السبت 27-04-2024 16:42:02 م : 18 - شوال - 1445 هـ
آخر الاخبار

مليشيا الحوثي.. فصول من الإرهاب المنظم ضد اليمنيين

الثلاثاء 29 ديسمبر-كانون الأول 2020 الساعة 12 صباحاً / الاصلاح نت-خاص / عبد الرحمن أمين

 

هكذا تحول "اليمن" بين عشية وضحاها إلى سيل متدفق من الدماء، وكومة من الخراب، وفصول من المعاناة، وساحة للإجرام، وأوكار للفساد، في إرهاب منظم وإجرام ممنهج تقوده مليشيات قادمة من بين ثنايا العفن الفكري المتكدس على مر التاريخ، مستلهمة جرائمها وأحقادها ممن سبقوها من أئمة الإرهاب والفساد.

ففي 18 يونيو/حزيران 2004، خرج الصراع من دائرة الاحتقان والتعبئة والتحريض الذي كان يمارسه الإماميون بلباسهم الجديد وأفكارهم الجديدة وبالصبغة الرافضية الإيرانية الخالصة، ليتطور إلى صراع دموي مسلح بدأت الجولة الأولى منه بمقتل ثلاثة جنود في مواجهات محدودة بين سلطات الإدارة المحلية في محافظة صعدة وأنصار "منتدى الشباب المؤمن" الذي كان يترأسه حسين بدر الدين الحوثي، المؤسس والمهندس لهذا الكيان.

فمنذ ذلك التاريخ لم تتوانَ مليشيا الحوثي لحظة واحدة في إغراق اليمن في دوامة العنف والخراب، تاركة وراءها سجلا داميا حافلا بالإرهاب، لم تأتِ على شيء من تأريخ اليمن وحضارته وثقافته إلا وطالته يد الإرهاب والإجرام.

بدأت الانتهاكات من محافظة صعدة بعد توسع نفوذ الحوثيين واتساع رقعتهم في بعض مديريات المحافظة ليقوموا بعدها بفرض واقع جديد خارج عن إطار الدولة، ونشر ثقافة جديدة شاذة عن ثقافة المجتمع، من خلال فرض مذهب واحد ورؤية واحدة، وفرض خطباء مساجد جدد من المنتمين لها وطرد آخرين من غير المنتمين للجماعة، ومطاردات زعماء القبائل من غير المنتمين للمذهب وتفجير المنازل ومصادرة الأراضي والمزارع الخاصة بهم وتهجيرهم ونهب ممتلكاتهم.

وقد تم تهجير الآلاف من السلفيين وغيرهم القاطنين بمنطقة دماج بمحافظة صعدة اليمنية وإرغامهم على مغادرة منازلهم ومزارعهم في أكبر عملية تهجير لجماعة دعوية يشهدها اليمن منذ سنوات طويلة.

ويقول الناطق باسم السلفيين سرور الوادعي في بيان إن سلفيي دمّاج الذين يقدر عددهم بـ15 ألف شخص أرغموا على مغادرة منازلهم ومزارعهم تحت وطأة القصف والحصار الذي فرضه عليهم الحوثيون لقرابة مئة يوم.

وكشف تقرير أعدته مؤسسة "وثاق" لدعم التوجيه المدني في العام 2012، عن 8794 حالة انتهاك ارتكبت من قبل جماعة الحوثي بمحافظة صعدة بحق المواطنين المدنيين منذ 2004 حتى 2011، تنوعت بين القتل والتهجير وغيرها، ومن بين القتلى 59 طفلاً و48 امرأة.

ويؤكد التقرير أنه خلال العام 2011 قامت جماعة الحوثي بإعدام 124 شخصاً في مديرية كشر بمحافظة حجة.

ويشير التقرير أن هؤلاء لم يقتلوا في ظروف الحرب وإنما تم تصفيتهم بشكل أشبه بالعرقي.

وتقول مصادر إن مليشيا الحوثي هجّرت أكثر من 3 آلاف أسرة بمديرية كشر في محافظة حجة بعد استهداف منازلها بقذائف الهاون والمدفعية. كما فرضت حصاراً خانقاً على مديرية كشر وبلدة حجور بعد فشلها في اجتياح المنطقة.

وأضافت المصادر أن المليشيا منعت المنظمات الإنسانية من إغاثة المشردين والنازحين واستهدفت الذين فروا من مناطقهم عبر الجبال.

الطوفان الحوثي العابر للمحافظات وعبر مروره بمحافظة عمران ترك دمارا هائلا وجرائم جسيمة يصعب نسيانها، مرورا باقتحام معسكرات وقتل عدد من قادة وأفراد الجيش والاستيلاء على أسلحة الدولة.

ويؤكد مكتب حقوق الإنسان في محافظة عمران أن جماعة الحوثي ارتكبت 19 ألفا و711 حالة انتهاك في المحافظة خلال 4 سنوات.

التقرير الحقوقي شمل 12 نوعا من الانتهاكات تنوعت بين القتل والتهجير والاختطاف والإخفاء القسري والتعذيب ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتفجير المنازل ومداهمة المدارس ونهب المساعدات وغيرها.

ولدى وصول المليشيات إلى صنعاء العاصمة باشرت بالانقضاض على كل ما له صلة بالدولة والجمهورية والمدنية والتنمية، إذ طالت يد إرهابها وحقدها المعسكرات والوزارات والمقرات الحكومية والمراكز الأمنية ومقرات الأحزاب والجامعات والمؤسسات العامة والخاصة ومطاردة وملاحقة المعارضين وقيادات الأحزاب لا سيما حزب الإصلاح، رغم بياناته ودعواته لأنصاره ومؤيديه بالتهدئة والتزامه الحياد.

ومنذ العام 2014، قتل الحوثيون أكثر من 200 ألف إنسان بمختلف فئاتهم العمرية أو تسببوا بقتلهم، إذ تؤكد مفوضية الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية أن الصراع في اليمن أودى بحياة 233 ألف شخص خلال نحو 6 سنوات، في وقت يسقط فيه المزيد من الضحايا المدنيين جراء الاقتتال بين الأطراف اليمنية المتصارعة.

الحرب الدائرة في اليمن والتي يشنها الحوثيون لما يقرب من ستة أعوام وجرائمهم المتكررة تسببت بموجة نزوح كبيرة في واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم.

وتقدر المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين عدد النازحين بـ4 ملايين شخص حتى نهاية العام 2019 فقط.

موجة النزوح هذه جاءت نتيجة دمار هائل أحدثته المليشيا جراء القصف العشوائي والمركز على التجمعات السكنية والاستهداف المباشر للكثير من منازل المعارضين، إضافة إلى الخوف والهلع الذي عادة ما تخلفه هذه الحرب.

وأكدت تقارير محلية أن المليشيا الحوثية فجّرت 898 منزلا وممتلكاً خاصاً ومنشأة عامة بينها 753 منزلاً سكنياً و45 مسجداً وداراً للقرآن و36 مدرسة ومرفقاً تعليمياً وحولت 160 مسجداً إلى ثكنات عسكرية واستراحات لعناصرها.

وإمعانا في الإجرام وبفعل الجنون الحوثي غير المكترث بمصير المدنيين، أصبح اليمن البلد الأكبر في منطقة الشرق الأوسط الذي تعرض لكارثة انتشار الألغام، إذ تصدّر قائمة الدول الأكثر حوادث انفجار الألغام على مستوى العالم في العام 2018 فقط، حسب تقرير مركز جنيف الدولي لإزالة الألغام للأغراض الإنسانية، مما يشكل خطراً مستداماً على حياة المدنيين.

وبينما تقدر بعض الإحصائيات عدد ما تم زرعه من الألغام من قبل الحوثيين بمئات الآلاف، تؤكد مصادر وإحصائيات أخرى أن الحوثيين زرعوا أكثر من مليون لغم أرضي وبحري.

وتكشف تقارير حقوقية أن عدد ضحايا الألغام الحوثية في اليمن يتجاوز 10 آلاف ضحية، يمثل الأطفال والنساء الغالبية الكبرى من ضحايا تلك الألغام.

ويمارس الحوثيون الإرهاب بكل أشكاله وصنوفه بشهية للقتل وتعطش للدم، لا يردعهم رادع ولا يردهم شيء، إذ تم تصنيف كل من يخالفهم أو يعارضهم أو يختلف معهم عدو يجب محاربته والقضاء عليه، مهما كانت أشكال ذلك الاختلاف.

التضييق والمطاردة والاختطافات والإخفاء والقتل بدم بارد أسلوب دأبت عليه المليشيات في تعاملها مع المعارضين لها في كل مناحي الحياة.

وتقول مصادر حقوقية إن عدد المختطفين في سجون المليشيا بلغ 18 ألف مختطف، بينهم نساء وأطفال ومسنون، وتقول تلك المصادر إن المختطفين يعانون ظروفا صعبة وقاسية يصعب تخيلها، إذ يتعرض كثير منهم للتعذيب والحرمان من النوم والأكل والشرب والدواء وأبسط مقومات العيش.

ويكشف وكيل وزارة حقوق الإنسان وعضو وفد الحكومة الشرعية في المشاورات الخاصة بالأسرى والمختطفين "ماجد فضائل" أن مليشيا الحوثي قتلت 200 مختطف وأسير.

وتؤكد تقارير رسمية لمنظمات محلية ودولية انتهاك الحوثيين للقوانين الدولية الخاصة بحقوق وحماية الطفل، وذلك بتجنيد أكثر من 20 ألف طفل يمني تم الزج بهم إلى جبهات القتال المشتعلة خلال السنوات الأخيرة.

ويعمد الحوثيون إلى نشر ثقافة الموت والإرهاب والتطرف والكراهية والحقد بين النشء لا سيما الأطفال منهم من خلال الأنشطة الطائفية والمنهج المدرسي ومختلف وسائل الإعلام.

وتسعى مليشيات الحوثي من وراء تلك الممارسات لتحويل تلك الوسائل إلى معامل لصناعة إرهابيين مستقبليين، مؤدلجين ومعجونين بثقافة الموت وكراهية الآخرين، خدمة للمشروع الإيراني التدميري في المنطقة، وهذا أمر مقلق ستكون له تداعيات خطيرة ستتجاوز حدود الزمان والمكان.

كلمات دالّة

#اليمن