السبت 27-04-2024 14:56:13 م : 18 - شوال - 1445 هـ
آخر الاخبار

فقه المقاصد العامة للشريعة الإسلامية.. خلاصات منهجية ونماذج تطبيقية (الحلقة الثالثة: آفاق المنهج المقاصدي)

الخميس 07 مايو 2020 الساعة 11 مساءً / الإصلاح نت - خاص / عبد العزيز العسالي

 


خلاصة الحلقتين السابقتين هي أن أزمتنا الفقهية سببها ضعف التكوين الفقهي وفقا للمنهج المقاصدي، ذلك أن ميادين التكوين الفكري والفقهي المتمثلة في الجامعات والمعاهد الشرعية وحلقات العلوم الشرعية تعاني فقرا منهجيا مقاصديا حادًّا في كل البلدان العربية والإسلامية باستثناء جامعات لا تتعدى أصابع الكف الواحد في دول المغرب العربي.

ومع ذلك فالنتاج العلمي -بحسب ما وقفت عليه- لا زال يطحن الماء في اجترار أمثلة التطبيقات المقاصدية من التراث (إنتاج) لم يلامس الواقع المعيش 99% و9 من 10.

أهداف الدراسة:

أولا: الهدف العام: بناء عقل فقهي منتِج

تسعى هذه الدراسة إلى تقديم إسهام متواضع لكنه في نظري برنامج جوهري سيسهم في تكوين العقل الفقهي المنتج فقها إنسانيا وحضاريا يتمتع بامتلاك الوسائل المنهجية نظريا وتطبيقا.

ثانيا: الهدف التربوي

- تكوين وإخراج عقلية فقهية مقاصدية تمتلك أفقا منهجيا مقاصديا صاحب نظر اجتهادي.

ثالثا: الهدف التعليمي

- أن يتعرف الدارسون على أسس المنهج المقاصدي داخل موروثنا الفكري.
- أن يفرق الدارسون بين المنهج المقاصدي كـ"مبادئ وآليات" وبين التطبيقات التاريخية.

رابعا: الهدف المعرفي

- أن تترسيخ المعرفة نظريا وتطبيقا لدى المتخصصين في العلوم الشرعية إلى حد القناعة التامة أن:
- التكوين الفقهي المقاصدي ضرورة شرعية وواقعية.
- أن المنهج المقاصدي من صميم تعاليم القرآن الكريم ومن صميم مقاصد تصرفات الرسول صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدين وعلماء الأصول عبر التاريخ.
- أن يقوم الدارسون بعمل بحوث تطبيقية حول قضايا جزئية مستجدة وفقا للمنهج المقاصدي.

تلكم هي أهم الأهداف التي تريد هذه الدراسة غرسها في عقول طلاب الشريعة.

خامسا: مكونات المنهج المقاصدي

1- مكانة المنهج المقاصدي عند فقهاء الأصول.
2- أهمية المنهج المقاصدي للفقيه.
3- فوائد المنهج المقاصدي.
4- غياب المنهج المقاصدي والآثار الخطيرة المترتبة.
5- شبهة وإيضاح.

وبناء عليه، فإننا في هذه الحلقة سنقف مع مكانة المنهج المقاصدي عند فقهاء الأصول.

الهدف المعرفي والتربوي من هذا المكوّن المنهجي هو ترسيخ الطمأنينة لدى المتخصصين أنهم يستندون إلى صميم الشريعة الإسلامية ومنهج السلف، وأن المنهج المقاصدي كان حاضرا منذ فجر الدعوة بمكة فالمدينة فالعهد الراشدي وعبر التاريخ، وأنه قد تم التعاطي مع المنهج المقاصدي بالمعنى في القرون الثلاثة الأولى، ثم تبلور المنهج تحت مصطلح "مقاصد الشريعة" في نهاية القرن الثالث ثم الخامس والسادس... إلخ.

سادسا: مكانة المنهج المقاصدي

وفيما يلي سنقدم مسردا لأقوال فقهاء الأصول:

1- المقاصد قبلة المجتهدين بها يهتدون، وإليها يجتمعون، وعندها يحطون رحالهم. (ابن عاشور، التحرير 1/ 219، المقاصد، 87).

2- المقاصد محكمات الشرع، كونها كليات عامة ومهيمنة على النص الجزئي، ولا يدخل عليها النسخ عند القائلين بالنسخ، لأنها متصلة بالضرورات الكبرى وحاجات الناس، ومن توجه إلى جهة منها أصاب الحق. (السيوطي، الرد على من أخلد إلى الأرض، ص 182، تحقيق النمر).

3- المقاصد دلالتها قطعية لا تفتقر لشاهد من جزئيات أصول الفقه. (الغزالي، شفاء العليل، 236).

4- المقاصد تستمد قوتها من أدلة شرعية لا تحصى. (الغزالي، المستصفى).

5- يستحيل غيابها في أي ملة من الملل التي أريد بها صلاح الخليقة.
(السابق، ص 483- 489).

6- الأحكام التي تُبنى على المقاصد أحكام يقينية، وهي المخرج من الخلاف الفقهي بسبب الجزئيات. (مقاصد ابن عاشور، ص 5).

7- المقاصد هي المرجع عند اشتداد الخلاف وكثرة الفروع والروايات الظنية المتعارضة فتكون المقاصد هي الضابط الشرعي لتحقيق روح الشريعة
وأهدافها. (ابن تيمية، المجموع، ج 20، 583).

8- هي أعظم وسيلة لفهم مقاصد النصوص ومغازيها ودلالاتها، وبها يتحقق وضوح الرؤية الفقهية، والتوازن وعدم الاضطراب، كونها محراب الأدلة، ثم الترجيح. (د. يوسف البدوي، المقاصد، ص 71).

9- تزيل الكلل الذهني، وتسدد العمل، ومن لم يعرفها هان وتأخر، والأعمال الفقهية بلا مقاصد لا روح فيها. (الشاطبي، الموافقات، ج2، ص 344).

10- المقاصد هي القاعدة الكلية التي ترجع إليها الأحكام حتى قيام الساعة. (الجويني، الغياث، ص 334).

11- لا قبول للقياس إلا إذا وافق المقاصد، لأنها الضابط لروح الشرع، محمد يوسف موسى، ابن تيمية، ص 184- 186).

12- المقاصد هي التفسير المصلحي للنصوص. (الريسوني، نظرية المقاصد، ص 289).

13- المقاصد ضرورة لكل عصر. (د. غالب القرشي، ولاية المرأة. 63).

14- للمقاصد تأثير على ما هو منصوص عليه، أي النص الصحيح الجزئي. (علّال الفاسي، المقاصد، 65).

15- تحدد المعنى للشارع الحكيم بوضوح. (محمد الزحيلي، المقاصد، ص 300).

16- لا يدخل عليها النسخ، ويجب تقديمها عند التعارض. (المرتضى المطهري، حق المرأة، 96).

17- تحقيق العدل والقيام بالقسط في أحكام الشريعة يقوم على فهم النصوص في ضوء المقاصد، ومن فصل بين الجزئي والمقصد وقع في جهل عظيم. (البدوي، مرجع سابق).

18- المنهج الوحيد لتقريب وجهات النظر الفقهية وتضييق شقة الخلاف الفقهي، وهي المنهج الفقهي الحضاري المتين القادر على تلبية واستيعاب آفاق الحياة كلها، كونها الضابط المرجعي والإطار المنهجي للفقه الحضاري. (الخادمي، كتاب الأمة، 1-41).

19- المنهج المقاصدي من لوازم خلود الشريعة، وتوسيع دائرة النصوص واستيعاب المستجدات لن يكون بغير المقاصد. (الريسوني، مرجع سابق، 360).

20- مراعاة الواقع انحطاطا وارتقاء لن يكون بغير المقاصد، وبدونها تظهر الفتوى باهتة مضطربة متناقضة هشة، فتنزوي الأمة في وحل التخلف والجمود، وتتجه الاتهامات إلى الشريعة الكاملة بالقصور والجمود، وحاشاها. (خلاصة كلام طويل. د. طه العلواني).

21- قيام نظام اجتماعي إسلامي يواكب العصر سياسيا واقتصاديا، يفتقر إلى قواعد أقوى وأوسع تأخذ بأيدينا وتدلنا على الحكمة والهدف وتوضحهما. (ابن عاشور، المقاصد، 68).

22- الترا جع الحضاري والانبهار السياسي الذي تعانيه أمتنا لا يعالجه غير فقه المقاصد. (ابن عاشور، السابق، ص7).

23- خروج الأمة من الانحدار الشامل لن يكون إلا بأدلة قاطعة وهي المقاصد، وعليه فلا مهرب من نخل النظريات الفقهية كلها في ضوء المقاصد. (د. الصغير، المقاصد والوساطة العلمية، 383).

24- هي المخرج الواضح للعقل الفقهي المسلم المكبل الرازح تحت أزمات تورط فيها حتى فقد آلية المبادرة والتعامل مع الوحي والمجتمع والتاريخ والطبيعة. (لؤي صافي، إعمال العقل، 80- 165).

25- الحفاظ على سلامة الأمة وهويتها وقوة هيبتها والارتقاء بها من خلال إطلاق الحريات، كون الحرية [حلية] الإنسان، وزينته المدنية، إذ بالحرية تنمو المواهب، وتنبت الفضائل، والشجاعة على قول الحق، وتتلاقح الأفكار، فتقوى الأمة وتصبح مرهوبة الجانب، كل ذلك يأتي من إباحة الممنوع سياسيا لأن فيه تحقيق مقصد شرعي. (ابن عاشور مرجع سابق، 177- 279).

26- التحرر من الآصار والأغلال وعماية الصراع المحبط في تراثنا لن يكون بغير المقاصد سيما في الجانب السياسي، وأن سنّ قوانين وضوابط مواكبة للحراك الاجتماعي يقتضي إدخال مبدأ الحرية السياسية والاقتصادية، وحقوق الإنسان، وحماية المال العام، وتحديد صلاحيات الحاكم، والحد من عبث السلطات بكرامة الإنسان فردا ومجتمعا، وإهدار ثروات الأمة ومقدراتها، وحماية البيئة يجب إدخالها ضمن الضرورات المقاصدية الكبرى، فهذا هو الضمان الوحيد والمنهج الأكيد لترسيخ هيبة الأمة وحماية الحقوق من أي مساس بها، حتى يترسخ في الوعي المجتمعي ثقافيا أن الاعتداء على هذه القضايا هو اعتداء على الدين، وهذا من أقوى الضمانات لحقوق الأمة، كونه شريعة مقدسة، وهو ما لا تمتلكه القوانين الوضعية والمواثيق الدولية. (الخمليشي، وجهة نظر، ص 30، 49، 250).

تلكم هي باختصار شديد مكانة المنهج المقاصدي، تشريعا، وإنسانيا، وحضاريا.

نلتقي بعونه سبحانه مع الأفق الثاني: أهمية المقاصد للفقيه.

كلمات دالّة

#اليمن