الجمعة 26-04-2024 20:05:59 م : 17 - شوال - 1445 هـ
آخر الاخبار

معاناة تعز.. بين حصار المليشيا الحوثية وتفشي فيروس كورونا

الخميس 11 يونيو-حزيران 2020 الساعة 04 مساءً / الاصلاح نت-خاص- أسماء محمد

  

تتجدد المآسي في تعز عاما بعد آخر، بسبب استمرار الحرب فيها التي دخلت عامها السادس، والحصار الجزئي الذي ما زال مفروضا على أكثر من ثلاثة ملايين ونصف المليون نسمة يعيشون في هذه المحافظة.

فصول المعاناة في تعز تتنوع ما بين القتل والغلاء المعيشي والنزوح وتبعات الحصار والبطالة والفقر وأشياء أخرى كثيرة، لكن حدتها لا تخف، بل على العكس تزداد شراسة خاصة مع انتشار فيروس كورونا المستجد.

قصف وقتل

لم تتوقف مدافع مليشيات الحوثي عن العمل سواء في المعارك التي تثيرها من وقت لآخر، أو باستهداف المدنيين وقتلهم بالقذائف، أو عبر القناصة الذين استهدفوا الكثيرين بينهم أطفال خاصة في المناسبات السعيدة كالأعياد.

الأمر أيضا لم يتوقف عند ذلك الحد، فقد شهد هذا العام مجزرة أدانتها مختلف الدول، فقد استهدفت مليشيات الحوثي، في أبريل الماضي، السجن المركزي (عنبر النساء)، وأودى ذلك القصف بحياة خمس سجينات وطفلتين (5 و7 أعوام)، وإصابة أربع سجينات أيضا.

كانت هذه المجزرة واحدة من أبشع ما تعرضت له تعز خلال هذا العام، حيث ما زال استهداف المليشيات للمدنيين مستمرا، وكان آخر ذلك الاستهداف الذي حدث مطلع الشهر الجاري، إذ قتلت امرأة وأصيب ثلاثة أشخاص آخرون بينهم امرأة في مديرية المظفر بتعز، جراء سقوط قذيفة أطلقها الحوثيون.

وضع صحي متردي

يعد الجانب الصحي أحد أبرز الملفات الشائكة في تعز منذ بدء الحرب، وذلك بسبب تدمير وتأثر أغلب المستشفيات والمراكز المختلفة بسبب الحرب المستمرة حتى اليوم، وبرغم التعافي البسيط الذي حدث إلا أن ذلك غير كافٍ لتقديم الخدمات الطبية اللازمة لأكثر من 16 ألف جريح في مدينة يسكنها أكثر من 3 ملايين ونصف المليون نسمة.

يتفاقم الأمر أكثر مع انتشار فيروس كورونا في كثير من المحافظات، بينها تعز التي سجلت أكثر من 60 حالة إصابة به، والعدد أكبر من ذلك بكثير بسبب عدم توفر الفحوصات اللازمة للكشف عن الإصابة بالوباء، فضلا عن خوف الناس من الذهاب إلى المستشفيات خاصة إذا كانت حالتهم لا تستدعي ذلك.

تقف تعز وحيدة في مواجهة كورونا الذي يفتك بحياة العشرات في المدينة وريفها، وظلت حتى وقت قريب لا تمتلك الفحوصات اللازمة المتعلقة بالفيروس، وهي اليوم تواجه الوباء بحوالي 10 أجهزة تنفس صناعي فقط، اثنان منها في مركز العزل بالمستشفى الجمهوري بتعز وهو حكومي.

ونظرا لعدم التزام المواطنين بالحجر الصحي، واستمرار الحركة في المدينة، فمن المتوقع أن ترتفع أعداد الإصابات بفيروس كورونا بشكل أكبر، لكن الرهان يظل قائما على تراجع حدة الوباء الذي تتضارب نتائج الدراسات بشأنه.

وأصدرت السلطة المحلية بتعز مؤخرا قرارا بإنشاء صندوق لحشد الجهود التمويلية لمواجهة فيروس كورونا والأوبئة الأخرى، ويوضح المحافظ نبيل شمسان أنه تم اتخاذ هذه الخطوة لعدم كفاية الموارد المحلية والمخصصات المعتمدة من الحكومة والمقدمة من المنظمات الدولية المانحة، لتغطية الحد الأدنى من الاحتياجات الخاصة بالمحافظة التي فقدت أكثر من 95% من مواردها بسبب الحرب والحصار.

ويقول وزير الصحة العامة والسكان إن القطاع الصحي تضررت بنسبة 60% من منشآته في مختلف أنحاء البلاد. ما يعني أن الوضع مرشح للتدهور بشكل أكبر بسبب تزايد أعداد الإصابة بكورونا في المحافظات اليمنية.

وكغيرها من المحافظات، يعاني المواطنون في تعز من الحميات أبرزها حمى الضنك، خاصة مع استمرار انتشار القمامة وعدم التخلص منها بشكل منتظم، فضلا عن وجود مياه صرف صحي في الشوارع والأحياء، ما يؤدي إلى وجود البعوض الذي يتسبب بكثير من الأمراض كحمى الضنك.

انعدام الخدمات

تفتقر تعز إلى كثير من الخدمات الأساسية خاصة في بداية الحرب عام 2015، فقد عاش المدنيون محرومين من كل شيء، حتى الاتصالات، وتحسن الوضع بعض الشيء مع مرور الوقت.

فقد عادت خدمات الاتصالات والإنترنت، لكنها رديئة وتنقطع من وقت لآخر بسبب الكهرباء وغيره، بينما يصعب على عدد كبير من المواطنين الحصول على خدمات كتلك بسبب توقف بعض المؤسسات عن العمل أو تعطل ذلك بسبب الحرب وتبعاتها.

وحتى اليوم برغم تحرير المخا الخاضعة حاليا لقوات تابعة للإمارات والتي يوجد بها محطة المخا التي كانت تزود تعز بالكهرباء، إلا أن المحافظة لا تزال محرومة من تلك الخدمة حتى اليوم، ويعتمد المواطنون على الطاقة الشمسية التي تكلفهم كثيرا من المال.

أما المياه فهي مقطوعة في أغلب أحياء تعز، ويشتري المواطن الماء بمبالغ باهظة تصل أحيانا إلى 20 ألف ريال، وبعضها مياه غير صالحة للاستخدام بسبب ملوحتها العالية، أما مياه الشرب فيحصلون عليها من آبار عذبة بسبب توقف محطات التحلية.

وليس هذا فقط ما يعاني منه المواطن، فهو يفتقر لكثير من الخدمات التي يحتاجها، لكن تلك أبرزها لارتباطها المباشر وبشدة بحياتهم اليومية. ويشجع الوضع الحالي على استمرار فساد بعض القطاعات وتعرض المدنيين للإهمال بشكل أكبر.

فقر وبطالة

كانت تعز واحدة من أفقر المحافظات اليمنية برغم وجود قوى عاملة فيها وارتفاع نسبة التعليم، إلا أن تعرضها للإهمال خلال مدة حكم النظام السابق برئاسة علي عبد الله صالح، جعلها تعاني من ارتفاع نسبة الفقر والبطالة، واضطر كثير من أبنائها للعمل في مدن أخرى كصنعاء وعدن وغيرها.

وأدت الحرب إلى فقدان نحو 80% من القوى العاملة في اليمن وظائفها، وارتفاع نسبة الفقر إلى بشكل كبير فأصبح 82% من السكان بحاجة لمساعدات إنسانية، وتتأثر بكل ذلك تعز كثيرا.

ففي تعز يعيق الحوثيون من وقت لآخر دخول المساعدات الإنسانية إليها، كما يعتدون على العاملين في هذا المجال، وهم إن سمحوا بدخول بعضا منها فهو من أجل ألا يسبب لهم ذلك ضغوطا كثيرة أمام المجتمع الدولي، الذي هو في الأساس يغض الطرف عن جرائمهم منذ سنوات.

الحصار المستمر

وكما هو معروف فما تزال تعز حتى اليوم خاضعة للحصار الجزئي المفروض عليها، والذي يؤدي إلى ارتفاع الأسعار، وحرمان المواطنين من أشياء كثيرة بسبب صعوبات التنقل بسبب استخدام طرق فرعية.

زاد الأمر سوءا مع انتشار وباء كورونا، وتعمد المليشيات الحوثية فرض صعوبات على المواطنين، وعملت نقاط لجباية أموال غير قانونية من التجار، ما يعني ارتفاع الأسعار أكثر.

وتعد هيجة العبد هي منفذ تعز الوحيد حاليا، لكنه يتسبب بكثير من الحوادث بسبب عدم صيانته، فضلا عن الأمطار التي تؤدي إلى أضرار مختلفة فيه، وانقطاع المرور عبره في أحايين كثيرة.

كلمات دالّة

#اليمن #تعز