الإثنين 29-04-2024 10:42:25 ص : 20 - شوال - 1445 هـ
آخر الاخبار

11 فبراير.. الإنجاز والتحدي

الأحد 13 فبراير-شباط 2022 الساعة 05 مساءً / الإصلاح نت - خاص - عبد العزيز العسالي

 


إطلالة تاريخية:
هذه الإطلالة الموجزة نستعرض فيها تاريخ ثلاث ثورات لدول عظمى هي بريطانيا وأمريكا وفرنسا.

الهدف هو:
- أن يقف القارئ على أسباب وعوامل نجاح الثورات وأسباب تعثرها، ويعي أن الثورات السلمية اللاعنفية تحتاج غالبا إلى مزيد من الوقت لبلوغ أهدافها.
- أن يستنتج القارئ الأسباب التي أعاقت ثورة 11 فبراير السلمية أولا، ثم يقرر ما يراه تجاه الثورة الشبابية السلمية.
كما أننا سنشير سريعا إلى منجزات ثورة 11 فبراير.

أولا، بعض من تاريخ الثورات العالمية

1- بريطانيا:
قامت الثورة في بريطانيا عام 1644م، لكن الملك أعلن الحرب ضد الثورة استمرت ست سنوات.

- انتصرت الثورة فأعلنت نظاما جمهوريا عام 1650م واستمر عامين.

- فوجئ الثوار بإعلان الرئيس توريث الحكم لولده فانتفض الشعب وأطاح بالرئيس والنظام الجمهوري.

- عادت الملكية ووافق الملك الجديد على انتخاب برلمان.

- رفض الملك أي تشريعات يصدرها البرلمان ودخلت بريطانيا حربا استمرت حتى عام 1688.

- استمرت الحرب أربعة عقود وسنتين.

الإصلاح الوقائي:

تحرك سبعة تجار كبار إلى هولندا وطلبوا من ابنة الملك (ولي عهد بريطانيا) زوجة ولي عهد هولندا أن تدرك المملكة، فتحركت بأسطول حربي مع زوجها فانقسم جيش بريطانيا وانضم قسم كبير منه إلى أسطول البنت.

- ولي العهد وزوجها أعلنا مملكة دستورية وأصبح الشعب هو مصدر القرار التشريعي والسلطة التنفيذية، فاستقرت بريطانيا إلى اليوم.

2- أمريكا:
أصدر ملك بريطانيا تعليمات لرجالاته في أمريكا بفرض زيادة في الضرائب على الأمريكيين، ولم تفلح توسلات شعب أمريكا لدى ملك بريطانيا.

- قامت الثورة في أمريكا ضد الاحتلال البريطاني وأعلنت نظاما جمهوريا.

- ظهر عملاء للاحتلال لكن الدولة فرضت القانون، خلال ثمانية أعوام، واستقر الأمر.

3- فرنسا:
كان الشعب الفرنسي يريد مملكة دستورية فانتخب الشعب برلمانا.

- كان الملك لويس يرسل حراسته إلى البرلمان لطرد الأعضاء.

وحسب المؤرخ الانجليزي إيريك هوبزباوم، فإن الشعب الفرنسي كان يحمل تقديرا عظيما للملك، حتى استقر في الثقافة الشعبية أن بقاء الملك يعتبر جزءا من الثورة، بل استقر في الثقافة الشعبية أن طرد الملك يعتبر تآمرا على الثورة.

- أمعن الملك في عناده غير مبال بالشعب.

لم يسكت شعب فرنسا إزاء ذلك الاستلاب والغرور المستعلي على الشعب فدخلت فرنسا في حرب طاحنة قرابة 80 عاما.

الخلاصة:

- ولية عهد بريطانيا التقت في منتصف الطريق مع الشعب.

- جورج واشنطن طرد الاحتلال بجيش وطني لكن جيش أمريكا يومها كان يتمتع بالولاء والانتماء الوطني فوقفت القيادة بقوة ضد ضعفاء النفوس وعملاء الاحتلال وكل العناصر المفسدة.

- ترسخ الأمن والاستقرار خلال ثماني سنوات.

- ملك فرنسا ركب رأسه فاحتقر الشعب الذي يكن له كل التقدير والاحترام.

- النتيجة حرب طاحنة ظلت ثمانية عقود.

ثانيا: واقع ثورة 11 فبراير

الناظر بعين الموضوعية يمكنه تقسيم واقع ثورة 11 فبراير السلمية إلى فترتين: الفترة الأولى هي فترة حكومة الوفاق الوطني، ففي هذه الفترة يشهد العقلاء أن حكومة الوفاق -التي جاءت بها الثورة السلمية- قدمت إنجازات لافتة للنظر رغم المعوقات، والتي منها حملات الإعلام الزائف المأجور.

نماذج للإنجاز:

- يمكن القول أن ثورة فبراير السلمية أنجزت جزءا كبيرا من مهمتها بنقل السلطة وانتخاب رئيس توافقي وتشكيل حكومة وفاق وطني من كل الاحزاب دون إقصاء أحد، وعلى إثرها بدأت عجلة التنمية والإصلاحات في الدوران.
- استمر الدولار في السعر الثابت 215 ريالا.
- انتظام خدمتي الغاز والبترول بلا طوابير.
- تم اعتماد 63 ألف وظيفة في مختلف المرافق.
- تسليم الحقوق وإطلاق الترقيات والتغذية التامة لكل منتسبي وزارة الداخلية.
- اعتماد عدد غير عادي من المباني المدرسية في كثير من المديريات.
- اعتماد رواتب (30 ألف ريال كحد أدنى) لجميع عمال النظافة.
- تعديل صفقة الغاز لصالح اليمن وإعادة الدور الريادي لميناء عدن.

مخرجات الحوار الوطني:

الحقيقة أن هذه أهم المنجزات الوطنية التي غدت إحدى المرجعيات المتفق عليها محليا وإقليميا ودوليا في حل مشكلة الانقلاب المليشياوي السلالي، وهذا أضخم منجز في إصلاح النظام السياسي على المستوى النظري.

منجز أعظم:

وفوق وقبل وبعد كل ما سبق هناك منجز أعظم بلا نزاع، بل هو منجز غير مسبوق صنعته ثورات الربيع العربي عموما ومنها ثورة الـ11 من فبراير الشبابية الشعبية السلمية، وهو المنجز المتمثل في كسر حاجز الخوف لدى الشعب وتأكيد حقه الطبيعي والشرعي والقانوني في اختيار حكامه وتغييرهم.

بدلات المعلمين:
قدمت حكومة الوفاق الوطني النسبة المتوسطة من تلك الحقوق والبدلات نظرا لشحة الموارد.
المنصفون يجزمون أن حكومة الوفاق لو ظلت في موقع القرار لقدمت الكثير،
والعقلاء يدركون أن حكومة الوفاق الوطني كانت تشق طريقها بخطى ثابتة كالسيل الذي يشق طريقه وسط ليل كالح السواد.

الفترة الثانية:
فترة الانقلاب الإرهابي المليشياوي على الشرعية والنظام الجمهوري، حيث دخل الوطن بعمومه في ليل السلالية الإرهابية الحوثية، بيد أن تجربة مقاومة الانقلاب الحوثي والتصدي له طوال سبع سنوات أفرزت من جانبها منجزات غير عادية أبرزها:

- إعادة إعمار وتطوير بعض المحافظات التي ظلت مهملة لعقود كمأرب وحضرموت وشبوة والمهرة وتعز. ففي محافظة مأرب على سبيل المثال أعيد استكمال بنيتها التحتية كالكهرباء وسفلتة الشوارع والتخطيط الحضري وبناء الجامعة وعدد من المدارس. كما استوعبت مأرب مئات الآلاف من النازحين وغدت ملاذا آمنا لملايين اليمنيين الهاربين من ظلم وجبروت الانقلاب الحوثي.

وبالمثل محافظة شبوة التي حققت الكثير من الإنجازات التنموية، ومثلها محافظات حضرموت والمهرة وتعز رغم الحصار المفروض عليها منذ بداية الحرب الحوثية الجائرة.

- أيضا تم بناء جيش وطني على أسس وطنية سيمثل نواة لجيش اليمن الاتحادي بعون الله.
هذه منجزات تحققت في ظل الحرب التي أشعلها الانقلاب الحوثي ضد الشعب منذ سبع سنوات.

التحديات:

التف الشعب اليمني حول الشرعية السياسية وسط الأعاصير المختلفة وظل يكافح ولا يزال، وسيظل الحاضنة الوطنية للجيش الوطني وشرعيته السياسية.
التفاف الشعب بكافة رجاله ونسائه حول الشرعية السياسية وجيشها الوطني هو موقف يستحق كل الثناء والتقدير، على أن الثبات والاصطفاف حول الشرعية والجيش الوطني يظل هو خيار الضرورة الذي لا محيص عنه.

وتبرز أحد أهم التحديات في ضرورة مواجهة الانقلاب الحوثي فكريا وسياسيا بالتوازي مع مواجهته عسكريا وعدم السماح له بتغيير عقيدة الولاء الوطني الجامعة إلى الولاءات الضيقة باسم الولاية والاصطفاء وغيرها من الخرافات والانحرافات التي تزيد في تمزيق النسيج الاجتماعي والثقافي للشعب.
أضف إلى ذلك فإن من المهم دعم الجيش الوطني بالمال والسلاح والخبرات اللازمة لاستكمال التحرير حتى تنصاع المليشيات الإرهابية الانقلابية للشرعية الدولية والشرعية السياسية ويستعيد الشعب دولته.

الشكر للتحالف:
إزجاء شكر وتحايا الشعب إلى التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية ومناشدته استكمال الدور المنوط به ضمن توجهات "عاصفة الحزم" و"إعادة الأمل" كواجب أخوي يفرضه الجوار والمصير المشترك في مواجهة التغول الفارسي والانقلاب الحوثي وإمداد الجيش بالسلاح ودعم الاقتصاد الوطني لتحسين حياة اليمنيين.

إن الوعي الشعبي بأهمية مقاومة الانقلاب الحوثي وإسقاطه واستعادة الدولة والشرعية وتوحيد الصف الوطني ضمن جهود التحالف كفيل بمواجهة التحديات والمعوقات وتجاوزها والتصدي للمد الإيراني وإسقاط الانقلاب الحوثي السلالي وإعادة الوطن إلى حضن الجمهورية.

كلمات دالّة

#اليمن