكن جميعهم، على وثيقة مطلب الإقليم الشرقي والذي طالب فيه الموقعون بأن تكون حضرموت إلى جانب المهرة وشبوة وسقطرى إقليما في إطار دولة يمنية اتحادية، مما دفع بمسار مؤتمر الحوار الوطني تجاه شكل اتحادي للدولة اليمنية المنشودة، ثم في عام 2017م تداعى الحضارم إلى تشكيل مؤتمر حضرموت الجامع، وها هم اليوم يتدارسون تأسيس مؤتمر حضرموت الوطني والذي سيعلن عنه خلال الأيام القليلة المقبلة كحامل سياسي لتطلعات جميع الحضارم.

 

* وماذا عن علاقتكم بالسلطة المحلية ومستوى التواصل؟

- نحن في إصلاح حضرموت حريصون كل الحرص على التواصل مع السلطات المحلية بالمحافظة ونبادر دوماً ومنذ اللحظات الأولى لتعيين أي محافظ أو مسؤول في المحافظة بالتواصل وطلب الجلوس معه، ونحن مدركون أهمية هذا التواصل والتقارب خصوصاً في ظل هذه الظروف الصعبة التي تمر بها البلد والتي تستوجب على الجميع التقارب والتشاور والتعاون ونبذ كل أسباب الخلاف والشقاق لأن ذلك لا يخدم سوى أعداء الوطن والمتربصين به. لاشك أن نجاح مثل هذا التواصل لا يتحقق ما لم تكن جميع الأطراف في مستوى من الوعي يدفع بهم نحو التعالي فوق الصغائر، ونحن دوماً نمد أيدينا نحو الجهات الرسمية ولا نمل من تكرار المحاولات تلو المحاولات، وتبقى المسألة متعلقة بتقبل الطرف الآخر وتفهمه لهذه المسألة. ندرك حجم الضغوطات التي تقع تحت وطأتها السلطات المحلية وعلى رأسها القيادة ممثلة في المحافظ نتيجة الظروف الصعبة التي تمر بها المحافظة، ونحن في الإصلاح بحضرموت سنسعى جادين للتواصل مع السلطة ومد الجسور معها وليس لدينا خيار آخر غير ذلك، لأننا مقتنعون بضرورة هذا التواصل وحاجة البلد له حتى تستعيد عافيتها.

 

* تأسس مؤخرا مجلس حضرموت الوطني.. هل لكم أن تحدثونا بإيجاز عن دوافع إنشائه وأهميته وما الذي يؤمل منه؟

- جاءت فكرة إنشاء هذا المجلس من شعور الحضارم بأن لهم حقوقا ومطالب مشروعة تحتاج منهم إلى إيجاد حامل سياسي يتبنى هذه المطالب العادلة ويضعها أمام الشركاء في هذا الوطن وأمام الجهات المعنية برعاية التسوية السياسة القادمة في اليمن، يشعر الحضارم بأن المسألة اليمنية باتت تتجاذبها أطراف دولية وإقليمية ومكونات سياسية محلية لا تخفي مطامعها ومشاريعها الخاصة سواء الأيديولوجية منها أو الجهوية والتشطيرية والعنصرية للأسف الشديد، لذلك رأى الحضارم أنه من الواجب عليهم أن يحددوا موقفا واضحا لهم من كل ذلك ويرسموا ملامح الصورة التي يسعون لأن تكون عليها حضرموت التي يريدونها ويتمنونها بما يحقق لهم نيل حقوقهم المشروعة ويضمن لهم شراكة عادلة وندية كاملة في بناء وطن ضامن للعدالة والمساواة، ويمكن لأي أحد أن يرجع إلى وثائق إشهار المجلس وميثاق الشرف الذي وقع عليه الحضارم عشية الإشهار، وكلها تصب في ضمان العدالة والشراكة الحقيقية التي يسعى لها الحضارم.

 

* هل لدى الإصلاح في محافظة حضرموت رؤية لتعزيز مؤسسات الدولة والحفاظ على المبادئ الوطنية وحالة السلم المجتمعي والتوافق السياسي؟

- نعم. يمتلك الإصلاح في حضرموت رؤية سياسية واضحة وناضجة عكف عليها عدد من كوادر الحزب في كافة التخصصات لفترة من الزمن وخرجوا بوثيقة رؤى سياسية واقتصادية واجتماعية وتعليمية، وفيما يخص الشباب والمرأة وغيرها وبما يضمن بناء مؤسسي قوي وعصري للدولة اليمنية المنشودة، وقد استندت هذه الرؤى على جملة وثائق هامة منها ما هو مستنبط من رؤى الحزب المركزية ومنها ما هو مأخوذ من وثائق محلية تلبي الخصوصية الحضرمية وتعزز دور المجتمع المحلي وتسعى إلى تحقيق تطلعاته المشروعة.

 

* أين يقع الإصلاح في محافظة حضرموت من معاناة المواطنين المعيشية وضعف الخدمات؟ وماذا يقدم في سبيل ذلك سواء ذاتياً أو من خلال علاقته بالسلطة المحلية؟

- يرى التجمع اليمني للإصلاح نفسه حزبا شعبويا أقرب للجماهير منه للجانب الرسمي، فهو منذ نشأته الأولى قبل 33 عام يرى نفسه حزب الشعب والمنحاز للجماهير، لذلك تجد معظم قياداته كوادره وأعضائه ومناصريه هم من المنخرطين في الخدمة الاجتماعية بصورة ذاتية، سواء عبر مؤسسات نفع عام أو بصفتهم الشخصية بمجهودات فردية. لا يكاد أي حزب آخر يضاهي الإصلاح في ذلك، لذا ترى الناس في كل ملمة تنزل بهم يهرعون إلى منتسبي الإصلاح وقياداته ليساندوهم ويقفوا إلى جانبهم في محنتهم تلك، هذه ميزة إصلاحية بارزة، وهي من صميم مبادئ الحزب وتنشئته لأعضائه ومناصريه، لذا فمن المؤكد وقوف الإصلاح دوماً وأبداً إلى جانب المواطن البسيط في كل ما يعاني منه خصوصا في ظل هذه الظروف المعيشية الصعبة التي يمر بها المواطن اليوم.

ونحن في إصلاح حضرموت نبذل كل ما بوسعنا فعله للتخفيف عن المواطن البسيط والوقف إلى جانبه بمجهوداتنا الشخصية الذاتية وكذا عبر تشجيعنا للمؤسسات المانحة المحلية والدولية التي تسعى للتخفيف من معاناة المواطن.

 

* يُنظر إلى محافظة حضرموت على أنها نموذج مميز للمحافظات المحررة؟ ترى ما الذي كرس هذه النظرة؟

- لا شك أن ذلك تحقق أولاً بفضل الله تعالى ثم بما يتحلى به الحضارم من أخلاق وقيم ومبادئ نشؤوا وتربوا عليها، ففي مثل هذه الظروف الصعبة التي دخلت فيها اليمن في نفق الصراع المسلح بعد انقلاب الحوثي وسيطرة مليشياته على العاصمة صنعاء وما تلاها من معارك وصلت معظم المحافظات إلا أن حضرموت بفضل الله حافظت على تماسكها وجنبها الله الحرب والصراع، كما أن الفضل أيضا يرجع لأبنائها الذين تحلوا بمستوى عال من المسؤولية وقرروا منع محافظتهم من الانزلاق في مستنقع الفوضى والاقتتال، ونبذوا كل من حاول أن يجر حضرموت إلى العنف، ورفضوا إنشاء أية تشكيلات مسلحة خارج إطار الدولة والنظام والقانون.

 

* وما الذي يمكن أن تضطلع به حضرموت في المعركة الوطنية لاستعادة الدولة وبناء الدولة الاتحادية؟

- حضرموت تمتلك مقدرات كبيرة ولديها فرصة كبيرة في أن تسهم في قلب موازين القوى وحسم المعركة جنبا إلى جنب مع باقي المحافظات المحررة، بشرط أن تجد رعاية حقيقية من قبل سلطات الدولة، حضرموت مساحة كبيرة ومنافذ دولية هامة وموارد كبيرة ترفد الدولة اليوم بغالبية ميزانيتها، حضرموت منطقة آمنة وتصلح أن تكون نموذجا تحتذى به بقية المناطق المحررة، أبناء حضرموت يتوقون إلى قيام دولة وتفعيل مؤسساتها بما يوفر بيئة مناسبة لكل أسباب الاستقرار والازدهار، حضرموت مع الدولة وترفض المليشيات، كل ذلك إذا وجد من يستثمره الاستثمار الصحيح ويوجهه نحو الأهداف الناهضة بالوطن والحاسمة للمعركة لصالح الدولة فسيجد ثماره سريعة وعظيمة.

 

* هل أنتم راضون على مستوى أداء مكاتب الإصلاح في حضرموت، ومدى تلاحمها بقواعدها والجماهير؟

- إذا تريد أن أقول رأيي في جوابي هذا وفقاً والطموحات والآمال، فلسنا راضين تماماً، فهناك فرص كثيرة ولدينا طموحات وآمال كبيرة جداً فوق ما قد يتصوره البعض، لكن إذا أردت أن أجيب وفق الإمكانيات المتوفرة والظروف المحيطة الآن فأنا أقول إننا راضون إلى حدٍ ما عما هو حاصل، ولعلكم تتابعون الأنشطة الجماهيرية التي عمت حضرموت خلال الفترة الأخيرة فيما يشبه ظاهرة مختلفة ومفاجئة للجميع، فقد انفتح الإصلاح في حضرموت على المجتمع بشكل كبير ولاقى ترحاباً منقطع النظير من قبل الجماهير سواء في المجالات السياسية أو الاجتماعية والشبابية والرياضية والفنية وغير ذلك بما لا يضاهيه حزب أو مكون سياسي آخر.

 

* نريد أن تقدم لنا صورة عن دور حضرموت الوطني خلال السنوات التسع الماضية وكيف أسندت مشروع الدولة والتوافق في وجه الانقلاب والمليشيا الحوثية؟

- هبت حضرموت بجميع أبنائها منذ اللحظات الأولى لإسناد المقاومة الشعبية في معركة مواجهة الانقلاب الحوثي ومنذ لحظاته الأولى، وسجل أبناء حضرموت أدوارا بطولية في عدد من المعارك سواء في المشاركة المباشرة بالرجال أو بالدعم المالي والإغاثي وإيواء النازحين من عموم محافظات الجمهورية، وتعد حضرموت من المحافظات التي تحملت عبء النزوح إليها وما شكله ذلك من ضغط شديد على البنية التحتية والخدمية لها في ظل غياب الدولة وتوقف الكثير من المشاريع الخدمية المختلفة. ربما ما تزال حضرموت من المحافظات القليلة التي ظلت تحافظ على شكل الدولة ومؤسساتها الرسمية ورموزها، وتشكل منافذها البحرية والبرية والجوية متنفسا حقيقيا وآمنا لجميع أبناء اليمن عموماً ويشعر فيها المواطن بالأمن والأمان وهو يتجول في مناطقها كافة دون قيد ولا شرط ودون مضايقات من أحد، وهذه ميزة يشعر بها كل مواطن يمني يأتي إلى حضرموت، هذه الأمور وغيرها تحسب لحضرموت وأبنائها كإسهامات يقدرها الكثير من أبناء اليمن خصوصا في ظل ظروف صعبة تمر بها بلادنا هذه الأيام.

وما يزال بمقدور الحضارم تقديم الكثير إذا ما تم الالتفات إليها من الجهات الرسمية، وتم إيلاؤها اهتماما أكثر باعتبارها بيئة مناسبة لإبراز نموذج جذاب للحكومة والدولة الشرعية يمكن الانطلاق من خلالها لإصلاح الاختلالات الحاصلة في بقية المحافظات وتحرير المناطق الخاضعة لسيطرة مليشيات الحوثي الانقلابية.

 

* دائماً ما يثار بعض الجدل حول مخرجات الحوار واعتبار إقليم حضرموت ركيزة أساسية، كيف يرى الإصلاح مستقبل الإقليم، وكيف ستكون العلاقة مع بقية الأقاليم والمحافظات؟

- كان لأبناء المحافظات الشرقية (حضرموت - المهرة - شبوة - سقطرى) السبق في تحديد اتجاه مؤتمر الحوار الوطني الشامل نحو دولة يمنية اتحادية من عدة أقاليم، وذلك من خلال توقيع معظم المشاركين في مؤتمر الحوار على وثيقة المطالبة بإعلان الإقليم الشرقي الذي يضم هذه المحافظات الأربع، وبذلك اتجه المتحاورون نحو شكل الدولة الاتحادي والذي اتفق فيما بعد على أن يكون عدد الأقاليم ستة أقاليم منها إقليم حضرموت وعاصمته المكلا كما نص ذلك في قرار لجنة تحديد الأقاليم التي شكلت في مؤتمر الحوار.

ونحن في إصلاح حضرموت نرى أن مخرجات الحوار الوطني تمثل حجر الزاوية في أية تسوية سياسية قادمة ممكن أن يصل إليها اليمنيون، لأن وثيقة الحوار، بغض النظر عن بعض المآخذ عليها، إلا أنها تمثل لحظة توافق يمنية غير مسبوقة وبرعاية إقليمية ودولية، ولا أظن أن بالإمكان الإتيان بما هو أفضل منها على المدى المنظور، ولا أظن أن الظروف ستكون مواتية لإجراء أية تفاهمات حقيقية ترقى إلى مستوى الظروف التي توفرت لمؤتمر الحوار الوطني. صحيح أن هناك بعض أطراف تريد أن تجهض هذا المنجز العظيم بمبررات واهية ظاهرها الرحمة والحرص لكن باطنها الأنانية وسوء المقصد، والعودة بالبلد إلى نقطة الصفر دون تقديم أية حلول حقيقية وبدائل صالحة، وهذا يتضح في التناغم الجلي بين جميع المليشيات والقوى غير الوطنية التي تتحد في موقفها الرافض لمخرجات الحوار بل والبعض يدعي أن الحرب هي من إفرازات مؤتمر الحوار الوطني وهذه فرية عظيمة يراد تسويقها على عقول عامة الناس. إننا نؤكد المرة تلو الأخرى أن ما أنجزه اليمنيون في مؤتمر حوارهم الوطني وما توصلوا إليه من مخرجات يمثل حالة يمكن أن يُعتمد عليها وتصلح أن تكون أساسا لبناء الدولة اليمنية الحديثة التي يشعر فيها غالبية اليمنيين بقدر من العدالة والمساواة وما سوى ذلك هو العودة إلى أسباب الاحتقان والصراع والفوضى.

إن من يرفض مخرجات الحوار الوطني لا يمتلك أية بدائل حقيقية غير أنه يريد أن يتنصل من أية التزامات توافقية ويفرض شروطه تحت سطوة الحديد والنار كما يتوهم، وكما هو واضح من قبل الحوثي بدرجة أساسية وبعض القوى الأخرى التي تظن أنها تمتلك قوة فرض أمر واقع في بعض المحافظات اليمنية الأخرى.

ولكن من وجهة نظرنا فإن الحضارم قد حسموا أمرهم إما وإقامة دولة يمنية اتحادية وتكون فيها حضرموت إقليما مستقلا بما يتم التوافق عليه ويحقق لحضرموت وأبنائها شراكة حقيقية وندية كاملة، أو فإن للحضارم رأيا آخر، فهم لن يقبلوا بالتبعية لأي مليشيات أو قوى طامعة في تركيع بقية الوطن تحت هيمنتهم سواء كان هذا الطرف مليشيات الحوثي أو غيره.

 

* نجح أبناء حضرموت في الحفاظ على وحدة الصف ورفض تأسيس ميلشيات خارج سلطة الدولة.. ما إسهامات القوى السياسية والاجتماعية في ذلك وهل نعتبر أنها نجحت في ذلك؟

- طبيعة الحضارم لا يميلون إلى الفوضى ولا يقبلون بغير سلطة الدولة، فهم مجتمع متمدن بطبعه خالٍ من العنف والصراع ويفضل حل النزاع وفق آليات رسمية قانونية، ومهما اختلفت وجهات النظر بين الحضارم في المجالات المختلفة إلا أنهم يرفضون العنف والاقتتال، لذلك هم يرفضون كل ما يمكن أن يؤدي إلى العنف وأسبابه، لذلك ومنذ اللحظات الأولى عندما شكلوا نواة القوات المسلحة والأمنية من أبناء المحافظة فقد حرصوا على أن تكون في إطار مؤسسات الدولة الرسمية، فالنخبة الحضرمية التي شكلت لتحرير الساحل من قبضة تنظيم القاعدة كانت تتبع وزارة الدفاع وضمن المنطقة العسكرية الثانية، وقوات الأمن التزمت بالتبعية لوزارة الداخلية، هذا في الساحل، أما في الوادي فإن المنطقة العسكرية الأولى ما تزال تبسط سيطرتها رغم أن هناك محاولات قامت ولا تزال تقوم بها بعض القوى غير الوطنية تهدف إلى جر حضرموت نحو اللادولة وتشكيل مليشيات مسلحة أسوة ببعض المحافظات الأخرى في محاولة منها لزعزعة الأمن في حضرموت وجعلها منطقة خارج نطاق سيطرة الدولة وتمرير بعض الأجندات من خلالها، لكن الحضارم بجميع توجهاتهم ومشاربهم وقفوا وقفة رجل واحد في رفض هذه الدعوات المشبوهة وأكدوا تمسكهم بالدولة ورفض الفوضى والعنف، وما تزال حضرموت حتى هذه اللحظة على موقفها القوي الرافض لأية تشكيلات خارج إطار الدولة، ويؤكد الحضارم في كل مناسبة على موقفهم الثابت هذا.

 

* نعود إلى الانتخابات الداخلية التي شهدها إصلاح حضرموت وتجديد القيادات في مؤسساته.. هل أنتم راضون على ما تحقق؟ وهل تم فعلاً ضخ دماء جديدة؟

- أولا يجب أن نعترف بأن هذه الانتخابات لم تحدث في ظروف طبيعية 100%، إنما كانت محاولة على طريق استعادة العافية ولو تدريجيا وعلى قاعدة ما لا يدرك كله لا يترك جله، فالإصلاح كان أمام خيارين إما إقامة هذه الانتخابات وتجاوز بعض الصعوبات للحفاظ على مؤسسية الحزب وتفعيل أجهزته ولوائحه، أو الانتظار حتى تتوفر جميع الظروف الطبيعية وتقام الانتخابات بشكل تام وكامل وفق آلية شاملة من المحليات حتى المركز وبشكل طبيعي، وهذا ما لن يتم في الفترة الحالية نتيجة الظروف التي يمر بها الوطن بشكل عام.

نحن في حضرموت قدرنا ظرفنا المحلي ووجدنا أن هناك فرصة لإقامة هذه الدورة الانتخابية وتجديد القيادات وتفعيل العمل المؤسسي ولو بالحد الأدنى على طريق استعادة كامل العافية في أسرع وقت ممكن.. بالطبع تم تغيير في جميع المستويات القيادية وتم اختيار أشخاص جدد لشغل المناصب ونتمنى لهم التوفيق والنجاح.

 

* كيف تنظرون إلى إشراك قواعد الإصلاح في مختلف الأعمال والمناشط، وكيف تعملون لتكون هذه القاعدة فاعلة؟

- الإصلاح بطبيعته حزب قاعدي أكثر من كونه حزب قيادات ورموز وزعامات، فالقواعد هم أساس العمل وهم من يباشرون تنفيذ الأنشطة اليومية وسط الناس، لذلك ينخرط معظم إن لم يكن جميع أعضاء الحزب المؤمنين بالفكرة في أنشطة شبه يومية لتنفيذ ما يخططون له من مهام وأعمال كلٌَ في مجال اختصاصه كخلية نحل وكلٌ منهم يقوم بما يجب عليه القيام به، وهذا هو سر قوة الإصلاح وتماسكه واستمراريته رغم كل ما يتعرض له من مضايقة ومحاربة وحملات ممنهجة تستهدفه من أطراف متعددة. إن الإصلاح يثبت يوماً بعد يوم مدى قوته وصلابته بفضل الله ثم بتماسك قواعده وانسجامهم مع توجهاته وانخراطهم في أنشطته المختلفة وبذل المزيد من التضحيات خدمة للمشروع الوطني الذي يؤمنون به ويتفانون في نصرته.

 

* وما هي أدوار الإصلاح في حضرموت من أجل إرساء قيمة الدولة خلال السنوات الأخيرة؟ هل وصلت رؤية الإصلاح إلى كل فئات وشرائح المجتمع الحضرمي؟

- أسهم الإصلاح جنبا إلى جنب مع أبناء المحافظة ومكوناتها الحية في التصدي لكل الدعوات المناهضة للدولة، وقدم الإصلاح كثيرا من التضحيات في سبيل ذلك وتعرض للكثير من الأذى والتشويه والمحاربة، غير أنه ثبت على مواقفه الوطنية تلك، وكله ثقة في أن الزبد سيذهب جفاءً وأن ما ينفع الناس هو الذي سيبقى وسيستمر، وظل الإصلاح ينادي ويحث الجميع على التمسك بقيم الدولة وعدم التفريط في مؤسساتها في كل مناسبة وحين.

ورغم ما تعرض له الإصلاح من خذلان من قبل بعض من كان حري بهم الدفاع عن الدولة ومؤسساتها إلا أنه كان مصراً على مواصلة هذه المسيرة العظيمة وكله ثقة في أنه سيكسب الرهان في آخر المطاف وأن جماهير الشعب وقواه الحية ستدرك حتماً صوابية مواقف الإصلاح الوطنية، وأن التاريخ سينصفه يوما ما، وها نحن اليوم في حضرموت نلمس مدى التحام الجماهير برؤى الإصلاح ومؤازرتها بعد أن انكشف لها زيف الكثير من تلك الدعاوى التي طالما تم تسويقها ومخادعة الناس بها. إننا اليوم في إصلاح حضرموت نشعر بمدى ما توصل له الناس من وعي ناضج ومتنامي حيال كثير من القضايا الوطنية، ولا شك أن هذا الوعي هو خلاصة تجارب ومواقف عاشها المواطن واستلهم منها الكثير من الدروس والعبر وأدرك حقيقة ما تخفيه الشعارات والخطابات خلفها من أهداف ومقاصد، وأدرك حقيقة من كان معه صادقاً ووفياً في كل ما يقوله، ومن كان يكذب عليه ويستغل عواطفه ويعبث بمشاعره. لقد أسهم الإصلاح من خلال مواقفه الثابتة ورؤاه الواضحة والناضجة والصادقة ومن خلال وسائل إعلامه المختلفة وأنشطته التوعوية المستمرة التي ما فتئت تدعو إلى ترسيخ قيم الدولة والمواطنة والعدالة والمساواة، لقد أسهم الإصلاح بذلك في إنضاج الوعي الوطني لدى أبناء هذا الوطن بشكل واضح وكبير.

كما أن الإصلاح يسعى جاهداً لإيصال رؤيته إلى كل فئات الشعب وشرائحه المختلفة من خلال أنشطته الجماهيرية المختلفة وقد أنجز فيها قدر لا بأس به وما زال هناك الكثير مما يجب على الإصلاح القيام به في هذا الصدد.

 

* يؤكد الإصلاح مراراً أنه لن يكون إلا الرافعة الأكبر للمشروع الوطني والدولة المدنية.. ما هي إسهاماته في هذا الخصوص؟

- لا أظن أن عاقلاً ومنصفاً ممن يراقب الوضع في بلادنا تغيب عنه إسهامات الإصلاح المختلفة في تدعيم ومساندة المشروع الوطني وبناء الدولة اليمنية الحديثة، بل إن الإصلاح قد دفع جراء مواقفه الوطنية تلك الكثير والكثير وما زال يدفع حتى اللحظة، فعلى مستوى عموم اليمن نجد الإصلاح أكثر الأحزاب وضوحاً حيال جميع القضايا الوطنية دون تردد ولا تلعثم، ونجده في الصفوف الأولى عندما تتطلب الأمور الوقوف إلى جانب القضايا الوطنية الرئيسية جنبا إلى جنب مع بقية القوى الوطنية اليمنية، وعلى مستوى المحافظات نجد الإصلاح من أوائل المتصدرين في مواجهة المليشيات الحوثية شمالاً وقد قدم في سبيل ذلك خيرة شبابه في معارك الشرف والبطولة وخسر الكثير من ممتلكاته وصب عليه كثير من الأذى باعتباره رأس الحربة في المشروع المناهض للمليشيات الحوثية.

وجنوباً دفع الإصلاح فاتورة عظيمة في مواجهة المشاريع التشطيرية وتعرض جراء ذلك للكثير من الاعتداءات والاستفزازات بل وصل الأمر في بعض المناطق إلى التصفيات الجسدية والتهجير خارج الوطن.

 

* ما الذي تودون قوله في ختام هذا الحوار؟

- نحب أن نؤكد أن اللحظة التي تمر بها بلادنا اليوم هي لحظة تاريخية فارقة إما أن تخرج جمهورية منتصرة قوية موحدة ينعم فيها جميع أبنائها بالعيش الكريم في ظل دولة مدنية معاصرة تتسع للجميع وتوفر لهم أسباب العزة والكرامة والخلود، دولة وفية لتضحيات أبطالها ومناضليها عبر عقود مضت، وإما -لا قدر الله- تسقط في هاوية التخلف والجهل والطغيان والاستبداد والاستعباد والظلام وتضيع كل تضحيات رجالات الثورة والجمهورية والوحدة، لذلك لا بد أن تتكاتف الجهود، وتتعالى النفوس فوق الصغائر وحظوظ النفس وأنانية الأشخاص وعصبية الحزب والقبيلة والمنطقة والنسب. إن الواجب اليوم على الجميع أن يضعوا مصلحة الوطن الكبير فوق كل مصلحة صغيرة ذاتية أو حزبية أو جهوية أو عصبوية، وأن واجب اللحظة اليوم هو استعادة الدولة وإسقاط الانقلاب الحوثي وإنهاء هذا الورم السرطاني الخبيث الذي يهدد بتدمير قيم التعايش وينسف قواعد الشراكة ويؤسس لمرحلة خطيرة تعيد اليمن برمته قرونا إلى الخلف ويقضي على كل طموحات وآمال اليمنيين في بناء دولة عصرية حديثة تنهض بهم نحو مصاف الدول المتقدمة.

إن التاريخ لن يرحم من يقصر اليوم في أداء واجبه تجاه وطنه، لذلك أوجه النداء للجميع بأخذ العظة والعبرة مما قد مر بهم خلال السنوات التسع الأخيرة وعدم تكرار أخطاء الماضي.