الإثنين 29-04-2024 15:22:19 م : 20 - شوال - 1445 هـ
آخر الاخبار

الحوثيون وملف المختطفين.. إفلاس أخلاقي ومتاجرة بالقضايا الإنسانية

الثلاثاء 22 أكتوبر-تشرين الأول 2019 الساعة 08 مساءً / الإصلاح نت -تقرير خاص / أسماء محمد

 

كثيرا ما يبرز ملف الأسرى والمختطفين والمخفيين قسرا إلى السطح، ويبدو كما لو أن هناك حراكا مكثفا سينهي معاناة أكثر من عشرة آلاف معتقل ومختطف في سجون مليشيات الحوثي الانقلابية.

تتبدد كل تلك الآمال سريعا، وينكشف الأمر، فالحوثيون لم يحن الوقت بعد ليفرجوا عن المعتقلين الذين أخفوا العشرات منهم دون أن يعرف أهاليهم أي معلومات عنهم سواء كانوا أحياء أو أمواتا.

 

خيط أمل كاذب

تتابع (أم عبد الله. م) مختلف أخبار الإفراج عن المعتقلين، وتتشبث بكل خيط أمل مهما كان رفيعا، علها تتمكن من رؤية ابنها الثلاثيني الذي اختطفته مليشيات الحوثي حين كان في طريقه من تعز إلى صنعاء.

تظهر وبشدة على ملامح أم عبد الله آثار الحزن على ابنها، الذي تقول إنها تعبت وتأثرت صحتها سلبا بسبب قلقها وعدم قدرتها على معرفة مصيره.

وتضيف: "في بداية اعتقاله عام 2015 دفعنا أموالا طائلة لنعرف فقط في أي سجن يوجد، وعرفنا ذلك، لكن اختفت أخباره عنا، برغم محاولتنا لدفع مزيد من الأموال".

وهي تعيش في حالة نفسية غاية في الصعوبة، إذ لا تعرف إن كان ابنها في عداد الأحياء أم الأموات، وتقول إنه إن كان على قيد الحياة فهي قلقة لأنها لا تعلم الظروف التي يعيش فيها خاصة أنها تسمع الكثير من القصص الموحشة عن عمليات التعذيب التي يقوم بها الحوثيون.

وتؤكد أنها ستستمر في متابعة الأخبار، كون الإفراج عن كافة المعتقلين وسيلتها الوحيدة لمعرفة مصير ابنها الذي خلف وراءه طفلين، أكمل أكبرهما عامه السادس قبل أيام فقط.

 

من هم الضحايا؟

كما تشير التقارير الحقوقية المختلفة، فإن أغلب الضحايا هم من فئة المتعلمين، والعاملين في المجالات الحيوية كالطب والتدريس والصحفيين وغيرهم.

ركزت مليشيات الحوثي على تلك الفئة لأنها الأكثر وعيا، وتشكل خطرا بالنسبة لهم لأنها تعمل على توعية الناس بخطورة مشروع الحوثية، وبدأت على أرض الواقع بمناهضتهم، فما كان منها إلا أن تزج بالآلاف منهم في سجونها.

وهناك العديد من الأسرى الذين تم القبض عليهم أثناء المعارك في جبهات القتال، ويتم تبادل الأسرى من وقت لآخر مع الجانب الحكومي.

أخذت النساء كذلك حصتها من تلك الانتهاكات، فقد كثفت مليشيا الحوثي الانقلابية، خلال أعوام الحرب الأخيرة من اعتقالها للنساء خاصة الناشطات، وأكدت ذلك رئيسة رابطة أمهات المختطفين أمة السلام الحاج التي قالت -في تصريحات صحفية- إن الحوثيين أقدموا على تعذيب النساء نفسيا وجسديا، بشكل ممنهج، وتشويه سمعة كثير منهن واتهامهن باتهامات غير أخلاقية منافية للأعراف والتقاليد التي تربى عليها اليمنيون، ما دفع البعض منهن للانتحار، مشيرة إلى عدم قيام الكثير من الأسر بالإبلاغ، خشية ما قد يتعرضون له من التشهير.

وطالبت سابقا الرابطة بإيقاف الانتهاكات بشكل فوري بحق النساء والتي وصلت إلى الحكم بالإعدام على بعضهن كأسماء العميسي، كما شددت على وقوف الأمم المتحدة أمام هذه الانتهاكات والعمل على إطلاق سراحهن دون قيد أو شرط، وحملت جماعة الحوثي حياة وسلامة جميع المختطفات.

 

ورقة ضغط وابتزاز

تدفع أغلب الأسر التي اعتقل أحد أبنائها الكثير من الأموال، وأحيانا يتعرض البعض للاختطاف دون أي تهمة، فقط من أجل جني الأموال كما حدث مع كثير من اليمنيين، دون مراعاة حتى لظروفهم الصحية.

وشكلَّ ملف الأسرى والمعتقلين، ورقة ضغط ومساومة بالنسبة للمليشيات، التي رفضت التعامل معه كملف إنساني بحت، بل راحت تزايد به، وتستغله قُبيل أي حديث عن مشاورات سلام.

 

تحسين الصورة

خلال الأسابيع الماضية، تحدثت وكالة رويترز عن قيام مليشيا الحوثي بعرض صفقة على الحكومة لتبادل ألفي أسير، عبر وساطة محلية كمرحلة أولى.
لكن الحكومة نفت تسلمها أي مبادرة أو مقترح من قبل الحوثيين بشأن الافراج عن عدد من الأسرى والمعتقلين. وطالب هادي هيج رئيس اللجنة الحكومية المكلفة بتنفيذ اتفاق الأسرى والمعتقلين، في تغريدة على تويتر، مليشيا الحوثي باحترام ما تم الاتفاق عليه، معتبرا أن المزايدة بالقضايا الانسانية للمختطفين والأسرى لأغراض سياسية ليست إلا لغة العاجز، حد قوله.

 

إفلاس قيمي

تعليقا على ما قامت به مليشيات الحوثي مؤخرا بشأن وعودها المرتبطة بملف الأسرى والمعتقلين، قال المحامي والناشط الحقوقي اليمني توفيق الحميدي، إن تحويل قضية المعتقلين للاستهلاك السياسي والتجاذبات الإعلامية تعكس حالة الإفلاس القيمي.

وأضاف في تغريدة على تويتر: "أمام المبادرات التي يعلنها الحوثي ونفي الحكومة تلقيها تلك المبادرات تتطلب تدخل المبعوث الأممي ومنظمات المجتمع الدولي، لمعرفة الحقيقة والدفع باتجاه إنجاح أي مبادرة بشأن المعتقلين والأسرى".

ونفذ الجيش اليمني التابع للحكومة الشرعية وجماعة الحوثي، العامين الماضيين، صفقات تبادل أسرى ورفات، عبر وساطات محلية وقبلية، تم خلالها الإفراج عن العشرات من الطرفين، في حين فشل الطرفان في تنفيذ اتفاق تبادل الأسرى والمعتقلين حسب اتفاق ستوكهولم.

 

انتهاكات

في تقريرها السنوي الثالث، أحصت رابطة أمهات المختطفين والمخفيين قسريا (1442) مواطنا تم اختطافهم في مناطق سيطرة الحوثيين، بينهم (114) امرأة أكثرهن تم اختطافهن من صنعاء الخاضعة لسيطرة الانقلابيين.

وتتحدث الرابطة عن تعرض المختطفين للاعتداءات المختلفة والحرمان من أدنى الحقوق، والتعذيب الذي قتل بسببه أكثر من مئة ضحية.

مطلع فبراير الماضي، أدانت الرابطة قيام مشرفي سجن احتياطي هبرة بصنعاء، بإخفاء بعض المختطفين واحتجازهم داخل دورات المياه لأسابيع، وحرمانهم من التعرض للشمس مدة ستة أشهر مما تسبب في تردي أوضاعهم الصحية.

كما أدانت كذلك الأحكام الصادرة بحق 36 مختطفا صدر بحقهم حكم الإعدام، وهو القرار الذي لاقى إدانات واسعة من قِبل المجتمع الدولي والناشطين. وتحدثت الرابطة كذلك خلال هذا العام عن نقل المليشيات 400 مختطف من السجن المركزي في صنعاء ووضعهم في مواقع عسكرية كدروع بشرية.

وتطالب المنظمات الدولية والمحلية المختلفة، مليشيا الحوثي بالإفراج عن المعتقلين، بينهم القيادي في حزب التجمع اليمني للإصلاح محمد قحطان، والتعامل مع هذا الملف إنسانيا وليس للمتاجرة، إلا أن تلك المطالبات لا تلقَ آذانا صاغية من المليشيات التي تجني أموالا كثيرة من ورائه عبر ابتزاز أهلهم، وممارسة الضغوط على الشرعية.

كلمات دالّة

#اليمن