السبت 27-04-2024 22:20:38 م : 18 - شوال - 1445 هـ
آخر الاخبار

الحوثيون ونهب الأموال.. جبايات أنهكت التجار وأهلكت المواطنين

السبت 13 فبراير-شباط 2021 الساعة 01 صباحاً / الإصلاح نت – خاص/ عبد الرحمن أمين

 

 

في الوقت الذي تتسع فيه رقعة الفقر في اليمن لتصل إلى نسبة 85% في أوساط السكان، جراء الحرب الدائرة فيه ونتيجة الممارسات الخاطئة والتضييق من قبل المليشيا الحوثية وانعدام فرص العمل، تبتكر المليشيا وسائل وأساليب جديدة لنهب حقوق المواطنين وأخذ أموالهم وممتلكاتهم.

وتتنوع أشكال الإتاوات والجبايات التي يفرضها الحوثيون على سكان المناطق الخاضعة لسيطرتهم، إذ لم تقتصر المليشيا على شكل واحد من أشكال الجبايات، حيث تتنوع أشكالها لتشمل الأموال النقدية، والأدوية والعقاقير التي تفرضها على مراكز بيع الأدوية والصيدليات، وكذلك السلال الغذائية، والماشية، والعقارات، وغيرها من الأموال النقدية والعينية.

ولا يفتأ الحوثيون يختلقون المبررات والأعذار لنهب أموال الناس وحقوقهم وبذرائع شتى، ولا يمر حدث أو تنقضي مناسبة دينية إلا وتشمر المليشيا عن سواعد النهب والسطو وبتسابق محموم بين مشرفيها وقادتها، حيث دأبت على إيكال مهام كهذه لمشرفي المحافظات والمديريات، وعمال الضرائب والواجبات ومدراء المكاتب التابعة للأوقاف والمالية والتعليم والأشغال، وعقال الحارات والشخصيات الاجتماعية الموالين لها وغيرهم ممن جندتهم المليشيا لجمع وتحصيل الأموال.

ومنذ بداية سيطرة الحوثيين على أجزاء واسعة من البلاد، كان الفساد المالي والنهب والابتزاز للمواطنين يمارس تحت مسمى "المجهود الحربي"، غير أن تلك اللافتة أصبحت واحدة من عشرات اللافتات التي رفعها الحوثيون لابتزاز المواطنين وتحصيل الجبايات، واختلاق تسميات وذرائع باطلة وغير قانونية الهدف منها ابتزازهم ونهب أموالهم وبضائعهم.

وقد أنشأ الحوثيون لجاناً ميدانية تحمل اسم "تطبيق المواصفات والمقاييس"، تهدف إلى ابتزاز وإجبار مالكي الصيدليات على دفع جبايات مالية لهم، وتهددهم بالإغلاق في حال رفضهم دفع الأموال تحت مبرر مخالفة المواصفات والمقاييس.

"التصنيع العسكري" ذريعة أخرى استجدتها المليشيا مطلع هذا العام، إذ بدأت تحشد تمويلات جديدة لدعمه، ويديره خبراء من إيران ولبنان ضمن مساعي تغذية ترسانة الحرب، من خلال إعادة تصنيع بعض الصواريخ وتطويرها، وتصنيع وتركيب الطائرات المسيرة التي تستهدف الأحياء السكنية سواء في المناطق الخارجة عن سيطرة المليشيا أو المناطق السكنية والأهداف المدنية الواقعة ضمن أراضي السعودية.

"المجهود الحربي" و"يوم الولاية" و"المولد النبوي" و"فريضة الخمس" و"دعم شراء المقابر" وغيرها من المسميات والذرائع التي بات الحوثيون يشهرونها بين الفينة والأخرى لابتزاز رجال الأعمال وأصحاب المحال التجارية والمزارعين بكافة مستوياتهم وملاك العقارات وأصحاب البسطات والمحال الصغيرة.

ويفرض الحوثيون على المحال الصغيرة كالبقالات ومحال الحلاقة وبيع الجوالات والإكسسوارات والمطاعم وغيرها مبالغ متفاوتة ما بين 7 آلاف و15 ألف ريال.

وتقوم المليشيات وموظفوها برصد الرافضين لدفع هذه الجبايات وتسجيل أسماء محالهم تمهيدا لمضايقتهم عبر نزول ميداني آخر تحت مسمى دفع رسوم أخرى لمكاتب الضرائب والواجبات والأشغال بالمديريات الواقعة في نطاقها.

القرار الأمريكي الأخير الذي اتخذته إدارة الرئيس السابق "دونالد ترامب" والذي تم بموجبه تصنيف الحوثيين جماعة إرهابية كان كفيلا بمضاعفة المليشيا حملتها المسعورة ضد المواطنين للسطو والنهب وتحصيل الجبايات بحجة مواجهة العقوبات الأمريكية، إذ سعى خبراء الحرس الثوري الإيراني باليمن لتوجيه الانقلابيين لحشد ملايين الدولارات من الموارد والجبايات المحلية.

وبحسب مصادر إعلامية فإن حملة مليشيا الحوثي في المرحلة الأولى تهدف إلى حشد 100 مليون دولار أمريكي خلال فترة 3 أشهر، وقد دشنت عمليا عبر لجان جباية في "صنعاء" و"ذمار" و"إب" تحت إشراف المحافظين الحوثيين والمشرف العسكري في هذه المحافظات.

ويكشف تقرير خبراء الأمم المتحدة حول اليمن الذي صدر مؤخرا أنه اطلع على وثائق وأدلة لتحويل مليشيا الحوثي عبر قنوات وآليات أنشأتها نحو 1.8 بليون دولار أمريكي خلال عام 2019 لتمويل عملياتها الحربية.

وفي العام 2018، وصلت الإيرادات نحو 471.49 بليون ريال يمني، حيث لم تكتف مليشيا الحوثي بالنهب والسطو الذي تمارسه، بل عمدت من خلال السيطرة على كيانات ومؤسسات الدولة والخاصة لفرض نفقات وإتاوات أثرت على أرباح الكثير من الشركات.

ووفقا لصحيفة "الشرق الأوسط" فإن الجماعة رصدت للاحتفال بمناسبة احتفالية العام الماضي ميزانية مالية تبلغ 55 مليار ريال خصصتها لنشاطاتها واحتفالاتها في المدن والمديريات والقرى والعزل والمؤسسات العامة والخاصة التي ترزح تحت سيطرتها.

وتقول الصحيفة إن حملة الجماعة للجباية القسرية تمكنت خلال أسبوع واحد فقط من جمع 300 مليون ريال (نحو نصف مليون دولار) للإنفاق على الاحتفالات التي يقيمها قادتها وتمويل المجهود الحربي تحت غطاء الاحتفال بالمناسبة الدينية.

وعلى غير العادة من حملات الجبايات السابقة فقد شملت الحملة الجديدة تحت يافطة التبرع لـ"التصنيع الحربي"، إلى جانب المبالغ النقدية فرض جبايات عقارية بملايين الريالات كتمويل ودعم لهذا الكيان الذي يخضع بشكل مطلق لخبراء إيرانيين يتولون إدارة هذا الملف.

وتشمل العقارات الأراضي والبنايات والبيوت السكنية والمزارع، وهي أملاك لمواطنين ورؤوس أموال، بخلاف العقارات والشركات التي نهبتها من المناهضين لها تحت مسمى "الحارس القضائي".

وتقول رابطة أمهات المختطفين، في سلسلة تغريدات لها على تويتر، إن المساعدات الإنسانية التي توزعها الأمم المتحدة في مناطق سيطرة الحوثيين لا تصل لأسر المختطفين والمخفيين قسرياً، في اتهام لمليشيا الحوثي بالتعاون مع المنظمات الأممية لحرمان آلاف الأسر من الحصول على حقهم الإنساني.

منظمة "سام" للحقوق والحريات هي الأخرى أشارت إلى تورط مليشيا الحوثي في نهب أدوية باهظة الثمن مخصصة للأمراض المستعصية والمقدمة مجانا لمرضى السرطان وبيعها في السوق السوداء، مما اضطر الآلاف من مرضى السرطان في اليمن للبحث عنها في السوق السوداء بأسعار باهظة.

وشكا المئات من الأهالي في العاصمة صنعاء من نهب قيادات حوثية لمخصصاتهم من المساعدات الغذائية التي يقدمها برنامج الإغاثة المدرسية الممول من قبل برنامج الغذاء العالمي.

وقد عمدت المليشيات الحوثية إلى رفع إيجارات عقارات الأوقاف التي تسيطر عليها بمحافظة إب بنسبة تتجاوز 300%.

ويقول سكان محليون إن مليشيا الحوثي فرضت زيادة جديدة في رسوم النظافة ليصل إجمالي المبلغ المفروض على كل محل تجاري إلى 3 آلاف ريال.

وتفيد مصادر في صندوق النظافة أن الزيادة المفروضة في رسوم النظافة تقدر بمئات الملايين شهريا، والتي تذهب لصالح قيادات من مليشيا الحوثي.

وتذكر مصادر أن مليشيات الحوثي نفذت حملة موسعة على محال "السمكرة" و"الورش" في مدينة إب، وخطفت 15 من العاملين فيها. وأضافت أن هدف المليشيات من هذه الحملة هو جني إتاوات مالية.

المصادر أوضحت أن المليشيات عاودت الإفراج عن عدد ممن اختطفتهم بعد أن دفعوا فدىً مالية إضافة إلى الإتاوات التي كانوا امتنعوا عن دفعها.

الحملة المسعورة تلك أفضت إلى قتل العديد من التجار بدم بارد نتيجة عدم رضوخهم لدفع أموال كبيرة فرضتها عليهم المليشيات.

فقد أقدم مشرف حوثي في محافظة ذمار جنوب صنعاء، مطلع الشهر الجاري، على قتل مواطن وإصابة اثنين آخرين، عقب رفضه دفع جبايات طالبه بها مشرف المنطقة.

وفي مدينة القاعدة، قالت مصادر محلية إن مشرف حوثي أطلق عدة رصاصات على رجل الأعمال عبد الله محمد خالد المخلافي وأرداه قتيلاً على الفور، بعد رفضه ضغوط المشرف الهادفة لنهبه عدد من السيارات وفرض جبايات مالية عليه بقوة السلاح.

ممارسات المليشيا تلك وإجراءاتها التعسفية وفرضها مبالغ مالية كبيرة على المواطنين، أوصلت الكثير من التجار إلى تجميد نشاطاتهم، أو نقلها إلى محافظات محررة، أو إلى دول أخرى مجاورة هربا من تعسفات المليشيا وممارساتها الهمجية وخوفا على نشاطاتهم التجارية من الإفلاس.