الأحد 28-04-2024 15:02:59 م : 19 - شوال - 1445 هـ
آخر الاخبار

محترفو الإجرام.. كيف حول الحوثيون محافظة إب إلى جحيم؟

الأحد 15 نوفمبر-تشرين الثاني 2020 الساعة 09 مساءً / الإصلاح نت – خاص / عبدالرحمن أمين

ليس غير الفساد والفوضى وانتهاك القانون ومصادرة الحقوق ونهب المال ما تخلفه الجماعات أو المليشيا القائمة على مشروع خارج إطار الدولة والشرعية أو جاءت بانقلاب مخالف للإجماع الوطني، فهي بطبيعتها ملتقى لكل المجرمين وذوي الأهواء والنزعات ومحترفي الجرائم مهما تغير الزمان والمكان.

هذا ما تشهده محافظة إب في ظل سلطة عصابة تحكم قبضتها على مساحة كبيرة من الوطن وتتحكم بأمنه وقوته، جماعة غير متجانسة وجزء كبير من هذا الخليط هم أصحاب المصالح وأصحاب السوابق وعتاولة الفساد وتجار السوق السوداء، منهم من كان ضمن فاسدي النظام السابق ومنهم من كان على هامش المشهد وتحول إلى قيادي كبير ومنتفع بارز، بل الكثير منهم انتقلوا من هامش المجتمع وصعدوا مباشرة ليصبحوا هم القيادات وأصحاب التجارة والعقارات والامتيازات.

لم تشهد محافظة إب منذ عدة قرون طفرة في الفساد وشيوعا للجريمة وانتشارا للفوضى كما شهدته في فترة تسلط مليشيا الحوثي الانقلابية من قتل ونهب وسرقة واختطاف وتشريد ونزوح وبطالة وازدياد معدل الجريمة وارتفاع نسب الجهل والمرض والتسرب من المدارس وازدياد عمالة الأطفال واتساع رقعة الفقر وانخفاض الدخل وانعدامه عند كثير من الأسر النازحة وغير النازحة وارتفاع الأسعار وانتهاك القانون ومصادرة الحريات وتعطل مرافق الدولة وتوقف المصالح العامة.

ووفق تقرير صدر نهاية العام الماضي عن "منظمة الجند لحقوق الإنسان" بالتعاون مع "وحدة الرصد في المركز الإعلامي لمقاومة إب" تحت عنوان "سنوات النكبة الخمس"، فقد ارتكبت مليشيا الحوثي (14398) جريمة وانتهاكا أمنيا في محافظة إب خلال الفترة من 15 أكتوبر 2014 وحتى 15 أكتوبر 2019.

وقد باشرت المليشيات بالاختطافات والإخفاء القسري وممارسة كافة أنواع الانتهاكات والتعذيب بحق السجناء من المختطفين، إذ شرعت بالمطاردة والاختطافات لكل من خالف سياستها أو اعترض على ممارساتها وانتهاكاتها وجرائمها، ليصل الحال بالانتهاكات داخل السجون إلى الصعق بالكهرباء والضرب بالأخشاب والآلات الحادة والحرمان من الأكل والنوم وكافة أنواع التعذيب النفسي والجسدي الذي أدى إلى إصابة بعضهم بعاهات مستديمة وبعضهم قضوا في السجون جراء التعذيب.

وبحسب رئيس لجنة المختطفين في المحافظة عبد الرحيم الوائلي، فإن عدد المختطفين في المحافظة لدى مليشيا الحوثي يبلغ 263 مختطفاً، تم إطلاق 30 فردا منهم.

حقوق الناس وممتلكاتهم وأموالهم تحولت إلى مضمار لسباق النافذين والمشرفين والقيادات الأمنية وتصاعد موجة من التنافس بين قادة المليشيات الحوثية في المحافظة لجهة السطو على أراضي وعقارات الدولة والجبايات والإتاوات بهدف الإثراء غير المشروع، وعبر عصابات مسلحة يقودها نافذون موالون للجماعة.

وعادة ما يتم تعيين وبشكل متعمد مشرفين ومدراء أمن من خارج المحافظة ويتم اختيار موالين لهم من مناطق شمال الشمال كصعدة وعمران وصنعاء وفرضهم على المحافظة وإطلاق العنان لهم لممارسة كافة أنواع الفساد ومختلف الجرائم.

وبين الفينة والأخرى تمارس المليشيات ابتزازها للمواطنين بفرض الإتاوات والجبايات بمسميات عدة ومبررات واهية، دفعت العديد من التجار إلى إعلان إضراب مفتوح نتيجة فرض المليشيات مبالغ باهضة عليهم وبشكل متكرر، إذ إن ما تفعله المليشيات الحوثية ليس مجرد جبايات أو ضرائب إنما تريد محاصصتهم وربما إفلاسهم، فما يحدث هو مضايقة ومحاربة تنتهجها المليشيات الحوثية على التجار بمختلف نشاطاتهم، إذ لا يمر عليهم شهر إلا ودفعوا فيه مبالغ وبمسميات تختلقها المليشيات.

وتشهد محافظة إب منذ سيطرة مليشيا الحوثي الانقلابية على المحافظة عمليات فساد كبير في أراضي وأملاك الأوقاف وأراضي وأملاك الدولة من قبل المكاتب المعنية وبإشراف من محافظ الانقلابيين وقيادات الانقلاب في المحافظة، حيث تم تمليك وتأجير أراض وأملاك كثيرة تابعة للأوقاف وأراضي الدولة لقيادات حوثية قادمة من شمال الشمال.

ففي مطلع العام الجاري، أقدم قادة حوثيون ينتمون لصعدة وعمران وذمار على نهب أراضٍ شاسعة في جبل "المحمول"، وسط رفض مجتمعي لعمليات النهب الحوثية المستمرة في محافظتهم.

وقدرت مصادر مساحة الأرض التي سيطر عليها عناصر الجماعة في الجبل بما يقارب 80 ألف لبنة، وتبلغ قيمتها مليارات الريالات نظراً إلى موقعها في المحافظة التي تشتهر بارتفاع أسعار الأرض والعقارات.

وفي حادثة أخرى صادرت المليشيات وبقوة السلاح مساحة واسعة من الأرض وسط مدينة إب، كانت قد خُصصت سابقاً لإنشاء حديقة للحيوانات.

وتبلغ مساحة الأرض المنهوبة من قبل المليشيات 10 آلاف لبنة، وسط تنافس محموم لقادة المليشيات ومشرفيهم على نهب الأراضي والعقارات الخاصة والعامة.

وفوق ما تشهده المحافظة من تدهور اقتصادي واتساع لرقعة الفقر وازدياد لنسب البطالة وانعدام الدخل، تلجأ المليشيات أيضا إلى التضييق على المنظمات الخيرية والتدخل في عملها ونهب الكثير منها ومنع بعضها من العمل.

ويمارس القيادي الحوثي أشرف المتوكل ضغوطا كبيرة على المنظمات الإنسانية والإغاثية ويجبرها على إعطائه مبالغ مالية مقابل السماح للمنظمات بالعمل، في حين يجبر المنظمات على توزيع المساعدات بمعرفته واطلاعه عليها وإدخال أسماء مسلحي المليشيا أو الموالين لها ضمن كشوفات المساعدات وحرمان المناوئين للمليشيا منها.

وكثيرا ما تشهد المحافظة خلافات وصراعات بين قيادات المليشيات ونافذيها حول الجبايات والمنهوبات والتي تفضي أحيانا إلى الاشتباكات المسلحة.

محاضن الموتى لم تكن بمنأى عن فساد المليشيات ولم تسلم هي الأخرى من إرهابهم وإجرامهم، فقد ذكرت تقارير حقوقية أنه تم السطو على 24 مقبرة من قبل ميلشيات الحوثي في إب خلال العام 2017 فقط.

ويقول كثير من المتابعين إن مكتب الأوقاف في المحافظة كان له الباع الكبير في إهمال أراضي المقابر والأوقاف وتسهيل بيع بعضها على المتنفذين الحوثيين القادمين من محافظات شمال الشمال.

لم تكتف المليشيات بمصادرة الأراضي والعقارات وحقوق الناس وأموالهم، بل مضت أيضا في مصادرة حياة الآلاف من الناس من أبناء محافظة إب من خلال الدفع بهم إلى جبهات القتال ومحارق الموت، سواء بالترغيب أو الترهيب، مستغلة حاجات الناس وفقرهم، وتتحدث تقارير عن مقتل ما يقارب (2000) شخص قبل عام وفقا لاعتراف المليشيات.

وكان القيادي في مليشيا الحوثي وأحد المؤسسين للحركة الحوثية "صالح هبرة" قد قال في مقابلة تلفزيونية مطلع هذا الأسبوع إن المعركة التي تخوضها عناصر المليشيا في مأرب خاسرة بامتياز وأنها دمرت معظم قواتهم، لكنه أوضح أن هناك من يستمرئ ويرتاح لقوافل القتلى والجرحى الذين ينزفون يوميا لإرضاء رغباتهم في القتل وتصفية أبناء قبائل اليمن.

كلمات دالّة

#اليمن