الأحد 28-04-2024 03:12:45 ص : 19 - شوال - 1445 هـ
آخر الاخبار

عدن في ظل حكم "الانتقالي".. حرب وفساد وعشوائية الإدارة

الإثنين 13 إبريل-نيسان 2020 الساعة 07 مساءً / الإصلاح نت - خاص / أحمد رامي

 


لم يدرك الشاب العدني معاوية أحمد عبد الجبار (18 عاماً) أن التصفية رمياً بالرصاص عقوبة من لا يقف في نقطة عسكرية للمليشيات في عدن، ليذهب الشاب -الأحد الماضي- إلى ربه برصاص جندي على مدخل ’"كريتر" ويتم تهريب القاتل وكأن شيئا لم يكن في ظل إدارة المجلس الانتقالي لعدن بقوة السلاح.

بينما يسير الوضع العام إلى التهدئة، يستمر المجلس الانتقالي في تحريضه على الشرعية تارة والتحالف تارة أخرى، حيث عملت وسائله الإعلامية وناشطوه على الهجوم ضد الشرعية والتحالف طيلة الأشهر التي تلت اتفاق الرياض، والذي تمخض عنه الذهاب نحو تهدئة بما فيها التهدئة الإعلامية لعودة التوافق إلى سابق عهده، لكن هذا لم يتم، حيث تتعرض قوات الجيش التابعة للحكومة اليمنية بمديرية المحفد -التابعة لأبين والمحاذية لمحافظة شبوة- لكمائن متكررة في نقضٍ واضح للاتفاق.

ونتيجة للوضع المتردي، تعرض منزل الشيخ مهدي عقربي -الأربعاء الماضي- لإطلاق نار من قبل مسلحين مجهولين هاجموا منزله وهو شيخ قبلي يقطن بمنطقة "بير أحمد"، الأمر الذي يعكس الواقع الأمني الهزيل، حدث هذا في 4 أبريل الجاري، عندما تعرض موكب القوات السعودية على طريق "إنماء" غرب عدن لتفجير عبوة ناسفة كثاني هجوم مماثل بعبوة ناسفة لم تسفر عن خسائر في الأرواح.

وسبق لتفجير آخر بطريق الجسر، مطلع فبراير الماضي، أن استهدف رتلا عسكريا سعوديا، تلاه إقدام لقوات الانتقالي بقيادة "أبو همام البعوة" على التعدي على القوات السعودية بميناء الزيت في فبراير الماضي، وتنظيم وقفة احتجاجية ضد القوات السعودية أمام معسكرها المعروف بمدينة البريقة غربي عدن.

وكان المجلس الانتقالي نفسه قد نظم مظاهرة ضد السعودية بمطار عدن الدولي ليعكس هذا وغيره حالة التحريض والعداء ضد قوات التحالف.

وصاحب الاختلال الأمني إقدام مجهولين -على متن آليات عسكرية- على مداهمة أحد معارض السيارات في 6 أبريل، بمديرية الشيخ عثمان، وسرقة المعرض وفروا هاربين، ولم يقم المجلس الانتقالي بدوره المنوط به، ويقول متابعون إن مليشيات تابعة لـ"الانتقالي" هي من قامت بهذه الأعمال بالتزامن مع حالة التخبط بين تشكيلاته العسكرية.

جاء هذا بعد مواجهات ضارية مطلع هذا الشهر بمختلف أنواع الأسلحة بين قوة أمنية وأخرى عسكرية على خلفية سعي الطرفين لتقاسم أراضي معسكر الدفاع الجوي بمنطقة "بير فضل" استخدم على إثرها كل منهما الأسلحة المتوسطة والثقيلة مما سبب الفزع والذعر للمواطنين.

هكذا بدت عدن، المدينة التي حولتها مليشيات المجلس الانتقالي -منذُ أغسطس من العام الماضي- إلى غابة وانتهجت قانون الغاب بالتعامل مع المواطنين خاصة ما يتعلق بمشاكل الأراضي والاستحواذ على مؤسسات الدولة الهامة كالبنك المركزي والجوازات ناهيك عن الوضع الأمني وتردي الخدمات.

وخلال الثمانية الأشهر الماضية منذ سيطرته على عدن بقوة السلاح، وعد المجلس الانتقالي المواطنين بمستقبل زاهر من خلال تحسن الخدمات وديمومة الرواتب وضبط الأمن وسيادة القانون، وهذا ما لم يحدث، بل إن مليشيات "الانتقالي" أعاقت صرف الرواتب نكاية بالشرعية، رافق هذا مواجهات وإقلاق للسكينة العامة وترويع للمواطنين كما حدث في البنك المركزي الشهر الماضي من مواجهات خلفت قتلى وجرحى وإحراق عدد من الآليات.

ومع أن الاتفاق الموقع بين الحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي والذي عرف باتفاق الرياض مطلع نوفمبر من العام الماضي نص على التهدئة ودخول الطرفين باتفاق أمني وعسكري لم يُنفذ حتى اللحظة، إلا أن مليشيات "الانتقالي" تصر على عدم تسليم السلاح وسحب قواتها من المعسكرات، ناهيك عن تسليم المؤسسات والمرافق لما اتفق عليه وتسليمها لقوات حماية المنشآت، بل وسارعت إلى إنشاء قوات من "الحزام الأمني" التابع لها وتم تسليمهم بعض المنشآت كتحايل على المبادرة الخليجية وإلهاء العامة بأنها أذعنت للاتفاق.

لم يدم هذا الإجراء طويلا، حيث سارعت قوات ما بات يعرف بـ"العاصفة" التابعة للمجلس الانتقالي وسيطرت على البنك المركزي اليمني مع نهاية مارس ومطلع أبريل الجاري، وتحاول أن تقوم بالاستيلاء على مصلحة الهجرة والجوازات والأحوال المدنية، وهذا من شأنه أن يدر المال عليها كون هذه المرافق الأكثر إدراراً للمال، رافق هذا مواجهات عسكرية لتعيش معه المدينة الخوف قبل أن يتم تسريح قوات حماية المنشآت وهي قوات تابعة للدولة أوكل إليها مهمة حماية هذه المرافق مع تحرير عدن مع نهاية 2015م.

لم تتورع هذه القوات عن السيطرة على مرافق حكومية وتسريح أفراد حمايتها الذين ينحدرون من أبناء عدن لتهاجم قوات "العاصفة" نفسها بعشرات الآليات العسكرية معسكر "عشرين" التابع للـ"الحزام الأمني" بكريتر، والذي كانت تقطنه قوات عسكرية من أبناء عدن الذين سبق أن قاتلوا مليشيات الحوثي إبان اجتياحها لعدن قبل خمس سنوات.

ويأتي هذا الهجوم والسيطرة على المعسكر بعد أيام من استخدام القوات السعودية للمعسكر كمكان لتجميع أبناء عدن وتسفيرهم للمملكة وتدريبهم بهدف تأهيلهم، وبعد عودتهم يتم تعيينهم في حماية عدد من المرافق من بينها مطار عدن الدولي، لكن شعرت المليشيات أن هذا سيسحب البساط من تحت أقدامها فسارعت إلى وأده، مما خلق تذمراً لدى المجتمع العدني.

على غير العادة، أصبح الجميع بنظر "الانتقالي" أعداء فبدأ بالتحريض على الناس والتحامل على مناطق معينة مما يعزز الصراع المناطقي، فالمليشيات لا تعير هذا الجانب أي اهتمام، فهي تتصرف بعقلية المليشيات لا الدولة، وتتهم الناس في عدن بالعمالة للشرعية وأنهم خلايا نائمة، وقاد هذا التصرف إلى إقصاء الكثير، وأخذت المليشيات مسابقة الزمن وتجنيد الناس بوتيرة عالية وفتحت المعسكرات واستحدثت المسميات وأخذت أكثر من 25 وسيلة إعلامية لـ"الانتقالي" تعمل على إذكاء الفرز المناطقي وبث روح الكراهية بين المواطنين.

ذهب عدد من المواطنين قتلى مجرد اعتراضهم على سياسة المليشيات كما لو كانت مليشيات الحوثي في صنعاء، وأخذ المجلس الانتقالي يتدخل في عمل عدد من المرافق والمؤسسات، صاحب هذا حملة تحريض ممنهجة كان آخرها "مؤسسة المياه" والتي تعرضت هي الأخرى لعراقيل بسبب سياسة "الانتقالي" الأخيرة.

مثلها أراضي عدن، شهدت مساحات شاسعة للبسط والسيطرة والسطو، حيث أثر ذلك سلباً على محمية الحسوة التي نالت نصيبها من السطو، إضافة إلى بير فضل وأحياء آخرها ترنحت أمام العشوائيات وسياسة المجلس الانتقالي فيما يدق ناقوس الخطر على المدينة التي يحكمها "الانتقالي" من دخول فصل الصيف (أطول الفصول بواقع ستة أشهر) وزيادة الأحمال وحاجة عدن لأكثر من 500 ميجا وات بتقديرات متخصصين وهذا يستدعي ديمومة المازوت والديزل.

لم تكن الأراضي وحدها من تعرضت للقرصنة والبسط والاستيلاء، بل تعداها التعدي على أماكن محسوبة على الموروث التاريخي لعدن، فشهدت الفترة القليلة الماضية التعدي على مقبرة "القطيع" بمديرية كريتر وجبل شمسان بالمعلا وصهاريج عدن التاريخية ومحمية الحسوة في ظل صمت مطبق من قبل "الانتقالي"، في حين سادت العشوائيات بشكل لافت والتي ازدهرت مؤخراً، لكنها تعرضت مؤخرا إلى أضرار بليغة بسبب موجة الأمطار التي شهدتها عدن وأودت بحياة عدد من المواطنين.

كلمات دالّة

#اليمن