الأحد 28-04-2024 07:42:59 ص : 19 - شوال - 1445 هـ
آخر الاخبار

الحوثيون وصناعة الموت.. ماذا يعني الحكم بإعدام صحفيين عزل؟

الثلاثاء 14 إبريل-نيسان 2020 الساعة 10 مساءً / الاصلاح نت- خاص

 

تواصل مليشيات الحوثيين الإرهابية والدموية الإثبات لليمنيين وللعالم أجمع بأنها أسوأ وأبشع مليشيات إرهابية ودموية عبر التاريخ، يتمثل ذلك في أحكام الإعدام التي أصدرتها محاكم تتبع هذه المليشيات منذ بداية الانقلاب على السلطة الشرعية في سبتمبر 2014 وحتى اليوم، وكان آخرها إصدار حكم بإعدام أربعة صحفيين بعد خمس سنوات من سجنهم وتعذيبهم بشتى صنوف التعذيب النفسي والجسدي، فضلا عن الإرهاب النفسي الذي طال أهاليهم. وتعد هذه الأحكام سابقة خطيرة في العالم كله، حيث لا قوانين وضعية ولا شرائع سماوية تجرم العمل الصحفي أو تجعل من مهمة نشر المعلومة عقوبة يستحق صاحبها الإعدام.

غير أنه بالعودة إلى السلوك الدموي والإجرامي للمليشيات الحوثية، فإنه ليس مستغربا أن تصدر حكما بإعدام أربعة صحفيين عزل، فقد سبق ذلك أن أصدرت أحكاما بإعدام مسؤولين في السلطة الشرعية، وأخرى بإعدام نساء وزعماء طوائف دينية وغيرهم بتهم لا أساس لها من الصحة، كما أن عددا كبيرا من السجناء ماتوا في سجون المليشيات تحت التعذيب، والبعض منهم أفرج عنهم وهم لا يقدرون على الحركة وفقدوا حواسهم.

كما أن المليشيات الحوثية تمارس جرائم القتل العمد يوميا بحق المدنيين، سواء تلك الفردية أو الممنهجة، وآخرها قصف سجن للنساء في تعز وقتل وإصابة عدد من السجينات، وهكذا تمعن المليشيات الحوثية في القتل ونشر الموت، وتغطي على كل جريمة قتل وسفك دماء بأخرى أبشع منها، وكلما انشغل العالم بإدانة جريمة من جرائمها، لفتت المليشيات الحوثية الأنظار إلى جريمة أخرى.

- الإرهاب ضد الصحفيين

كان الصحفيون أكثر الفئات التي تعرضت لإرهاب المليشيات الحوثية، ولذا فقد صنفت منظمات حقوقية دولية المليشيات الحوثية بأنها تأتي في المرتبة الثانية بعد تنظيم "داعش" الإرهابي انتهاكا للصحفيين وللحريات الصحفية، علما بأن هذا التصنيف كان قد تم في وقت لم تكن فيه جرائم المليشيات الحوثية ضد الصحفيين قد ظهرت للعلن، ذلك أن التصنيف تزامن مع بداية الانقلاب، وفي ذلك الحين كانت جرائم المليشيات الحوثية بحق الصحفيين لا تتعدى إغلاق المؤسسات الصحفية واختطاف الصحفيين وإخفاءهم، أي أن جرائم التعذيب النفسي والجسدي التي تمارس ضدهم في السجون لم تكن قد ظهرت للعلن، لدرجة أن بعضهم أصبحوا غير قادرين على الحركة، والبعض أصيبوا بأمراض خطيرة دون أن يتلقوا أدنى رعاية صحية. وبعد خمس سنوات من التعذيب والتنكيل في السجون، تصدر المليشيات الحوثية حكما بإعدام عدد منهم، وشرعنة الجرائم التي مارستها ضد الآخرين.

وإذا أعيد اليوم تصنيف الجهات التي تعد الأكثر انتهاكا للحريات الصحفية، فإن المليشيات الحوثية ستتصدر المرتبة الأولى في العالم بلا منازع، بل يمكن تصنيفها بأنها الأكثر انتهاكا للصحفيين وللحريات الصحفية عبر التاريخ، ذلك أن جرائمها ضد الصحفيين لم يسبق أن مارستها أعتى الأنظمة الديكتاتورية المستبدة والقمعية في العالم منذ ظهور مهنة الصحافة وحتى اليوم، وهذا الإرهاب ضد الصحفيين يؤكد بأن المليشيات الحوثية تضم في صفوفها حثالة البشر غير الأسوياء، لدرجة أنه لا فرق في صفوفهم بين قطاع الطرق والقضاة وخطباء المساجد وحتى من يسمونهم علماء دين، كلهم تجمعهم صفة "بشر غير أسوياء"، لدرجة أنه لم يظهر من بين صفوفهم حتى صوت واحد يندد بتلك الجرائم والأحكام القضائية التي يمكن وصفها بالأحكام الدموية والإرهابية، ولا يمكن أن تصدر إلا من زعيم عصابة إرهابية وليس من قبل قاضٍ يفقه الشريعة الإسلامية وقوانين البلاد.

- جرائم وإرهاب ممنهج

لم تقتصر جرائم المليشيات الحوثية بحق الصحفيين على الخطف والإخفاء القسري والتعذيب النفسي والجسدي في السجون ثم المحاكمات الجائرة، ولكن هناك جرائم أخرى تتمثل في تعمد قتل عدد من الصحفيين الذين الذين استهدفوا بالقنص في عدة جبهات كانوا يغطون فيها المعارك، خاصة في تعز، وهي جرائم متعمدة وممنهجة.

ففي مايو 2019، قتل المصور الصحفي ناصر لبحش برصاص قناص حوثي، خلال تغطيته للمواجهات الدائرة في محافظة الضالع. وفي مايو 2017، قتلت مليشيات الحوثيين ثلاثة مصوريين صحفيين في تعز قنصا، هم: وائل العبسي، وتقي الدين الحذيفي، وسعد النظاري، بينما جرح صحفيان آخران إثر قذيفة مدفعية أطلقها الحوثيون أثناء تغطيتهم للمعارك الدائرة شرقي المدينة.

وخلال العام 2016، قتلت المليشيات الحوثية العديد من الصحفيين، أبرزهم: المصور محمد اليمني، والمصور أحمد الشيباني، والمصور أواب الزبيري. ولا تتوفر إحصائيات رسمية لكل حوادث القنص التي طالت صحفيين في عدة محافظات منذ بداية الانقلاب، وتسببت بقتل بعضهم وجرح الآخرين.

كما أن المليشيات الحوثية لم تتورع عن وضع بعض الصحفيين في مخازن أسلحة معرضة لقصف طائرات التحالف، لاستخدامهم كدروع بشرية، وحدث أن قتل بعضهم، كما هو حال الصحفييْن يوسف العيزري ومحمد قابل، اللذين قتلا في غارة جوية للتحالف على مخزن للسلاح في محافظة ذمار، في 21 مايو 2015.

- دماء ودموع

لقد طال إرهاب المليشيات الحوثية مختلف المدن والمحافظات التي تسيطر عليها، وما من مدينة أو قرية إلا وشهدت مأتما وعويلا بسبب جريمة قتل أو خطف وتعذيب وإخفاء قسري ارتكبتها المليشيات الحوثية، ولم يسلم منها الكبار والصغار ولا النساء، ولم تفرق بين بريء ومتهم، وكلما ارتكبت جريمة وصارت حديث الإعلام، صرفت الأنظار عنها وشغلت الرأي العام بجريمة أبشع منها. وما من قرية أو مدينة في مناطق سيطرتها إلا وسكب جزء من أهلها دماءً ودموعا بسبب جرائم المليشيات الحرثية (دماء ضحايا ودموع أهاليهم وأقاربهم حزنا عليهم).

والمثير للاستغراب هو صمت المجتمع الدولي والمنظمات الحقوقية على مختلف الجرائم والانتهاكات التي تمارسها المليشيات الحوثية الإرهابية ضد المدنيين، خاصة ما يتعلق منها بقضية الصحفيين المختطفين في سجون المليشيات، وإذا صدر تقرير حقوقي أو موقف رسمي يدين تلك الجرائم فإنه يكون باهتا وعلى استحياء، فيزيد ذلك الطين بلة، كونه يشجع المليشيات الحوثية الإرهابية على التمادي وارتكاب المزيد من الجرائم.

أما بقاء عدد من الصحفيين في سجون المليشيات طوال خمس سنوات، وتعرضهم لشتى صنوف الإرهاب والتعذيب من قبل المليشيات الحوثية، وآخرها إصدار حكم بالإعدام بحق عدد منهم، فإن ذلك كله يمثل إدانة أخلاقية للمجتمع الدولي ولمنظمات حقوق الإنسان، لعجز الجميع عن ممارسة الضغوط على المليشيات الحوثية للإفراج عن الصحفيين المختطفين في سجونها وغيرهم من المدنيين الأبرياء.

- انتحار أخلاقي

تعتقد المليشيات الحوثية أن الجرائم والممارسات الإرهابية التي تنتهجها من شأنها بث الرعب والخوف في أوساط المجتمع، كنوع من الإرهاب الاجتماعي، للحيلولة دون ظهور أي معارضة لسلطة المليشيات في مناطق سيطرتها، لكن الحقيقة هي أن هذه الممارسات الإرهابية ليست سوى إمعان في الانتحار الأخلاقي للمليشيات الحوثية، وتأكيد للجميع بأنها تجردت من كل فضيلة، وتأكيد أيضا بأنه ليس لديها حتى حسنة واحدة لتزايد بها أخلاقيا على الآخرين.

ومع وصول الانتحار الأخلاقي للمليشيات الحوثية إلى ذروته، يزداد التأكيد بأن الرهان على الحل السياسي السلمي معها أشبه بالسراب، وتزداد الحاجة الماسة للحسم العسكري كضرورة أخلاقية وإنسانية أولا وضرورية وطنية ثانيا، حيث حولت المليشيات مناطق سيطرتها إلى سجن كبير تمارس فيه الإرهاب الاجتماعي بأبشع صوره ضد المدنيين، وتزداد البشاعة في السجون والمعتقلات السرية، وما تمارسه فيها المليشيات من إرهاب وتعذيب نفسي وجسدي بحق المعتقلين.

كلمات دالّة

#اليمن