الأحد 28-04-2024 11:30:10 ص : 19 - شوال - 1445 هـ
آخر الاخبار

إصلاح الخطاب الإسلامي.. النتائج، الآثار، الحل (الحلقة 3-5)

السبت 14 نوفمبر-تشرين الثاني 2020 الساعة 08 مساءً / الاصلاح نت -خاص / عبد العزيز العسالي

 

أولا- النتائج:

1- رزح العقل المسلم في نفق الجمود.. راسفا في أغلال التقليد طيلة 800 عام.

2- أفاق العقل المسلم على مدافع نابليون وسايكس بيكو التي قسمت العالم العربي بين دول الغرب الصليبي ووجد العقل المسلم نفسه أمام اقتصاد صناعي وتكنولوجي فانبهر متسائلا: أين كنا؟ ماذافعلنا؟ كيف انطلق الغرب؟

ولأن العقل المسلم بعمومه قد اندفن في وهاد التقليد قرونا وخلد إلى رماد التقليد ولم يعد له صلة تذكر بأصول حضارته، فقد انشطر فصيل منه باحثا عن الذات في ثقافة الآخر.. مهرولا لا يلوي على شيء، ناقما على التقليد والجمود فانتقل من الرمضاء إلى النار، فوجد الثقافة الوافدة تعيش قطيعة بل وعداء للماضي والمعركة محتدمة الثأر، مستعرة في جحيمها ضد الماضي.. هنا وجد العقل المسلم الهارب من ماضيه شكلا من وجوه الإجابة على تساؤلاته فذاب مع الثقافه الغربية مستهلكا- امتص تلك الثقافة أشبه بالإسفنجة حتى الثمالة.. وهيهات للعقل المنبهر المستهلك أن يمتلك أدنى أدوات التمييز فالماضي كله بغيض.

3- هذا العقل الهارب لم يلتق عند معالم محددة للوعي الحضاري وإنما تشتت بين يسار قومي متعدد، ويسار ماركسي، وليبرالية ورأسمالية ويمين اليمين ويسار اليسار، ويمين الوسط، ويسار الوسط، يمين متطرف ويسار متطرف.

عقل فاقد بوصلة هويته.. فقط اتفق العقل الهارب على شيء واحد هو التوحل في الشهوات الحسية.

بالمقابل المحافظ رغم تشتته المذهبي والطائفي والجهوي والسلالي والقبلي اتفقوا على تقديس التراث حفاظا علي الذات من الذوبان فانغلقت واستعادت رماد الماضي.

4- بعد الثورات العربية والإسلامية ضد الاحتلال وضد المستبد المحلي تسلمت النخبة الوطنية زمام الحكم ففتحت باب ثقافة استهلاك منتجات الآخر رافعة شعارات براقة وطنية وديمقراطية ومدنية والحرية والحداثة والليبرالية والمساوة.. شعارات الصخب والعدم المنفوخ، حسب البردوني رحمه الله.

وعلى أرض الواقع كانت الممارسات عكس الشعار 100% تمثلت في الكفر بكرامة الإنسان وتدميره.

5 - تشظى العقل المحافظ غارقا في التيه والشتات متحدا عند التراث وخصوصا في مجال "تحصين الطغيان".. فالتقت العقليتان المقلدتان للوافد والموروث عند الكفر بإنسانية الإنسان وإن كانتا في الظاهر مختلفتين.

6- غيبوبة حضارية:
ارتكست عقلية النخبة في غيبوبة ذاوية في وهاد التقليد والجمود.

7- الآثار الخطيرة:

العقل المحافظ لم يكن على قدر المسؤولية.. وإنما كانت ردة فعله أخطر وأسوأ في حين أن الفضاء الثقافي العام لا زال مانحا ثقته للعقل المحافظ، ذلك أن فاقد الشيء لا يعطيه فقد كان أخطر مفهوم يردده العقل المحافظ هو الكفر بالسنن المتصلة بالنفس والاجتماع، وفي ذات الوقت يلعن الثقافة الوافدة ويستهلك منتجاتها.

 

الخلاصة:

تحددت أزمة الخطاب الإسلامي في محورين: الأول، الضبابية الفكرية والثقافية حول كرامة الإنسان وقدسيتها، والتي أدت إلى تمييع واضطراب الرؤية تجاه الإنسان تكريما وحرية وحقوقا كما تضمنها الوحي المعصوم.

والمحور الثاني، انقطاع فكري وثقافي تام مع نصوص القرآن والسنة الصحيحة التي أرست الأسس الراسخة لكرامة الإنسان، وفتحت الباب بصيغ مختلفة موجهة العقل إلى التعاطي مع السنن الحاكمة للكون والنفس والاجتماع.

 

النتيجة:

أصبح الإنسان يعيش بين التدمير أوالامتهان لكرامته، والسبب يعود إلى المدخلات الفكرية والفقهية والتشريعية، والخطاب الإسلامي التقليدي الذي نشأ في سياق ثقافي مغاير، حيث كانت فيه الكرامة الإنسانية مصونة كسلوك اجتماعي، بخلاف واقعنا الرازح تحت آلاف من وسائل الإعلام، قنوات وصحف ومجلات، والشبكة العنكبوتية التي أجهزت على ما تبقى.

وقبل ذلك كله سلطات تؤدي دورها بإتقان في إنتاج التخلف وحراسته، هذا من جهة، ومن جهة ثانية نجد الخطاب الإسلامي ملغوما بلغة تنضح جبرية تتردد على ألسن المجتمع والنخبة على السواء.. وينتهي الخطاب عند خلط عجيب مثل مقولة: عقيدتنا التسليم لمشيئة الله وقدره وإرادته.. فهو المعطي والمانع.. والأسباب كلها بيد الله، ويقفز الخطاب إلى الاستشهاد بآي القرآن والأحاديث مستندا إلى الأقوال الموروثة.

هذا الخلط تتخلله عصا الإرهاب الفكري والاستبداد السياسي وهنا توارت كرامة الإنسان أولا، وتميعت ثقافة التعاطي مع سنن الله في الكون والنفس والاجتماع ثانيا.

 

ثالثا- أفق العلاج:

سيكون العلاج من حيث تجسد المرض.. وهذا هو موضوع الحلقة الرابعة.. نلتقي بعونه سبحانه.

كلمات دالّة

#اليمن