السبت 27-04-2024 13:42:51 م : 18 - شوال - 1445 هـ
آخر الاخبار

انقلاب21 سبتمبر.. نكبة كبرى وخنجر مسموم في جسد الشعب اليمني

الأحد 24 سبتمبر-أيلول 2023 الساعة 04 مساءً / الإصلاح نت - خاص

 

"نكبة كبرى، وخنجر مسموم في جسد الشعب اليمني"، هكذا وصَفَت الحكومة اليمنية في بيانها، بمناسبة ذكرى 21 سبتمبر المشؤوم، الذي سيطرت فيه المليشيا الحوثية على الدولة، وحولت اليمن إلى أسوأ كارثة إنسانية في العالم، وجلبت معها كل المآسي والأوجاع والويلات على الشعب اليمني في مختلف المحافظات.

لقد باتت "نكبة 21 سبتمبر"، صفحة سوداء في تاريخ اليمن وسبب لمعاناته التي لا حدود لها، حيث تغيرت فيه حياة اليمنيين رأسًا على عقب، وتدهورت الأوضاع المعيشية والاقتصادية بصورة مرعبة، وباتت تمثّل جرح غائر يتذكرها اليمنيون، باعتبارها السنوات الأسوأ في تأريخ اليمن، حين انتصر الإقصاء على الشراكة، والقبح على الجمال.

21 سبتمبر، بقعة سوداء، وحقبة هي الأسوأ في تاريخ اليمن المعاصر، ولذا سيظل ذكرى سيئة، ويوم أسود على كل يمني، حين سيطرت عصابة مسلحة على العاصمة صنعاء، واحتلت مؤسسات الدولة، ومقار الجيش والآمن، وقوضت السكينة والاستقرار، وجرّت البلاد لحروب عبثية راح ضحيتها ملايين القتلى والجرحى والنازحين.

لقد اجتاحت المليشيا المدعومة من إيران في ذلك اليوم المشؤوم، العاصمة صنعاء، وأسقطت مؤسسات الدولة اليمنية، المدنية والعسكرية، وحاصرت الرئيس السابق عبدربه منصور هادي والحكومة، ليعلن بعدها ملالي طهران السيطرة على العاصمة العربية الرابعة صنعاء، بعد سيطرتهم على بغداد ودمشق وبيروت.

 

عودة فلول الإمامة

لقد حمل ذكرى الانقلاب الحوثي في 21 سبتمبر 2014، الطابع السلالي العائلي لتعيش اليمن أسوأ مرحلة في تاريخها السياسي، والاجتماعي، والاقتصادي، منذ انطلاق العهد الجمهوري الذي تعاظم في نفوس اليمنيين عندما عاشوا نسخة الإعادة الإمامة القديمة الجديدة.

وحسب مراقبون، فإن 21 سبتمبر لم يكن مجرد انقلاب على سلطة شرعية حاكمة فحسب؛ وإنما انقلاب على أكثر من نصف قرن من النظام الجمهوري، وارتداد بعض القوى والشخصيات السياسية والعسكرية عن الجمهورية، وانخراطها في مشروع الحوثيين الاستبدادي الكهنوني لدرجة لم يكن الحوثيون أنفسهم يتوقعونها.

وقد اختار الحوثيون، أن يكون الإنقلاب في شهر سبتمبر كمحاولة لطمس معالم ثورة 26 سبتمبر الذي لم يكن مجرد تاريخ ثورة فحسب، بل ميلاد وجودي لكل شيئ من العدم، ولذا يتذكر اليمنيون هذا التاريخ الأسود، الذي حولت المليشيا الحوثية فيه اليمن إلى شلال دم، لم يجف نزيفه حتى اليوم.

ولا شك أن اليمنيين قد دفعوا ضريبة قاسية جراء هذه الانقلاب، الذي نجحت فيه فلول الإمامة في الانقضاض على عاصمة اليمنيين، بعد أن يئست عن فعل ذلك عام 1968، بعد حصار صنعاء، والذي انتهى بسقوط أحلام الإمامة في هزيمة مشروع الثورة الوليدة، واليوم يدفع اليمنيون جميعا ويلات هذا الانقلاب الذي مثل طعنة في خاصرة اليمن والمنطقة.

 

مآس خلّفها الانقلاب الحوثي

لقد خلّف الانقلاب الحوثي مآس كارثية بحق اليمنيين. ولذا ويؤكد مراقبون، أن الحقيقة الناصعة والواضحة كوضوح الشمس في سماء صافية أن كل معاناة عاناها أو يعانيها اليمنيون سببها نكبة 21 من سبتمبر، ولن تزول الغمة عن اليمنيين إلا بزوال هذه النكبة، والتي يشكل بقاؤها نذير معاناة وخراب.

وبالنظر إلى ما خلفه الانقلاب الحوثي بحق اليمنيين، فقد خلفت نكبة 21 سبتمبر، 6 مليون نازح ومشرد، وأكثر من 80% يعيشون تحت خط الفقر المنتشر، في ظل ثروات منهوبة، ونساء مختطفات، وأطفال في الجبهات، ومناهج طائفية، وصحفيين تحت تهديد الإعدام، وأوبئة مستوطنة في أجساد اليمنيين، ناهيك عن سرقة المرتبات، وقتل على الهوية، مصادرة مؤسسات وشركات خاصة، بيع المشتقات النفطية في السوق السوداء، وفقا لوكيل وزارة العدل فيصل المجيدي.

إضافة إلى ذلك، فقد عمدت المليشيا على إنتاج الحروب والأزمات والمآسي والتشظي والانقسام، وزرعت الفوضى في كل مناطق سيطرتها، وخلفت أسوأ انتهاكات لحقوق الانسان كمًا ونوعًا، واستهدفت تدمير حياة الاطفال وجندت عشرات الالاف منهم، وزرعت ملايين الألغام، وفقا لوزير الإعلام اليمني معمر الإرياني.

بالتوازي مع ذلك، انتهجت ميليشيا الحوثي سياسة إفقار وتجويع لليمنيين في محاولة لإذلالهم وإخضاعهم، عبر قطع المرتبات وفرض الجبايات والاتاوات والنهب والسطو المسلح، وانعدام فرص العمل والتعليم، وإيجاد اقتصاد مليشياوي موازٍ ومتحكم من خلال تدمير الاقتصاد الوطني واستهداف البيوت التجارية.

كما سلبت مليشيا الحوثي منذ انقلابها المشؤوم من اليمنيين حياتهم وأرواحهم وأمنهم وغذائهم ومستقبلهم ومزقت نسيجهم الاجتماعي المتماسك، عبر تغذيتها النزعات المناطقية والعنصرية والمذهبية والعرقية، وسعيها من خلال المدارس والمناهج وتطييف التعليم ودور العبادة بالقوة والعنف، لتجريف الهوية الوطنية، ورهن اليمن بيد إيران.

 

عظمة 26 سبتمبر

وبالنظر إلى شلال الدم الذي خلفه الانقلاب الحوثي بحق اليمنيين منذ الانقلاب وحتى اليوم فإن الـ 21 من سبتمبر يعد مذبحة يصعب على اليمنيين نسيانها، فبعد تسع سنوات لا تزال المليشيا الحوثي تفتك باليمنيين قتلا واختطافا وتشريدًا.

لكن رغم ظلام الواقع، إلا أن النور الذي يراه اليمنيون ينبعث من ثنايا هذه النكبة، خصوصًا للجيل الذي لم يعايش عهد الإمامة، حيث كان الكثير يجهل عظمة ثورة 26 سبتمبر، حتى أطل الحقد الإمامي من جديد عبر هذه الفئة السلالية المتمثلة بالحوثية الإمامية الكهنوتية، الحاقدة على الأرض والإنسان، ليفتح اليمنيين أعينهم على عظمة تلك الثورة الخالدة.

لقد شعر اليمنيون جميعًا بعظمة ثورة الـ 26 من سبتمبر المجيدة، وعظمة رجالها وأبطالها، من خلال التذكير بأدوارهم الخالدة التي غيرت مجرى التاريخ المظلم، حين انتصروا على أحقر نظام ظلامي عرفه الوطن العربي، قبل أن تعاود الكرّة بالتآمر على الثورة ومنجزاتها وعلى الثوار وتشويه تاريخهم الناصع، حتى استطاعوا تحقيق مبتغاهم بالانقلاب على ثورة الشعب المجيدة في يوم نكبتهم الكبرى 21 سبتمبر.

لقد انتقم الإماميون في نسختهم الجديدة مليشيا الحوثي من اليمنيين، من خلال نكبة 21 سبتمبر، وجعلوها منطلقًا لأحقادهم الدفينة، ورغبتهم المريضة في اختطاف دولة اليمنيين وجمهوريتهم، حين أجهزوا على كل مقومات الحياة، وصادروا حرية الإنسان، وجعلوها نقطة هدف لدمويتهم ومشروعهم الإرهابي، ولأجل ذلك بات الوعي يتراكم يومًا بعد أخر بعظم ثورة 26 سبتمبر، وباتت الاحتفالات تتزايد بهذه الثورة التي غيرت مجرى التاريخ اليمني المعاصر.

 

مقاومة مستمرة

ورغم المآسي التي خلّفها الانقلاب الحوثي على الدولة؛ إلا أن اليمنيين لم يستسلموا للانقلاب الحوثي، الذي وصفه القيادي الإصلاحي المختطف في سجون المليشيا محمد قحطان بأنها "انتفاشة ستتلاشى"، ولذا قال الشعب كلمته منذ اليوم التالي للانقلاب، حيث تحركت في صنعاء مجاميع شعبية وطلابية رافضة للانقلاب.

وشهدت العاصمة صنعاء، وعدة محافظات يمنية، عدة مظاهرات جماهيرية حاشدة، رفضًا لانقلاب مليشيا الحوثي على الدولة، وهو الأمر الذي دفع بالمليشيا إلى إعلان "حالة الطوارئ"، وفرقت مظاهرات عدة واستخدمت الرصاص الحي لمواجهتهم.

كما تنوعت مظاهر الرفض المجتمعي للمليشيا، حيث تنوعت بين العمل الشعبي السلمي المتمثل بالمسيرات الجماهيرية الحاشدة، مرورا بالمواجهات والانتفاضات المسلحة، وإعلان المقاومة الشعبية في عدة مناطق يمنية، أبرزها مطارح مأرب التي كانت شرارة المقاومة الشعبية الرافضة لانقلاب مليشيا الحوثي على الدولة، وصولا إلى تشكيل الجيش الوطني.

إضافة إلى ذلك، شهدت عدد من المحافظات اليمنية، تشكيل مقاومة شعبية، وقيام انتفاضات مسلحة في يريم والرضمة وبعدان والشعاور والأهمول والشعر والقفر بمحافظة إب، إضافة إلى مقاومة في عتمة ذمار، حيث استمرت طلائع المقاومة في تلك الجبهات تؤدي دورها في مواجهة المليشيات رغم فارق العدة والعتاد.

كما تواصلت الانتفاضات القبلية ضد المليشيات الحوثية، حيث كانت انتفاضة القبائل في حجور بمحافظة حجة منتصف 2019، هي الأكبر، حيث استمرت المواجهات نحو شهرين، صمد خلالها ابطال قبائل حجور وسطروا مواقف بطولية كبيرة في مواجهة الجحافل الحوثية في شمال غربي البلاد.

كما تواصلت الانتفاضات الشعبية ضد المليشيات الحوثية، بالبيضاء وتحديدا في قبائل ردمان آل عواض، كما ثارت قبائل قرية خبزة بمديرية القريشية، واندلعت مواجهات مسلحة بين القبائل والمليشيا الحوثية، إثر رفض القبائل لسيطرة المليشيات على مناطقهم.

وهكذا تنوعت مظاهر الرفض الشعبي والمجتمعي للمليشيات الحوثية، بعد تسعة أعوام من الانقلاب، حيث ظلت هذه المظاهر الرافضة للانقلاب الحوثي توصل رسالتها للعالم بالرفض الكامل والمطلق للمشروع الحوثي، الذي كان له تداعيات كارثية في جميع مناحي حياة اليمنيين.

كلمات دالّة

#اليمن