الإثنين 29-04-2024 22:18:21 م : 20 - شوال - 1445 هـ
آخر الاخبار

معاناة المتضررين من الحرب.. بين فساد المنظمات الأممية وجشع القادة الحوثيين

الأربعاء 26 أغسطس-آب 2020 الساعة 09 مساءً / الإصلاح نت - خاص- زهور اليمني

 

كلما زادت معاناة الشعب اليمني، لوحظ رغد العيش الظاهر على الحوثيين الذين ينفقون دون الخشية من الفقر. إنهم لا يخشون جوعا أو حرمانا، وكيف يخافون ذلك وهم يستلمون مئات الملايين من الدولارات، تارة تحت مسمى مساعدات إنسانية وإغاثية للشعب اليمني، وتارة أخرى بعناوين تحقيق السلام في اليمن.

أرقام فلكية تتحدث عنها وسائل الإعلام، ومئات الملايين من الدولارات يتم الإعلان عنها كمنح ومساعدات للشعب اليمني، يتم تسليمها للأمم المتحدة التي تقف على رأس الجهود الإغاثية المزعومة، بالعمل مع منظمات ومؤسسات حوثية، غير أن ما يصل إلى المحتاجين ليس سوى فتات الفتات.

لقد تحولت الأمم المتحدة إلى مظلة للمتاجرين بمآسي المواطن اليمني، مما جعلها مع شريكها الحوثي محط اتهام الكثيرين بإطالة أمد الحرب لتحقيق المزيد من الربح والاسترزاق.

 

10 آلاف دولار راتب شهري من الوكالات لمسؤولين حوثيين:

المضايقات والترهيب واختلاس الأموال المشتبه فيها من قبل الحوثيين، تفاقمت منذ أن أنشأ المتمردون وكالة تنسيق المساعدات الخاصة بهم في أوائل عام 2018، حيث اعتقلت الأجهزة الأمنية منذ ذلك الحين الموظفين المحليين، كما منعت فرق الإغاثة من العمل أو تحتجز الإمدادات، وفقًا لوكالة أسوشيتد برس.

رئيس منظمة إغاثة محلية يمنية يتحدث حول هذا الموضوع قائلا: "لا يمكن حتى تنفيذ مشروع بسيط دون موافقة وإشراف هذا الجهاز، وتم إجبار الأمم المتحدة على العمل مع المنظمات التي يفضلونها، لاسيما منظمة "بنيان" الحوثية، ومنع الحوثيين وكالات الأمم المتحدة من توزيع الغذاء في محافظة الحديدة إلا إذا استخدموا منظمة "بنيان" للتوزيع، ومع ذلك استمرت وكالات الأمم المتحدة بضخ مئات الملايين من الدولارات إلى حسابات الحوثيين من أجل "بناء القدرات"، حيث يعتبر هذا إجراء شائع لدى البرامج الإنسانية لكي تضمن عمل الهيئات الحكومية".

وأضاف: "خصصت بعض الأموال لدفع رواتب الأطباء والمعلمين وموظفين أساسيين آخرين الذين لولا تلك الرواتب لم يكونوا ليستلموا أي مبالغ خلال الخمس السنوات الماضية، وملايين أخرى خصصت لمنظمة الحوثي الإغاثية لتغطية التكاليف الإدارية والرواتب".

عمال الإغاثة من القطاع الخاص أكدوا أن أغلب الأموال المقدمة من وكالات الإغاثة التابعة للأمم المتحدة تتحول إلى خزينة قيادات الحوثيين أو مناصريهم.

في المقابل، قالت اليونيسف لوكالة أسوشييتد برس إن أموالها تخضع لمراقبة صارمة، ولم تحدث أي عملية تحويل أموال. أما منظمة الصحة العالمية فقد ذكرت أيضاً أنها لم تجد أي دليل على تسرب أموالها.

ومع ذلك، طلبت الأمم المتحدة، نهاية العام الماضي، من جميع الوكالات تقرير عن المبالغ التي كانت تدفعها في التحويلات النقدية المباشرة، حيث وصل المجموع في عام 2019 إلى 370 مليون دولار، أي حوالي 10% من إجمالي ميزانية المساعدات الدولية المخصصة لليمن، وفقاً لجدول بيانات للأمم المتحدة.

وصنفت حوالي 133 مليون دولار في جدول البيانات الخاص بالحسابات على أنها "لم يتم مراجعة حساباتها".

وعلى ما يبدو فإن بعض المسؤولين في المجلس الأعلى لإدارة وتنسيق الشؤون الإنسانية والتعاون الدولي التابع للحوثي، سكمشا، يستلمون رواتب متعددة حسب ما ظهر في بيانات للأمم المتحدة. 

حيث كانت ثلاث وكالات تابعة للأمم المتحدة تمنح رواتب لرئيس المجلس ونائبه وللمدراء لمدة من الوقت، وكان يتلقى كل واحد من المسؤولين ما مجموعه 10 آلاف دولار شهريا من الوكالات كرواتب لمسؤولين حوثيين.

كما كانت وكالة اللاجئين التابعة للأمم المتحدة تقدم مليون دولار كل ثلاثة أشهر لسكيمشا لتغطية تكاليف إيجار المكاتب والنفقات الإدارية، في حين أن وكالة الهجرة التابعة للأمم المتحدة قدمت للمكتب 200 ألف دولار أخرى للأثاث والألياف الضوئية.

وقال مسؤولو الأمم المتحدة إن غراندي "صُدمت حقًا عندما علمت عن الترتيبات المتخذة". وأضاف أحد كبار المسؤولين في الأمم المتحدة: "لم تكن تعرف أي فكرة عن ذلك"، وكان رد فعلها بعد ذلك: "علينا إصلاح الوضع".

 

المليشيا تسيطر على منابع المساعدات:

إن القيود التي تفرضها المليشيا في تقديم المساعدة الإنسانية تزيد من معاناة الناس، وتعكس طريقة تفكيرها في التعامل مع الوضع الإنساني كمصدر رئيسي من مصادر تمويل حروبها التي تديرها لمصلحة قياداتها ولتنفيذ الأجندات الإقليمية.

حول هذا الموضوع تحدث عضو الهيئة التنفيذية للتحالف الوطني للقوى السياسية اليمنية مانع المطري قائلا: "المليشيات الحوثية تحرص على أن تسيطر على منابع المساعدات ومنع وصولها إلى مستحقيها، وتجيّرها لصالح استمرار بسط سيطرتها في ظل حالة إنسانية كارثية تجبر المجتمع على الخضوع لها، مقابل الحصول على مساعدات إنسانية مستحقة مقدمة من ممولين آخرين".

وأضاف: "استمرار الآليات التي تقدم بها المساعدة الإنسانية وحالة التحكم الحوثي في مصيرها أحد عوامل استمرار الصراع العنيف في اليمن، وتحرير تقديم المساعدات الإنسانية هي إحدى الأدوات الأولية لإيجاد أرضية حقيقية لتحقيق السلام، فهي تمنع الأعمال الإنسانية المجردة من الأغراض السياسية، وتصر على أن تمر المساعدات من تحت يد مشرفيها الفاسدين، الذين حققوا ثراءً كبيرًا على حساب معاناة الناس من الحرب، التي اتخذوا القرار بخوضها ضد خيارات الشعب اليمني بدولة تحقق الكرامة الإنسانية للمواطنين".

وتابع: "إنّ تقديم المساعدة الإنسانية للناس يجب أن يتواكب مع تحرير إرادتهم وخياراتهم، وعدم السماح باستغلالهم تحت أي ظرف، ويجب أن تعمل المنظمات الإنسانية الدولية على تجريم الاستغلال السياسي للمحتاجين للمساعدات تحت أي ظرف".

شددت المليشيات الحوثية من قيودها المفروضة على توزيع المساعدات الإنسانية، مما أدى إلى تفاقم عدد الفقراء والمحتاجين، وزاد من دائرة انعدام الأمن الغذائي، ودفع عدداً من البرامج الإغاثية إلى الإحجام عن تنفيذ أي مشاريع أو برامج للتخفيف من وطأة المجاعة التي تطارد اليمنيين.

ففي رمضان الماضي، منعت المليشيات رجال الأعمال والشركات ومؤسسات القطاع الخاص من تنفيذ المشاريع الإنسانية التي اعتادت على تنفيذها، ورفضت توزيعها على المستفيدين بشكل مباشر.

واشترط الحوثيون على تلك الشركات الحصول على ترخيص مسبق من قبل هيئة تنسيق الشؤون الإنسانية التي استحدثتها، بغرض الإشراف على جميع المشاريع الإغاثية والإنسانية، كما فرضت على تلك الشركات والبنوك توريد مخصصات المساعدات وبرامج المسؤولية الاجتماعية إلى حسابات هيئة تنسيق الشؤون الإنسانية الحوثية.

حدثنا أحد التجار في العاصمة صنعاء قائلا: "يعتبر رمضان فرصة سنوية ينتظرها ملايين الفقراء والمحتاجين بفارغ الصبر، وبرغم أن الصدقات التي يحصل عليها الفقراء لا تسد عوزهم لكنها تخفف قليلاً من مأساتهم لفترة محدودة، إلا أن الحوثيين وإمعاناً منهم في تجويع الشعب اتخذوا إجراءات لحرمانهم من هذه الصدقات البسيطة، علماً أن شريحة المحتاجين ارتفعت في السنوات الماضية أضعافاً مضاعفة".

وأضاف: "الحوثيون مجرد سلطة جباية تمتص هذا الشعب وتزج به في أتون الحروب وتتستر على انتشار الأوبئة، ثم تفرض على الناس إتاوات باسم المجهود الحربي ومناسباتها الطائفية".

وتابع: "الحرب التي يمارسها الحوثيون ليست فقط على المحتاجين، بل إن قسماً كبيراً من التجار وأنا واحد منهم لم نعد نحتمل هذه الإجراءات، علماً أن التاجر لديه التزامات سنوية ولا يستطيع أن يحرم من هو ملتزم تجاههم من صدقاته، حتى وإن أجبرته سلطة المليشيات على تسليم الصدقات لها".

في هذا السياق، قدرت مصادر اقتصادية في صنعاء أن المليشيات الحوثية استطاعت أن تجني أكثر من 300 مليار ريال (الدولار حوالي 600 ريال) من أموال الزكاة خلال هذا العام، وسخرتها للمجهود الحربي واستقطاب المجندين الجدد.

وعلى الرغم من مزاعم المليشيات أنها تقوم بتوزيع أموال الزكاة العينية على الفقراء في مناطق سيطرتها، فإن شهادات للسكان في صنعاء وغيرها من المناطق تدحض ادعاءاتها، وتؤكد أن من يتم توزيع الأموال عليهم أغلبهم من عناصر المليشيات والموالين لها.

 

تعرض مجموعة من الصناديق الإيرادية لعمليات سطو منظمة:

اتهمت تقارير ودراسات محلية ودولية مليشيات الحوثي باستهداف برامج الحماية الاجتماعية (شبكات الضمان الاجتماعي) ونهب كافة مدخراتها ومواردها، مما تسبب بتعميق الفقر، وفقدان اليمنيين للحماية في ظروف الكوارث والأزمات المتلاحقة.

ووفق ما ذكرت دراسة بعنوان "الآليات الوطنية للحماية الاجتماعية"، فإن تعطيل دور شبكة الأمان الاجتماعي في اليمن يعني تخلي مؤسسات الدولة عن حماية المواطن اقتصادياً واجتماعياً ورفع معدلات الفقر والحرمان، حيث تمثل الحماية الاجتماعية مجموعة من السياسات والبرامج التي تهدف للقضاء على الفقر والحرمان، وتعمل على تسهيل وصول الجميع إلى الخدمات الأساسية والتمتع بمستوى معيشي لائق أو الحد الأدنى منها.

وفي حين تقوم مكونات الحماية الاجتماعية بمساعدة الأسر الأشد فقراً وتضرراً على مواجهة الآثار السلبية للصدمات الاقتصادية وآثار التغيرات المناخية من خلال تقديم مساعدات نقدية، وتدريب وتمويلات صغيرة وأصغر، وأشغال عامة، وتنمية مجتمعية، تتألف أيضا أبرز مكونات الحماية الاجتماعية بصناديق التقاعد والرعاية الاجتماعية، والصندوق الاجتماعي للتنمية، ومشروع الأشغال العامة، والتمويل الأصغر.

وفي سياق تعسفات المليشيات المتكررة بحق فئات وشرائح المجتمع اليمني، أفادت دراسة محلية أخرى معنونة بـ"الحماية الاجتماعية في اليمن بين الصمود والتكيف"، والممولة من اليونيسف، بأن المليشيات شردت خلال الفترة القليلة الماضية نحو 300 ألف من سكان أحياء الصفيح (المحاوي)، التي تقطنها الأسر المهمشة من ذوي البشرة السوداء.

وقالت الدراسة إن 10% من سكان أحياء الصفيح (المحاوي) نزحوا عن مساكنهم. وأرجعت أسباب فرار المهمشين من مساكنهم إلى ممارسات مليشيات الحوثي تجاههم، وتوقيف رواتبهم وإجبارهم على القتال معها في الجبهات.

على الصعيد نفسه، تحدثت تقارير محلية ودولية عدة عن تعرض مجموعة من الصناديق الإيرادية بما فيها "صناديق التقاعد" لعمليات سطو منظمة، من بينها صندوقا الضمان الاجتماعي، والنشء والشباب، وصندوق مؤسسة التأمينات.

 

المساعدات المخصصة لمواجهة كورونا تسخر لحماية القيادات الحوثية:

ذكرت وكالة "سبأ" التابعة لمليشيات الحوثي أن طائرة شحنٍ تابعة لمنظمة اليونيسف تحمل ما يقارب 17 طناً من المستلزمات الوقائية من فيروس كورونا وصلت لمطار صنعاء.

وتعد طائرة المساعدات الأممية هذه هي السابعة التي تصل إلى اليمن خلال أسبوعين فقط من شهر يونيو، بعد وصول طائرتين لليونيسف، وثلاث لمنظمة الصحة العالمية، وطائرة لبرنامج الأغذية العالمي.

يأتي ذلك في وقت أكد فيه وكيل وزارة الصحة في الحكومة الشرعية عضو لجنة الطوارئ، علي الوليدي، أن وزارة الصحة لم تتسلم حتى اللحظة أي مساعدات من أي جهة أخرى.

وخلال مايو الماضي، وصل أكثر من 300 طن من المساعدات الطبية عبر مطار صنعاء، تحتوي على قرابة 200 جهاز تنفس صناعي و550 سريرا طبيا، لكن مصير هذه الكميات التي تتسلمها مليشيات الحوثي يلفه غموض كبير في ظل استمرار تفشي الوباء بصنعاء، دون أن تتيح مليشيات الحوثي هذه المعونات لتعزيز المشافي ومراكز العزل.

وتشير مصادر مطلعة إلى أن مليشيات الحوثي تستخدم المساعدات المخصصة لمواجهة فيروس كورونا لإقامة مراكز عزل خاصة بقياداتها، وتحرم منها المستشفيات والمراكز الصحية التي لم تعد لديها قدرة على استقبال المزيد من الحالات، مما أدى لزيادة الوفيات بصورة متفاقمة تحت عدة مسميات.

يشار إلى أن هذه الكميات من المعونات تقدمها المنظمات باعتبارها حصة كل المحافظات اليمنية، لكن دور المنظمات توقف على تسليم تلك الكميات لمليشيات الحوثي وتنصلت عن الرقابة على آلية توزيعها.

 

فساد كبير تمارسه المنظمات بالتعاون مع المليشيات:

تجاوز الفساد الذي سجل في عملية توزيع المساعدات 375 مليون دولار سنوياً، فهذه المنظمات تدفع لأمرين، أولهما العمل، وثانياً تقاسم مسؤوليها تلك المبالغ مع الحوثيين، وقد تم الكشف عن ذلك في 2019 عبر تبادل صفقات بين مسؤولين يتبعون الحوثي، وآخرين يتبعون منظمة الصحة العالمية.

هناك سخط كبير في أوساط المانحين من منظمات الأمم المتحدة، إذ تسلمت هذه المنظمات أكثر من 10 مليارات دولار خلال السنوات الخمس الماضية، وكان يفترض أن يسير الوضع الإنساني في اليمن من المرحلة الرابعة (الطوارئ) إلى مرحلة التعافي، ولكن ما حدث هو العكس، فقد انحدر الوضع الإنساني من الـ4 إلى الـ5 (المجاعة)، مما يؤكد وجود فساد كبير تمارسه المنظمات بالتعاون مع المليشيات الحوثية ومسؤولين تابعين للأمم المتحدة.

وقدر إجمالي المساعدات التي تسلمتها المنظمات الدولية بنحو ثلاثة مليارات و600 مليون دولار في 2019 أغلبها من دول التحالف، حيث قدمت السعودية 968 مليون دولار، و420 مليون دولار من الإمارات، و250 مليون دولار من الكويت.