الأحد 28-04-2024 13:06:52 م : 19 - شوال - 1445 هـ
آخر الاخبار

إغلاق المحال وفرض الجبايات.. مليشيا الحوثي تضيق الخناق على التجار

الأحد 30 إبريل-نيسان 2023 الساعة 05 مساءً / الإصلاح نت - خاص

 

ألقى الانقلاب الحوثي على الدولة في سبتمبر 2014 بظلاله على اليمنيين في كافة المستويات، وبات الجميع تحت وطأة المخاطر المترتبة على هذا الانقلاب الذي تتزايد كوارثه يومًا بعد أخر، ومنها المخاطر التي تواجه التجار ورجال المال والأعمال، الذين باتوا يواجهون الأمرّين جراء الاجراءات الحوثية التي تستهدفهم بين كل وقت وآخر.

مؤخرا، أدت حادثة التدافع الأليمة التي وقعت في العاصمة صنعاء، وراح ضحيتها المئات بين قتلى وجرحى، إلى تزايد المخاطر التي تواجه القطاع التجاري في اليمن، وذلك بعد تحميل مليشيا الحوثي للتاجر الكبوس مسؤولية حادثة التدافع، وتنصلها عن المسؤولية، ما يثير الشكوك حول وقوفها خلف هذه الجريمة التي هزت الوطن.

وفي أول رد فعل له تجاه هذه الحادثة الأليمة، دعا رئيس الغرفة التجارية بصنعاء، حسن الكبوس، دعا رجال الأعمال للتآزر ضد ما وصفها بـ"المؤامرات التي تستهدف وحدة صف التجار والنشاط الاقتصادي في اليمن"، وهو الأمر الذي يشي بمزيد من الضغوطات التي بات يواجهها التجار من قبل مليشيا الحوثي، والتي تحاول استغلال هذه الحادثة لتصفية حساباتها معهم.

 

إتاوات لا تتوقف

لم تكتف مليشيا الحوثي بعملية النهب التي قامت بها للتجار والباعة خلال شهر رمضان، بل واصلت عملية النهب وفرض الجبايات على التجار والباعة في صنعاء، خلال أيام عيد الفطر، تحت حجج ومزاعم مختلفة، أخرها مزاعم ما وصفته بالمخالفات.
وقال عدد من التجار والباعة من مزاولي بيع اللحوم والخضروات، وملاك المطاعم والمخابز والأفران، أن لجانًا حوثية استمرت بالنزول خلال عيد الفطر، وفرضت عليهم مبالغ مالية، واقتادت بعضًا منهم إلى أقسام الشرطة. مؤكدين أن ابتزاز المليشيا يأتي بحجة أن نشاطهم التجاري لا يتوقف أيام العيد، كما أن هناك إقبالاً من المواطنين على حاجيات العيد ومنها اللحوم، فتريد فرض أسعار إجبارية، بينما لا تتحكم بالوارد من الحيوانات والتي تتفاوت أسعارها.

كما تعرض ملاك مخابز وأفران إلى حملة واسعة من المليشيا، والتي تسببت بإغلاق عدد منها بذريعة نقص الأوزان وفقاً للمصادر أوساط التجار، وسط اتهامات لمليشيا الحوثي بممارسة التضييق على التجار ومزاولي المهن، وأن اختطافهم وإغلاق محلاتهم من أجل الجبايات عليهم، لأنها لا تتخذ أي إجراءات بحق الآخرين، ممن يبادرون بدفع ما تطلبه منه المليشيا.

 

ابتزاز متواصل

جاءت التحذيرات التي أطلقها رجل الأعمال الكبوس، ضد ما أسماها المؤامرت التي تستهدف وحدة الصف التجاري في اليمن، وذلك في إطار حملات التشويه والمضايقة والابتزاز الذي يعاني منه قطاع المال والأعمال من قبل مليشيا الحوثي، والتي فرضت اجراءات أدت إلى إفلاس عدد من البيوت التجارية، ومغادرة أخرين البلاد، للاستثمار في الخارج. وشهد شهر رمضان المنصرم، أكبر موسم للاستغلال والابتزاز الذي تشنه المليشيا على التجار، حيث دأبت على الاستنفار لتدشين حملات النهب والجبايات والاتاوات، ضد التجار والقطاع الخاص في مختلف مناطق سيطرتها، بدءًا من احتجاز البضائع في المنافذ الجمركية المستحدثة، وليس انتهاء بإغلاق أكثر من 12 شركة تجارية بصنعاء.

وعمدت مليشيا الحوثي إلى اتخاذ شهر رمضان مناسبة سنوية لجمع أكبر قدر من الجبايات المالية، تحت مسمى الزكاة، ومسميات أخرى مختلفة، وهو ما دأبت عليه خلال السنوات الماضية، حيث أغلقت في رمضان من العام الماضي، أكثر من 600 محل تجاري، بشكل تعسفي، في أكبر عملية قمع يتعرض له القطاع الخاص في اليمن.

كما أغلقت مليشيا الحوثي أكثر من 12 شركة من شركات إنتاج واستيراد المواد الغذائية بصنعاء، بحجة مخالفتها قائمة الأسعار المقرة منها، مبررة عملية الإغلاق، بوجود مخالفات، من قبل هذه الشركات، والبيع بأسعار مرتفعة عن الأسعار التي أقرتها المليشيا، ومن بين الشركات، التي أغلقتها المليشيا، شركة ناتكو التابعة لمجموعة هائل سعيد أنعم، كبرى الشركات التجارية والاقتصادية.

وتلزم المليشيا القطاع الصناعي والتجاري، بلائحة من الأسعار دون تقديم تسهيلات وإعفاءات، أو تعليق بعض الرسوم والجبايات، التي تفرضها على الشركات التجارية، في الوقت الذي حذّر فيه خبراء من كارثة اقتصادية، جراء التضييق على رأس المال الخاص.

 

إغلاق المصانع واحتجاز الشاحنات

وخلال شهر مارس الماضي، تعرض مصنع شملان للمياه المعدنية، وهو أحد أكبر مصانع المياه في اليمن، للإغلاق بشكل تعسفي، بعد أن حاولت مليشيا الحوثي، اقتسام عوائد المصنع، مع مالكه، ولم تكتف المليشيا بذلك؛ بل قامت بمحاصرة المصنع، وإغلاقه، واختطاف اثنين من مديريه، من داخل منازلهم.
وحسب مصادر محلية، فقد أغلقت المليشيا المصنع، وأوقفت خطوط الإنتاج، وطردت الموظفين، حيث قام القيادي الحوثي المدعو "حسن الجودة" بمعية مجاميع حوثية مسلحة، باقتحام المصنع بعد رفض إدارة المصنع دفع الاتاوات المقررة بدون أي سند قانوني من المليشيات، وتقاسم عوائده مع القيادي "الجودة" المقرب من عبدالخالق الحوثي قائد ما تسمى بالمنطقة المركزية.

يأتي هذا في الوقت الذي لا تزال تحتجز مليشيا الحوثي، عدد من الناقلات المحملة بالدقيق، ومنعها من الدخول إلى مدينة تعز، بعد احتجاز عدد من الناقلات المحملة بالتمور القادمة من مناطق الشرعية، في منفذ الراهدة المستحدث، بمحافظة تعز قبل أن تفرج عليها بعد فرض مبالغ مهولة، كرسوم جمركية، على التمور الواصلة، إلى المناطق التي تسيطر عليها، الأمر الذي انعكس على اسعار التمور وصلت نسبة الزيادة إلى الضعف مقارنة برمضان العام الماضي.

فاقمت هذه الممارسات الحوثية القاسية من معاناة القطاع الخاص، لتضاف الى قائمة الصعوبات التي تواجه التجار، مع استمرار الجبايات الحوثية، وإغلاقها للطرق والمنافذ الرئيسية بين المحافظات اليمنية، وارتفاع تكاليف الشحن التجاري وصعوبة الاستيراد.

 

تداعيات كارثية

ساهم القطاع الخاص في اليمن، في التصدي لتدهور الوضع الإنساني الذي تشهده البلاد جراء انقلاب مليشيا الحوثي على الدولة، فحسب منظمات ومؤسسات دولية فإن القطاع الخاص في اليمن قام بدور كبير في التصدي لتدهور الوضع الإنساني، من خلال قيام التجار بتسهيل كل شيء من الواردات إلى النقل والإمداد والتحويل النقدي، مؤكدة أن هذا منع انزلاق البلاد إلى المجاعة الجماعية، كما قدمت شركات القطاع الخاص إجراءات إغاثية عوضت عن انهيار مؤسسات الدولة.
وحسب التاجر محمد شارب، فإن القطاع الخاص في اليمن يتعرض لفرض "مكوس"، والذي عرفه الناس في الدول الإسلامية القديمة والتي اتسمت بالظلم والجور حيث كانت تحمل دلالات الفقر والعوز، وأن الدول كانت تثقل كاهل الشعب "بمكوس" متعددة.

وقال شارب، في تصريح لموقع "يمن فيوتشر"، "إن التجار في اليمن يتعرضون لهذه المكوس، بصورة مستحدثة على شكل ضرائب وجبايات جديدة، حيث تم استحداث إجراءات جديدة تجعل التجار يدفعون ضرائب بحجة إعادة الحسابات عن الضرائب التي يدفعها التاجر في المنافذ الرئيسية مما زادت الأوعية الجبائية بشكل كبير، إذ يدفع التاجر في عدن ما نسبته 15% كضريبة قيمة مضافة، وضريبة مبيعات ثم يدفعها في صنعاء مرة أخرى".

يأتي هذا في الوقت الذي دعا فيه مراقبون إلى وقف كافة ممارسات الحوثي الضارة بالنشاط التجاري في البلد، وعملية النهب التي يتعرض لها التجار، بشكل فوري، لما لها من تداعيات كارثية، على الاقتصاد اليمني، وعلى هجرة رأس المال وتعطيل النشاط التجاري والصناعي، وتراجع الإنتاج.

 

تحذير حكومي

وكانت الحكومة اليمنية قد أدانت استهداف المليشيا للبيوت التجارية في صنعاء ومناطق سيطرتها، مؤكدة أن التجار والشركات التجارية واصلت نشاطها التجاري في ظروف قاسية جراء الحرب التي فجرها الانقلاب، محذرة من مغبة الابتزاز الحوثي لهذه الشركات التجارية التي قد تعرض عشرات الآلاف من الأيدي العاملة في مختلف المحافظات، واسرهم، لخطر فقدان مصدر رزقهم، في حال أغلقت أبوابها.

وأكدت الحكومة اليمنية، أن مليشيا الحوثي الإرهابية تواصل حملات التضييق والابتزاز للبيوت التجارية الكبرى في المناطق الخاضعة لسيطرتها لدفعها لوقف نشاطها والفرار خارج البلد، واستبدالها بشركات تجارية تابعة لقياداتها، واحكام سيطرتها على القطاع الخاص، دون أي اكتراث بالأوضاع الاقتصادية والانسانية الصعبة.

يأتي هذا في الوقت الذي رفض التجار في مناطق سيطرة ميليشيات الحوثي القانون الحوثي الذي أصدرته مؤخرا، والذي يهدف لمصادرة المدخرات البنكية تحت غطاء محاربة الربا، محذرين من أن المضي في هذه الخطوة سيؤدي إلى انهيار النظام المصرفي الذي يعاني من صعوبات كبيرة جراء ممارسات الميليشيات، منذ انقلابها على الشرعية في اليمن.

ويرى مختصون، أن مليشيا الحوثي هدفت من هذه الخطوة، إلى الاستيلاء على ما تبقى من فوائد المدخرات البنكية للهيئات والتجار والمودعين العاديين، خصوصاً أن معظم البنوك التجارية ترفض، ومنذ سنوات، صرف المدخرات والودائع التي كانت بحوزتها منذ ما قبل الانقلاب الحوثي، وحتى عام 2016، بحجة الحرب وانعدام السيولة.

كلمات دالّة

#اليمن