الثلاثاء 19-03-2024 08:44:44 ص : 9 - رمضان - 1445 هـ
آخر الاخبار

قراءة في حديث السفير الأمريكي.. تحول ايجابي واستبعاد لكيانات خارج الشرعية

السبت 18 أغسطس-آب 2018 الساعة 08 مساءً / الإصلاح نت / خاص - محمد عبدالكريم
 

في حالات نادرة، وفي قضايا مفصلية، يضع السفير الأمريكي لدى اليمن النقاط على الحروف. يتحدث بلغة السياسة المستندة للقانون، المجردة من الدوافع الخفية والسياسة غير المعلنة، وهذه الحالات النادرة ينبغي للسياسيين اليمنيين الاستفادة منها، واعتبارها درسا مجانيا من سفير الدولة الأولى في العالم، وذلك لا يعني -بأي حال- التأمين على كل ما يقول بل وضع أحاديثه تحت المجهر، وتقييمها بطريقة موضوعية، واستحضار أو استصحاب مجموعة من العناصر منها أنه في كل ما يقول أو يسلك هدفه الأول مصالح بلاده.

تحدث السفير الأمريكي - لدى الجمهورية اليمنية - ماثيو تيولر الأربعاء، في مؤتمر صحفي في القاهرة، فبدا حديثه مختلفا عن أية أحاديث سابقة.

 

دور أمريكي واسع

أفصح عن الدور الأمريكي في الأزمة اليمنية، وقضايا المشاورات، وذلك من التقاء السفير بممثلين (للمجلس الإنتقالي الجنوبي)، وممثلين للمؤتمر الشعبي العام. الفارق بين الإثنين أن الأول كيان غير قانوني، أما الآخر فإنه تنظيم سياسي معروف.
كما أفصح عن تواصل مع الحوثيين، وهو ما يكذب دعاياتهم، وتحدث عن انقسام بين فريقين أحدهما مقتنع وجاهز لممارسة السياسة والتخلي عن العنف حد وصفه.
يشير حديث السفير إلى مسألة طبيعة علاقة بلاده بالحوثيين، وأن الأمريكان لديهم دوافع لقنوات اتصال مع الجماعات المختلفة، لكنه يكشف أكثر عن طبيعة الدعاية الحوثية، ليس في شعارها الغوغائي فحسب، بل تضليل الجمهور والأتباع أنها في حالة حرب مع أمريكا، وأنها في كل الأخبار والخطب لا تنفك تتحدث عن العدوان الأمريكي، بكل بساطة يتحدث السفير عن تواصل مع الحوثيين.

 

مامدى وجود انقسام لدى الحوثيين؟

تحدث السفير عن انقسام لدى الحوثيين، وأن تيارا يفضل السياسة على العنف، وهنا يطرح كثير من الأسئلة، منها: ما مدى الانقسام؟ وهل هو حقيقي أم تقاسم أدوار؟ وإن كان حقيقيا فأي التيارين أقوى؟ وهل الذي يفضل السياسة لديه القوة لإمضاء ما يريد، وتنفيذ الإلتزامات التي قد تسفر عنها المشاورات؟ حديث تايلور عن ضآلة التوقعات بنجاح المشاورات يشير ضمنيا إلى أن تيار العنف هو الأقوى؛ إذ لو كان تيار السياسة أقوى، لكان الحديث عن نجاح المشاورات أكثر احتمالا من ضآلة احتمال فشلها.

 

معرفة بتعز وطبيعتها

في حديثه عن تعز تحدث السفير حديث خبير بالمدينة، في ثناء واضح على طبيعتها المدنية، وكونها مدينة تجارية ثقافية أخرجت كثير من القادة، ودورها التاريخي في إسناد الثورة اليمنية، وجزمه بأنه لم يحدث أي تغيير لطبيعتها؛ أي أن حمل السلاح كان طارئا، وأن المشكلة فيها وجود جماعات مسلحة أكثر تطرفا في إشارة الى جماعة (ابو العباس).
وجود إجماع على اعتبار المليشيات المسلحة خارجة على القانون وتعبر عن حالة أكثر تطرفا خطوة في طريق تخليص تعز من تلك المليشيات التي تعد معيقا لعملية استكمال التحرير، وموغلة في الإجرام.
يعبر حديث السفير الأمريكي عن اتجاه عام لتحرير تعز لتعود الى طبيعتها المدنية المتميزة بالتجارة والثقافة حديث سياسي يستند إلى القانون.
أما حديثه السياسي المستند الى القانون فيتمثل في إبلاغه ممثلي ما يسمى المجلس الإنتقالي وممثلي المؤتمر الشعبي رفض الولايات المتحدة لإشراكهما في المفاوضات وتأكيده للإنتقالي الرفض لاستخدام السلاح لتحقيق أهداف سياسية.
إن الامتناع عن إشراك الانتقالي والمؤتمر، غاية في الأهمية، لحصر المشاورات بين السلطة القانونية وجماعة التمرد الحوثية والحيلولة دون تشتيتها، فالدعوات لتوسيع المشاركة وإشراك أطراف متعددة تعد إضرارا بالمشاورات وتشتيت لها ، وضياع المسؤولية عن فشلها وتكريس لمزيد من الإنقسام، فضلا أن إشراك الانتقالي يعطي انطباعا باعتراف خارجي بما يسمى بالقضية الجنوبية، التي تظل شأنا داخليا يمنيا.

 

مشاريع غير مقبولة مع اليمن الاتحادي

حديثه الواضح أن الحلول للقضايا المثارة ومنها (القضية الجنوبية) قد جاءت في نتائج مؤتمر الحوار الوطني، وأن الحل في دولة اتحادية، يؤكد على أن المزاج العام الإقليمي والدولي لن يكون في صف المشاريع المناهضة للجمهورية اليمنية (الدولة اليمنية ووحدتها)، وهذا التأكيد من قبل السفير الأمريكي ليس من فراغ.
يدرك السفير الأمريكي والقوى الإقليمية والدولية أن تفكك الدولة اليمنية سيؤدي بالضرورة إلى شيوع الفوضى في اليمن مع ما يمثله موقعها من أهمية لها أبعاد ثلاثة: الممرات المائية، الجوار للخليج، والمملكة العربية السعودية خاصة، وكذلك الجوار الإفريقي، أي أن المصالح الدولية المرتبطة باليمن كثيرة وأن تفكك الدولة اليمنية يعني ارتفاع تكلفة حماية المصالح، ومن ثم فإن المحافظة على وحدة الدولة اليمنية تغدو مصلحة مشتركة محليا وإقليميا ودوليا.
يمكن القول أن هناك تحولا واردة إقليمية دولية لإنهاء الأزمة سلما أو حربا.
بقي القول أنه وبشأن المؤتمر الشعبي، وعلى الرغم من الجهود المبذولة لتوحيده وكونه تنظيما مقبولا إقليميا ودوليا، الا أن ذلك لم يقع ومن ثم فرفض تمثيله في المشاورات، رسالة له بأن عليه أن يكون ضمن الشرعية والعمل مع الرئيس هادي ، وإلا فسيتم تجاوزه.

 


الخلاصة:
حديث السفير الأمريكي، وحديث المبعوث الأممي، وانعقاد مؤتمر المرجعيات في الرياض وبيان الأمانة العامة لمجلس التعاون الخليجي تؤكد جميعها أن هنالك تحولا إقليميا دوليا إيجابيا أكثر من أي وقت مضى، وهو ما يضاعف المسؤولية الوطنية على الشرعية في استثمار هذا الوضع (السياسي) المواتي للدفع بالمشروع الوطني الجامع وتوحيد اليمنيين من حوله.