السبت 27-04-2024 22:45:59 م : 18 - شوال - 1445 هـ
آخر الاخبار

المواطنون في مناطق سيطرة الحوثيين.. أزمات متجددة وتجويع شامل

الإثنين 16 مايو 2022 الساعة 05 مساءً / الإصلاح نت - خاص | عبد السلام الحاتمي


تتوالى الأزمات التي تعصف بالمواطنين في مناطق سيطرة مليشيا الحوثيين وتزداد حدتها يوما بعد آخر لدرجة صار معها الأمن الغذائي والمعيشي في خطر، فبالإضافة إلى أزمة المشتقات النفطية والغاز المنزلي، برزت أزمة ارتفاع أسعار المواد الغذائية، خصوصا الضرورية منها، مثل القمح والدقيق والزيت والسكر وغير ذلك، مما ينذر بوضع كارثي وتوسع رقعة الجوع والفقر، والتي سيزيد من حدتها تفشي البطالة واستمرار نهب المليشيا رواتب الموظفين الحكوميين، وأيضا استمرارها في نهب المساعدات الإغاثية وبيعها في الأسواق أو مساومة الأسر الفقيرة على تجنيد أفراد منها للقتال في صفوف المليشيا مقابل استلام سلال غذائية من حين لآخر.

وتأتي تلك الأزمات نتيجة لسلوك مليشيا الحوثيين الإرهابية وممارستها سياسة الإفقار والتجويع الشامل وشن حرب معيشية على المواطنين، من خلال فرض ضرائب وجمارك باهظة على مختلف السلع والمواد الغذائية، بالإضافة إلى الإتاوات الجائرة التي تفرضها على الشركات والمؤسسات التجارية والمزارعين، فتضاف تلك الضرائب والجمارك والإتاوات إلى أسعار السلع والمواد الغذائية، فتتراكم كل تلك المصائب وتلقي بويلاتها على المواطنين مباشرة، حيث تنتزع المليشيا الحوثية القوت الضروري من أفواه المواطنين لتمويل حروبها العبثية ولينعم قادتها بالثراء الفاحش على حساب معاناة ملايين المواطنين، ووصل بها الأمر إلى منع فاعلي الخير من توزيع مساعدات للمحتاجين، وتعتقل أي فاعل خير إذا علمت بتوزيعه مساعدات سرا، ولا تفرج عنه إلا بعد دفع مبلغ مالي، مع التعهد بعدم تكرار توزيع مساعدات، وإخطاره بأنه إذا أراد توزيع مساعدات أو صدقات فيجب تسليمها إلى قيادات المليشيا (المشرفين) لتوزيعها، والهدف نهبها وحرمان الفقراء والمحتاجين منها.

- استحداث جبايات ومضاعفتها

لم يكن توالي الأزمات المعيشية في مناطق سيطرة مليشيا الحوثيين إلا نتاجا لتوسع سياسة النهب والسلب وفرض الإتاوات الجائرة بذريعة دعم المجهود الحربي وما تسميه "زكاة الخمس"، ويأتي في هذا السياق إقدام المليشيا، في بداية رمضان الماضي، على توزيع مندوبين من الموالين لها على مزارع الدجاج في جميع مناطق سيطرتها، وفرضت على ملاك تلك المزارع ما تسميه "زكاة الخمس"، وقدرتها بمبلغ 300 ريال على كل دجاجة، بعد تقدير متوسط سعر الدجاجة الواحدة بـ1500 ريال، لكن الأمر لم يتوقف عند ذلك الحد، بل فقد فرضت أيضا جبايات إضافية على موزعي الدجاج وعلى أصحاب المسالخ، مما تسبب بارتفاع أسعار الدجاج، خصوصا في مواسم الطلب عليها (شهر رمضان وعيد الفطر المبارك)، وبسبب استمرار الجبايات، فإن أسعار الدجاج في تزايد.

وبذلك تكون المليشيا قد حرمت قطاعا كبيرا من المواطنين من الدجاج الذي كان يمثل بالنسبة لهم بديلا للحوم المواشي التي لا يستطيعون شراءها، علما بأن لحوم المواشي (الأغنام والأبقار) كانت قد ارتفعت إلى مستويات قياسية منذ سنوات بسبب ممارسات مشابهة أقدمت عليها المليشيا الحوثية، فهي لم تكتفِ بالإتاوات التي فرضتها على أصحاب مشاريع الإنتاج الحيواني من أغنام وأبقار، وإنما فرضت إتاوات وجبايات إضافية يتم تحصيلها في مداخل المدن الرئيسية على موردي المواشي إلى الأسواق والمطاعم ومحال الجزارة، وبسبب مضاعفة الجبايات والإتاوات ارتفعت أسعار اللحوم بشكل جنوني، وبالتالي حرمان نسبة كبيرة من المواطنين منها، حتى في الأعياد وغيرها من المناسبات.

وخلال الأيام الأخيرة، ظهرت دعوات شعبية في العاصمة صنعاء وغيرها من مناطق سيطرة المليشيا الحوثية لمقاطعة الدجاج بعد ارتفاع أسعارها بنسب مضاعفة، لإجبار ملاك مزارع الدجاج والموزعين على التراجع عن رفع أسعارها، لكن ستبقى إشكالية الإتاوات والجبايات التي تفرضها مليشيا الحوثيين على ملاك مزارع الدجاج والموزعين وأصحاب المسالخ، وفي حال تفاعل المواطنون مع دعوات المقاطعة، فإن ذلك سيجبر ملاك المزارع ومليشيا الحوثيين على إعادة الأسعار إلى ما كانت عليه، وإلا فإن الخسائر ستطال الجميع.

كما ارتفعت أسعار أصناف كثيرة من الفواكه والخضروات بسبب مضاعفة الجبايات على المزارعين، وجبايات أخرى تفرض في مداخل المدن على جميع الفواكه والخضروات التي تورد إلى الأسواق، تتبعها جبايات أخرى تفرض في أسواق الجملة والتجزئة وعلى أصحاب "البسطات" و"المفارش" والباعة المتجولين، وهذه الإتاوات الباهظة والمكررة تتسبب في ارتفاع أسعار مختلف أصناف الخضروات والفاكهة، ويتحمل عبئها المستهلك (المواطن)، وهكذا تلاحق المليشيا المواطن في لقمة عيشه وفي الضروريات وكل شيء، بما في ذلك المياه، حيث ضاعفت المليشيا الإتاوات والجبايات على ملاك آبار المياه، مما تسبب بارتفاع أسعارها، ويتندر المواطنون بأنه لم يبق لهم إلا الهواء، ولو كان بقدرة المليشيا الحوثية التحكم به فإنها ستحتكره وتبيعه لهم بمبالغ مالية كبيرة.

- أزمة مشتقات نفطية جديدة

تعد أزمة الغاز المنزلي وأزمة المشتقات النفطية من أكثر الأزمات التي تفتعلها مليشيا الحوثيين الإرهابية في أوقات متقاربة، ولا تنفرج تلك الأزمات إلا لأيام محدودة ثم تعود مرة أخرى، وبدأت المليشيا بافتعالها منذ الأيام الأولى للانقلاب، في حين تنتعش السوق السوداء التابعة للمليشيا والتي تُباع فيها المشتقات النفطية والغاز المنزلي بأسعار مرتفعة، بهدف نهب أموال المواطنين بطرق ملتوية وإجبارية، وتمويل المليشيا لحروبها العبثية وتحقيق ثراء خاص.

وفي 11 مايو الجاري، اتهمت الحكومة الشرعية مليشيا الحوثيين بافتعال أزمة جديدة للمشتقات النفطية في صنعاء والمناطق التي تسيطر عليها. وقال وزير الإعلام معمر الإرياني إنه برغم استمرار وصول سفن الوقود بانتظام إلى ميناء الحديدة بواقع سفينتين أسبوعيا، إلا أن المليشيا مستمرة في التلاعب بأسعار المشتقات والمتاجرة بمعاناة المواطنين، والتضييق على سبل عيشهم.

وأضاف الإرياني أن عدد سفن المشتقات التي أَفرغت حمولتها في ميناء الحديدة، منذ بداية أبريل الماضي وحتى الآن، بلغ عشر سفن، محملة بأكثر من 300 ألف طن متري من الوقود، وهي كميات تفوق الاحتياج الفعلي لمناطق سيطرة مليشيا الحوثيين المقدرة بثلاثة أشهر‏، مطالبا المجتمع الدولي والأمم المتحدة بإدانة ممارسات مليشيا الحوثيين التي تفاقم معاناة المواطنين.

- تهديد الأمن المعيشي

إن الإجراءات الحوثية المتزايدة المتمثلة في توالي ومضاعفة الجبايات والإتاوات، من شأنها تهديد الأمن المعيشي والغذائي للمواطنين وجعل المزيد منهم عرضة لحالة الأمن الغذائي الحرج، خصوصا أن الأوضاع التي أفرزتها الحرب، والتي كانت المليشيا الحوثية السبب الرئيسي في اندلاعها، قد جعلت عددا كبيرا من المواطنين يفقدون مقومات حياتهم، ولذا فإن التوسع في سياسات الإفقار والتجويع ينذر بمزيد من الخطر.

وتؤكد تقارير دولية حديثة أن من يحتاجون للأمن الغذائي وسبل العيش يقارب 14 مليون مواطن، معظمهم يقطنون في مناطق سيطرة المليشيا الحوثية، بينهم 7 ملايين مواطن بحاجة ماسة للأمن الغذائي والزراعي، بينما فقد 8 ملايين مواطن مقومات حياتهم أو يعيشون في مجتمعات لا يتوفر فيها الحد الأدنى من الخدمات الأساسية بسبب الحرب.

كلمات دالّة

#اليمن