السبت 27-04-2024 11:47:42 ص : 18 - شوال - 1445 هـ
آخر الاخبار

انتحار عسكري.. القادة الميدانيون للمليشيات الحوثية في محارق الموت

الإثنين 11 مايو 2020 الساعة 12 صباحاً / الإصلاح نت - خاص / عبد السلام الغضباني
 

 

ازداد خلال الأشهر الأخيرة أعداد القتلى من القادة الميدانيين للمليشيات الحوثية في العديد من الجبهات، وتزامن ذلك مع التصعيد العسكري للمليشيات الحوثية بهدف إحراز تقدم عسكري يمكنها من تحقيق مكاسب سياسية وعسكرية، ضمن هدفها العام بمحاولة السيطرة على كل أنحاء البلاد وترسيخ الحكم الإمامي الكهنوتي، علما بأن بعض القادة الميدانيين الذين قتلوا مؤخرا تربطهم علاقات قربى بزعيم المليشيات عبد الملك الحوثي.

ويأتي هذا التصعيد من قبل المليشيات الحوثية بعد حشود وتجنيد مكثف تخللته تعبئة طائفية طوال العام 2019، الذي شهد نشاطا في الحشد والتعبئة أكثر من الأعوام السابقة، وتضمن ذلك إعداد قادة ميدانيين، ومن ثم الدفع بالجميع إلى الجبهات كمحارق لمعارك عبثية تسعى من خلالها المليشيات إلى تثبيت الحكم السلالي الطائفي العنصري، حتى وإن كان ذلك على جثث ودماء أكبر عدد من المغرر بهم أو المجبرين على الانخراط للقتال في صفوف المليشيات الحوثية.

- محارق الموت

شهدت الأيام الأخيرة ارتفاعا ملحوظا في عدد القتلى من القادة الميدانيين للمليشيات الحوثية، خاصة في جبهات مأرب والجوف، مما يعكس حجم الخسائر البشرية والمادية التي تتكبدها المليشيات الحوثية.

وأفادت مصادر إعلامية، السبت الماضي، بمقتل العديد من القادة الحوثيين الميدانيين، من بينهم أبو عبد الله الشاوش مهندس الألغام في جبهة صرواح، وأبو علي القاضي مشرف منطقة بحرة في مديرية نهم، وأبو هاشم الحمزي مشرف المليشيات الحوثية في الجوف، ومعه أبو مالك الحمزي المسؤول المالي ومسؤول الإمداد والتموين لجبهة الجوف.

وكانت مصادر عسكرية ميدانية قد أكدت مصرع ستة قادة ميدانيين من مليشيات الحوثي، بالإضافة إلى عشرات العناصر، مؤكدة أن جميع القيادات ينحدرون من محافظة عمران، وهم: خليل الغرباني، ونجيب الغيلي، وكامل الفهد، ومحمد الشلال، ومحمد البوطري، وحمود صباح.

كما قتل قائد عسكري حوثي رفيع برتبة لواء، مساء الأربعاء الماضي، في معارك مع قوات الجيش بمأرب، وقالت مصادر عسكرية إن ما يسمى قائد القوات الخاصة في المليشيات الحوثية اللواء محمد عبد الكريم الحمران قتل في وقت متأخر من مساء الأربعاء الماضي في معارك بمديرية صرواح بمأرب، ويعد الحمران أحد أبرز القيادات العسكرية التي قتلت في صفوف الحوثيين خلال السنوات الماضية، ومن أبرز القيادات المقربة من زعيم الانقلابيين عبدالملك الحوثي، وينحدر من مديرية مجز بمحافظة صعدة، وتشير بعض المصادر إلى وجود علاقة مصاهرة بين الحمران والحوثي.

كما اعترف الحوثيون، السبت الماضي، بمقتل عدد من كبار قياداتهم الميدانية، ضمن ما يسمونها "معركة النفس الطويل". ونشرت وسائل إعلام حوثية أخبارا تفيد بتشييع كل من: العقيد أحمد علي الوشلي، والمقدم عبد الإله أحمد الغيلي، والنقيب محمد حسين النميري، والنقيب طه حسن عبد الله حميد، والنقيب عبد الله عبد العزيز العيدروس، والنقيب حميد محمد ثابت النجحي.

وتجدر الإشارة إلى أنه ازداد عدد القتلى من القادة الميدانيين للمليشيات الحوثية خلال الأشهر الأخيرة، وفيما يلي إحصائية بأبرز القيادات الميدانية للمليشيات الذين قتلوا خلال الأربعة الأشهر الأخيرة، أي منذ بداية العام الجاري 2020:

• يناير
- 14 يناير: أبو الزهراء، نهم.
- 24 يناير: أحمد إسماعيل الجرموزي، نهم.
- 25 يناير: أبو فايز الطيري، مديرية الصفراء، صعدة.
- 27 يناير: أبو عبد العزيز، غرب مدينة تعز.

• فبراير:
- 4 فبراير: محمد عبد الواسع الصوفي، مفرق شرعب، تعز.
- 12 فبراير: أبو عزيز الهاشمي، الحديدة.
- 16 فبراير: الشيخ شمسان أبو سلطان، الجوف.
- 16 فبراير: أبو طه، الجوف.
- 18 فبراير: عبد العزيز منيف، الجوف.

• مارس
- 10 مارس: أبو الحسين الرزامي، باقم، صعدة.
- 14 مارس: أبو مجاهد، شمال شرق مدينة تعز.
- 16 مارس: محمد المروني، جبهة الفاخر، الضالع.
- 19 مارس: أبو حرب، ناعم، البيضاء.
- 27 مارس: حسن عيضة الرمام، صرواح، مأرب.
- 28 مارس: عبد الله الحمزي (مسؤول الإمداد والتموين للمليشيات)، صرواح، مأرب.
- 30 مارس: أنور شمار (الملقب أبو عقيل)، الجوف.

• أبريل
- 4 أبريل: ناجي يحيى الحشفول، الجوف.
- 8 أبريل: صالح بن صالح المسوري، الملاجم، البيضاء.
- 12 أبريل: نعيم ناصر الجوفي، جبهة الحازمية، البيضاء.
- 13 أبريل: العقيد حسين محمد مرح، صرواح، مأرب.
- 18 أبريل: عقيل مظفر الزايدي، الجوف.
- 20 أبريل: أبو عبد الله الشريف، مأرب.
- 23 أبريل: عبد الله الشامي، مأرب.
- 26 أبريل: علي النهمي، مأرب.
- 27 أبريل: أبو نشوان الكبسي، نهم.

- خسائر واستنزاف

تدرك مليشيات الحوثيين أكثر من غيرها مدى الاستنزاف الذي تتعرض له منذ أكثر من خمس سنوات في مختلف الجبهات، حيث ازداد عدد المقابر في مختلف المحافظات والمناطق التي تسيطر عليها، وامتلأت الجدران والعربات العسكرية بصور القتلى، وتشهد المناطق التي تمثل حاضنتها الاجتماعية وخزانها البشري من المقاتلين جنازات شبه يومية لقتلاها الذين تعود بهم من الجبهات، فضلا عن القتلى الذين تدفنهم بأماكن نائية في مقابر جماعية، ومع ذلك ما زالت تغامر وتقامر بالمزيد من المقاتلين والقادة إلى مختلف الجبهات بدون أدنى مبالاة بحجم ذلك الاستنزاف وتداعياته وتأثيراته النفسية والاجتماعية سواء لدى أهالي القتلى أو لدى القادة الكبار للمليشيات الحوثية ذاتها.

هذا الاستهتار وعدم المبالاة بحجم الخسائر البشرية يؤكد أن القادة الكبار للمليشيات الحوثية لا يهمهم سوى مصالحهم الشخصية الضيقة، فهم يتفرغون لنهب أموال التجار والمواطنين وشركات القطاع الخاص تحت مسميات عدة، ويعطوا منها الفتات للمقاتلين المغرر بهم وللقيادات العسكرية الميدانية الذين تنسكب دماؤهم وتزهق أرواحهم في الجبال والشعاب ويضحون بكل ما يملكون لكي تبقى الفئة المتسيدة ترفل في النعيم وبناء الفلل والمنازل الفخمة والاستثمارات التجارية من الأموال المنهوبة.

وللتضليل على هذا السلوك، تتعمد المليشيات الحوثية إرسال قادة ميدانيين محدودين من المقربين من زعيم المليشيات عبد الملك الحوثي، ممن تلقوا تربية عقائدية على التضحية من أجل سيدهم، لإيهام أبناء القبائل بأن هناك قيادات مقربة من زعيم المليشيات تتقدم الصفوف، وفي حال قتل أحد هؤلاء القادة يبالغون في الحديث عما يصفونه ببطولاته، ويبالغون في تشييع جنازته، مع أن بعضهم يتم اغتيالهم في الجبهات من قبل المليشيات ذاتها، ضمن صراعات الأجنحة داخلها حول المنهوبات والنفوذ السياسي والعسكري.

- ضريبة الدم

دفعت المليشيات الحوثية بمقاتليها الذين تم تدريبهم وتعبئتهم طائفيا خلال العام الماضي (2019) إلى جبهات نهم وصرواح والجوف أملا منها في استعادة السيطرة على محافظات ومناطق كانت تسيطر عليها سابقا، وأيضا السيطرة على محافظات ومناطق جديدة، غير أن ما حدث هو أنها دفعت ثمنا كبيرا من مقاتليها وقادتها كضريبة للدم والتصعيد الذي أقدمت عليه، وهو ما سيكون له تداعيات مستقبلية على المليشيات من حيث المعارك والقدرة على حشد المزيد من المقاتلين وتأهيل قادة ميدانيين ليملؤوا الفراغ الذي تركه القتلى من القادة خلال المدة الأخيرة، خاصة أن النزيف ما زال مستمرا.

تركز المليشيات الحوثية في تعبئتها الطائفية والعقائدية لمقاتليها على مبدأ أن النصر حليفها، وأن من يقتل فهو شهيد عند الله وموعده الجنة مع النبيين والشهداء والصالحين، وهذا الخطاب التضليلي يلقى قبولا واسعا في أوساط الحاضنة الاجتماعية للمليشيات الحوثية كونها حاضنة تتسم بالجهل وانعدام الوعي، ومن لا يؤثر عليه ذلك الخطاب يؤخذ بالقوة وتحت الترغيب والترهيب إلى معسكرات التدريب وأماكن التعبئة الطائفية.

ومع أن المليشيات الحوثية تكبدت خسائر فادحة في الأرواح والمعدات وتراجعت في عدة جبهات، منذ بداية الانقلاب على الشرعية الدستورية في سبتمبر 2014 واندلاع الحرب وحتى الآن، فقد أرادت المليشيات -من خلال تصعيدها الأخير- استعادة الوهم الذي تسوقه للناس بأنها لا تهزم، وبالتالي كان الاستعداد للمعارك الأخيرة على أشده، وحدث أن المليشيات حققت انتصارات هشة ومزيفة في جبهات محدودة، بينها بعض مدن ومناطق محافظة الجوف، لكن تلك الانتصارات كانت على أشلاء وجثث عدد كبير من المقاتلين والقادة الميدانيين للمليشيات.

كلمات دالّة

#اليمن