السبت 27-04-2024 00:11:26 ص : 18 - شوال - 1445 هـ
آخر الاخبار

مصائب مضاعفة.. كيف حول الحوثيون فيروس "كورونا" إلى وسيلة للقمع والاستبداد؟

الأربعاء 10 يونيو-حزيران 2020 الساعة 06 صباحاً / الإصلاح نت - خاص- زهور اليمني

 

الحرب والفقر وكثير من الأمراض، وأخيرا كورونا، وكأن اليمن كان ينقصه هذا الفيروس ليتفشى فيه، ويفتك بعشرات الناس يوميا، ومع ذلك فإن الوضع الكارثي في اليمن عامة وصنعاء خاصة قلما يجد اهتماما محليا كان أو دوليا، وكما يبدو فإن الرأي العام العالمي متعب من سماع نفس الأخبار المأساوية الآتية من اليمن، التي انزلقت في مزيد من النسيان، فجميع بلدان العالم منشغلة حاليا بنفسها.

16 مليونا من 29 مليون يمني قد يصابون بالفيروس:

العديد من منظمات الإغاثة المحلية أُجبرت على إغلاق أبوابها بسبب نقص الأموال الآتية من الخارج. وحتى هيئة إغاثة اللاجئين لم تعد تحصل إلا على قليل من المال، وهذا له عواقب وخيمة على النازحين في صنعاء، الذين لا يمكن أن يتلقوا ما يكفي من الدعم. 

"سماح" التي كانت تعمل في إحدى منظمات الإغاثة تقول عن نفسها إنها من اليمنيين المحظوظين الذين لا زال لديهم المال الذي يغنيهم عن السؤال وانتظار مساعدة المنظمات، ويساعدهم في الحفاظ على أنفسهم من انتقال الوباء إليهم، وتقول: "أسكن مع عائلتي، ووالدي المغترب يمدنا بالمال الذي يضمن قوت العائلة اليومي، ويمكنا من الالتزام بقواعد الحجر الصحي، وعدم مغادرة البيت إلا للضرورة، وهذا للأسف لا يتوفر لدى الكثير من اليمنيين الذين يعوّل 80% منهم على المساعدات الإنسانية، وتكسب الغالبية في العادة زرقها بالعمل اليومي ولا يمكن لهم البقاء في البيت، لأن من لا يشتغل يموت جوعا".

وتضيف: "بطبيعة عملي قمت بالتواصل مع بعض الأسر النازحة ووجدت أن الوباء انتشر بين النازحين بصورة مخيفة وبالذات في شارع هايل والسنينة المكتظة بهم، فهم يعيشون في بيئة غير صحية، بالإضافة إلى عدم قدرتهم على الالتزام بقواعد الحماية من الإصابة بفيروس كورونا، فهناك العدد الكبير الذي يعيش في غرفة واحدة خالية من التهوية، بالإضافة إلى الفقر والتغذية السيئة والأمراض الكثيرة التي يعاني منها معظمهم".

وتابعت: "مؤخرا صرحت الأمم المتحدة أنها تخشى من وقوع 40.000 على الأقل من الموتى، ويمكن لـ16 مليونا من 29 مليون يمني أن يصابوا بالفيروس، لهذه الأسباب قامت هيئة الإغاثة مؤخرا بسحب نحو 100 موظف أجنبي من أصل 158 إلى إثيوبيا".

لنا طريقتنا في الكشف والفحص:

في لقاء مع قناة الجزيرة وبحثا على أسباب التعتيم على الحالات المصابة من قبل وزارة الصحة الانقلابية في صنعاء، تحدث الناطق الرسمي باسم الوزارة يوسف الحاضري، الذي نفى الأنباء عن حالات الوفاة اليومية بالفيروس في صنعاء، قائلا: "إن ما يتداوله البعض عن حالات الدفن لوفيات بسبب كورونا ليست صحيحة، فتلك الجثث كانت في المستشفيات الحكومية لأشخاص مجهولي الهوية، وليس لديهم أهل، إضافة إلى أشلاء من قتلوا نتيجة غارات التحالف"، مشيرا إلى أن توجيهات صدرت لهم بإفساح المجال في ثلاجات المستشفيات بصنعاء، كون طاقتها الاستيعابية قليلة".

أما بالنسبة للحالات التي يشتبه إصابتها بكورونا، فقال الحاضري إنه يتم الإعلان عنها بشكل رسمي من وزارة الصحة "أربع حالات فقط"، وأضاف: "لنا طريقتنا الخاصة في التقصي والاكتشاف والفحص وفقا لظروفنا وإمكاناتنا".

وأوضح أنه تم تخصيص مستشفيات للحالات المشتبه إصابتها بكورونا، مؤكدا أن هناك الكثير من الأمراض الصدرية المشابهة لأعراض كورونا، ويتم تمييزها عن طريق الفحص المخبري. واتهم الحاضري المنظمات الدولية بالتنصل من مسؤولياتها في مساعدة اليمن خلال الفترة الحالية، على حد تعبيره.

منظمة الصحة العالمية: لم نطلع على نتائج الاختبارات:

جددت عدة منظمات على رأسها منظمة الصحة العالمية خلال الأيام الماضية تحذيراتها من احتمال أن يخرج الوباء عن السيطرة في اليمن ما لم تتوافر ظروف أكثر سلما، واعتبر "مايكل راين" رئيس برنامج الطوارئ في المنظّمة، أن الوضع في اليمن مقلق جدا، مشيرا إلى أن نقل المستلزمات لمواجهة كورونا وتدريب العاملين والقيام بعمليات الرصد وتتبع الحالات في ظل هذه الظروف يبدو صعبا وخطيرا للغاية.

ويأتي التحذير من الزيادة المفاجئة في أعداد من يموتون بفعل كورونا في اليمن، في وقت تعتقد فيه عدة منظمات صحية دولية أن الأرقام المعلنة حتى الآن عن الضحايا في البلاد قد لا تعكس الواقع الحقيقي على الأرض.

وكانت منظمة "أطباء بلا حدود" قد قالت إنه من المستحيل معرفة مدى انتشار فيروس كورونا في اليمن، نظرا لأن القدرة على إجراء الفحوص الطبية هناك محدودة للغاية، وفقا للمنظمة.

وفي تقرير لها، قالت وكالة رويترز للأنباء إنها علمت من أربعة مصادر مطلعة أن عدد الأفراد الذين يعتقد أنهم مصابون بفيروس كورونا في اليمن، وعدد الوفيات التي يشتبه أنها ناتجة عن الإصابة به، أكبر مما أعلنته السلطات حتى الآن. ونقلت رويترز عن المصادر، التي طلبت عدم الكشف عن هويتها، قولها إن الأعداد التي تُسجل أقل فيما يبدو من الواقع في مناطق الشرعية ومناطق الحوثيين.

وقالت المصادر الأربعة المطلعة على المعلومات الخاصة بالمستشفيات، إن السلطات الصحية لدى الحوثيين لم تطلع منظمة الصحة العالمية على نتائج اختبارات لما لا يقل عن 50 مريضا، ظهرت عليهم أعراض مرض كوفيد-19 الناتج عن الإصابة بالفيروس، في مستشفى الكويت في صنعاء، في حين قال مصدران من المصادر إنهما شاهدا 20 مريضا غيرهم، وعليهم أعراض مشابهة، وإنهم توفوا في نفس المستشفى.

وحتى التاسع من مايو/أيار الجاري، كان اليمن قد أعلن نتائج 803 اختبارات، للكشف عن كوفيد-19، وفقا لبيانات منظمة الصحة العالمية، وفي ذلك الوقت قالت المنظمة إن اليمن لديه 38 وحدة لعزل مرضى كوفيد-19، منها 18 وحدة عاملة، وأربع مختبرات تملك القدرة على إجراء الاختبارات، و520 سريرا بوحدات الرعاية المركزة، و154 جهازا للتنفس، لكن المنظمة قالت، في تقرير لاحق، إن أي قفزة في الحالات قد تفوق قدرات منشآت الرعاية الصحية في اليمن.

إبرة الرحمة وعجز الأطباء:

"د. أروى" تحدثنا عن السبب الذي جعلها تترك الدوام في المستشفى وتفضل الجلوس في البيت قائلة: "لست الوحيدة من ترك العمل في المستشفيات، فهناك الكثير من زملائي تركوا العمل خوفا على حياتهم بعد أن توفي الكثير من زملائنا الأطباء والطبيبات أمام أعيننا بسبب احتكاكهم بمرضى كورونا، بدون أي واقٍ يحفظهم من انتقال العدوى لهم،
 ومع ذلك لم يحصلوا على أي عناية رغم أنهم ضحوا بأنفسهم، ومؤخرا طلبت وزارة الصحة من الأطباء الذين أشرفوا على حالات مصابة بكورونا البقاء في المستشفيات تحت الحجر الصحي وعدم المغادرة منذ نحو شهر ونصف تقريبا، وهناك عدد كبير من الفريق من ممرضين وأطباء ممن أصابهم الفيروس توفوا في الأيام الأخيرة بعد أن عُزلوا في غرف خاصة".

وأضافت: "وزارة الصحة ترفض منحنا نحن الأطباء وسائل الوقاية من لباس خاص يستخدمه جميع أطباء العالم بحجة عدم توفره، رغم أن هناك مستشفيات خاصة بالحوثيين، الأطباء فيها لديهم هذا اللباس الواقي، حتى المعقمات والكمامات في الفترة الأخيرة لم نعد نستطيع الحصول عليها".

ووتابعت: "بالله عليك كيف تريدين مني أن أحضر الدوام في ظل هذا الوضع الخطير؟ أرغب بمساعدة الناس وهذا واجب يحتمه عليّ عملي كطبيبة ولكن كيف بوسعي ذلك عندما لا يتوفر لي لباس واقٍ؟ لهذه الأسباب ترفض كثير من المستشفيات استقبال مرضى كورونا خوفا على كادرها الطبي، لأن هذه المستشفيات بكل بساطة لا توجد لديها إمكانيات لاستقبال هذه الحالات".

وختمت حديثها قائلة: "لم نعد نخاف نحن الأطباء فقط من الدخول للمستشفى بل إن المواطن اليمني المصاب بالفيروس لا يجرؤ على التوجه إلى المستشفيات، خوفا على حياته، فإبرة الرحمة التي انتشرت بين الناس والتي بسببها يموت كل من يتوجه للمستشفى للعلاج، هي في حقيقة الأمر ليست إبرة بل عجز تام من قبل الأطباء في إنقاذ حياته لعدم توفر الأجهزة المنعشة وأجهزة التنفس التي تساعد المريض على تجاوز الأزمة التي يمر بها".

اتهام للحوثيين بمصادرة إمدادات طبية لمواجهة كورونا:

مؤخرا اتهمت الحكومة الشرعية مليشيات الحوثيين بمصادرة إمدادات طبية أرسلتها لمكاتب الصحة بالمحافظات الخاضعة لسيطرتهم لمواجهة تفشي فايروس كورونا.

جاء ذلك في سلسلة تغريدات نشرها وزير الإعلام معمر الإرياني عبر حسابه في تويتر قال فيها إنّ الحكومة أرسلت إمدادات طبية لمختلف المحافظات، بما فيها مناطق سيطرة الحوثيين، لمساعدة الشعب في مواجهة جائحة كورونا، مضيفا: "نهبت المليشيات هذه الإمدادات المقدمة من منظمة الصحة العالمية، وهي في طريقها لمكاتب الصحة في المحافظات الواقعة بمنطقة سيطرة المليشيات الحوثية لتوزعها على قياداتها وعناصرها".

وطالب الوزير أمين عام الأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش والمبعوث الخاص إلى اليمن مارتن غريفيث ومنظمة الصحة العالمية بإدانة ما سماها القرصنة الحوثية، كما طالبهم بالضغط على الحوثيين لإطلاق تلك الإمدادات وتوزيعها على المستشفيات.

سيأتي دواء كورونا من اليمن:

أثارت تصريحات طه المتوكل وزير الصحة الانقلابية السخرية بعد إعلانه عن تحضيراتهم أبحاث لعلاج فيروس كورونا.

فقد ذكر أن دواء وعلاج فيروس كورونا سيكون من اليمن، مشيراً إلى أبحاث ودراسات مبشرة بخصوص هذا، متجاهلا ذكر أعداد الوفيات المرتفعة أو آلاف المصابين الذين لم يعلن عنهم، والأعداد التي تخفيها وزارته.

وأضاف متحدثا في مؤتمر صحي: "بإذن الله سبحانه وتعالى وبقدرات الأطباء وزملائنا الصيادلة والزملاء في المختبرات، الآن تُجرى أبحاث طويلة مستفيضة وإن شاء الله سيأتي دواء كورونا من اليمن".

وتابع: "هناك أبحاث ودراسات مستفيضة وكبيرة وواعدة بكل ما تعني كلمة واعدة سيصبح العلاج من اليمن".

وتفاخر الوزير الحوثي بسياسة التكتم التي انتهجتها المليشيات حول انتشار وباء كورونا في اليمن قائلاً: "نتعامل مع المرضى من منطلق حقهم الإنساني في الرعاية وليس كأرقام في البورصة تتسابق وسائل الإعلام لتناولها".

وأضاف: "هناك إرهاب إعلامي حتى تحول المرض إلى وصمة، وهذا الأمر وقفت وراءه سياسة إعلامية خبيثة تتجاهل الإنسان وتحوله إلى رقم للمزايدة".

امتلأت المستشفيات بالمصابين:

كشفت مصادرنا أن عدد الإصابات التي تم التأكد منها ووصلت لمستشفى الكويت بلغت حتى الآن أكثر من ستة آلاف حالة، في حين بلغ عدد الوفيات أكثر من 400 حالة، رغم أن سلطات الحوثيين لا تعترف سوى بتسجيل أربع حالات فقط.

يحدثنا الدكتور (ع. ص) حول هذا الموضوع قائلا: "مستشفى الكويت امتلأ بالحالات ولم يعد هناك متسع لاستقبال المزيد، بالإضافة إلى مستشفى زايد الذي يمثل ثاني المستشفيات التي يتم فيها حجر الحالات المشتبه في إصابتها بكورونا، حيث يوجد فيه عشرات الحالات من دون رعاية صحية، وهناك مرضى كثيرون تم رفضهم من أكثر من مستشفى ترددوا عليه بذريعة عدم وجود أسرّة بسبب تفشي الوباء، إضافة إلى ضعف إمكانات المشافي الأخرى أمام استقبال حالات مشتبه إصابتها بكورونا".

وأضاف: "معظم الأسر تمتنع من الإفصاح عن وفاة أقربائهم بسبب الفيروس خوفا من الحوثيين الذين يقومون بتهديدهم بالسجن في حال تحدثوا عن وفاة بالفيروس، والكثير يمتنعون من الذهاب إلى المستشفى خوفا من تصرفات الحوثيين أيضا، فكما نعلم فإن الجان الأمنية التابعة للحوثيين قامت بإغلاق العديد من الأحياء بشكل عشوائي، وداهموا منازل الأشخاص المشتبه بإصابتهم، وفي بعض الأحيان تمركز مسلحون حوثيون خارج منازل المصابين بالفيروس لفرض حجر صحي، مما خلق خوفاً لدى المواطنين من الإبلاغ عن الأعراض، كما أدى أسلوب التعامل مع المصابين إلى وصمهم كمتهمين".

واختتم حديثه قائلا: "هذا الأمر أكثر ما يثر قلقنا نحن الأطباء، فهذا السلوك ليس في صالح اليمنيين، حيث قد يعطي المواطنين طمأنينة خادعة، في وقت يجب الإفصاح عن الوضع الحقيقي للكارثة، سواء في المناطق التي تقع تحت سيطرة الحكومة أو الانقلابيين".