السبت 27-04-2024 20:08:25 م : 18 - شوال - 1445 هـ
آخر الاخبار

ضرورة أمنية.. هذه فوائد تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية

الجمعة 29 يناير-كانون الثاني 2021 الساعة 01 مساءً / الإصلاح نت-خاص / عبدالسلام الغضباني
 

 

تفاعل اليمنيون بشكل غير مسبوق، على مواقع التواصل الاجتماعي، مع قرار الإدارة الأمريكية بتصنيف مليشيات الحوثيين منظمة إرهابية، ويمثل ذلك التفاعل أبلغ رسالة احتجاج على ممارسات الحوثيين الإرهابية أراد اليمنيون إيصالها للعالم أجمع، خاصة بعد أن أعلنت الإدارة الأمريكية الجديدة أنها بصدد مراجعة قرار الإدارة السابقة بشأن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية، ومفاد الرسالة التي أوصلها اليمنيون للعالم وتصدرت الترند العالمي، أن تصنيف الحوثيين إرهابيين يجب أن يكون نابعا من ممارسات الحوثيين ومعاناة اليمنيين جراء ذلك الإرهاب، وليس مادة للسجال السياسي والمماحكات بين الإدارة الأمريكية الجديدة والسابقة بعد تنصيب المرشح الفائز في الانتخابات الأخيرة، جو بايدن، رئيسا للولايات المتحدة.

وإذا كان تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية من شأنه إعادة تعريف الصراع في اليمن وتسمية الأشياء بمسمياتها الحقيقية، وجعل إرهاب الحوثيين تحت مجهر المراقبة والإدانة الدولية، فإن ذلك من شأنه أيضا الحد من ذلك الإرهاب وتحجيمه وتضييق الخناق عليه بأساليب شتى، حتى وإن تعمدت مليشيات الحوثي مواجهة ذلك بمزيد من الإرهاب لابتزاز المجتمع الدولي بممارساتها الإرهابية أملا منها في أن يتراجع عن ذلك التصنيف، لكن ذلك سيكون بمثابة انتحار لها، ذلك أنه في حال بالغت من ممارساتها الإرهابية فإنها ستدفع المجتمع الدولي إلى تشكيل تحالف عسكري للقضاء عليها، كما حصل من قبل عندما جرى تشكيل تحالف دولي للقضاء على تنظيم "داعش" الإرهابي، بعد سيطرته على مساحات كبيرة في العراق وسوريا، وأمعن في جرائمه الإرهابية.

أما التحذيرات التي يطلقها البعض بخصوص ما سيترتب على تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية من أضرار على العمل الإغاثي، فهي لا تعكس مخاوف حقيقية على المحتاجين للمساعدات، وإنما تعكس مخاوف من فقدان مصالحهم المرتبطة باستمرار العمل الإغاثي وما يتخلله من نهب وفساد وتقاسم لمعظم أموال المساعدات بين القائمين على المنظمات الإغاثية وقيادات في مليشيات الحوثي الإرهابية، كما أن ما يصل للمواطنين من مساعدات فهي لا ترقى إلى حجم الكارثة التي تسبب بها الحوثيون، ومعظم المساعدات التي تُصرف فهي تذهب لصالح مقربين من قيادات حوثية، وأحيانا تستخدم المساعدات لا بتزاز المحتاجين من خلال مقايضتهم بالمساعدات مقابل الدفع بأفراد من أسرهم للقتال في صفوف المليشيات الحوثية.

ومهما يكن، فالمؤكد هو أن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية سيكون له انعكاسات إيجابية على الصراع في اليمن، وفيما يلي أهم فوائد ذلك التصنيف:

- جعْل المليشيات الحوثية تتآكل من داخلها

لا شك أن تصنيف المليشيات الحوثية منظمة إرهابية سيجعل سمعتها في الحضيض، وسينفر منها كثير ممن اختاروا الوقوف إلى جانبها أو أُجبروا على ذلك، هروبا من نظرة المجتمع لهم والتعامل معهم بصفتهم إرهابيين، وخوفا من التعرض للمساءلة والملاحقة بعد انتهاء الحرب، والخوف من العراقيل في حال السفر بالنسبة للقيادات، حيث سيكون كل قيادي أو "مُشرف" حوثي متهم بالإرهاب، وسيتم معاقبته وفقا للإجراءات القانونية المتعلقة بمكافحة الإرهاب.

- تجفيف المنابع المالية

صحيح أن المليشيات الحوثية تعتمد كثيرا على النهب والجبايات بمسميات شتى، وفي مقدمتها "المجهود الحربي"، لكن تصنيفها منظمة إرهابية سيؤثر كثيرا على الدعم الذي تتلقاه من الخارج، وسيفرض قيودا كبيرة على التحويلات المالية إلى اليمن، علما بأن كافة المليشيات الطائفية التابعة لإيران في عدة دول عربية لديها استثمارات في الخارج عبر وكلاء وتجار لم يتورطوا في أنشطة سياسية علنية داعمة للمليشيات لتجنب الرقابة والمساءلة، ويديرون شركات تتبع المليشيات وتتولى عمليات غسيل الأموال لقادتها، وهناك شبكة كبيرة تدار لتمويل المليشيات بالأموال والأسلحة وتهريب الحشيش والمخدرات والإتجار بها، نظرا لسهولة تهريبها وعائداتها المالية الكبيرة وتأثيراتها النفسية على السكان في مناطق الصراعات.

- الحد من تهريب السلاح

تصنيف المليشيات الحوثية منظمة إرهابية سيجعل حدود اليمن البرية والبحرية تحت رقابة دولية مشددة للحد من تهريب السلاح للمليشيات، خاصة أن تهريب السلاح من إيران للحوثيين بأساليب تمويه مختلفة شكّل أبرز عوامل استمرار الحرب وتشجيع المليشيات على مواصلة تمردها وحربها على اليمنيين واستهداف السعودية وتهديد طريق التجارة الدولية المارة عبر مضيق باب المندب، ولذا فإن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية سيحد من تهريب السلاح، وسيجبر أي دولة أو منظمة أجنبية على تحاشي تهريب السلاح أو بيعه لهم، تجنبا لعقوبات دولية بتهم تسليح الجماعات الإرهابية ودعمها، وما قد يترتب على ذلك من عقوبات، كما أن التصنيف سجعل الأساطيل والسفن الحربية التابعة لعدة دول، والتي تنتشر في البحر الأحمر والبحر العربي بالقرب من مضيق باب المندب، تشدد من الرقابة على تهريب السلاح للحوثيين، وبذلك فإنهم سيفقدون أهم مصادر استمرارهم في الحرب.

- تحجيم الممارسات الإرهابية

سيضطر الحوثيون إلى التخفيف من ممارساتهم الإرهابية بحق الدولة والمجتمع، في حال شدد المجتمع الدولي الخناق عليهم، وهددتهم الدول الكبرى بتشكيل تحالف دولي لاستئصالهم، كما أن محاصرتهم ومنع تهريب السلاح لهم سيحرمهم من استمرار امتلاك أدوات العنف والإرهاب، أي أن تصنيفهم إرهابيين سيجعلهم يخففون من ممارساتهم الإرهابية، وإذا اشتد الخناق عليهم أكثر وشعروا بقرب نهايتهم، فإنهم سيتخلون عن العنف نهائيا، في مسعى لإظهار حسن النوايا ومحاولة تغيير الصورة النمطية التي تشكلت عنهم بفعل ممارساتهم الإرهابية منذ بدء الحرب قبل نحو سبع سنوات.

- التخفيف من التجنيد

تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية سيدفع كثيرا من سكان المناطق التي تمثل حاضنتهم الاجتماعية للإحجام عن القتال في صفوفهم، وسيدفع بعض المقاتلين في الجبهات لترك القتال في صفوف جماعة إرهابية، خشية من وصم المجتمع لهم بالإرهاب، وخوفا من احتمال ضربات جوية عنيفة ومباغتة من قبل تحالف دولي قد يتشكل فجأة وبدون سابق إنذار تحت لافتة الحرب على الإرهاب، وبالتالي فإن ذلك سيجعل المليشيات الحوثية تضعف تدريجيا، مما قد يدفعها لمراجعة حساباتها والانخراط في الحل السياسي للأزمة.

- احتواء التهديدات الأمنية

قد تغامر مليشيات الحوثيين بشن مزيد من الهجمات والتصعيد في عدة جبهات، سواء داخل البلاد أو في جبهات الحد الجنوبي للسعودية، لإظهار عدم مبالاتها بقرار تصنيفها منظمة إرهابية، وأيضا لاختبار ردود الفعل على أسلوب التصعيد، أملا منها في جعل مزيد من الإرهاب وسيلة للابتزاز، لكنها ستكتشف أن ذلك بمثابة انتحار بعد أن تتوالى ردود الأفعال التي قد تصل لشن هجمات مركزة ومباغتة على مواقعها من قِبَل دول كبرى أو التلويح بذلك، وسرعان ما ستتراجع الجماعة عن التصعيد، وسيكون من أهم فوائد تصنيفها منظمة إرهابية احتواء التهديدات الأمنية التي تشكلها، لعدم قدرتها على مواجهة تبعات ذلك.

- الدفع بالعملية السياسية

إن تصنيف مليشيات الحوثيين منظمة إرهابية، سيجعلها أمام خيارين لا ثالث لهما، فإما التصعيد ومواجهة المجتمع الدولي، ونتيجة ذلك الخسران المبين، وطي صفحتها للأبد، وإحلال السلام والعملية السياسية مكان الحرب، أو القبول بالانخراط في الحل السياسي للأزمة وتسليم السلاح الثقيل للدولة، وسيكون هذا الخيار هو الأقل كلفة للمليشيات الحوثية، خاصة بعد أن تشعر أن المواجهة العسكرية الحاسمة ليست في صالحها، بل فحتى لو كان بمقدورها حسم المعركة لصالحها، فهي لن تفعل ذلك، لعلمها بأن المجتمع الدولي لن يسمح بأن تنفرد جماعة إرهابية بحكم دولة لخطورة ذلك على أمن المنطقة والعالم وطريق التجارة الدولية عبر مضيق باب المندب، أي أن كل خيارات الحوثيين لمواجهة تصنيفهم منظمة إرهابية ستفضي للدفع بالعملية السياسية قدما للأمام، ما يعني أن ذلك التصنيف والتعامل مع الحوثيين وفقا لمقتضياته، يعد "ضرورة أمنية" لليمن والمنطقة والعالم أجمع.

كلمات دالّة

#اليمن