الأحد 28-04-2024 10:33:03 ص : 19 - شوال - 1445 هـ
آخر الاخبار

التجمع اليمني للإصلاح.. 32 عاما من الإصلاح الثقافي (الحلقة 1-2) الخطوط العريضة للإصلاح الثقافي

الأحد 18 سبتمبر-أيلول 2022 الساعة 07 مساءً / الإصلاح نت-خاص-عبد العزيز العسالي
 

 


في الـ13 من سبتمبر 1990م تم الإعلان عن قيام حزب التجمع اليمني للإصلاح، ولقد مثل ذلك خطوة مهمة في تعزيز ثقافة التعدد ليس السياسي وحسب بل والثقافي أيضاً، وبما أن المجتمع اليمني يستمد ثقافته من عقيدته وهويته وتاريخه الحضاري، فإنه في ذات الوقت يعتبر علماء الشريعة مصدرا للأمن الثقافي.
لقد شعر المجتمع بقدر من الطمأنينة عندما شاهد علماء الشريعة في طليعة قيادة حزب الإصلاح.

بطبيعة الحال، تزامن نزول البرنامج السياسي مع إعلان قيام الحزب، وقد نصت مقدمته بفحواها على إصلاح المسار الثقافي والاجتماعي الشامل، وذلك على النحو التالي:

أولا، الهدف المحوري:
1- نصت المقدمة على أن الهدف المحوري لحزب الإصلاح هو "بناء المجتمع" بناء ثقافيا يتناول كل جوانب حياة المجتمع دينيا وفكريا وسياسيا وثقافيا وتربويا... إلخ.

2- بناء الدولة الحديثة من أفق الثقافة الإسلامية والاستفادة من التجارب الحديثة بما لا يصادم مقصدا شرعيا أو نصا قطعي الثبوت والدلالة.

ثانيا، مكونات بناء المجتمع.. المبادئ، المفاهيم:

المحور الأول: المبادئ:

هذه المبادئ والمفاهيم تم استخلاصها وصياغتها بإيجاز من البرنامج السياسي وأدبيات الحزب المختلفة، وذلك كما يلي:

1- انطلق برنامج إصلاح المسار الثقافي (بناء المجتمع) من نصوص الدستور والقانون، وهذا يعني أن كرامة الإنسان مقدسة، فردا ومجموعا، أي وجوب احترام كرامة الإنسان والحفاظ عليها عقيدة وهوية وحرية وحقوقا.

بصيغة أكثر إيجازا ووضوحا: الولاء للأمة واحترام إرادتها.

2- ترسيخ روح الانتماء الوطني في ظل النظام الجمهوري وحماية أهداف الثورة والدستور والقانون.

3- ترسيخ ثقافة بناء الدولة بناء مؤسسيا بما يكفل تحقيق المصالح وحماية الحقوق للفرد والمجموع.

4- الحفاظ على آلية النظام الديمقراطي وممارسة العمل الديمقراطي بشفافية، والتسليم بمخرجاتها.

5- العمل السلمي هو الوسيلة الوحيدة في الإصلاح الثقافي والاجتماعي والسياسي.

المحور الثاني: ضبط المفاهيم:

حرص الإصلاح على تحديد وضبط المبادئ والمفاهيم وبلورتها من خلال نصوص القرآن وصحيح السنة العملية وذلك لأهميتها في صناعة الوعي الثقافي والاجتماعي، وسنذكرها بإيجاز:

1- الحرية، المساواة، حقوق الإنسان.. هذه مبادئ من صميم الشرع الإسلامي الحنيف.

2- الديمقراطية آليّة دستورية، يتحقق من خلالها المبدأ الإسلامي "وأمرهم شورى بينهم".

3- الأمّة مستخلفة بنص القرآن، وهي صاحبة المصلحة الحقيقية وبالتالي فالأمة لها الحق في تقرير المصلحة الأكثر فاعلية.

4- تحقيق كرامة الأمة عبر آليات ووسائل محاصرة الاستبداد وتقليم أظافره وتجفيف منابعه أيا كانت مصادرها.

5- منظمات المجتمع المدني حق مشروع كفله الدستور كونها الوجه الثاني للتعددية وهي التجسيد العملي الذي تقوم عليه الدولة المدنية.

6- الفصل بين السلطات وسيلة من الوسائل الكابحة لتغول السلطات المستبدة.

7- تحديد الفترة الزمنية للسلطة الحاكمة هي آليّة تدخل في باب الوسائل الشرعية التي يتحقق من خلالها حماية كرامة وحقوق الأمة من الطغيان.

8- الشريعة الإسلامية ثوابت ومتغيرات: هذا المفهوم يحتل مكانة هامة بل هو في الحقيقة "مبدأ"، ولا شك أن ترسيخ هذا المبدأ له ثمار إيجابية في غاية الأهمية في عقول الخطباء والحفاظ والمرشدين أبرزها:

- التفريق بين أهداف الشريعة ووسائل تحقيقها، وهذا يعني أن الوسائل تتغير زمانا ومكانا بخلاف الأهداف فهي ثابتة ثبوت الجبال.

- تخفيف التشدد في التدين بنسبة كبيرة، كون التشدد والغلو يأتيان من عدم التفريق بين الثوابت والمتغيرات.

- الوسطية: الجدير ذكره أن مصادر التثقيف الإصلاحية وأدبياتها كانت ولا زالت تُرسخ في أوساط الحزب باستمرار أن الوسطية مبدأ إسلامي، والالتزام به فريضة شرعية، مع التأكيد والتوضيح أن هناك جماعات دينية دعوية لها أساليبها، وذلك شأنها، بخلاف حزب الإصلاح الذي حسم موضوع رؤيته الدعوية بأنها قائمة على مبدأ الوسطية، وهي مبدأ من صميم الشريعة الإسلامية.

- الحكمة والموعظة الحسنة: هاتان أعظم ثمار التفريق بين الثوابت والمتغيرات.

- عدم التكفير: الجدير ذكره أن الدعوة بالحسنى بعيدا عن التشدد وإطلاق عبارات التكفير والتبديع والتضليل والتفسيق والزيغ... إلخ، كان لها الأثر الأكبر في الفضاء الاجتماعي احتراما وتقديرا وقبولا لحزب الإصلاح.

- الحزبية وسيلة منظمة لها فاعلية أكثر، وقد أثبتت التجارب أنها من السنن الحاكمة للاجتماع وهي من أوراق الضغط السياسي الخادمة لمصالح الأمة.

ثالثا، الوسائل:

- العناية بمقررات التربية والتعليم، وحصة الإذاعة الصباحية في المدرسة والصحيفة الوسطية الهادفة.

- العناية بالمعاهد العلمية مقررات وتطبيقا، وإشراف تربوي يصنع الشخصية المتوازنة تفكيرا وسلوكا.

- إصلاح الخطاب المسجدي: الخطاب المسجدي لم يخرج عن الأسلوب العام المتبع في إصلاح المسار الثقافي وبناء الوعي المجتمعي.

- المجال الإعلامي: الصحيفة، المجلة، البرنامج الإذاعي، الندوة المسموعة والمرئية، المسرح، وغير ذلك من الوسائل والأساليب والمفاهيم التي نالت الاستحسان بل والتأثير الإيجابي، حبا في الحكمة واللين والتيسير والمواضيع الشائقة.

رابعا، عودٌ على بدء:

المواجهة الثقافية مع السلالية: تحدثنا أعلاه بإيجاز حول الانتماء للجمهورية وتعمدنا تأجيل بعض النقاط الهامة والتي نوجزها فيما يلي:

- قلنا إن حزب الإصلاح قرر من اللحظة الأولى الانتماء للجمهورية والدستور وما يتعلق به من المبادئ المتمثلة في كرامة الإنسان والحرية والمساواة والمواطنة المتساوية وحقوق الإنسان والديمقراطية والوحدة الوطنية وحماية النسيج المجتمعي... إلخ.

- النتيجة هي المواجهة الثقافية المبكرة مع السلالية العفنة.

- الثورة الخمينية:
ثورة الخميني في أواخر سبعينيات القرن الماضي كان لها صدى غير عادي، وهنا اشرأبت أعناق التشيع السلالي طمعا في إحياء دعوى الحق الإلهي في الحكم.

- ازدادت ضراوة السلالية بعد قيام الوحدة فهرعت مستغلة لقضية التعددية السياسية مجدفة في إطلاق الاتهامات لحزب الإصلاح الذي أعلن انتماءه للجمهورية كما ذكرنا قبل قليل.

- لا مساومة في المبادئ: حدد حزب الإصلاح موقفه من السلالية وحصلت مواجهة ثقافية ساخنة عبر الصحافة.

لقد كتب اليدومي(رئيس الهيئة العليا) ثلاث حلقات في صحيفة الصحوة الناطقة باسم الإصلاح حذر فيها من مخاطر السلالية التي استغلت الهامش الديمقراطي الوليد خدمة لتحرير أجندتها الخبيثة السوداء في خداع الجيل الذي لم يكن لديه حصيلة ثقافية تجاه الكهنوتية السلالية الحاقدة.

في صحيفة "الإصلاح" الصادرة بمحافظة تعز كتب فيها الأستاذ حارث الشوكاني مقالات عدة وطويلة شرّح فيها مخاطر عودة السلالية موظفا مخزونه الثقافي حول بشاعة الحكم السلالي وعنصريته.

- كتاب "أضواء على حقيقة المساواة": أصدر الشيخ ياسين عبد العزيز كتابين، الأول بعنوان "أضواء على حقيقة المساواة" هتك من خلاله خلائق ذوي النفوس المتقوسة (المعوجّة) حد التيبّس.

الكتاب الثاني بعنوان "الشورى"، تمحور حول مفهوم "الأمّة مستخلفة"، والهدف هو إبطال مزاعم التشيع السلالي حول الحق الإلهي.

- إسهام مجلة نوافذ:
استمر التراشق خلال ثلثي عقد التسعينيات، وكان فارس المواجهة الأستاذ نصر طه مصطفى عبر مجلته الرائعة "نوافذ" والذي لم يكتف بقلمه، وإنما فتح حوارات مع عدة شخصيات استمرت قرابة 8 أعداد/8 أشهر.

الخلاصة: الانتماء للجمهورية والدستور وما يتصل بهما من مبادئ، يجد القارئ أن حزب الإصلاح لم يساوم فيها أبدا، مهما كانت الظروف، غير أن تلك المواجهة ظلت في حدود المناقشات الفكرية والثقافية.

تلكم هي أبرز وأهم الخطوط العريضة لبرنامج إصلاح المسار الثقافي والاجتماعي التي سلكها حزب الإصلاح.
كل ذلك وغيره كان أساسا لتنمية قيمة مبدأ الولاء الوطني.. هذا المبدأ هو موضوع الحلقة الثانية.. نلتقي بعونه سبحانه.

كلمات دالّة

#اليمن