السبت 27-04-2024 05:18:25 ص : 18 - شوال - 1445 هـ
آخر الاخبار

إيران والحوثيون.. والحرب بالوكالة ضد السعودية

الخميس 28 ديسمبر-كانون الأول 2017 الساعة 03 مساءً / الإصلاح نت - خاص/ عبدالسلام قائد

     

ازدادت في الأشهر الأخيرة الهجمات بالصواريخ البالستية التي تنفذها مليشيات الحوثيين باتجاه الأراضي السعودية، والتي بلغ عددها حوالي 83 صاروخًا بالستيًا، بحسب مصادر سعودية، وتعكس هذه الهجمات مدى الخطورة التي بات يشكلها المشروع الإيراني التخريبي في المنطقة العربية، والمدى الذي وصلت إليه الحرب بالوكالة التي يخوضها حلفاء إيران ضد بعض الحكومات والشعوب العربية، وتأثير ذلك على الأمن القومي العربي، وخاصة الأمن القومي لدول الخليج.

 

وإذا كانت دول التحالف العربي بقيادة السعودية قد استطاعت تدمير مخازن الأسلحة التي سيطر عليها الحوثيون، بما فيها الصواريخ، إلا أن إيران تعمل على تهريب الأسلحة المختلفة للحوثيين، وعلى رأسها الصواريخ البالستية، وذلك لتعويض النقص لدى الحوثيين في هذا الجانب، بالإضافة إلى إرسال خبراء متخصصين إلى اليمن لتطوير ما تبقى من صواريخ لدى الحوثيين وزيادة أمديتها لتصل إلى قلب السعودية وعاصمتها الرياض.

 

- حرب بالوكالة

 

تحرص إيران على تهريب الأسلحة المختلفة وإرسال خبراء في مجال صناعة الأسلحة وتطويرها لحلفائها من جماعات ومليشيات شيعية في العالم العربي، من بينها مليشيات الحوثيين، كون هذه الجماعات والمليشيات تخوض حروبًا بالوكالة عن إيران ضد خصومها العرب، ولتحقق من خلالها مشروعها التوسعي والتخريبي في العالم العربي، وإنهاك العرب بصراعات بينية من أجل إضعافهم حتى يسهل على إيران السيطرة على مواردهم، ولو عبر وكلائها، واستعادة أمجاد الإمبراطورية الفارسية البائدة.

 

وفي الحالة اليمنية، فإن بقاء ميناء الحديدة تحت سيطرة مليشيات الحوثيين، وعدم الإسراع بتحريره، شكل منفذًا مهمًا لإيران للاستمرار في تهريب السلاح للحوثيين، وأيضًا تزويدهم بالخبراء المتخصصين في صناعة الأسلحة وتطويرها، وهو ما يفاقم من خطورة الوضع في اليمن ومنطقة الخليج بشكل عام، خاصة في ظل التهديدات المتزايدة من قبل الحوثيين بقصف مدن خليجية عدة في الإمارات والسعودية، بعد أن حصلوا على صواريخ بالستية من إيران تصل إلى عمق الأراضي السعودية.

 

وخلال السنوات الماضية، حرصت إيران على خلق صراعات طائفية ومذهبية في العالم العربي، كما عملت على حرف مسار بعض الصراعات لجعلها طائفية ومذهبية، وبالتوازي مع ذلك، بدأت بالحديث المتزايد عن ما تسميه بمظلومية الأقليات الشيعية في العالم العربي، وهذا التعمد في إذكاء الصراع الطائفي يأتي كون الطائفية والمذهبية تسهل فرز الحلفاء، ثم تقوية التحالف معهم ودعمهم بالمال والسلاح، لينجحوا في المهمة التي أوكلت إليهم، وهي الحرب بالوكالة.

 

- خطر متزايد

 

لوحظ في الأشهر الأخيرة تكرار الهجمات بالصواريخ البالستية من قبل الحوثيين على الأراضي السعودية، وأعلنت السلطات السعودية عدة مرات بأن الصواريخ البالستية التي يطلقها الحوثيون باتجاه أراضيها إيرانية الصنع، ولقيت مثل تلك الهجمات ردود أفعال دولية مستنكرة لها، كونها تطلق بشكل عشوائي باتجاه المدن الآهلة بالسكان، ولولا الدفاعات الجوية التي تعترضها في الجو قبل وصولها، فإنها ستتسبب بقتل عدد كبير من المدنيين الأبرياء.

 

وتشكل مثل هذه الهجمات خطرًا متزايدًا على الأمن القومي الخليجي، وقد تزداد حدته بشكل كبير في المرحلة المقبلة، خاصة في حال حدثت تطورات مفاجئة تخلط الأوراق وتربك المشهد السياسي والعسكري برمته، لاسيما وأن إقليم المشرق العربي يعد أكثر منطقة في العالم شديدة الاضطراب، وتشهد تحولات كبرى ومفصلية في تاريخها، ويتعدد فيها الفاعلون المحليون والإقليميون والدوليون أيضًا.

 

كما أن منطقة المشرق العربي تثير أطماع مختلف القوى العالمية والقوى الإقليمية الصاعدة، كونها أكثر منطقة في العالم تحتوي على مخزون هائل من النفط والغاز، وهو ما يفسر الاهتمام المتزايد من قبل مختلف القوى العالمية والإقليمية بهذه المنطقة، والتدخل في صراعاتها بمختلف الوسائل، وتحويلها إلى مسرح للحروب بالوكالة، ودعم الجماعات العابرة للدول، وتقوية التحالفات العابرة للدول أيضًا، وتفكيك وتهميش الدولة الوطنية.

 

وبناءً على ما سبق، يمكن القول بأن الجماعات والمليشيات الشيعية الإرهابية المدعومة من إيران، أصبحت رأس الحربة في ما تشهده المنطقة من صراعات، فهذه الجماعات التي تؤمن بفكرة "الولي الفقيه" وجعلت ولاءها لإيران، وتخلت عن هويتها الوطنية والقومية، أصبحت تتمتع بنفوذ سياسي وعسكري متزايد، يعززه الدعم المتواصل بالأسلحة من قبل إيران، وتدليل المجتمع الدولي لها، لاستخدامها كمخالب للفزاعة الإيرانية، واستخدامها في مهام مؤجلة، فضلًا عن توظيفها كوسيلة لإبقاء منطقة المشرق العربي في حالة صراع بيني مزمن يعيقها عن الاستقرار والتطور، بما من شأنه حفظ أمن إسرائيل وضمان استمرار تفوقها على الدول العربية جمعاء.

 

- سبل المواجهة

 

المتأمل في إستراتيجية إيران الهادفة إلى تفكيك وإضعاف السعودية، سيجد أنها حريصة أولًا على تطويق السعودية بالمليشيات الشيعية المسلحة من جميع الجهات، وهو ما حصل في العراق وسوريا ولبنان واليمن، وتحييد الدول التي لها حدود مع السعودية وعلاقتها جيدة معها أو لا توجد فيها أقليات شيعية وتتمع باستقرار قوي، مثل دولتي عمان وقطر، ومحاولة السيطرة على ما تبقى من حدود بحرية أو تهديدها، كما هو حاصل في البحر الأحمر، وتهديد الحوثيين المستمر باستهداف السفن، وتنفيذ تهديداتهم عدة مرات بالفعل.

 

وبعد أن تمكنت إيران من استغلال كل الثغرات في التخوم الرخوة المحيطة بالسعودية، بدأت بالدفع بمليشيات الحوثيين لاستهداف أبرز المدن السعودية وأكثرها كثافة سكانية، وعلى رأسها العاصمة الرياض، وأصبحت الصواريخ البالستية الإيرانية تخترق الأجواء السعودية عبر وكلائها في اليمن، وربما تدفع ببقية مليشياتها في العراق وسوريا ولبنان بأن تحذو حذو مليشيات الحوثيين، بينما تكتفي هي بالدعم والمساندة والتوجيه.

 

وتكمن خطورة المليشيات الشيعية في أنها تتبع قيادة مركزية واحدة، وهي سلطة "الولي الفقيه" في إيران، وهو ما يعني صعوبة الرهان على اختراقها أو تفكيكها، ويعد خيار الحسم العسكري هو الخيار الحتمي لمواجهتها، والبداية في ذلك تتمثل في القضاء التام على الانقلاب في اليمن، كون ذلك الخيار الوحيد لوضع حد للهجمات المتزايدة بالصواريخ البالستية من قبل مليشيات الحوثيين باتجاه الأراضي السعودية.

 

كما أن الحسم العسكري والقضاء على الانقلاب في اليمن، يمثل البداية لهزيمة المشروع الإيراني التخريبي وقطع أذرعه في العالم العربي، ويعد الضمانة الأكيدة لاستقرار السعودية واليمن والمنطقة بشكل عام، خاصة في ظل تخاذل المجتمع الدولي إزاء الأخطار التي تشكلها مليشيات الحوثيين ضد السعودية وطريق التجارة الدولية المارة عبر مضيق باب المندب، وعدم الضغط على إيران بإيقاف دعمها للحوثيين، وأيضًا عدم الضغط على الحوثيين بإيقاف تهديداتهم المتزايدة لدول الجوار ولطريق التجارة الدولية، بالإضافة إلى عدم الجدية في تطبيق قرار مجلس الأمن 2216، وعدم ممارسة أي ضغوط عليها لوقف تهديداتها، والانصياع للحل السياسي السلمي للأزمة.

 

كما أن الدول الكبرى المعنية بالملف اليمني لا تمارس ضغوطًا على مليشيات الحوثيين أو على طهران لوقف العبث باليمن وجوارها، وتتبع سياسة اللاحل للأزمة اليمنية على غرار الأزمة السورية، والأسوأ من ذلك أن كثيرًا من هذه الدول أصبحت تقف حجر عثرة أمام خيار الحسم العسكري في اليمن، وتمارس ضغوطًا كبيرة على السعودية بهذا الصدد، وتشهر في وجهها ملف حقوق الإنسان بشكل مبالغ فيه.