السبت 27-04-2024 04:38:15 ص : 18 - شوال - 1445 هـ
آخر الاخبار

شعارات للاستهلاك.. كواليس علاقة الحوثيين بأمريكا وإسرائيل

الإثنين 29 أكتوبر-تشرين الأول 2018 الساعة 09 مساءً / الإصلاح نت - خاص / عبد السلام قائد
 




أفادت مصادر إعلامية بأن لقاءً سريًا عُقِد قبل أيام بين قيادات حوثية وضباط في جهاز الاستخبارات الإسرائيلي في سلطنة عمان، على هامش الزيارة التي قام بها رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو إلى السلطنة، دون أن تفصح المصادر عن طبيعة اللقاء وما الذي دار فيه.

وذكرت المصادر أن اللقاء الذي أحيط بتكتم شديد شارك فيه عن الجانب الإسرائيلي رئيس جهاز الاستخبارات الإسرائيلي (الموساد) يوسي كوهين، ومستشار الأمن القومي الإسرائيلي مائير بن شبات.

ورغم أن القيادي الحوثي محمد علي الحوثي سارع إلى إدانة زيارة رئيس وزراء إسرائيل إلى سلطنة عمان، بعد التسريبات الإعلامية التي أفادت بلقاء سري بين قيادات حوثية وضباط إسرائيليين، إلا أن الإعلامي الحوثي محمد العماد أقر ضمنيا باللقاء في صفحته على فيسبوك، زاعما بأنه رُتّب بوساطة عمانية لبحث مسألة الإفراج عن ضباط إسرائيليين اعتقلوا إلى جانب الرهينة الفرنسي "آلان جوما"، الذي أفرج عنه الحوثيون قبل أيام بوساطة عمانية، بعد أربعة أشهر على اختطافه وهو على متن قاربه الشراعي قبالة سواحل الحديدة.



- شعارات للاستهلاك

وسواء كانت التسريبات الإعلامية عن اللقاء الذي جمع قيادات حوثية مع ضباط إسرائيليين في سلطنة عمان صحيحة أم لا، لكن هناك الكثير من الحقائق التي تكشف طبيعة موقف الحوثيين من إسرائيل ومن قبلهم أجدادهم الإماميين، بدءا من عملية تهجير يهود اليمن إلى إسرائيل في عهد الإمام أحمد وحتى يومنا هذا.

وتؤكد هذه الحقائق -التي سنذكرها لاحقا- زيف شعار الحوثيين الذي يغررون به على البسطاء، وهو شعار "الموت لأمريكا.. الموت لإسرائيل"، كما تؤكد بأن الحوثيين مستعدون للتحالف حتى مع الشيطان من أجل مصالحهم، وليس فقط مع إسرائيل وأمريكا.

وكان الحوثيون قد اعتذروا للولايات المتحدة الأمريكية عن شعارهم "الموت لأمريكا.. الموت لإسرائيل"، في يونيو 2016، أثناء محادثات الكويت بين الأطراف اليمنية، التي انتهت بالفشل، واعترفوا بأن شعارهم هذا للاستهلاك المحلي فقط.

وقدم وفد الحوثي إلى محادثات السلام في الكويت اعتذاره للأمريكان خلال لقائه بوكيل وزارة الخارجية الأمريكية، في خطوة عدها مراقبون حينها بأنها كشفت عن العلاقة السرية بين جماعة الحوثي والولايات المتحدة الأمريكية، وأن الحوثيين طلبوا منها الضغط على التحالف العربي للحيلولة دون دخول العاصمة صنعاء وتحريرها.

وفي ذلك اللقاء الذي تم بين وفد جماعة الحوثي ووكيل وزارة الخارجية الأمريكية توماس شانون، بالإضافة إلى وكيل وزارة الخارجية البريطانية لشؤون الشرق الأوسط آلن دنكن في الكويت، قدم وفد الحوثيين اعتذارا صريحا للمسؤول الأمريكي الرفيع عن شعارهم "الموت لأمريكا.. الموت لإسرائيل"، وأوضح الوفد أن هذا الشعار للاستهلاك المحلي يستخدمه الحوثيون كوسيلة لاستقطاب تعاطف الشارع معهم، وخلق قضية بين أتباعهم للحفاظ على تماسكهم.
 
ومن جانب آخر، وصفت نائبة السفير الأمريكي لدى اليمن شعار الحوثيين بأنه "مجرد شعار" وأن "العداوة مزحة كبيرة".

ولم يكن لقاء وفد الحوثيين في الكويت بمسؤولين أمريكيين الأول من نوعه، بل فقد سبق أن التقوا عدة مرات في العاصمة العمانية وعواصم أخرى بالعديد من المسؤولين الأمريكيين بغرض تقوية العلاقة مع حكومة بلادهم.

وكانت الولايات المتحدة الأمريكية قد رفضت عدة مرات مطالب الحكومة اليمنية بإدراج جماعة الحوثي ضمن قائمة الإرهاب، وتكرر هذا الرفض أثناء حروب صعدة الست في أواخر عهد الرئيس الراحل علي عبد الله صالح، وفي عهد الرئيس الحالي عبد ربه منصور هادي.

وبعد سيطرة الحوثيين على العاصمة صنعاء، ثم الانقلاب على السلطة الشرعية، بالتحالف مع علي صالح وجناحه في حزب المؤتمر، استغرب مراقبون من عدم إقدام جماعة الحوثي على التعرض للسفارة الأمريكية بصنعاء وعدم مسها بأي سوء، وتمت مغادرة السفير الأمريكي وطاقم السفارة إلى بلادهم بحماية أمنية من الحوثيين أنفسهم.

وبعد الانقلاب، صرح مسؤول أمريكي بأنه يمكن للولايات المتحدة التعاون مع الحوثيين في الحرب على الإرهاب، واستغل الحوثيون علاقتهم بأمريكا برفع إحداثيات للجانب الأمريكي تتضمن مواقع للمقاومة الشعبية في محافظة البيضاء باعتبارها مواقع لتنظيمات إرهابية، وبعد قصفها من قبل الطيران الأمريكي، قال القيادي الحوثي عبد الكريم الخيواني -الذي اغتيل فيما بعد- في صفحته على فيسبوك: "إن الله يسخر لأوليائه الصالحين في جماعة أنصار الله حتى أعداءهم من الأمريكيين وطائراتهم بدون طيار في قتالهم ضد تنظيم القاعدة".

ويمكن القول بأنه بعد أن طبَّع الحوثيون علاقتهم مع الولايات المتحدة الأمريكية، فليس مستبعدا أن يسعوا لتطبيع علاقتهم مع إسرائيل في حال حانت الفرص المناسبة، خاصة إذا كان التطبيع سيمر عبر سلطنة عمان التي لها علاقة جيدة مع الحوثيين وحليفتهم إيران.

- تعاون بلا حدود

بدأت علاقات التنسيق والتعاون بين الأئمة الزيديين وأحفادهم الحوثيين مع الإسرائيليين منذ عهد الإمام أحمد، الذي تم في عهده تهجير سري لـ49 ألف يهودي من يهود اليمن إلى إسرائيل خلال الفترة من يونيو 1949 وحتى سبتمبر 1950، وعرفت هذه العملية باسم "بساط الريح"، ونظمتها الوكالة اليهودية، وتمت عبر طائرات بريطانية وأمريكية قامت بـ380 رحلة سرية بين إسرائيل واليمن (مطار عدن)، وبلغت تكاليفها 425 مليون دولار، وكان للإمام أحمد في ذلك الوقت دور لوجستي في عملية التهجير، عندما قدم العون للتاجر أحمد القريطي، الذي كلفته الوكالة اليهودية بتجميع يهود اليمن وتسوية بيع ممتلكاتهم.

وبعد اندلاع ثورة 26 سبتمبر 1962، ساندت إسرائيل قوات الإمام البدر في حربه على الثوار والجيش المصري المساند لهم، من خلال طلعات جوية، وفقا لما كشفت عنه صحيفة سلاح الجو الإسرائيلي في مايو 2008.

ونقلت الصحيفة عن طيارين إسرائيليين مشاركتهم في مساعدة القوات الموالية للإمام البدر -آخر الأئمة الزيديين- في حربه ضد الثوار اليمنيين والجيش المصري الذي قدم لمساندة ثورة 26 سبتمبر 1962 التي أطاحت بالإمامة.

ووفقا للصحيفة، فإن سلاح الجو الإسرائيلي نفذ 14 طلعة جوية أسقط أثناءها الأسلحة والعتاد العسكري والأغذية والمواد الطبية، لمساعدة القوات الموالية للإمام البدر في حربه ضد الثوار اليمنيين والجيش المصري الذي جاء لمساندتهم.

وكشفت الصحيفة عن وثائق سرية وصورا لبعض الطيارين الإسرائيليين، إضافة إلى نشرها صورا لبعض من أسمتهم موالين للإمام البدر وبحوزتهم السلاح الإسرائيلي.

ويقول محللون إن العلاقة بين إسرائيل ونظام الإمام البدر بدأت عبر وساطة قام بها مجموعة ضباط كوماندوز بريطانيين، ويرجح أن إسرائيل أرادت من هذه العلاقة اختراق العالم العربي لمواجهة المد الناصري.

وبعد انقلاب الحوثيين على السلطة الشرعية، وبالتحديد في مارس 2016، اتضح أن للحوثيين علاقة تعاون وتنسيق مع إسرائيل، تكشف زيف شعارهم "الموت لأمريكا.. الموت لإسرائيل"، من خلال تعاونهم مع إسرائيل بتهجير ما تبقى من يهود يمنيين إلى هناك، وبيعهم لإسرائيل نسخة نادرة من التوارة يعود تاريخها إلى مقابل 800 عام، واستلموا مقابل عملية التهجير وبيع النسخة النادرة من التوراة لإسرائيل مبالغ مالية كبيرة بلغت 100 مليون دولار، وفقا لمصادر إعلامية.

وأكد مراقبون أن تنسيق الحوثيين مع إسرائيل لتهجير يهود يمنيين إليها وبيعهم لها نسخة نادرة من التوراة تعد من موروثات التراث اليمني، يكشف مدى علاقة التعاون والتنسيق المشترك بين الطرفين، ويكشف زيف شعارات الحوثيين وادعاءاتهم العداوة المصطنعة ضد أمريكا وإسرائيل، بينما الغرض من هذه الشعارات الاستهلاك المحلي فقط، بحسب اعتراف الحوثيين أنفسهم.